أحد المسؤولين في الرئاسة التركية: جارٍ حملة سوداء ضدنا بسبب موقفنا تجاه غزة
أحمد حافظ
16/5/2024–|آخر تحديث: 17/5/202405:36 ص (بتوقيت مكة المكرمة)
رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية أفاد بأنه لا توجد عدالة في تمييز مواقف تركيا من القضية الفلسطينية قبل أو بعد الانتخابات المحلية، وأنه لا يمكن للجهات المحلية والدولية المساس بالموقف المبدئي والدائم لتركيا وللرئيس رجب طيب أردوغان فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وأضاففي مقابلة -مع الجزيرة نت في حوار شامل- أشارت تركيا إلى أنها “الدولة الفريدة عالميًا التي اتخذت قرارًا بتقييد العلاقات التجارية مع إسرائيل في البداية، ومن ثم تعليقها في النهاية” نتيجة للهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة الذي استمر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأوضح رئيس قسم الاتصالات في الرئاسة التركية قضية اللاجئين في بلاده، التي تكون محور التنافس في الفترات الانتخابية المختلفة، مؤكدًا أنها “خطابات مبنية على شائعات تروج لها جماعات تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية من خلال إثارة مشاعر التحيز ضد الأجانب، ولا تستند إلى واقع اجتماعي حقيقي”.
وفيما يتعلق بالتواجد العسكري التركي في الدول المجاورة، أشارت تقارير إلى أن تركيا نجحت في تأمين حدودها، بفضل استراتيجية مكافحة شاملة ساهمت في تحقيق نتائج فعالة في تعطيل الإرهاب وتنظيماته من خلال استراتيجية لجفاف مصادره وذلك بشكل خارج الحدود التركية.
وفي تفاصيل اللقاء، تم طرح قضايا معقدة متشابكة بين العناصر المحلية والدولية والإقليمية، مثل التطبيع بين تركيا ومصر، والتقدم الذي حققته العلاقات بين تركيا والدول الخليجية، بالإضافة إلى نمو التحالفات التركية مع دول آسيا الوسطى.
وفي نفس السياق، كشفت التقارير أيضًا عن قدرة السياسة الخارجية التركية على التواصل مع كل من روسيا وأوكرانيا في نفس الوقت، مع التركيز على الخلافات الدائرة بين تركيا والولايات المتحدة في بعض الملفات، خاصة فيما يتعلق “بالجماعات الإرهابية” على الحدود التركية.
وحول تفاصيل المحادثة..
تم إيقاف المعاملات التجارية بين تركيا وإسرائيل بسبب العدوان على غزة، هل كان هناك تأثير من نتائج الانتخابات المحلية في ذلك؟
سبق لإسرائيل أن اعتمدت مختلف الوسائل للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية منذ فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى وحتى إعلان قيامها كدولة عام 1948. ولم يكن العنف سوى وسيلة واحدة من تلك الوسائل، لكن بعد عام 1948، شهدنا تصاعد الاحتلال الجائر.
وتبقى تركيا على موقفها ضد إسرائيل في قضية فلسطين بكل قوتها، ومنذ الأحداث التي جرت عام 2009، وبعد اللحظة التي ظهر فيها رئيس الجمهورية يصرخ أمام العالم قائلًا إن “إسرائيل قاتلة”، والتنديد الذي تلا ذلك من قبل كل من لقي الموقف بالتصفيق؛ وحتى الآن، لا تزال تركيا تكشف بجرأة عن جميع أشكال الظلم والقمع التي تمارسها إسرائيل في كل المحافل والمنابر الدولية.
وبالتالي، من غير الصحيح أو العادل التفريق بين مواقف تركيا من قضية فلسطين قبل وبعد الانتخابات، وما يتعلق بالعلاقات التجارية مع إسرائيل، بغض النظر عن محاولات الدوائر المختلفة تزييف الحقائق واستغلالها، لا يمكنها أن تهتز في الوقوف المبدئي والثابت لتركيا وزعيمها الرئيسي تجاه هذه القضية.
يتزايد الدعم الذي تقدمه تركيا لفلسطين يوما بعد يوم، ومنذ محاولات الاحتلال والإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول؛ كانت تركيا في صدارة الدول التي تسعى لجعل هذه القضية محور اهتمام العالم.
