تكوين الشقاق.. في التقريب بين هيئة القرن وهيئة الثدي!

By العربية الآن



تكوين الشقاق.. في التقريب بين هيئة القرن وهيئة الثدي!

%D8%A8%D9%82%D8%B1%D8%A9 1715978112
استقبال الرئيس الموريتاني بقرون أبقار مركبة على رؤوس بعض الأشخاص. (وسائل التواصل)
من ضمن هذا الشعار، تظهر هذه الجمل كرسالة مأخوذة من تقاليد “التفضيل” و”التباهي”، التي امتلأ بها مكتبة التراث العربي القديم. إلا أن المحتوى يختلف تمامًا؛ إذ تعتبر افكار سياقية، تتدفق بحرية، انبثقت فكرتها في عقلي وحثاني على تسجيلها، بحضور مشهد استقبال الرئيس الموريتاني بقرون أبقار مركبة على رؤوس بعض الأفراد المباشرين بتحية مقدمهم في زيارة داخلية.

وهذا التداعي الحر لا يأتي مع مظهر تابع للتراث، الذي قد يكون ضمن الحدث الاحتفالي، إذ يبرز أهمية فهم سببه وإلغاء الدهشة، والدهشة هي المصدر الحقيقي لهذا المحتوى ومنبع هذه الأفكار. وقد انضم بعض نشطاء التواصل الاجتماعي الموريتانيين إلى موجة التفاعل مع المشهد بوصفه غير عادي، وتناوله بعضهم من منظور ساخر، يحيلون ويوجهون،انطلاقا من الجانب الظاهر المجرد؛ شاهد البعض منهم يعدونه ليس مريحًا وليس بالجمال.

إذا ما نظرنا لبقرة مدللة من أبقار سويسرا وبقرة نحيفة من أبقار جماعة الفُلّان وأبرزنا بوضوح حليبها الوافر وضرور ضرعها، لرفعت بقرة الفلاني رأسها في الهواء وقالت: إليك قرني، فأين قرنك؟

وصل السخرية إلى أحد المُدوّنين الذي علّق على الصورة بجُملة: “الموالاة الرامية”، في إشارة إلى عمل القرون المألوف ودورها الطبيعي. وإن كان رأس مال البقرة السمينة ضرعها، فعنوان “هيبة” لبقرة الفلاني تلك العظمة البارزة بجوار أُذنيها.

وقامت جدلية “أيهما أفضل: ضرع البقرة أم قرنها؟” بإلهامي لمسح “التفضيل” الذي تغمره كتب التراث الأدبي، واجتهد فيه المؤلفون قديمًا يواجهون بين الأنواع والأشكال والألوان، ويُقدمون للقارئ “سيناريو تأليفي” يعتمد على “صراع الأفضلية” و”تبارز البقاء”، ليوسع دائرة الإنحياز، على حساب مسافة العدالة، وكأن رسالة المؤلف -وهدف الكتاب- هو ليحوّل المتصفح من دورة القراءة -ويعود من غنيمة الاطلاع- بقناعة مستقرة تدور حول ثنائية التفوّق والإبطال؛ لا مزيد!

إذا ما نظرنا لبقرة مدللة من أبقار سويسرا وبقرة نحيفة من أبقار جماعة الفُلّان وأبرزنا بوضوح حليبها الوافر وضرور ضرعها، لرفعت بقرة الفلاني رأسها في الهواء وقالت: إليك قرني، فأين قرنك؟

ولهذه البقرة الفلاني بعض الحق في ترفُّها وفي تمثيلها أيضًا، فإذا قيل أن ثلاثة أرباع شخصية البقرة في قرنيها المتقدمين المنحنيين، فقد يكون ذلك صحيحًا!

وليس هذا تفضيلًا مني لبيت الوطن (الفُلّان)؛ بل هو انتباه يعتني به بعض مدافعي “حقوق الحيوان”، فعملوا على مواجهة ظاهرة منع نمو قرون الأبقار الأوروبية.

وثارت لي العنوان الممنوح لمقال عرضه جوجل على شكل سؤال: “هل تكون الأبقار التي تحتفظ بقرونها أكثر سعادة؟” وإذا كانت للبقرة حظوظ من التفاعل مع هذا السؤال، لردت بقرة الفُلان: (نعم أكثر سعادة و”سحر”)، وربما كانت البقرة السويسرية ستظهر حيرة، ثم تشعر في نفسها بانكشاف “احتلال قرونها”، ثم تتنفس بسلام، وتقول: إذا ذهبت القرونان فالبركة في الضرع السخي!

عالقة في الذهن تناقضية استخلاص قرون البقرة بقوة وعنف في الوضع السويسري، مقابل تثبيت قرونها على رأس المستقبل البشري عرضًا واحتفاء في مشهد الاستقبال الموريتاني

احترامًا لمشاعر البقرة الأوروبية “المظلومة”، قام بعض الداعمين لحقوقها والحفاظ عليها بالتدخل والمزاوجة والدفاع عن سلامتها و”أمنها”، وفي هذا السياق أُطلِقت بعض مبادرات “حقوق الحيوان” تحت شعارات ايديولوجية، منها مبادرتان: “من أجل أبقار بقرونها”، “من أجل احترام حيوانات الدخل، رد فعل على انتشار ظاهرة إزالة قرون البقر على نحو تعسفي، حيث يُخدَر العجل ويُعطى مهدئات لتحمل الألم، ثم يتم سحب قرونه من جذوره قبل بلوغها الثلاثة أسابيع!

وفي اتجاهين متعارضين، يُقدِم المدافعون عن “حجيرة” قرون الأبقار بين يدي دفاعهم عن خطهم “العدواني” إيجابي لتجنب الإصابات المؤلمة وحوادث النطح الخطيرة، في حين يعيد المطالبون بالاحتفاظ بقرون البقرة في مكانها الطبيعي بين منبتيهما – الفطري، حيث يرون أنها سمة حية تكوِّن جزءًا لا يمكن الانفصال عنه من الحيوان، وأنها تساعد الأبقار في التواصل والعملية الهضمية والرعاية وتنظيم حرارة الجسم.

مزايا تقوم بإعادة شريط النزاع الحر إلى خانته الأصلية، عالقة في الذهن تناقضية استخلاص قرون البقرة بقوة وعنف في الوضع السويسري، مقابل تثبيت قرونها على رأس المستقبل البشري عرضًا واحتفاء في مشهد الاستقبال الموريتاني. وكما ينفي عين الفلاني رؤية بقرة جلحاء، يُعذر مُنظرين آخرين إذا غائبت وتفاعلوا بدهشة وفزاعة وهم يرى إنسانًا يستقبل ضيفه ملصقًا بقرون بقرة على رأسه!

آراء الكاتبة الواردة في هذا المقال تعبر عن رأيها الشخصي ولا تعكس بالضرورة موقف قناة الجزيرة الرسمي.



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version