انعكاسات أزمة تقييد القضاء في إسرائيل على الفلسطينيين
تتزامن أزمة القضاء في إسرائيل مع الحرب على غزة، التي استمرت دون تحقيق أهدافها. وقد تسلط محاولات حكومة بنيامين نتنياهو لإعادة تقديم خطة تقييد السلطة القضائية الضوء على أزمات داخلية مركبة.
يرى المعارضون أن هذه الخطة تهدف إلى تقويض السلطة القضائية وتعزيز هيمنة الجهاز التنفيذي، مما يمثل خطوة جديدة نحو السيطرة الكاملة على مفاصل الحكم.
بالرغم من ذلك، يعتقد الخبراء أن نتنياهو لم يتمكن بعد من تمرير خطة التقييد بالكامل، إذ لا تزال قيد النقاش السياسي في إسرائيل. ويرجع تأجيلها إلى الاحتجاجات الشعبية والضغوط السياسية، فضلاً عن التوترات الداخلية عقب الهجوم المفاجئ في 7 أكتوبر 2023 وما تبعه من تبعات أمنية.
تعد آثار التعديلات القضائية الداخلية في إسرائيل شاملة، إذ تشمل أيضًا السياسات القمعية تجاه الفلسطينيين. وفي ظل هذه الظروف، يثار تساؤل حول تأثير هذه الخطة على الاستقرار الداخلي ومستقبل نظام الحكم، خاصة وأن هناك اعتراضًا متزايدًا على شرعية الحكومة.
تحول النظام القضائي
في يناير 2023، أعلن وزير العدل ياريف ليفين عن خطة تقييد القضاء، وقدمها كجزء من “إصلاحات قضائية” تهدف إلى إعادة التوازن بين السلطات الثلاث: التنفيذية، التشريعية، والقضائية.
برر الوزير ذلك بالقول إنه يجب الحد من تجاوزات المحكمة العليا وتحسين سيادة البرلمان كالجهاز المنتخب من الشعب، والحد من الهيمنة القضائية على القرار السياسي.
في المقابل، يرى المعارضون أن هذه الخطة تصب في مصلحة سياسية وشخصية، خاصة في ظل التحديات القانونية التي يواجهها نتنياهو في قضايا فساد، وذلك لتعزيز نفوذ الحكومة وتخفيف أي رقابة قانونية محتملة.
في 12 ديسمبر، قضت المحكمة العليا الإسرائيلية بأنه يجب على الوزير ياريف ليفين الدعوة لعقد جلسة لجنة تعيين القضاة لاختيار رئيس جديد للمحكمة العليا قبل 16 يناير 2025، بعد امتناعه عن الدعوة للجنة منذ تقاعد القاضية إستر حيوت في أكتوبر.
ردًا على ذلك، أعلن ليفين في 14 ديسمبر عن نيته إعادة طرح قانون تغيير تركيبة لجنة تعيين القضاة، مما سيؤدي إلى تقليص دور نقابة المحامين في التعيينات القضائية، مما يمنح الحكومة السيطرة الكاملة على هذه العملية.
يقول المستشار القانوني سائد كراجه إن النظام القضائي لم يكن يعمل كجهة رقابية نزيهة، وتقييده سيعزز عدم الثقة في القضاء وسيثير شكوكًا حول الطابع “الديمقراطي” لإسرائيل على الصعيدين الداخلي والدولي.
حول خطوات تنفيذ التعديلات، يقول كراجه إنها ستشمل تعديل القوانين وإصدار نصوص جديدة تحد من صلاحيات المحكمة العليا، مما يسمح للحكومة بدلاً من ذلك بتعيين القضاة مباشرة.
مع هذا، سيؤدي ذلك، وفقًا لكراجه، إلى سيطرة أكبر على التعيينات القضائية وسيضع قيودًا بشأن قدرة القضاء على مراجعة قرارات الكنيست، مما سيؤثر على الإدارة القانونية للحكومة.
من الجدير بالذكر أن تأثير الخطة لم يقتصر على القطاع القضائي، بل شمل أيضًا الأوساط العسكرية، حيث هدد عدد من الضباط وقادة الاحتياط بالإعلان عن عدم نيتهم الخدمة إذا تم تنفيذ الخطة.
عبّر هؤلاء العسكريون عن استيائهم من تقليص صلاحيات المحكمة، مما قد يؤثر بشكل كبير على الوضع العام في البلاد.
# تأثير تغيير نظام القضاء في إسرائيل على القضية الفلسطينية## مخاوف من تأثير التعديلات على حقوق الإنسان
أبدى قضاة ومراقبون قلقهم من أن التعديلات المزمع تنفيذها قد تؤثر سلبًا على دور القضاء في监督 تصرفات الجيش، وبالتالي ضمان احترام حقوق الإنسان، خصوصًا في العمليات العسكرية التي تتم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ووفقًا لخبراء تحدثت إليهم الجزيرة نت، تحمل هذه الاحتجاجات دلالات سياسية، حيث تعكس انقسامًا واضحًا بين السلطة السياسية في إسرائيل والجيش، الذي يسعى عادةً للابتعاد عن السياسة. لكن هذه الخطة قد تعزز التدخلات السياسية في الشؤون العسكرية، مما يؤثر على استقلالية الجيش في اتخاذ قراراته الأمنية.
