أحد المسؤولين في الرئاسة التركية: جارٍ حملة سوداء ضدنا بسبب موقفنا تجاه غزة

By العربية الآن



أحد المسؤولين في الرئاسة التركية: جارٍ حملة سوداء ضدنا بسبب موقفنا تجاه غزة

فخر الدين ألطون رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية
فخر الدين ألطون: اكتشفنا العديد من المحتويات غير الواقعية فيما يتعلق باللاجئين في بلادنا (الجزيرة)
رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية أفاد بأنه لا توجد عدالة في تمييز مواقف تركيا من القضية الفلسطينية قبل أو بعد الانتخابات المحلية، وأنه لا يمكن للجهات المحلية والدولية المساس بالموقف المبدئي والدائم لتركيا وللرئيس رجب طيب أردوغان فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

وأضاففي مقابلة -مع الجزيرة نت في حوار شامل- أشارت تركيا إلى أنها “الدولة الفريدة عالميًا التي اتخذت قرارًا بتقييد العلاقات التجارية مع إسرائيل في البداية، ومن ثم تعليقها في النهاية” نتيجة للهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة الذي استمر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأوضح رئيس قسم الاتصالات في الرئاسة التركية قضية اللاجئين في بلاده، التي تكون محور التنافس في الفترات الانتخابية المختلفة، مؤكدًا أنها “خطابات مبنية على شائعات تروج لها جماعات تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية من خلال إثارة مشاعر التحيز ضد الأجانب، ولا تستند إلى واقع اجتماعي حقيقي”.

وفيما يتعلق بالتواجد العسكري التركي في الدول المجاورة، أشارت تقارير إلى أن تركيا نجحت في تأمين حدودها، بفضل استراتيجية مكافحة شاملة ساهمت في تحقيق نتائج فعالة في تعطيل الإرهاب وتنظيماته من خلال استراتيجية لجفاف مصادره وذلك بشكل خارج الحدود التركية.

وفي تفاصيل اللقاء، تم طرح قضايا معقدة متشابكة بين العناصر المحلية والدولية والإقليمية، مثل التطبيع بين تركيا ومصر، والتقدم الذي حققته العلاقات بين تركيا والدول الخليجية، بالإضافة إلى نمو التحالفات التركية مع دول آسيا الوسطى.

وفي نفس السياق، كشفت التقارير أيضًا عن قدرة السياسة الخارجية التركية على التواصل مع كل من روسيا وأوكرانيا في نفس الوقت، مع التركيز على الخلافات الدائرة بين تركيا والولايات المتحدة في بعض الملفات، خاصة فيما يتعلق “بالجماعات الإرهابية” على الحدود التركية.

وحول تفاصيل المحادثة..

  • تم إيقاف المعاملات التجارية بين تركيا وإسرائيل بسبب العدوان على غزة، هل كان هناك تأثير من نتائج الانتخابات المحلية في ذلك؟

سبق لإسرائيل أن اعتمدت مختلف الوسائل للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية منذ فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى وحتى إعلان قيامها كدولة عام 1948. ولم يكن العنف سوى وسيلة واحدة من تلك الوسائل، لكن بعد عام 1948، شهدنا تصاعد الاحتلال الجائر.

وتبقى تركيا على موقفها ضد إسرائيل في قضية فلسطين بكل قوتها، ومنذ الأحداث التي جرت عام 2009، وبعد اللحظة التي ظهر فيها رئيس الجمهورية يصرخ أمام العالم قائلًا إن “إسرائيل قاتلة”، والتنديد الذي تلا ذلك من قبل كل من لقي الموقف بالتصفيق؛ وحتى الآن، لا تزال تركيا تكشف بجرأة عن جميع أشكال الظلم والقمع التي تمارسها إسرائيل في كل المحافل والمنابر الدولية.

وبالتالي، من غير الصحيح أو العادل التفريق بين مواقف تركيا من قضية فلسطين قبل وبعد الانتخابات، وما يتعلق بالعلاقات التجارية مع إسرائيل، بغض النظر عن محاولات الدوائر المختلفة تزييف الحقائق واستغلالها، لا يمكنها أن تهتز في الوقوف المبدئي والثابت لتركيا وزعيمها الرئيسي تجاه هذه القضية.

يتزايد الدعم الذي تقدمه تركيا لفلسطين يوما بعد يوم، ومنذ محاولات الاحتلال والإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول؛ كانت تركيا في صدارة الدول التي تسعى لجعل هذه القضية محور اهتمام العالم.

من غير الصحيح أو العادل التفريق بين مواقف تركيا من قضية فلسطين قبل وبعد الانتخابات، وما يتعلق بالعلاقات التجارية مع إسرائيل، بغض النظر عن محاولات الدوائر المختلفة تزييف الحقائق واستغلالها

وبناءً على ذلك، يجب النظر في مواقف تركيا تجاه قضية فلسطين، وبخاصة الموقف المبدئي والإنساني الذي يتبناه الرئيس رجب طيب أردوغان. على الرغم من صعوبة تقديم قائمة شاملة لجميع الجهود التي بذلتها تركيا لدعم هذه القضية وغزة، إلا أننا نذكر بعض النقاط الهامة:

  • تعتبر تركيا واحدة من البلدان القليلة التي تعمل بكامل طاقتها في تقديم المساعدة الإنسانية، حيث تعمل ضمن رسالتها التاريخية النبيلة في دعم الظلماء في فلسطين ومناطق أخرى في العالم.
  • عندما طلبت محكمة العدل الدولية إصدار رأي استشاري بشأن عواقب احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية والاستيطان وضمها لها؛ قدمنا وجهة نظرنا الكتابية في 20 يوليو/تموز 2023، إلى جانب التزامنا في دعم العدالة الدولية وإنصاف الضحايا.
    • تقام جلسة الاستماع الشفوية التي نظمتها المحكمة في لاهاي بتاريخ 26 فبراير/شباط 2024 ونحن محاطون بها.

