قبل 66 مليون سنة، تعرض كوكب الأرض لاصطدام كويكب “تشيكشولوب” بشبه جزيرة يوكاتان في المكسيك، ما أحدث تغييرات بيئية أثرت على الكائنات الحية. بينما أدى هذا الحدث إلى انقراض الديناصورات، ساهم في تأصيل أنواع أخرى كالعديد من أنواع النمل.

وفي دراسة جديدة نُشرت في مجلة “ساينس”، أجرى الباحثون تحليلًا لممارسات زراعة الطعام لدى النمل، واكتشفوا أن هذه الكائنات كانت تضطلع بدور الحكومة الزراعية قبل وجود البشر بملايين السنين.

يُعرف أن بعض أنواع النمل، مثل النمل قاطع الأوراق، تقطع الأوراق وتنقلها إلى أعشاشها، حيث تنمو الفطريات على الأجزاء المقطوعة لتغذية اليرقات. ومع ذلك، هناك أنواع أخرى تمارس زراعة الطعام بطرق مختلفة، مثل النمل النابت للفطريات.

شراكة متينة

الظروف البيئية التي نشأت بعد الارتطام سمحت للفطريات بالازدهار وتوسيع مستعمرات النمل، مما جعل شراكة تطورية بينهم تنمو وتتعمق عبر ملايين السنين. أظهرت الدراسة أن حوالي 250 نوعًا من النمل في الأمريكتين ومنطقة البحر الكاريبي مهتمة بزراعة الفطريات.

تصنف الدراسة النمل إلى 4 أنظمة زراعية وفق استراتيجيات زراعتهم. يُعتبر النمل قاطع الأوراق من الأنواع الأكثر تقدمًا في هذا المجال، حيث يجمع أوراق النباتات الطازجة لتغذية الفطريات التي تنمو في مستعمراتها.

بحسب بيان صحفي صادر عن المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي التابع لمؤسسة “سميثسونيان”، فإن هذه الفطريات تُنتج غداء يُسمى “جونجيليديا”، الذي تشاركه النمل.

وصرح “تيد شولتز” أن هذه الدراسة تؤكد أن النمل مارس الزراعة قبل ملايين السنين من وجود البشر. كما أن بعض الأنواع تستخدم أوراق الأشجار كسماد لتحسين التربة لنمو الفطريات، مما يعزز من وجود مستعمرات النمل المعقدة التي تضم الملايين من الأفراد.

كفاح نملة

تقدم هذه الدراسة نظرة عميقة على كيفية تكيف النمل في بيئاتهم واستراتيجياتهم المعقدة لضمان استمرارية غذائهم، مشيرة إلى التفاعلات البيئية التي تلعب دوراً حيوياً في نجاح حياتهم الاجتماعية. من خلال التعلم من هذه الاستراتيجيات، يمكننا حتى أن نستنبط أفكاراً وتحسينات على طرق الزراعة الحديثة.