![أثر تقييد القضاء في إسرائيل على الفلسطينيين](https://www.alarabiyanow.com/wp-content/uploads/2024/12/1735215817_898_أثر-تقييد-القضاء-في-إسرائيل-على-الفلسطينيين.jpg)
*يخضع نتنياهو لمحاكمة بتهم تتعلق بتلقي رشاوى واحتيال وسوء استخدام السلطة (رويترز)*
## دوافع شخصية وراء التعديلات القضائية
يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منذ عدة سنوات قضايا فساد تشمل اتهامات بتلقي رشاوى والاحتيال وسوء استخدام السلطة. ويعتقد الخبراء أن خطة تقييد القضاء قد تكون محاولة مباشرة لتخفيف الضغط القانوني الممارس عليه.
يرى كراجة أن هذه الخطة قد تقلل من امكانية محاسبة النظام القضائي له أو التأثير على مستقبله السياسي. كما تهدف إلى تقوية تحالف اليمين وضمان دعم الأحزاب اليمينية المتشددة من خلال تغيير القوانين وفقًا لأجنداتهم، مما يسعى إلى تعزيز الاستقرار في حكومته.
ويضيف المضري، أستاذ العلوم السياسية، أن محاولات نتنياهو لجعل القضاء أمرًا ثانويًا هي محاولة لتجاوز التهم الموجهة إليه، وتحسين صورته داخل إسرائيل من خلال إطالة أمد المحاكمات التي يعلم أنه قد يخسرها. كما يحاول إيصال رسالة للإسرائيليين بأن لديه مهام أكبر من أن يتحييده القضاء.
## إقالة المستشارة القضائية
لا يمكن مناقشة خطة تقييد القضاء بدون التطرق إلى مشروع إقالة المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، غالي بهاراف ميارا. تعتبر ميارا من المدافعين عن استقلال السلطة القضائية، وقد اتخذت مواقف معارضة لبعض سياسات الحكومة، خاصة الإصلاحات القضائية.
انتقدت ميارا الحكومة عدة مرات بسبب محاولاتها التدخل في القضاء، محذرة من أن هذه الإصلاحات قد تضعف الديمقراطية في إسرائيل. كما أدت أيضاً دورًا محوريًا في إدارة قضايا الفساد التي تواجه نتنياهو.
بالمقابل، طالبت ميارا بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في إخفاقات 7 أكتوبر 2023، مما أثار غضب نتنياهو وحزبه.
## التأثير على القضية الفلسطينية
يتفق الخبراء أنه في حال استمرت هذه التعديلات، فإنها قد تؤثر بشكل كبير على القضية الفلسطينية والموقف الدولي تجاهها. إذ إن تأثير القضاء على الشؤون العسكرية والحقوق الإنسانية سوف يتراجع، مما قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة.**تداعيات خطيرة لتقليص الرقابة القضائية في إسرائيل على الفلسطينيين**
تشهد السياسات الإسرائيلية تقليصًا للرقابة القضائية، ما ينذر بتداعيات خطيرة على مستقبل الفلسطينيين في الداخل. حيث يمنح هذا التقليص الحكومة الإسرائيلية حرية أكبر في تمرير سياساتها الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس. وهو ما يهدد بتعميق المعاناة الفلسطينية وتعزيز حالة الاحتلال.
**التحليل السياسي: عدم الاكتراث بحقوق الإنسان**
يرى المحلل السياسي أحمد فهيم أن إسرائيل لم تعد تبالي بظهورها كدولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتفصل بين السلطات. ويعتقد أنه مع قرب تنفيذ مشروع استيطاني ضخم، هناك خطر حقيقي من التوسع في السيطرة على الأراضي الفلسطينية، خاصة في الضفة الغربية.
**تأثيرات التشريعات الجديدة على الفلسطينيين**
يشير فهيم إلى أن التقييد القضائي قد يمكّن الاحتلال الإسرائيلي من تعديل التشريعات وزيادة قسوة العقوبات، مثل تطبيق حكم الإعدام على الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية.
بدوره، يؤكد الأستاذ في العلوم السياسية بدر الماضي أن التعديلات القانونية ستكون وسيلة جديدة لممارسة الانتهاكات ضد الفلسطينيين. حيث كان يُعتبر المحكمة العليا أحد الموارد القانونية التي يمكن للفلسطينيين اللجوء إليها للاعتراض على مصادرة أراضيهم. ويبدو أن تقييد دور القضاء سيؤدي إلى انخفاض فعالية هذه الوسائل، مما يزيد شعور الفلسطينيين بالظلم وفقدان الأمل في الانتصاف.
**تصعيد السياسات القمعية**
مع استمرار الاحتلال وممارساته القمعية، يتوقع الماضي تصعيدًا في استهداف الفلسطينيين من خلال إجراءات قاسية دون خوف من المراجعة. وتتضمن هذه الإجراءات فرض قيود على الحركة، وتنفيذ عقوبات جماعية، وزيادة استخدام القوة العسكرية في الأراضي المحتلة.
**الواقع المرير للفلسطينيين في ظل الأزمات الإسرائيلية**
في الوقت الذي تتزايد فيه الأزمات الداخلية في إسرائيل، فإنها قد تضيف بعدًا مأساويًا جديدًا للوضع المرير الذي يعيشه الشعب الفلسطيني.
رابط المصدر