    وأكدت في إحاطتنا أن جميع الإجراءات الأحادية الجانب التي تتخذها إسرائيل لتغيير طابع ووضع الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس، تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي.

    • أبدينا موقفنا الراسخ أمام المحكمة الدولية والرأي العام العالمي، حيث دعونا إلى وقف جميع تلك التجاوزات والانتهاكات، وإعادة الحقوق إلى أصحابها بدون أي شروط.
    • نظم الرئيس أردوغان لقاءً بين قادة حركة حماس وقادة منظمة فتح لضمان التنسيق التام والشامل بين الفاعلين الفلسطينيين، وذلك في إطار جهودنا لتحقيق وقف إطلاق النار.
    • بدأت دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية حملة لمواجهة التضليل الإعلامي والأخبار الكاذبة التي كانت تبثها الدعاية الإسرائيلية منذ الأيام الأولى للأحداث.
    • عقدنا اجتماعا استثنائيا لوزراء الإعلام في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، حيث تم التأكيد على تنسيق خطوات مواجهة التضليل الإعلامي الإسرائيلي.
    • ذكرت المنظمات الدولية بسياسة إسرائيل الاستعمارية وتجاهلها لحقيقة “دولة فلسطين” باستمرار.
    • رفعت تركيا القضية الفلسطينية لتجعلها محورية بالنسبة للدولة، وقدمت اقتراحات لحلول ممكنة على المدى المتوسط والطويل، وقدمت آليات ضمان دولية لحل القضية.

    وينبغي التذكير بأن تركيا، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعربت عن رفضها الشديد للجرائم التي ترتكبها إسرائيل، وقامت بجمع كل قواها ووسائلها لوقف تلك المجازر.

    ألطون: الموقف التركي من القضية الفلسطينية ثابت قبل الانتخابات وبعدها (الأناضول)
    • هل دعم الرأي العام التركي القرارات التي اتخذتها الحكومة بشأن قطع المعاملات التجارية مع إسرائيل؟

    معروف للجميع مدى تقدم علاقاتنا مع إسرائيل، ومنذ 7 أكتوبر 2023، قبل المأساة في غزة، كانت تركيا توقف شحن المواد القابلة للاستخدام العسكري إلى إسرائيل.

    التحرك الأخير لتركيا بقطع الروابط التجارية مع إسرائيل يعكس وضوحا وصدقا في موقفها من القضية الفلسطينية وتصريحاتها. هذه القرارات ستؤثر على الرأي العام بكل تأكيد.

    أولوية شعبنا للقضية الفلسطينية تمثل قدوة عالمية، مما يظهر تأييده الكامل لتقييد المعاملات التجارية مع إسرائيل وإيقافها تماما.

    يجب التأكيد، بأهمية بالغة، أن تركيا كانت الدولة الوحيدة التي اتخذت قرارها بتقييد الروابط التجارية أولا وتعليقها في النهاية.

    أولوية شعبنا للقضية الفلسطينية تمثل قدوة عالمية، مما يظهر تأييده الكامل لتقييد المعاملات التجارية مع إسرائيل وإيقافها تماما

    الشرق الأوسط يعيش منذ فترة طويلة في مشكلة إسرائيل، ومنذ 7 أكتوبر 2023، قفزت هذه المشكلة إلى الصدارة. لا شك أن تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي، وستبذل جهودا كبيرة للعمل على حل هذه المشكلة ورفع المظالم عن الفلسطينيين.

    علينا عدم السماح لهذه المناقشات الخاصة بالمعاملات التجارية بتشتت انتباهنا عن القضية الأساسية. يسرنا أن نرى كيف يعبر الشعب التركي عن اهتمامه العميق بغزة؛ فتطلعاته وأمانيه تعكس ما نسعى إليه.

    ومن هذه الزاوية، يمكن التأكيد على عدم وجود أي تباين بين موقف الحكومة التركية، بقيادة الرئيس وموقف الرأي العام في تركيا تجاه القضية الفلسطينية.

    لذلك، يتعين أولاً حل المشكلة الإسرائيلية بذاتها، ثم التركيز على إيجاد حلول فاعلة للتحديات التي سببتها إسرائيل.

    موقف الحكومة التركية وفي مقدمتها السيد رئيس الجمهورية وموقف الرأي العام في تركيا إزاء القضية الفلسطينية هما متطابقان تماماً.

    علينا أيضاً أن ننظر إلى الانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، والتي استمرت لفترة طويلة وتطورت لمحاولة إبادة الشعب بأكمله.

    بعد الاعتراف بتلك الحقائق، يمكننا اتخاذ الإجراءات اللازمة واتباع الاستراتيجيات المناسبة لحلها. منذ البداية، قفت تركيا إلى جانب الفلسطينيين المظلومين وعملت على تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

    لذلك، كل المحاولات الخبيثة التي تهدف للنيل من دور تركيا من خلال اتهامها في قضية المعاملات التجارية تهدف بشكل رئيسي إلى تغطية جرائم إسرائيل ومحاكمة تركيا بدلاً من محاكمة إسرائيل على جرائمها، وهو أمر لا نقبله أبداً.

    • هل تصدق الأخبار التي تزعم وصول منتجات تركية إلى الجيش الإسرائيلي؟

    تجري حملة سوداء ضد تركيا في المنتديات الدولية، ورغم أن هذه الجهات لا تتورط في الأزمة مع إسرائيل، إلا أن هدفها الحقيقي هو التشويه وإثارة الرأي العام ضد حكومتنا، وتلك الجهات تتلقى دعمًا من متعاونين يخدمون مصالحها في هذه الحملة الإعلامية.

