أحجار الشتاء.. أبواب الشرق الموصدة
رحيل الأسد يمثل بداية انهيار أحجار الدومينو التي عاندت إرادة شعوبها، فالعالم الشرقي بأسره يعيش حالة من التوتر المشتعل تقودها الصهيونية في حرب إبادة ضد تطلعات الشعب الفلسطيني. تلك الأرض التي تحاصرها أنظمة تحمي المستوطنين وتمنع عن الفلسطينيين أي شكل من أشكال التضامن.
**الحق في التغيير**
سوريا ليست استثناءً من أحداث الربيع العربي، بل هي رمز للأمل في إزاحة الأنظمة القمعية. تُعد واحدة من الصفحات المؤلمة في ذاكرة الشرق، حيث يسعى الشعب لاستعادة حريته، متخلصًا من كافة أشكال الاستعمار.
كما أن الأبواب أُغلقت في وجه العدالة في سوريا، كذلك أُغلقت في وجه الأحلام العربية. لم تعد الديمقراطية هي التحدي الرئيسي، بل بات الدافع وراء الثورات هو “الحق في التغيير”، ليكون نقطة البداية لتحرير الشرق من الاستعمار وأدواته.
**لحظة تاريخية**
تمر الأمة بلحظة تاريخية تحمل في طياتها ذكريات قديمة من التجارب المؤلمة. إن اللحظة الحالية ليست مجرد بداية لثورة، ولا تضحيات عابرة، بل هي استيقاظ من وهم الخضوع لأخطاء الماضي.
تتجاوز هذه اللحظة الفكرة التقليدية للثورة التي تقودها السلطة، إذ تفتح النقاشات حول الدروس المستفادة من تجارب الماضي وحتمية التحول في الواقع العربي المأساوي.
أحداث الربيع العربي في بداياته كشفت عن عزم الجماهير للتخلص من الأنظمة القمعية، رغم المخاوف من الفوضى. في الوقت ذاته، أظهرت الأحداث المسجلة أن من مارس التعذيب والاعتقال لم يكونوا سوى قمعيين باستثناء نفاق دعم الاستعمار.
**بداية جديدة**
الانتفاضة في سوريا هي بداية مرحلة جديدة. على الرغم من الانتصارات ضد أنظمة الظلم، فإنها أيضًا تُشير إلى بداية تحول شامل للمنطقة. ملامح هذه المرحلة واضحة من خلال تغير تحالفات السلطة السياسية بين الأنظمة في الشرق.
لا يزال الربيع العربي يمثل “انتفاضة ثالثة” في وجدان الأمة، حيث تظل رايات هذه الثورات معلقة في سماء المستقبل لتجسد تطلعات الشعوب في الحرية.
تواجه الشعوب العربية تحديات جديدة وتستعيد أحلامها في عطاء أشكال جديدة من التغيير. لقد جاءت اللحظة حين اجتاحت الثورات المدن الكبرى، مما دعا لتأسيس تضامن فعلي لاستعادة كرامة الشعب.
**شتاء الأمل**
توشك الأنظمة على الانهيار بعد الزلزلة الكبيرة التي حدثت في سوريا، حيث تتجلى هشاشة الحكم. وكما كان بالأمس، يتمسك الشرق بفرحة الانتصار على ظلم الأنظمة التي اعتمدت على الخارج للحفاظ على أمنها.
مع هذه الأحداث، يمثل شرقنا شتاءً دافئًا مع فصول جديدة من النضال. ومع انهيار الأنظمة الاستبدادية، لابد أن تتجه الأنظار إلى بناء مستقبل يضمن لقيم الحرية والعدالة أن تعيش.
لا تزال الثورات تحقق أهدافها بفضل الأجيال التي خرجت لتُظهر للعالم إرادة التغيير.