الجيل الذهبي في الثورة السورية: لحظات فارقة وأحداث مؤثرة

By العربية الآن



الجيل الذهبي في الثورة السورية

الثورة السورية في ذكراها الحادية عشرة.. أفلام الحنين والمنفى الجزيرة الوثائقية
شباب الثورة السورية شكّل وعيه وفتح آفاق التصورات عن مفاهيم الحرية والحقوق التي كانت تُقيّدها الأنظمة المستبدة (الجزيرة)

عقب الحربَين العالميتين، تم إجراء العديد من الدراسات السوسيولوجية التي تناولت الآثار الناتجة عن تلك الحربين والظواهر الاجتماعية المرتبطة بهما. وقد استخدم علماء الاجتماع مصطلحات مثل “جيل ما بين الحربين” و”الجيل الضائع” لوصف الأجيال المتأثرة بتلك الظروف القاسية. كان كارل مانهايم من أبرز العلماء الذين درسوا هذه الظواهر. في حالة الثورة السورية، تُظهر الأحداث الكبيرة عسكريًا واجتماعيًا انبثاق جيل جديد يحمل سمات تختلف عن الأجيال السابقة، مما ينبئ بتغيرات اجتماعية مرتقبة.

إن الشباب كانوا في طليعة المشاركين في الثورة السورية منذ بدايتها في عام 2011، حيث كان أغلبهم يتراوح أعمارهم بين 15 و30 سنة. وفي الوقت الحالي، يتراوح عمر أولئك الشباب بين 29 و44 سنة.

ما معنى الجيل؟

الجيل يُعرّف بأنه متوسط الفترة الزمنية بين ولادة الآباء وولادة أبنائهم، وهذا يتأثر بالنمط الاجتماعي والعادات الثقافية في الزواج. في المجتمع المستقر، قد يكون هناك قلة من التباينات بين أبناء الجيل الواحد. أما في المجتمعات التي تشهد صراعات مثل الحرب، فينشأ أجيال في ظروف مختلفة قد تؤثر بشكل كبير على سماتهم. تاريخ التجارب الاجتماعية يؤكد أن تلك التغيرات تُنشئ اختلافات واضحة بين الأجيال. نركز هنا على الجوانب العامة للجيل الذي نشأ في سياق الثورة السورية، دون التطرق إلى الأثر السلبي للحرب.

عن أي جيل نتحدّث؟

الشباب هم القوة الرئيسية في الثورة السورية منذ بدايتها، حيث تراوحت أعمارهم بين 15 و30 سنة. وقد أظهرت التقارير الأخيرة أن بعض المقاتلين في إدلب يتراوح عمرهم بين 17 و26 سنة، مما يعني أنهم في بداية الثورة كانوا أطفالاً ولم يعايشوا الأحداث بشكل كامل.

الجيل الذي وُلِد قبل الثورة وبرز أثناء الأحداث العصيبة، تعرض لظروف غير مسبوقة من قصف ودمار، مما أثر عليه بشكل كبير.

لماذا هذه الفئة العمرية؟

ابن خلدون في سياق حديثه عن أعمار الدول، اعتبر أن تطور العصبية ينقسم إلى ثلاثة أجيال متعاقبة، لكل منها صفاتها المميزة. رغم اختلاف السياق، إلا أنه يمكن إسقاط هذا الإطار على الثورة السورية التي تتسم بالتحولات المستمرة.

الجيل الذي نشأ في ظل الثورة، والذي عانى من القصف والدمار، شهد نوعًا جديدًا من التجارب لم يعهدها من قبله. كما عاش الأضرار الناتجة عن النزوح واللجوء في ظل ظروف قاسية.

هذا الجيل نشأ ضمن بيئة ثورية قتالية، مما غرَّس في وعيه قيمًا ثورية مميزة، بعيدة عن ترسبات الاستبداد.

كيف تشكل وعي أفراد هذا الجيل؟

يتمتع أفراد هذا الجيل بوعيهم الناتج عن البيئة الثورية حولهم. لذا، يمكننا مقاربة هذا التشكيل من خلال نظريات مفهوم الذات في الاختيارات المهنية. هذه النظريات تشير إلى أن الأفراد يميلون لاعتماد مفاهيم ذاتية متناسقة مع ما يحيط بهم.

  • المرحلة التحليلية: من عمر 4 إلى 11 سنة، حيث يبدأ الطفل بتخيل نفسه في مهن مستقبلية.
  • مرحلة التجريب: تتضمن مراحل الميل، القدرة، والقيمة، حيث يبدأ الطفل بتحديد ميوله المهنية.
  • المرحلة الواقعية: من 18 إلى 23 سنة، حيث يستقر الفرد في اختياره المهني.

هذا الجيل نشأ في بيئة ثورية، مما أدى إلى زرع قيم جديدة تتسم بالحرية والنضال، بعيدًا عن ترسبات النظام الاستبدادي الذي كانت له آثار مدمرة. وقد ساهم ذلك في تعزيز وعيهم بأهمية دورهم في تحقيق التغيير.

مع التطور التكنولوجي الكبير، أصبح لديهم قدرة غير مسبوقة على التواصل ونقل المعلومات، مما دعم وعيهم بأدوات التأثير اللازمة.

مميزات هذا الجيل

مميزات هذا الجيل مقارنةً بالجيلي السابقة:

  • شهد انطلاقة الثورة والانتفاضات الشعبية، مما ساهم في تشكيل وعيه حول مفاهيم الحرية والحقوق.
  • تجربة الانتقال من الثورة السلمية إلى المسلحة، مما أكسبهم صلابة وصبر على التحديات.
  • يعتبر الجيل الذي يقود معظم الأعمال القتالية الحالية، في الوقت الذي تولى فيه الجيل المبارك السابق المناصب القيادية.
  • نشأ في ظل التطور التكنولوجي، مما منحه مهارات في استخدام وسائل الإعلام بشكل فعال.

كل ذلك يجعل من المتوقع أن تُظهر النخب الثورية في سوريا اهتمامًا كبيرًا بهذا الجيل، نظرًا لما اكتسبوه من سمات تؤهلهم لتبني دور تخليقي في حماية الثورة والسير بها نحو المستقبل.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version