    والحقيقة أن ادعاءات وصول منتجاتنا إلى الجيش الإسرائيلي هي كذبة صريحة؛ حيث كشف مركز مكافحة التضليل الإعلامي التابع لدائرة الاتصال برئاستنا هذه الافتراءات المغرضة التي تستند إلى معلومات زائفة ومقاطع فيديو قديمة تم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

    لذا، فلنترك جانبًا ادعاءات الجيش الإسرائيلي ولنركز بدلًا من ذلك على الجهود الإنسانية التي قدمتها تركيا، حيث وصلت إمدادات المساعدات الإنسانية إلى غزة بكميات كبيرة حتى الآن.

    أذكر مجددًا أولئك الذين يحاولون استهداف تركيا بمعلومات مضللة، بأن تركيا كانت دائمًا الداعم الأقوى والأكثر تأثيرًا وثباتًا ضد جرائم الإبادة التي ترتكبها إسرائيل.

    نحن على وشك اتخاذ خطوة هامة أخرى، وبحسب وزير خارجيتنا هاكان فيدان، ستنضم تركيا إلى الدعوى المقدمة من جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية، وستستمر تركيا في متابعة هذه القضية بكل إمكانياتها حتى يتم إثبات جرائم إسرائيل ومحاسبتها أمام المحاكم الدولية.

    في الصورة: أردوغان (يمين) يجتمع مع محمود عباس (وسط) وإسماعيل هنية لتنسيق العمل الفلسطيني (الأناضول)
    • أثارت زيارة إسماعيل هنية إلى تركيا ولقاءه بأردوغان ضجة كبيرة في وسائل الإعلام العالمية.. فأي نتائج ستنجم عن هذا الاجتماع؟ وهل ستؤدي إلى تغير في وقف العدوان على غزة؟

    قدم الرئيس أردوغان تعازيه لإسماعيل هنية لفقدانه لأبنائه وأحفاده جراء الهجمات الإسرائيلية قبل الاجتماع. ويجب ألا ننظر إلى تركيا بمفردها بل كأحد أفراد الأسرة الفلسطينية التي تسكن في غزة ونابلس والقدس ورام الله وبيت لحم، والمدن الأخرى في فلسطين.

    أظهر رئيس الجمهورية بعد الاجتماع أن تركيا وفلسطين كاللحمة والمسمار، وقد أدان الجرائم الإسرائيلية بصوت عالٍ أمام الرأي العام العالمي. وقد كرس الكثير من وقته منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول للعمل على حل هذا الأزمة، وأثناء اللقاء مع هنية تم التناول للمواضيع المتعلقة بإعادة إحياء وقف إطلاق النار.

    توقف الهجمات الإسرائيلية على فلسطين هو المحور الأهم في جدول أعمال الرئيس أردوغان، وستظهر النتائج تباعًا من خلال التغييرات المتّجهة بسرعة نحو تحسين الوضع في المنطقة

    جهود الرئيس لا تنحصر فقط في لقاءه مع قادة حركة حماس، بل هي جزء من سلسلة نشطة من الجهود الدبلوماسية والمفاوضات مع قادة العديد من الدول في العالم.

    تركيا تعمل جاهدة من أجل وقف المجازر في فلسطين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة تحتفظ بسيادتها على أسس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لأن هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

    • كان التطبيع مع دول المنطقة من أبرز المواضيع التي شغلت اهتمامات الرئيس أردوغان وتصريحاته مؤخرًا، فهل تغيرت الأولويات بسبب نتائج الانتخابات المحلية؟

    قبل كل شيء، يجب أن نوضح بصراحة أن الانتخابات التي جرت في تركيا في 31 مارس/آذار الماضي كانت لاختيار رؤساء البلديات والهياكل المحلية، وبالتالي لن يؤثر نتائج هذه الانتخابات على السياسة الخارجية التي يقودها ويشرف عليها الرئيس.

    تتمحور السياسة الخارجية التركية حول أهداف رئيسية تتمثل في:

    1. إقامة منطقة سلام وأمان في المنطقة.
    2. تعزيز العلاقات الودية مع دول المنطقة استنادًا إلى المصالح المشتركة والتبادل الفعّال.

    قد تؤدي التطورات الدولية والإقليمية في بعض الأحيان إلى تأخير تحقيق هذه الأهداف، وقد تلزمنا باستخدام وسائل مختلفة. كما يمكن لسياسات وأنشطة القوى العالمية تعقيد تحقيق هذه الأهداف.

    الانتخابات التي جرت في تركيا في 31 مارس/آذار الماضي كانت لاختيار رؤساء البلديات والهياكل المحلية، ولن تؤثر على السياسة الخارجية الرئيسية التي يقودها الرئيس

    تركيا لم تتخل عن أهدافها رغم التحديات، وظلت ملتزمة بالمبادئ التي أعلنتها منذ فترة. ورغم الصراعات الإقليمية والتوترات الدولية، أعلن الرئيس قبل أربع سنوات: “سنزداد عدد أصدقائنا”.

    في هذا السياق، تم ممارسة “الدبلوماسية الإيجابية” مع دول المنطقة، وبمساعينا وبفضل نضج الأوضاع، تحسنت العلاقات مع الدول التي كانت تعاني من التوترات المستمرة بشكل كبير.

    تتمثل رؤية تركيا الإقليمية في أهداف واضحة ومقترحات ملموسة، وهذا ما لفت الانتباه.

    إليه عند اعتبار تركيا كـ”عنصر تثبيت” في الإقليم.

    تتمثل جوهر مبادرات تركيا والمقترحات التي تُطرحها دومًا في ضمان الثبات والأمان، سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي؛ حيث تنصب جهودها في الإصلاحات الدوليّة ومحاربة الإرهاب، وفي إدارة قضايا اللاجئين وتحقيق الاستقرار في المناطق المتنازع عليها. وحتى عندما تحتاج تركيا لاستخدام السياسات القسرية والتعاون العسكري، فإن هدفها يكمن في تحقيق الأمن والثبات، دون تدمير.

