المسلمون الذين اكتشفوا أمريكا يتطلعون الآن للاحتياجات السياسية في عهد ترامب
<
div class=”محتوى-المقال” aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>بمناسبة الأحداث الحالية التي تشهدها الولايات المتحدة من جراء الانتخابات وتأثير سياسة ترامب على المسلمين وغيرهم، فإن الذهاب إلى أعماق التاريخ يكشف عن الدور الهام الذي لعبه المسلمون في تأسيس وجود أمريكا، سواء من خلال رحلاتهم في اكتشاف العالم الجديد، أو من خلال التقدم العلمي الذي ساهم في تمهيد الطريق للمكتشفين الأوروبيين للوصول إليها.
الكثير من الجغرافيين يعتقدون بوجود تواصل مع القارة الأميركية قبل اكتشاف كريستوفر كولومبوس، وما زال الباحثون يناقشون هذا الأمر منذ القرن العشرين: من هو المكتشف الحقيقي لأمريكا؟
على الرغم من الأدلة القوية التي تشير إلى ريادة المسلمين في هذا المجال، مثل شهادة كولومبوس نفسه بأنه رأى مسجداً على الشاطئ الأمريكي، إلا أن بعض النظريات الغربية تحاول منح الفضل للفايكنغ أو حتى الصينيين، في حين تشير الوثائق الصينية إلى ريادة المسلمين في الكشف عن أبعاد جغرافية جديدة، بما في ذلك اكتشاف القارة الأمريكية.
في هذا الإطار، سوف نستعرض أبرز الأدلة والشواهد التي توصل إليها الباحثون حول تأثير المسلمين في اكتشاف أمريكا ومدى تأثير علومهم على التقدم الغربي.
دور الملاحين العرب
في دراسة أجرتها جامعة فرانكفورت غوته عام 2012 بعنوان “اكتشاف البحارة المسلمين للقارة الأمريكية قبل كريستوفر كولومبوس”، يُشير الباحث فوات سيزجين إلى أن هناك توافقاً بين الدارسين على وجود رحلات بحرية إلى العالم الجديد قبل كولومبوس، مع دلائل تشير لوصول بعض هذه الرحلات إلى القارة في أوائل القرن الخامس عشر. لكن يستمر النقاش حول من كان قادراً على القيام بتلك الرحلات في ذلك الوقت.
يعتقد بعض الدارسين مثل أرماندو كورتيساو أن البحارة البرتغاليين هم من اكتشفوا القارة، بينما ينفي آخرون هذا الرأي ويؤكدون أن الأوروبيين لم يكن لديهم خبرات كافية في الملاحة في ذلك الوقت.
أيضاً، يذكر جافين مينزيس في كتابه “1421: عام اكتشاف الصين للعالم الجديد” أن الصينيين وصلوا إلى أمريكا خلال تلك الفترة، لكنه يسلط الضوء على أن الفضل يعود في الأساس إلى الملاحين العرب، الذين أسسوا تقنيات الملاحة الدقيقة بما في ذلك تحديد خطوط الطول والاهتمام بالأوقات، وكانوا نشطين في المحيط الهندي، الذي كان تحت سيطرة الدولة الإسلامية.
بالإضافة إلى ذلك، المطالبات تشير إلى أن الخرائط التي استخدمها الأوروبيون في استكشافهم لأمريكا قد تكون مستمدة من الخرائط الإسلامية، خصوصاً تلك التي وضعها الجغرافي العربي أبو الفداء، والتي ضمت مناطق لم تُكتشف من قبل الأوروبيين إلا بعد مضي 300 عام.
تعزز هذه الدراسة كيف أن الإنجازات المذهلة للجغرافيين المسلمين في القرن الرابع عشر في علم الخرائط والفلك ساهمت في تطوير أساليب دقيقة لرصد السماء ورسم الخرائط، مما أسهم في نقل المعرفة وتحرر الفكر الجغرافي إلى عصور لاحقة.
