إيران: بلد النفط والغاز يواجه أزمة حادة في الطاقة، حسب تقرير فايننشال تايمز

By العربية الآن

فايننشال تايمز: إيران، بلد النفط والغاز، تعاني أزمة طاقة خانقة

منظر عام لمصفاة نفط عبادان في جنوب غرب إيران، من الجانب العراقي لشط العرب، 21 سبتمبر 2019. رويترز/عصام السداني
إيران استوردت ما يقارب ملياري دولار من الوقود في العام الماضي (رويترز)
قالت صحيفة فايننشال تايمز إن انقطاع الكهرباء المتكرر في إيران، الناتج عن نقص حاد في الوقود، يكشف ضعف الدولة الغنية بالنفط أمام العقوبات الأمريكية، ويبرز التأثير السلبي لسنوات من نقص الاستثمارات.

وأوضحت الصحيفة أن “رغم أن إيران تحتفظ بأحد أكبر احتياطيات النفط والغاز الطبيعي في العالم، فإن الشعب الإيراني يعاني من نقص شديد في الطاقة، حيث أصبحت الانقطاعات اليومية للكهرباء التي تستمر لساعتين واقعاً مريراً في ظل أزمات اقتصادية خانقة وبداية فصل الشتاء القاسي”.

أزمة أوسع من العقوبات

تشير وزارة الطاقة الإيرانية إلى أن هذه الانقطاعات ناجمة عن زيادة مفاجئة في الطلب على الغاز المنزلي مع حلول الشتاء، إلى جانب نقص الوقود، وتوقف حرق زيت الوقود الثقيل في 3 محطات كهرباء للحد من التلوث، وفقاً للصحيفة.
لكن المشكلة تفوق ذلك، حيث تعاني البلاد من تدهور بنيتها التحتية وسوء الإدارة، مما أثر سلباً على قدرتها على التعامل مع الأزمات المتزايدة.

وأشار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في مؤتمر صحفي في سبتمبر الماضي إلى أن الحكومة تعاني من عجز مالي خطير، مما دفعها للاعتماد على صندوق التنمية الوطني، الذي كان يُفترض أن يحفظ عائدات النفط للأجيال المقبلة. وعبر بزشكيان عن القلق قائلاً: “نواجه صعوبة في دفع الرواتب بينما نخصص أموالاً ضخمة لدعم استهلاك مفرط للطاقة دون عائدات اقتصادية”.

عبء الدعم الحكومي

تعتبر إيران من الدول ذات أدنى أسعار الوقود عالمياً، حيث يباع لتر البنزين بأقل من 3 سنتات أمريكية. وفي عام 2022، أنفقت الحكومة ما يعادل 163 مليار دولار لدعم الطاقة، وهو ما يمثل أكثر من 27% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب صندوق النقد الدولي.

هذا الدعم الهائل، الذي استمر لعقود، تسبب في خلق شعور لدى الإيرانيين بأنهم “يستحقون” الحصول على طاقة رخيصة، كما تصف فايننشال تايمز.

وعلق سعيد ميرتورابي، خبير الطاقة، قائلاً: “لقد ظلت أسعار الوقود في إيران ثابتة لفترة طويلة للغاية، مما أدى إلى وجود فجوة كبيرة بين الأسعار المدعومة والأسعار الحقيقية”.

انعكاسات اقتصادية واجتماعية

إن الوضع الراهن يشير إلى وجود تبعات اقتصادية واجتماعية خطيرة، حيث تتزايد الاستياء والاحتجاجات الشعبية بسبب الأزمات المتعاقبة. وتعتبر هذه الأزمات أحد أكبر التحديات التي تواجه الحكومة الإيرانية الحالية، مع تزايد صعوبة تحسين الوضع الاقتصادي رغم الغنى الطبيعي الذي تمتلكه البلاد.

أزمة الطاقة في إيران: مجرد أرقام أم واقع مؤلم؟

تشهد إيران عجزًا يوميًا يعادل 20 مليون لتر من البنزين، بينما استوردت البلاد نحو ملياري دولار من الوقود في العام الماضي. وفي نفس الوقت، تُهرّب ملايين اللترات بصورة يومية إلى الدول المجاورة مثل باكستان وأفغانستان. ويستغل التجار الفارق بين سعر الوقود المدعوم وسعر السوق في هذه العمليات، وفقًا لتقارير صحيفة فايننشال تايمز.

عجز الكهرباء وخسائر خطيرة

تواجه إيران أيضًا عجزًا في قطاع الكهرباء يبلغ 17 ألف ميغاوات بسبب قدم المحطات وغياب التجديد. حيث يقول المحلل مرتضى بهروزيفار: “لقد فشلنا في تطوير القدرة الإنتاجية بما يتناسب مع مواردنا الوطنية. والعقوبات أثرت سلبًا على الوصول إلى التكنولوجيا الحديثة اللازمة لتحديث المصافي ومحطات الطاقة”.

تأتي أزمة الطاقة في إيران في وقت حساس، حيث تتصاعد النزاعات الإقليمية والدولية، بما يشمل التوترات المتزايدة مع إسرائيل.

محاولات الحكومة لتخفيف الأزمة

في جهود لتخفيف وطأة الأزمة، بدأت الحكومة لأول مرة في بيع بنزين عالي الجودة بأسعار غير مدعومة، مستهدفة الأثرياء الذين يمتلكون سيارات فارهة. كما تم اعتماد نظام تسعير تدريجي للطاقة للحد من الاستهلاك المفرط بين الأسر الغنية، كما تفيد الصحيفة.

ومع ذلك، يشير التقرير إلى أن أي زيادة إضافية في الأسعار قد تثير مخاوف من احتجاجات مشابهة لتلك التي جرت في عام 2019، عندما أدت زيادة مفاجئة في الأسعار إلى مظاهرات عنيفة.

مع التوقعات بعجز يومي مرتقب من الغاز الطبيعي يصل إلى 260 مليون متر مكعب خلال فصل الشتاء، يبدو أن الأزمة مرشحة للتفاقم ما لم تُتخذ خطوات جذرية، وفقًا للتقارير.

يعتقد بهروزيفار أن “التوازن الحالي سيزداد سوءًا ما لم نحل مشاكلنا مع المجتمع الدولي وننهي حالة العزلة الاقتصادية”.

المصدر: فايننشال تايمز

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version