    • هل وُصِلت العلاقات مع مصر إلى مرحلة التطبيع بزيارة الرئيس أردوغان؟ وهل سيقوم الرئيس المصري بزيارة أنقرة قريبًا؟

    في ختام الحوار والمناقشات التي جرت مؤخرًا في إطار التحالف المتبادل لتطوير العلاقات بين تركيا ومصر، واللذين يتسمان بروابط تاريخية عميقة وثقافية، تم توفيق تعيين سفراء مشتركين في العام الماضي، وشكلت هذه العملية مرحلة جديدة.

    وبعد زيارة الرئيس أردوغان إلى القاهرة في 14 فبراير/شباط الماضي، تم استكمال عملية التطبيع ودخلت العلاقات بين البلدين مرحلة جديدة، وبتوقيع البيان المشترك خلال تلك الزيارة تم الإعلان عن إعادة هيكلة مجلس التعاون الاستراتيجي العالي المستوى بين البلدين برئاسة الرئيسين.

    تم التأكيد على الإرادة السياسية لتطوير العلاقات بين البلدين في جميع المجالات على أعلى المستويات.

    مصر تلعب دورًا بارزًا في استقرار المنطقة وأمانها، ومن الضروري تعاون تركيا ومصر، خاصة في وقف العدوان الإسرائيلي وتنفيذ حل دائم وعادل في فلسطين

    تم التوافق على عقد اجتماع لمجلس التعاون الاستراتيجي العالي المستوى خلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتركيا خلال الأشهر المقبلة.

    وكما أشارت التصريحات خلال زيارة الرئيس التركي، إن العلاقات بين تركيا ومصر -باعتبارهما لاعبين أساسيين في المنطقة- هامة لمصلحة البلدين، ولتعزيز الاستقرار وتحقيق السلام والهدوء في المنطقة.

    تتداخل وجهات نظر البلدين بشأن العديد من القضايا الإقليمية، وتلعب مصر دورًا مهمًا في استقرار المنطقة وأمانها، وخاصة في قضية فلسطين. ومن الضروري التعاون بين البلدين، بخاصة في وقف العدوان الإسرائيلي وتنفيذ حلا دائمًا وعادلا في فلسطين.

    سوف يتم تحديد موعد زيارة الرئيس السيسي لبلادنا بعد الانتهاء من تجهيزات اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي

    وخلال زيارة وزير الخارجية المصري إلى بلادنا يوم 20 أبريل/نيسان الماضي بدعوة من وزير خارجيتنا هاكان فيدان، تم اتباع قضايا مثل الاقتصاد والتجارة والطاقة والدفاع وغيرها، التي تشكل جدول أعمال العلاقات الثنائية لدينا، وتم مناقشة التحضيرات لمجلس التعاون الاستراتيجي العالي المستوى من جوانب مختلفة، وتم تبادل الآراء حول القضايا الإقليمية، مثل فلسطين وليبيا والسودان والصومال.

    وفي هامش اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي العالي المستوى، نواصل جهودنا لإبرام سلسلة من الاتفاقيات التي تعزز الأسس التعاقدية للعلاقات بين البلدين، مع مراعاة الاحتياجات الحالية، وسيتم تحديد موعد زيارة الرئيس السيسي لبلادنا بمجرد الانتهاء من التجهيزات لعقد اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي.

    • تقوم تركيا بمحاربة التنظيمات الإرهابية، وخصوصًا “بي كي كي” منذ سنوات، فهل ستحقق تركيا تقدمًا في هذه المسألة قريبًا؟

    تعتبر حرب تركيا ضد “بي كي كي” (حزب العمال الكردستاني) قد تجاوزت الأربعين عامًا، وتُظهر النتائج التي حققتها في تعطيل الإرهاب والتنظيمات الإرهابية بفضل استراتيجية جفاف الإرهاب من مصادره، والتي أعلن عنها رئيس الجمهورية في عام 2016، وتستمر في توضيحها وتنفيذها بانتظام، وقد كانت مكونات هذه الاستراتيجية موجهة نحو هدف محدد، وأدواتنا وأساليبنا كانت فاعلة.

    وقد أصبح التنظيم غير فعال إلى حد كبير داخل حدود البلاد، وتم التوصل إلى هذه المرحلة بفضل تطوراتنا الصناعية في مجال الدفاع، وخبرتنا في محاربة الإرهاب، وجمع جهود قواتنا الأمنية وتضحياتها.

    • هل تحقق تركيا أهدافها العسكرية في شمالي العراق وسوريا؟ وإلى أي حد سيظل الوجود العسكري التركي هناك مستمرًا؟

    تتيح التطورات الإقليمية -للأسف- أرضية خصبة للجماعات الإرهابية، مما يزيد من فاعليتها، وفي الوقت نفسه يضطر تركيا إلى محاربة الإرهاب بشكل شامل خارج حدودها.

    لم تكن تركيا مستهدفة مباشرة من “بي كي كي” وحده، بل كانت هدفًا للعديد من الجماعات التي تتعاون مع هذا التنظيم وجماعات أخرى مثل “داعش” (الدولة الإسلامية)، وما زالت هذه الجماعات تستهدفها، ولكن تمكنت تركيا من تأمين حدودها بفضل استراتيجية مكافحة متكاملة وضحت بها مؤخرًا.

    تخوض بلادنا معركة ضد العديد من الجماعات، بما في ذلك بي كي كي و”داعش” في الأراضي العراقية والسورية في إطار الدفاع عن النفس، وبالتالي فإن التواجد والنشاط العسكري التركي داخل حدود تلك الدول لا يشكل خرقًا للحدود أو تدخلا في وحدتها أو مصالحها، بل بالعكس، يمكن لتواجدنا ضمن إطار القانون الدولي أن يساعد هذه الدول في الحفاظ على وحدتها الإقليمية وسلامتها.

    ألطون: تركيا هي الدولة التي تحارب الجماعات الإرهابية بمفردها، وطالما تستمر تهديدات تلك الجماعات لتركيا وجيرانها، سنواصل سياستنا الحالية بثبات.