## دراسات تؤكد على اكتشافات المسلمين السابقة
تشير عدة دراسات بحثية إلى ممارسات قبيل كريستوفر كولومبوس فيما يتعلق بالتواصل بين سكان العالم القديم والعالم الجديد. من بين هذه الأعمال أنثروبولوجية تناولها ليون وينر بعنوان “أفريقيا واكتشاف أميركا”، وكذلك دراسة إيفان فان سيرتيما تحت عنوان “لقد جاؤوا قبل كولومبوس”.
وتتفق هذه الدراسات على أن معظم الاتصالات التي حصلت بين العالمين تم بطريقة غير منظمة، لكنها تؤكد أيضًا على أن اكتشاف القارة الأمريكية لم يكن ليحدث بدون الخبرات المعرفية التي كان يتمتع بها المسلمون في مجالات صناعة السفن وتقنيات الملاحة ورسم الخرائط.
خريطة العالم الإسلامية
أولى الخطوات نحو الخرائط الحديثة كانت من إنجاز الجغرافيين العرب، حيث تم تنفيذ أول خريطة للعالم بأمر من الخليفة العباسي المأمون في القرن التاسع الميلادي. وقد شملت هذه الخريطة تفاصيل معالم الأرض والمحيطات واستمر العلماء المسلمون في تطويرها، أبرزهم الإدريسي الذي قام بتقديم “خريطة الإدريسي” المعروفة.
البيروني واكتشاف العالم الجديد
في عام 2012، نشرت صحيفة “كورييه إنترناسيونال” دراسة تؤكد أن العالم المسلم أبو ريحان البيروني، الذي عاش في القرن الحادي عشر، قد يكون قد اكتشف أمريكا بفضل إسهاماته الكبرى في علوم الفلك والعلوم الرياضية. يُعتبر البيروني واحدًا من أعظم العلماء في زمنه، وحقق إنجازات متعددة بما في ذلك حساباته الدقيقة المتعلقة بعرض الأرض وطولها.
تظهر الدراسة أن البيروني كان مستكشفًا بارعًا، وقد قام برحلات متعددة وحصل على معلومات دقيقة حول جغرافيا البلدان التي زارها، مما ساعده في وضع تقديرات دقيقة لمحيط الأرض.
نظرية القارة المفقودة
توصل البيروني، بحسب دراسات حديثة، إلى وجود قارة غير معروفة بالنسبة له قد تكون جوهرية لتوازن الأرض. ووجد أن الكتلة الأوراسية لا تمثل سوى خمسة في المئة من الكرة الأرضية، مما يعزز فكرة وجود أراضي غير مكتشفة.
استنتج البيروني في عام 1037 أن العالم، إذا كان مغطى بهذه الكمية الكبيرة من المياه، فسيكون عرضة لعدم التوازن، مما يشير ضمنيًا إلى الحاجة إلى قارات إضافية.
تُظهر هذه الاكتشافات الرائدة للبيروني أهمية الفكر العربي في الإسهامات العلمية الخاصة بالملاحة واستكشاف العالم، حيث كانت أفكاره رائدة وسبقت عصره بنحو خمسة قرون قبل اكتشاف كولومبوس للعالم الجديد.
تاريخ المسلمين في أميركا قبل كولومبوس
في تحقيق نشرته صحيفة “ليبيراسيون” الفرنسية في مايو 2019، تم تناول تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي زعم فيها أن المسلمين وصلوا إلى أميركا عام 1178، أي قبل كريستوفر كولومبوس. وكانت الصحيفة قد سعت إلى دحض هذه الادعاءات، مستشهدة برأي كولومبوس الذي ربما قال إنه رأى بناءً يشبه المسجد.
وأكد الباحثون الذين تواصلت معهم الصحيفة أن المسلمين زاروا أميركا قبل كولومبوس، لكن الجدل يدور حول تفاصيل تلك الرحلات. كما أشاروا إلى أن عام 1178 هو نفسه العام الذي صدرت فيه وثائق صينية تشير إلى رحلات لملاحين مسلمين قد تكون في القارة الأميركية.