من غير الصحيح أو العادل التفريق بين مواقف تركيا من قضية فلسطين قبل وبعد الانتخابات، وما يتعلق بالعلاقات التجارية مع إسرائيل، بغض النظر عن محاولات الدوائر المختلفة تزييف الحقائق واستغلالها
وبناءً على ذلك، يجب النظر في مواقف تركيا تجاه قضية فلسطين، وبخاصة الموقف المبدئي والإنساني الذي يتبناه الرئيس رجب طيب أردوغان. على الرغم من صعوبة تقديم قائمة شاملة لجميع الجهود التي بذلتها تركيا لدعم هذه القضية وغزة، إلا أننا نذكر بعض النقاط الهامة:
تعتبر تركيا واحدة من البلدان القليلة التي تعمل بكامل طاقتها في تقديم المساعدة الإنسانية، حيث تعمل ضمن رسالتها التاريخية النبيلة في دعم الظلماء في فلسطين ومناطق أخرى في العالم.
عندما طلبت محكمة العدل الدولية إصدار رأي استشاري بشأن عواقب احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية والاستيطان وضمها لها؛ قدمنا وجهة نظرنا الكتابية في 20 يوليو/تموز 2023، إلى جانب التزامنا في دعم العدالة الدولية وإنصاف الضحايا.
تقام جلسة الاستماع الشفوية التي نظمتها المحكمة في لاهاي بتاريخ 26 فبراير/شباط 2024 ونحن محاطون بها.
وأكدت في إحاطتنا أن جميع الإجراءات الأحادية الجانب التي تتخذها إسرائيل لتغيير طابع ووضع الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس، تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي.
أبدينا موقفنا الراسخ أمام المحكمة الدولية والرأي العام العالمي، حيث دعونا إلى وقف جميع تلك التجاوزات والانتهاكات، وإعادة الحقوق إلى أصحابها بدون أي شروط.
نظم الرئيس أردوغان لقاءً بين قادة حركة حماس وقادة منظمة فتح لضمان التنسيق التام والشامل بين الفاعلين الفلسطينيين، وذلك في إطار جهودنا لتحقيق وقف إطلاق النار.
بدأت دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية حملة لمواجهة التضليل الإعلامي والأخبار الكاذبة التي كانت تبثها الدعاية الإسرائيلية منذ الأيام الأولى للأحداث.
عقدنا اجتماعا استثنائيا لوزراء الإعلام في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، حيث تم التأكيد على تنسيق خطوات مواجهة التضليل الإعلامي الإسرائيلي.
ذكرت المنظمات الدولية بسياسة إسرائيل الاستعمارية وتجاهلها لحقيقة “دولة فلسطين” باستمرار.
رفعت تركيا القضية الفلسطينية لتجعلها محورية بالنسبة للدولة، وقدمت اقتراحات لحلول ممكنة على المدى المتوسط والطويل، وقدمت آليات ضمان دولية لحل القضية.
وينبغي التذكير بأن تركيا، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعربت عن رفضها الشديد للجرائم التي ترتكبها إسرائيل، وقامت بجمع كل قواها ووسائلها لوقف تلك المجازر.
هل دعم الرأي العام التركي القرارات التي اتخذتها الحكومة بشأن قطع المعاملات التجارية مع إسرائيل؟
معروف للجميع مدى تقدم علاقاتنا مع إسرائيل، ومنذ 7 أكتوبر 2023، قبل المأساة في غزة، كانت تركيا توقف شحن المواد القابلة للاستخدام العسكري إلى إسرائيل.
التحرك الأخير لتركيا بقطع الروابط التجارية مع إسرائيل يعكس وضوحا وصدقا في موقفها من القضية الفلسطينية وتصريحاتها. هذه القرارات ستؤثر على الرأي العام بكل تأكيد.
أولوية شعبنا للقضية الفلسطينية تمثل قدوة عالمية، مما يظهر تأييده الكامل لتقييد المعاملات التجارية مع إسرائيل وإيقافها تماما.