    سياستنا الأساسية -التي لم تتغير- تأتي من تصريحات رئيس الجمهورية حول عدة مواضيع في العراق وسوريا، حيث تبرز الأولوية التي تضعها تركيا على الحفاظ على وحدة الأراضي واستقرار المؤسسات في تلك الدول. لولا جهود تركيا النشطة في مواجهة بي كي كي و”داعش”، لكان لتلك الجماعات تأثير أكبر في تلك الدول.

    على ذكر، تشترك تركيا ضمن التحالف الوحيد في مواجهة الجماعات الإرهابية، وطالما تستمر التهديدات من تلك الجماعات لتركيا وجيرانها، سنبقى على موقفنا بحزم.

    في أعقاب “اتفاق التعاون في مشروع مسار التنمية” الذي تم التوقيع عليه خلال زيارة الرئيس أردوغان إلى العراق، استخدم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عبارة “وافقنا على التعاون الأمني الذي سيضمن استقرار تركيا والعراق”، وتعتبر هذه العبارة إشارة إلى التأييد المتزايد لتركيا في المنطقة في سياق مكافحتها للإرهاب.

    توقيع اتفاقية مشروع “طريق التنمية” الذي يعد جسرا يربط بين الخليج العربي وأوروبا (موقع رئيس مجلس الوزراء العراقي)
    • ما تأثير زيارة الرئيس أردوغان إلى العراق؟

    خلال زيارة رئيسنا للعراق -التي تعد الأولى منذ 13 عامًا- تم توقيع 26 اتفاقًا ثنائيًا يغطي مختلف جوانب العلاقات بين البلدين، بما في ذلك الأمن ومكافحة الإرهاب، والتجارة والاقتصاد، والنقل، والطاقة، والبيئة والزراعة. بالإضافة إلى إتمام اتفاقية رباعية بين العراق وتركيا وقطر والإمارات في إطار مشروع الطريق التنموي.

    في هذا السياق، ينبغي التركيز بشكل خاص على اتفاقية الإطار الاستراتيجي، التي تمثل الخارطة الطريقية للعلاقات المستقبلية بيننا، ومن خلال هذه الاتفاقية تُنشأ لجان دائمة مشتركة مع مجموعة التخطيط المشترك لمناقشة مواضيع متنوعة ذات صلة بهذه العلاقات.

    تم توقيع 26 اتفاقية ثنائية تغطي جوانب عدة في علاقاتنا خلال زيارة أردوغان للعراق

    وهكذاتم اعتماد خطوة استراتيجية لضمان تتأكد علاقتنا مع العراق من هيكلية مؤسسية ومستدامة لن يؤثر عليها التقلبات المفاجئة، وتحصل على هوية تنتج نتائج قابلة للقياس، وموافقون مع العراق على ضرورة تنفيذ هذه الاتفاقيات بشكل فعّال والمضي في علاقتنا الثنائية.

    كانت قضية المياه أيضا ضمن الأمور المُلحة في أجندة الزيارة، ومن أجل تعزيز التعاون المستدام مع العراق على أسس منطقية وعلمية في مجال المياه، تم بالفعل تشكيل اللجنة الثابتة المشتركة وعُقد اجتماعها الأول في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

    قد تأثرت دول المنطقة بشكل سلبي من جراء الجفاف الخطير الذي شهدته خلال السنوات الأخيرة نتيجة تغير المناخ، بما في ذلك تركيا؛ لذلك، فإن الاستخدام الفاعل والمستدام لموارد المياه المحدودة يُعتبر ضرورياً.

    في هذا السياق، نحن على استعداد لتقديم كافة أشكال الدعم للعراق من خلال تنفيذ مشاريع مشتركة لتطوير البنية التحتية للمياه وتحسين إدارتها في العراق.

    مشروع “طريق التنمية” مبادرة بارزة للغاية على المستويين الإقليمي والعالمي لأنه يعتبر جسراً بين الخليج العربي وأوروبا، وتلعب تركيا دوراً موحداً بين الشرق والغرب.

    كما تمثل مبادرة “طريق التنمية” بنداً مهماً آخر خلال زيارة الرئيس أردوغان، وتم التوقيع خلال الزيارة على مذكرتي تفاهم:

    • “ثنائية” بين بلادنا والعراق بشأن التعاون في مشروع الطريق التنموي.
    • “رباعية” مع مشاركة قطر والإمارات.

    وهكذا، أكدنا مجدداً الدعم القوي الذي نقدمه للعراق ضمن إطار هذه المبادرة الاستراتيجية.

    من خلال مذكرة التفاهم الرباعية، سجلنا تصميمنا على المضي قدماً في المشروع استناداً إلى “الملكية الإقليمية”. وفي هذا السياق، نشجع دول المنطقة الأخرى على المشاركة في المشروع.

    تُعتبر مبادرة “طريق التنمية” مهمة جداً على المستويين الإقليمي والدولي لأنها تعتبر جسراً بين الخليج العربي وأوروبا، وتلعب تركيا دوراً موحداً بين الشرق والغرب.

    أعرب رئيس الوزراء العراقي بوضوح عن تقديره لهذا التطور، وأكد أننا في انتظار إعلان “بي كي كي” بشكل رسمي كتنظيم إرهابي وإنهاء وجوده في الأراضي العراقية. إذا لم يتم تصدّي للإرهاب، فلن يكون من الممكن التقدم في خطوات التطوير والمشاريع الاستراتيجية للبنية التحتية، ونعتقد أننا سنحقق ذلك بالتعاون مع شركائنا العراقيين.

    إجمالاً، الجهود التي بذلتها تركيا قبل هذه الزيارة والاتفاقيات الموقعة أثناء الزيارة توفر بيانات واضحة حول رؤية تركيا لإقامة حزام سلام حولها، وعن العلاقات المتبادلة مع دول الجوار ودورها في تحقيق الاستقرار.