الرحلات الاستكشافية الإسلامية
أشار المؤرخون إلى رحلات عديدة قام بها أندلسيون وغيرهم عبر المحيط إلى الغرب. فالمؤرخ علي بن الحسين المسعودي في كتابه “مروج الذهب” ذكر أن عرباً أندلسيين أبحروا من قرطبة في نهاية القرن التاسع. وأيضاً، ذكر المؤرخ الإدريسي قصصاً عن رحلات فاشلة لم تُستكمل.
ومن جهة أخرى، تطرق ابن فضل الله العمري في كتابه “مسالك الأبصار في ممالك الأمصار” إلى رحلة قام بها سلطان مالي محمد بن أبي بكر عام 712 هـ، حيث ركب أسطولاً كبيراً باتجاه المحيط.
الأدلة على الوجود الإسلامي في أميركا
تختلف الآراء حول نجاح بعض هذه الرحلات في الوصول إلى أميركا. يشير عالم الأنثروبولوجيا الأميركي إيفان فان سيرتيما إلى وجود أدلة على وصول أسطول مالي إلى فلوريدا والمكسيك، حيث تواصل الأفراد مع السكان الأصليين.
كما أن كولومبوس في مذكراته تحدث عن لقاءات بأشخاص سمر عند وصوله لأميركا، ووجود إشارات إلى الثقافات الأندلسية في ملابس السكان.
لا ننسى كذلك اكتشاف أطلال مساجد ومآذن مزينة بنقوش قرآنية في مناطق مختلفة من أميركا، وهو ما يعزز فرضية وجود حملات إسلامية مبكرة.
التداعيات على الوجود الإسلامي
رغم الأدلة التاريخية على الوجود الإسلامي في أميركا، واجه هؤلاء المسلمين محاكم التفتيش الإسبانية التي تسعى للاستئصال القسري. حيث تم القضاء على وجودهم بسرعة، وتوجيه الجهود لمنع نشر الإسلام في القارة الجديدة.### العمارة الإسلامية وتأثيرها في أميركا
تُشير الباحثة ديانا دارك إلى أن هناك معالم في الولايات المتحدة مستلهمة من أسلوب العمارة الإسلامية، من بينها قبة الكابيتول في واشنطن، والتي ت Remind of القباب الإسلامية المزدوجة التي ابتكرها السلاجقة.
خصائص العمارة القوطية
كما نقَل الإنجليز والفرنسيون العديد من خصائص العمارة القوطية إلى أميركا، وهو نمط معماري ضارب الجذور في التراث الإسلامي وقد انتشر بشكل كبير في أوروبا خلال العصور الوسطى، حيث يتميز بالارتفاع والزخرفة. تظهر هذه الخصائص بشكل واضح في جامعات شهيرة مثل أكسفورد وكامبردج.
الحوار الثقافي وتاريخه
وتخلص الباحثة إلى أن تفاعل الثقافات يكشف عن كافة أشكال الزيف ومحاولات إخفاء الحقائق التاريخية.
أبعاد الحضارة الأميركية
عمومًا، يتفق العديد من الباحثين على أن الحضارة الأميركية، على غرار الحضارة الأوروبية، نمت جزئيًا من بقايا الحضارة الأندلسية الإسلامية، وهو ما أنتج تراثًا حضاريًا غنيًا في عدة مجالات. وقد استفاد الإسبان من هذا التراث أثناء غزوهم للعالم الجديد، الذي هو أميركا الحالية.
تساؤلات المسلمين اليوم
وفي هذا السياق، يواجه المسلمون تساؤلات عديدة حول تاريخهم: كيف كانوا سادة في العالم لمدة ثمانية قرون؟ وما هو دورهم في إنشاء دول جديدة؟ كيف كانت حضارتهم وعلمهم رائدة، وقد ساهمت اكتشافاتهم في تقدم أعدائهم اليوم؟ وما هي المسارات التي سلكوها في الماضي والتي أدت بهم إلى المجد، وكيف انحدروا إلى ما هم عليه الآن؟ وهل هناك أمل في العودة إلى المسارات الصحيحة؟