أراض موريتانيا.. شكوى من غلاء المادة البنائية ودعوات لفتح السوق

By العربية الآن



موريتانيا.. شكوى من غلاء الإسمنت وحملات لفتح السوق

صورة مُميزة
سعر الطن الفردي للإسمنت في بلاد موريتانيا يصل إلى 180 دولارًا، بينما لا يتعدى في بعض البلدان المُجاورة 70 دولارًا (مأخوذة من الجزيرة)
نواكشوط- ينزل الشاب عزيز محمياي إلى الشوارع للمشاركة في مظاهرة تطالب بتخفيض أسعار مواد البناء وتفكيك الاحتكار، وهي حملة انطلقت عبر وسائل التواصل الاجتماعي منذ فترة. ويعبر ذلك عن العزم والإصرار، بينما يشاهد المسن أحمد، البالغ من العمر 68 عامًا، المسيرة التي تجتاح المدينة مرتديًا العلم وحاملًا لافتات الحملة التي أحدثت انقسامًا في نفسه. فقد قضى أحمد عقودًا يدفع فيها 40% من راتبه في الإيجار.مرتبه الشهري.

ويتحدث لقناة الجزيرة نت عن معاناته الطويلة من أجل الوصول إلى ممتلكاته العقارية وبناء مسكن بغض النظر عن ظروفه، وكيف اضطرته الحياة للعيش في منزل ضيق وتهالك مع عائلة تتكون من 6 أفراد، يناضلون من أجل العيش.

يقول أحمد “بسبب نقص العمل وتكلفة الأسمنت، لم أجد فرصة في شبابي لبناء منزل لائق لعائلتي. الآن، أتمنى أن لا يُحرم أبنائي وأحفادي”.

يشكو الموريتانيون منذ سنوات من ارتفاع تكاليف العقارات والإيجارات، وارتفاع drastique في أسعار مواد البناء، بما في ذلك الأسمنت، الذي يصل سعر الطن الواحد منه في موريتانيا إلى 180 دولار، بينما لا يتعدى سعره 70 دولارا في بعض الدول المجاورة.

في نواكشوط وغيرها من المدن الداخلية، تنتشر المناطق العشوائية حيث يعيش الآلاف في منازل حديدية وخشبية، في حين تعمل 5 شركات على صناعة الأسمنت في البلاد.

ووفقًا لإحصائيات البنك الدولي، يفتقر ثلث سكان موريتانيا إلى مأوى لائق.

واقع محزن، حسب عزيز الناشط في الحركة، دفع العديد من نشطاء التواصل الاجتماعي إلى إطلاق حملة للمطالبة بتخفيض أسعار الأسمنت تحت عنوان “تحرير الأسمنت حق وجود”.

حملة في موريتانيا تطالب بتحرير أسعار الإسمنت وتخفيضها (الجزيرة)

احتكار وارتفاع

وفي حين يحمّل بعض النشطاء الحكومة المسؤولية عن الارتفاع الكبير في أسعار الأسمنت، يرى عزيز أن احتكار الأسمنت من جانب بعض رجال الأعمال هو السبب وراء غلاء سعره.

يقول عزيز للجزيرة نت “إن حراكهم سيستمر افتراضيًا وواقعيًا حتى يتم كسر هذا الاحتكار الذي ألحق ضررًا بالمواطن ومنعه من بناء منزل لائق، أو حتى تصل أسعاره إلى أدنى مستوى ممكن”.

وفي مقابلته مع الجزيرة نت، يُقول سيد عثمان ولد الشيخ الطالب اخيار مدير الشركة العربية للخدمات العامة إن سبب غلاء الأسمنت يعود في المقام الأول إلى جشع الشركات المصنعة وهيمنتها على السوق.

ويردد أن قرار شركته باستيراد هذه المادة من الجزائر تسبب في خسارة حوالي 60 مليون أوقية بسبب المشاكل الجمركية في البلاد.

وينص القانون الموريتاني على تنظيم استيراد هذه المادة بشكل يحقق التوازن دون وضع عقبات أمام الاستيراد، ولكن وفقًا لسيد عثمان، “بعض المسؤولين يستغلون نفوذهم لعرقلة حق الاستيراد واتخاذ تدابير حمائية وفقًا لمصلحة منتج ما دون احترام القوانين والأنظمة المعمول بها”.

موقع رسمي

خلال الحملة الشعبية المستمرة منذ أكثر من شهر، صرح وزير الاقتصاد عبد السلام ولد محمد صالح بعد اجتماع مجلس الوزراء: “تشهد تكاليف الأسمنت فعليًا ارتفاعًا في موريتانيا بالمقارنة مع الدول المجاورة، ولكن هذا يعود إلى أسباب موضوعية، بما في ذلك تكلفة الطاقة والمواد المصنعة محليًا مقارنة بالدول المجاورة”.

نفى المتحدث الرسمي باسم الحكومة الناني ولد اشروقة وجود احتكار في موريتانيا، لكن الدولة، وفقًا لقوله، “تحمي الأسمنت المنتج محليًا كأي منتج آخر يتم إنتاجه داخل البلاد بدلاً من استيراده”، مضيفًا أن أي شخص في موريتانيا يستطيع الآن فتح مصنع للأسمنت إذا أراد.

لكن أغلب النشطاء يرون أن ما يُعرف بأنه مصانع في موريتانيا هو في الواقع مراكز تعبئة، حيث يتم استيراد المكون الأساسي في الأسمنت من الخارج، وأن معظم الأسمنت الذي يخضع للتصنيع المحلي غير نقي من ناحية الجودة والوزن.

وفقًا لسيد عثمان، هذه الممارسات قد “أدت إلى تباطؤ وتأخير سرعة تنفيذ المشاريع وانتهاك حق المستهلك في الحصول على سوق تنافسية من حيث الجودة والسعر، وتم تطبيق حماية غير متوازنة، تهدف إلى هيمنة مجموعة على سوق الأسمنت وجني أرباح طائلة على حساب المواطن دون اهتمام بظروفه الاقتصادية”.

توسع في بناء العُروش والكبائن بدل المنازل الإسمنتية في موريتانيا نتيجة ارتفاع تكاليفها (الجزيرة)

تأثيرات اقتصادية واجتماعية

تسبب ارتفاع أسعار مواد البناء في تعطيل العمل في بعض المشاريع والإنشاءات سواء الخاصة أو العامة بسبب ضعف قوة شرائية المواطنين.

ووفقاً لسيد عثمان، فإن ازدياد أسعار الإسمنت “قيّد التوسع في انشاء البنية التحتية، حيث أصبح من الصعب تنفيذ مشروعين، بالإضافة إلى اضطرابات في مواعيد تنفيذ المشاريع وتأخير العديد منها وتآكل ميزانية الدولة نتيجة عمليات الترميم السنوية بسبب الجودة المنخفضة”.

أما تأثيرات الجانب الاجتماعي، فتتمثل في التوسع في بناء العُروش والكبائن بدل المنازل الإسمنتية، حيث أصبحت الطبقة الوسطى غير قادرة على تأمين سكن لائق، فما بال الفقيرة؟! وفقاً لبعض المتابعين.

وفي ظل الظروف السكنية والتحديات التي يواجهها الموريتانيون من الطبقة الوسطى والفقيرة في تأمين السكن، يرون العديد من الخبراء أن الحل يتطلب تشديد المراقبة وتنظيم سوق مواد البناء وفتح الباب أمام رجال الأعمال لاستيراد الإسمنت لتحقيق منافسة في الجودة والأسعار.

المصدر : الجزيرة



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version