    وفي هذا السياق، ينبغي تقييم زيارة الرئيس أردوغان إلى أربيل بعد قمة بغداد في إطار الغرض والسياسة نفسهما، حيث تم توجيه رسالة إلى الإدارة هناك بعزم تركيا على محاربة الإرهاب، وذكر الرئيس أردوغان لحكومة الإقليم بأهمية مكافحة الإرهاب مشتركة من أجل ضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي في العراق والمنطقتنا.

    تعهدت تركيا باتخاذ جميع الخطوات الممكنة مع كل الأطياف التي تؤيد عدم إقامة دولة إرهابية على حدودها.

    • يبدو أن الدعم الأميركي لتلك التنظيمات مستمر، هل هناك حوار مع واشنطن حول هذا الموضوع؟

    لا يخفى على أحد أن لدينا وجهات نظر متباينة مع الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بوجود “بي كي كي” في سوريا وعلاقتها مع هذا التنظيم الذي تحاول الولايات المتحدة تغيير اسمه. لقد قدم رئيس الجمهورية والجهات المعنية تصريحات مستندة إلى بيانات وفي عدة مناسبات حول طبيعة هذه الأمور، وذلك ناقشناه علناً وفي الاجتماعات الخاصة أيضاً بخصوص هذه الواقعة.ملائم للتحالفات في حلف شمال الأطلسي، ويمكن أن تتعرض هذه التحالفات للتهديد.

    وبالرغم من إعلان الولايات المتحدة عن تقديم هذه المساعدات لمحاربة “داعش”، إلّا أننا نؤكد على أن مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تتم من خلال سياسة دعم تنظيم إرهابي ضد آخر، وأن هذا السيناريو قد يعرض الاستقرار الإقليمي للخطر، ونحن بصفتنا شركاء في حلف شمال الأطلسي، نتوقع من الولايات المتحدة اتباع سياسة تعبّر عن روح التحالف عمليا.

    ألطون: زيارات الرئيس أردوغان (يمين) إلى الخليج مهدت الطريق أمام التقارب والتعاون بين تركيا والدول الخليجية (الأناضول)
    • هل انتهى التوتر بين تركيا وبعض دول الخليج بعد جولات أردوغان في المنطقة؟ هل يمكن توقع المزيد من التعاون، على سبيل المثال في مجال الدفاع؟

    تولي تركيا أهمية كبيرة لعلاقاتها مع الخليج، وتدير هذه العلاقات على أساس الاحترام والمصالح المشتركة والتعاون من خلال آليات مشتركة، وينبغي تقييم علاقات تركيا مع دول الخليج وفقًا للمبادئ والتطورات الإقليمية.

    أردت أن أعلق على النقاط التالية:

    • تواصلنا الدبلوماسي مع دول الخليج رغم التحديات الحاصلة في المنطقة.
    • زيارات الرئيس أردوغان للخليج أعطت دفعًا للتقارب والتعاون، وهو أمر يحظى بأهمية كبيرة لدينا.
    • دعوة رئيسنا لحضور قمة دول الخليج في الدوحة عام 2023 تعكس مستوى العلاقات بيننا بشكل جوهري.
    • يستمر التعاون مع الخليج، حيث تم تشكيل مجلس استراتيجي مع الإمارات، وتعمل لجنة عليا بفاعلية مع قطر، وهناك جهود لاجتماع مجلس التنسيق التركي السعودي.
    • استئناف المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا ودول الخليج.

    أظهرت هذه الجهود استمرارية وتقدما في العلاقات، وتم وضع إطار لتنفيذ الاتفاقيات على مستوى القادة، وتم التوقيع على اتفاقيات تعاون في عدة مجالات، من الدفاعية إلى الاتصالات ومن السياحة إلى التجارة والاستثمار، وحان الوقت لتحويل هذه الاتفاقيات إلى فعليات، وستتم هذه الخطوة وفق الإمكانيات والحاجات المشتركة.

    • هل يمكن أن تتحول العلاقات الإيجابية بين تركيا واليونان إلى تبادل اقتصادي وتعاون في شرق البحر المتوسط؟

    هناك تواصل مستدام بين تركيا واليونان بسبب موقعهما الاستراتيجي، ورغم وجود بعض الخلافات، إلا أننا نعتقد أنه يمكن تجاوزها.

    المفاوضات الإيجابية التي جرت بين الرئيس التركي ورئيس الوزراء اليوناني في أثينا عام 2023، وتوقيع “إعلان أثينا للعلاقات الودية والسلام”، لها تأثيرات إيجابية متعددة الجوانب، وبالإضافة إلى العلاقات السياسية، هناك تقدم في المجالات الثقافية والسياحية.

    يستفيد السياح الأتراك من الزيارات لليونان لمدة 7 أيام بدون تأشيرة

    السياح الأتراك يحظون بفرصة زيارة اليونان لمدة 7 أيام بدون تأشيرة، مما يؤكد على تأثير العلاقات المتزايدة بيننا بشكل إيجابي على حياة الناس، وبالتأكيد سيكون لهذا تأثير ايجابي على الاقتصادين اللذين يعودون على مواطنيهم.

    وفيما يتعلق بالبحر الأبيض المتوسط، فإن سياسة تركيا دائما ما تحترم القانون وحقوق الجيران في هذه المنطقة، وتعتمد على مبادئ مهمة:

    • الأول- ترسيخ الحدود البحريةبحسب القانون الدولي وحماية الحقوق في السواحل، وتبنى القيمة الأصيلة لعدم انتهاك حقوق الدول في مواردها الطبيعية، وتجري تركيا دراسات للاستزادة من محتوياتها الطبيعية.
    • في الثاني- نظن أن شرق البحر المتوسط يعتبر أيضًا فرصة رئيسية لتقوية العلاقات بين تركيا واليونان.

    دعت تركيا اليونان إلى المفاوضات مباشرةً منذ بداية هذه الأحداث، وقدم الرئيس أردوغان اقتراحًا لاستضافة مؤتمر دولي لمناقشة هذا الأمر وتقييم الفرص بطريقة عادلة ومتساوية.

