غوين داير وتاريخ الحروب في كتاب “موجز تاريخ الحرب”
“هل علينا أن نتحمل خطيئة قابيل؟! وهل مكتوبٌ في أقدارنا أن نستمر في شن الحرب حتى نُهلِكَ أو نَهلَك؟!
إنها الحرب، امتداد الخطيئة الأولى، إذ أصبحت الحرب فعلاً تُورّث بين أبناء آدم؟!”
بهذه الكلمات عبّرت أراكة عبد العزيز مشوح عن صدور ترجمتها لكتاب “موجز تاريخ الحرب” للمؤرخ العسكري مايكل غوين داير. داير هو مؤرخ عسكري بريطاني كندي، ومؤلف وصحفي وضابط متقاعد، اشتهر في ثمانينيات القرن الماضي من خلال برنامجه التلفزيوني “الحرب” الذي بُث في 1983.
عاش داير – الذي وُلِد في 17 أبريل 1943 – الحرب بشكلٍ مباشر، حيث وُلِد في سانت جونز خلال الحرب العالمية الثانية وعائلته كاثوليكية أيرلندية. انضم إلى الاحتياطي البحري الملكي الكندي في سن السادسة عشر، وحصل على درجات علمية متعددة في التاريخ.
نبذة عن مؤلف الكتاب
خدم داير في عدة احتياطات بحرية بما في ذلك الكندية والأميركية. وكان محاضراً في الأكاديمية العسكرية الملكية ساندهيرست. بدأ قبل ذلك في كتابة مقالات حول الصراع العربي الإسرائيلي، ثم انتقل إلى مجال الصحافة بدوام كامل.
تناول كتابه “موجز تاريخ الحرب” الذي صدر في 2021 والذي ترجم للعربية مؤخراً، حيث يطرح فيه مسائل جوهرية حول آلية الحرب وأسبابها وسبل إيقافها. على الرغم من التحولات التي شهدها الرأي العام في بعض الدول تجاه الحروب، فإن معظم الدول لا تزال تحتفظ بجيوشها.
تأثير الحروب على المجتمعات
رغم قضاء داير الجزء الأكبر من شبابه في الجيش، إلا أن مؤلفه لا يتناول التاريخ العسكري بمفهومه الضيق، بل يدرس الحرب كنمط اجتماعي شائع وإشكالية يجب التعاطي معها بموضوعية. يبرز الكتاب في أوقات حرجة تمر بها البشرية مثل الحرب الروسية الأوكرانية والثورات العربية، ويصف الأزمات الحالية بأنها من أصعب الفترات على الإطلاق.
مقارنة الحرب بين الإنسان والرئيسيات
محتوى الكتاب ينطلق من سرد تاريخي للحروب، ولكنه يتوسع ليشمل مقارنة مع سلوكيات الحرب بين الثدييات، مثل القردة والشمبانزي، ويستقصي كيفية استخدامهم للأسلحة مقارنةً بالإنسان البدائي.
## التحليل الشامل لتاريخ الحروب
يتناول الكتاب تحليلاً واسعاً لمظاهر الحروب عبر العصور، حيث يصف المؤلف شكل المعركة الأولى وما طرأ عليها من تغييرات، بالإضافة إلى تسليح المقاتلين وظروفهم، ويُجيب على سؤال كيفية نشوء المعارك. ويصنف الحرب إلى أنواع عدة بناءً على التاريخ، مثل الحروب الكلاسيكية والجماهيرية والشاملة. كما يبدأ في توضيح الحرب النووية والحرب التقليدية، ويختتم بنقاش حول الحرب ضد الإرهاب.
## بناء الكتاب ومحتواه
يقدّم الكتاب تحليلاً متكاملاً ونقاشاً عميقاً حول تاريخ النزاعات الحربية، مما يسهل على القارئ فهم الأسباب التي تؤدي إلى اندلاع الحروب، بالإضافة إلى تطوراتها وتأثيراتها المدمرة على المجتمعات. ينقسم الكتاب إلى 10 فصول تغطي مواضيع نظرية وجذور الحروب، وأساليب القتال، مع تسلسل زمني لتاريخ الحروب بدءاً من الكلاسيكيات حتى الحروب الشاملة.
*داير يتناول في الكتاب بالاستعراض التفصيلي التطور الذي طرأ على التكتيكات والأسلحة المستخدمة في الحروب عبر الزمن (غيتي)*
## أسباب الحروب وتغيراتها عبر الزمن
يشير داير إلى أن الحروب لم تكن دوماً جزءاً من التجربة الإنسانية، بل تطورت نتيجة التنافس على السيطرة. ويستعرض أسباب النزاعات المسلحة مثل الصراع على الموارد والأراضي، وكيف تغيرت هذه الأسباب بتطور المجتمعات.
## تطور الأسلحة والتكتيكات
يتناول المؤلف تطور التكتيكات والأسلحة عبر العصور، بدءاً من الأسلحة البدائية في العصور القديمة وصولاً إلى الأسلحة الحديثة مثل القنابل النووية والطائرات بدون طيار. يقدم داير تحليلًا لتأثير هذه التطورات على وباء الحروب وعدد الضحايا.
## السياسة والدبلوماسية في الحروب
يتطرق الكتاب إلى تأثير السياسة والدبلوماسية في مسار الحروب وكيف يمكن أن تكون الحرب وسيلة لتحقيق الأهداف السياسية. يشير داير إلى أهمية التفاوض والدبلوماسية في إنهاء النزاعات، مستعرضاً بعض الاتفاقيات الهامة التي أسهمت في إنهاء صراعات كبرى.
*داير تناول في الكتاب بالنقد والتحليل والتقييم دور القوى العظمى في الحروب وتوجيه النزاعات والتحكم في مساراتها وقطف ثمارها (غيتي)*
## الحروب وتأثيراتها على المجتمعات
يتناول الكتاب آثار الحروب على المجتمعات، بما في ذلك العواقب الاقتصادية والسياسية والنفسية، مسلطاً الضوء على الكوارث الإنسانية المترتبة من الخسائر البشرية إلى التدمير الاجتماعي والاقتصادي.
## الثورة التكنولوجية وتحديات الحروب الحديثة
يدرس داير تأثير الثورة التكنولوجية على طبيعة الحروب الحديثة، مركّزاً على النزاعات الحالية وتحديات جديدة مثل الحروب السيبرانية والإرهاب.
## خلاصة الكتاب
في النهاية، يسعى الكتاب للإجابة على سؤال جوهري: لماذا نخوض الحروب وكيف يمكننا إيقافها؟ وهو ملتزم بتقديم إجابات واضحة وبأسلوب بسيط، مما يعكس ضرورة كبح جماح الصراعات المتزايدة في العالم اليوم.
المصدر: الجزيرة
