تفاصيل أكبر مشروع لنقل الغاز بآسيا دشنته طالبان
أفغانستان: مركز حضاري تاريخي
كابل- عُرفت أفغانستان تاريخيًا بأنها ملتقى الحضارات، حيث كانت جزءًا أساسيًا من طريق الحرير القديم الذي ربط بين الصين وأوروبا مرورًا بآسيا، كذلك تمثل حلقة التواصل بين وسط آسيا الغنية بمصادر الطاقة وجنوبها التي تعاني من نقصها.
عادت كابل لتؤدي دورها التاريخي عبر تدشين مشروع “تابي” لنقل الغاز، حيث أُقيم حفل تدشين المشروع على الحدود مع تركمانستان بحضور رئيس وزراء حكومة طالبان ملا حسن آخوند وكبار المسؤولين.
سيبدأ العمل رسميًا في الجزء الأفغاني من خط أنابيب الغاز في ولاية هرات، حيث أكد ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم حكومة طالبان أن المرحلة الأولى ستبدأ هناك، مع ضمان استفادة الشعب الأفغاني من هذا الانتقال للغاز.
ما مشروع “تابي”؟
وفقًا لموقع وزارة المناجم الأفغانية، يُعتبر مشروع نقل الغاز “تابي” (وهو اختصار لأسماء الدول المشاركة فيه: تركمانستان، أفغانستان، باكستان، الهند) من المشاريع الإقليمية الكبرى لنقل الغاز بين وسط وجنوب آسيا.
يبلغ طول خط الأنابيب “تابي” 1814 كيلومترًا، حيث يمتد عبر ولايات هرات وفراه ونيمروز وهلمند وقندهار في أفغانستان بطول 816 كيلومترًا. يتصل الخط بعد ذلك بكويتا ومولتان في باكستان، وصولا إلى مدينة فزيلكا في الهند.
تقدر تكلفة المشروع بنحو 22.5 مليار دولار، ومن المتوقع أن ينقل حوالي 33 مليار متر مكعب من الغاز، مع تخصيص 500 مليون متر مكعب لأفغانستان، بينما يُقسم الباقي بين باكستان والهند.
أفاد همايون أفغان، المتحدث باسم وزارة المناجم والبترول، أنه تم اتخاذ كافة الاستعدادات للبدء بالمشروع الذي سيوفر وظائف عديدة للأفغانيين. وسيبدأ العمل فعليًا منذ الآن، مما سيمكن البلاد من الحصول على طاقة رخيصة ومستدامة.
متى بدأت فكرة المشروع؟
تعود فكرة مشروع “تابي” إلى 30 عامًا مضت، خلال فترة حكم طالبان الأول في تسعينيات القرن الماضي، إلا أن الحروب وعدم الاستقرار حالتا دون بدء العمل فيه.
استمرت المفاوضات مع تركمانستان والدول الأخرى لسنوات، وفي عام 2003، بمساعدة بنك التنمية الآسيوي، تم دعوة الهند للمشاركة في المشروع، والتي وافقت لاحقًا عليه. وفي عام 2016، تم توقيع اتفاقية بين الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي ورئيسي باكستان وتركمانستان ووزير البترول الهندي.
ما أهمية المشروع اقتصاديا لأفغانستان؟
أعلن وزير الخارجية في حكومة طالبان المولوي أمير خان متقي أن أفغانستان ستحصل على نحو 450 مليون دولار سنويًا كرسوم عبور للمشروع، وذلك خلال اجتماع تحضيري لبدء العمل في “تابي”.
بموجب الاتفاقية بين كابل وعشق آباد، ستحصل أفغانستان على 500 مليون متر مكعب من الغاز سنويًا خلال السنوات العشر الأولى، ومليار متر مكعب في السنوات العشرة التالية، ومليار ونصف خلال العشر سنوات الأخيرة. كما سيُحقق المشروع آلاف فرص العمل خلال مراحل الإنشاء.
تعتبر غرفة التجارة الأفغانية تنفيذ المشروع خطوة هامة لتحسين العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول المجاورة.
عبر خان جان الكوزي، عضو مجلس إدارة الغرفة، عن أمله في بدء العمل بالمشروع قائلًا: “نأمل ألا يكون هناك مزيد من التأخير، فهذه القضية غاية في الأهمية، وأرى أن هناك تغييرًا كبيرًا سيطرأ على اقتصادنا”.
وسيوفر المشروع أيضًا الكثير من فرص العمل خاصة في مجالات البناء وصيانة الأنابيب والخدمات الفنية.
ما المشاريع الأخرى التي يتم تنفيذها مع خط “تابي”؟
هناك مشاريع عديدة ستنفذ بالتوازي مع خط الأنابيب، مثل مشروع نقل الكهرباء بقدرة 500 كيلوات من تركمانستان إلى باكستان عبر أفغانستان.
تأمل كابل في الحصول على ما يصل إلى 110 ملايين دولار سنويًا من رسوم هذا النقل، كما سيتم بناء ثلاث محطات فرعية كهربائية في ولايات هرات وفراه وقندهار.
كما سيتم مد كابلات الألياف الضوئية بال منطقة لربط الدول المجاورة، بالإضافة إلى مشروع آخر يتمثل في إنشاء خط سكة حديد يربط باكستان بتركمانستان عبر أفغانستان.
هل سيطفئ “تابي” التوترات بالمنطقة؟
باستثناء تركمانستان المعروفة بسياساتها المحايدة، لطالما شهدت علاقات أفغانستان وباكستان والهند توترات ونزاعات في العقود الأخيرة.
ازدادت حدة التوترات بين الهند وباكستان، إذ تزايدت المناوشات العسكرية على الحدود بينهما، واستمرت التهديدات المتبادلة. في الوقت نفسه، شهدت أفغانستان توترات حادة مع إسلام آباد، لكن مشروع “تابي” قد يسهم في تعزيز المصالح الاقتصادية المشتركة بين هذه الدول.
التعاون الاقتصادي بين الدول قد يكون له تأثير إيجابي في تقليل النزاعات، تمامًا كما حدث في أوروبا ووسط آسيا. لذا، فإن نجاح مشروع “تابي” قد يشكل بداية لاستقرار أكبر في المنطقة.
إذا أثبت “تابي” نجاحه، فقد يعزز من دور أفغانستان في التفاعلات الإقليمية والدولية، ويظهر قدرتها كحليف موثوق.
رابط المصدر