    وفي هذا البيان، يُسرني أن تكثف الجهود الدبلوماسية بين تركيا واليونان في الفترة الحالية، وتظهر صورة أوضح عن الموقف عندما يزور رئيس الوزراء اليوناني أنقرة.

    • هل تُعتبر الصراعات الروسية الأوكرانية أزمة لتركيا، وهل تؤثر على العلاقات التركية الأوروبية؟ وماذا ستفعل تركيا إذا تدخل حلف شمال الأطلسي في هذه الصراعات؟

    هذا السؤال يتطلب إجابة مفصلة إلى حد ما، ولكن للبسط سأبدأ من نقطة حاسمة:

    • النهج الذي اتبعته تركيا في التعامل مع العديد من التحديات التي نشأت حديثًا سواء على الصعيد الإقليمي أو العالمي كان دائمًا يتماشى مع مواقفها وقيمها.

    هذه القيم تتضمن تعزيز الاستقرار والعدالة والمشاركة بالمساواة في حل المشاكل الإقليمية والعالمية، أو المساهمة في إيجاد حلول لتلك المشاكل بأقصى درجة. في الحقيقة، تم اختبار هذا الموقف الذي تتبناه تركيا في العديد من الأزمات الأخيرة، وأثبت فعاليته بشكل ملحوظ، وحظيت تلك الحلول بتقدير من قبل دول العالم.

    وبهذا السياق، أصبح الرئيس من القادة النادرين الذين يتمكنون من التواصل مع قادة البلدين للبحث عن حلول وسط، وتلقت الجهود التي بذلتها تركيا من أجل تحقيق وقف فوري لإطلاق نار الطرفين تقديرًا عاليًا من دول العالم.

    بالإضافة، فإن تركيا نجحت في تجميع الأطراف على مستوى وزراء الخارجية في فترة كانت حساسة للغاية بين البلدين، وتمت الاجتماعات بين الوفود في إسطنبول، كما أن جهود تركيا ورئيسها فيما يتعلق باتفاقيات ممر الحبوب تُعتبر نجاحات دبلوماسية تاريخية لا يمكن تقديرها بثمن لاستقرار وأمن أوروبا والعالم.

    كل هذا يشير إلى أن الموقف الأساسي لتركيا تجاه تلك الأزمات الخطيرة يُعتبر ذو قيمة لا تُقدر بثمن ليس فقط للهيكل الأمني الأوروبي، ولكن أيضًا للاستقرار والسلام العالميين.

    الرئيس التركي من أقل رؤساء الدول الذين يمكنهم التواصل مع الزعماء في روسيا وأوكرانيا من أجل حل المشاكل، ونجحت جهوده في إعلان وقف لإطلاق النار بين الطرفين بتقدير من العالم بأسره

    ومن غير المحتمل أن تؤثر الأزمة الأوكرانية على العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا؛ بل على العكس من ذلك، تشير جميع الإشارات إلى أن تركيا تعد حليفًا أساسيًا لدول الاتحاد الأوروبي.

    هذا الوضع يُظهر في الوقت ذاته النقاط التالية:

    • بواسطة دبلوماسيتها المعتمدة على التوسط والسلام، تدعو تركيا الأطراف دائمًا إلى الهدوء، وبسبب قدرتها على بناء علاقات وثيقة مع الجانبين الروسي والأوكراني وسياستها الخارجية المتزنة، تحافظ تركيا على قنوات الحوار مفتوحة دومًا، وهذا إنجاز قد لا يتسنى لدولة أخرى تحقيقه.
    • من الآن فصاعدًا، ستقوم تركيا باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان السلام والاستقرار في منطقتها، وذلك مع مراعاة هذا التوازن الهش في الإقليم.
    • نحن على يقين من أن حلفائنا في حلف شمال الأطلسي وأصدقائنا في أوروبا والأطراف المتحاربة يدركون ويحترمون الدور الهام والمتوازن والمستقر الذي تقوم به تركيا من أجل منع تصاعد الأزمات الحالية وتأثيرها على العالم بأسره.
    • هل ستتحول منظمة الدول التركية من تجمع اقتصادي إلى تكتل سياسي شامل يعزز دور تركيا في وسط آسيا؟

    تعزز تركيا العلاقات ليس فقط مع جيرانها بل مع الدول المجاورة لقارتها، بهدف تعزيز السلام والرخاء والاستقرار في منطقتها والعالم.

    المشاركة في منظمة الدول التركية – التي كنا من مؤسسيها – تعكس طموحنا في الحفاظ على العلاقات الدولية بشكل متوازن في جغرافيا تركيا، ويعزز تعاوننافي إطار تنظيم الكتل الدولية التركية، نجد نشاطًا مستمرًا من حيث العناصر السياسية والاقتصادية، وفي ميادين الطاقة والإعلام والثقافة والسياحة بشكل فريد. نحن ندعم تطور الدول الشقيقة في جميع القطاعات، ونعتمد سياسات متباينة من أجل حماية إرثنا وحضارتنا المشتركة.

    وأكد الأمين العام لتنظيم الدول التركية، كوبانيشبيك أومورالييف، بأن “هناك العديد من الهيئات الدولية حول العالم، ولكننا مختلفون، بل وبسبب وحدتنا في الدين واللغة والتاريخ والثقافة، يكون شعوبنا كأخوة”. واستنادًا إلى هذا المنظور، اعتمدنا وثيقة رؤية الكتلة التركية للعالم لعام 2040 لدعم بناء بيئة الثقة بين الدول الأعضاء ورسم مستقبلنا المشترك جنبًا إلى جنب.

    تجذر الجذور المشتركة التي نتشاركها مع الدول الأعضاء في تنظيم الكتلة بمنحنا القوة وزيادة قيمتنا، ونحن بالتالي نسعى بجهد لأداء دور في تقليل الأزمات في المنطقة والحفاظ على استقرارها من خلال استفادتنا من تضافرنا الجماعي وزيادة قيمتنا.