يجب التأكيد، بأهمية بالغة، أن تركيا كانت الدولة الوحيدة التي اتخذت قرارها بتقييد الروابط التجارية أولا وتعليقها في النهاية.
أولوية شعبنا للقضية الفلسطينية تمثل قدوة عالمية، مما يظهر تأييده الكامل لتقييد المعاملات التجارية مع إسرائيل وإيقافها تماما
الشرق الأوسط يعيش منذ فترة طويلة في مشكلة إسرائيل، ومنذ 7 أكتوبر 2023، قفزت هذه المشكلة إلى الصدارة. لا شك أن تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي، وستبذل جهودا كبيرة للعمل على حل هذه المشكلة ورفع المظالم عن الفلسطينيين.
علينا عدم السماح لهذه المناقشات الخاصة بالمعاملات التجارية بتشتت انتباهنا عن القضية الأساسية. يسرنا أن نرى كيف يعبر الشعب التركي عن اهتمامه العميق بغزة؛ فتطلعاته وأمانيه تعكس ما نسعى إليه.
ومن هذه الزاوية، يمكن التأكيد على عدم وجود أي تباين بين موقف الحكومة التركية، بقيادة الرئيس وموقف الرأي العام في تركيا تجاه القضية الفلسطينية.
لذلك، يتعين أولاً حل المشكلة الإسرائيلية بذاتها، ثم التركيز على إيجاد حلول فاعلة للتحديات التي سببتها إسرائيل.
موقف الحكومة التركية وفي مقدمتها السيد رئيس الجمهورية وموقف الرأي العام في تركيا إزاء القضية الفلسطينية هما متطابقان تماماً.
علينا أيضاً أن ننظر إلى الانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، والتي استمرت لفترة طويلة وتطورت لمحاولة إبادة الشعب بأكمله.
بعد الاعتراف بتلك الحقائق، يمكننا اتخاذ الإجراءات اللازمة واتباع الاستراتيجيات المناسبة لحلها. منذ البداية، قفت تركيا إلى جانب الفلسطينيين المظلومين وعملت على تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
لذلك، كل المحاولات الخبيثة التي تهدف للنيل من دور تركيا من خلال اتهامها في قضية المعاملات التجارية تهدف بشكل رئيسي إلى تغطية جرائم إسرائيل ومحاكمة تركيا بدلاً من محاكمة إسرائيل على جرائمها، وهو أمر لا نقبله أبداً.
هل تصدق الأخبار التي تزعم وصول منتجات تركية إلى الجيش الإسرائيلي؟
تجري حملة سوداء ضد تركيا في المنتديات الدولية، ورغم أن هذه الجهات لا تتورط في الأزمة مع إسرائيل، إلا أن هدفها الحقيقي هو التشويه وإثارة الرأي العام ضد حكومتنا، وتلك الجهات تتلقى دعمًا من متعاونين يخدمون مصالحها في هذه الحملة الإعلامية.
والحقيقة أن ادعاءات وصول منتجاتنا إلى الجيش الإسرائيلي هي كذبة صريحة؛ حيث كشف مركز مكافحة التضليل الإعلامي التابع لدائرة الاتصال برئاستنا هذه الافتراءات المغرضة التي تستند إلى معلومات زائفة ومقاطع فيديو قديمة تم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
لذا، فلنترك جانبًا ادعاءات الجيش الإسرائيلي ولنركز بدلًا من ذلك على الجهود الإنسانية التي قدمتها تركيا، حيث وصلت إمدادات المساعدات الإنسانية إلى غزة بكميات كبيرة حتى الآن.
أذكر مجددًا أولئك الذين يحاولون استهداف تركيا بمعلومات مضللة، بأن تركيا كانت دائمًا الداعم الأقوى والأكثر تأثيرًا وثباتًا ضد جرائم الإبادة التي ترتكبها إسرائيل.
نحن على وشك اتخاذ خطوة هامة أخرى، وبحسب وزير خارجيتنا هاكان فيدان، ستنضم تركيا إلى الدعوى المقدمة من جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية، وستستمر تركيا في متابعة هذه القضية بكل إمكانياتها حتى يتم إثبات جرائم إسرائيل ومحاسبتها أمام المحاكم الدولية.