    سنظل في تركيا ملتزمين بالمشاركة في جهود التعاون التي ستقودنا نحو مستقبل متألق مع الدول المعنية، حيث يمكن للشعوب الشقيقة والمتشابهة في العرق والدين العيش في أمان واستقرار، كما سنواصل السعي نحو نمو منظمتنا المشتركة بالوعي الذي جنبناه من تاريخنا.

    أحد الأهداف الرئيسية لعهد وارث الأنباء التركية هو محاربة الإشاعات الضارة وتقديم الدعم والمساندة

    نهدف أيضًا إلى تكثيف تعاوننا مع الدول الأعضاء في تنظيم الكتلة في ميادين الاتصال والإعلام ونشر المعرفة، وتعزيز تبادل المعلومات والخبرات بيننا، بالإضافة إلى استحداث رؤية مستقبلية مشتركة بقيادة وكالة الأناضول في عالم الإعلام التركي.

    وفي هذا السياق، تأسس اتحاد وارث الأنباء التركية خلال الاجتماع الذي نظمته وكالة الأناضول، ومن بين أهدافه الرئيسية محاربة الإشاعات الضارة وتقديم الدعم والمساندة في هذا الصدد، حيث ستجتمع وكالات الأنباء الرائدة في العالم التركي ضمن هذا التحالف لتعزيز قدراتها، وسيؤدي تضافر الجهود إلى نتائج أكثر فعالية في المستقبل.

    من خلال هذه جوانب التعاون، نسعى جاهدين لاستكشاف الفرص والإمكانيات المتاحة في العالم التركي وتقديم ثرواته الاجتماعية والثقافية والتاريخية إلى العالم عبر وسائل مثل الدبلوماسية الثقافية، وسنواصل التعبير عن إرادتنا المشتركة لمواجهة التحديات التي تهدد منطقتنا والعالم التركي، خاصة في مجال محاربة الإشاعات الضارة.

    وفي هذا السياق، أود أن أشير إلى أهمية تنظيم الكتلة التركية ككيان فاعل ليس فقط على الساحة الإقليمية، بل أيضًا على الساحة العالمية.

    • يُثير العديد من التساؤلات موضوع اللاجئين لكونها تعتبر أزمة تركية، لا سيما في فترة الانتخابات، فهل ستؤثر نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة على قضية اللاجئين؟

    الادعاءات والخطابات التي تُزايد بشأن العنصرية أو المشاعر المعادية للأجانب في تركيا ليست بالأساس مُستندة إلى واقع اجتماعي ويجب -بداية- أن ندرك هذا بوضوح.

    تعتمد هذه التصريحات إلى حد كبير على تساؤل: كيف نضرب تركيا بفعالية؟، مستندين إلى شائعات نشرتها مجموعات معينة تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية عن طريق إثارة مشاعر معادية للأجانب بشكل مصطنع، أو من خلال خلق موجة كاذبة من المشاعر المعادية للأجانب.

    نعتقد بقناعة أن من يحاول إنشاء اتجاهات غير متماشية مع ثقافتنا وحضارتنا – كمعاداة الأجانب – عبر محاولات التضليل والتلاعب هو في خطأ شديد.

    ولا تُظهر الهجرة غير النظامية تأثيرًا سلبيًا في تركيا، الدولة التي تحتضن أكبر عدد من اللاجئين في العالم، حيث تمنح العالم درسًا كبيرًا في الإنسانية، بينما تواصل العمل بجد على عودة اللاجئين بحرية بالتعاون مع شركائها.

    تلك شائعات تُنشرها مجموعات معينة تهدف للربح السياسي من خلال خلق تيار مزعوم من المشاعر المعادية للأجانب

    التحدي الأساسي الذي يجب التركيز عليه في هذا الوقت -وأكثر من أي وقت مضى- هو محاربة هجمات التضليل المدبرة والمحاولات التي تشجع الحركات التدميرية والميل للكراهية ضد الأجانب والعنصرية.

    لقد سعينا -في إدارة دائرة الاتصال-في العديد من المواقف، يُكشَف عن موقف تركيا من هذه القضايا، ويُعرب عن ما ينبغي على المجتمع الدولي فعله لمواجهة هذه التحديات. لدينا منشورات دولية واسعة تُخصص بشكل مباشر لهذه المسائل.

    على سبيل المثال، تتضمن منشوراتنا عناوين مثل “النداء التركي للعالم كمين آمن” و”النموذج التركي في المعونات الإنسانية”. تُركز جميعها بشكل خاص على المأساة التي يواجهها المهاجرون وعلى الإجراءات الواجب اتخاذها لمعالجة هذه القضية.

    تم اكتشاف العديد من المحتويات الوهمية من قِبل مركز مكافحة التضليل في رئاسة دائرة الاتصال، ويُلاحظ هذا بشكل خاص في متعلق بالسوريين في بلادنا

    بالإضافة إلى ذلك، نعمل جاهدين على نشر المعلومات المرئية التي نُعِدّها بعناية بلغات مُتعددة لإعلام الرأي العام المحلي والدولي بشكل دقيق. نظرًا لأهمية البيانات الصحيحة، نقوم بالرد السريع على محاولات التضليل.

    وفي هذا الإطار، اكتشف مركز مكافحة التضليل في رئاسة دائرة الاتصال محتويات زائفة عديدة، وبشكل خاص فيما يتعلق بالسوريين في بلادنا. قام بمشاركة الحقائق مع الرأي العام المحلي والدولي؛ ونتيجة لذلك، تركيا – سواء كحكومة أو شعب – ليست دولة تلتزم بتحديد سياستها من خلال محاولات بعض العملاء الخادعين أو الأشخاص الضعفاء أو على حسابات سياسية رخيصة.

المصدر: الجزيرة



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version