أزمة السيولة المالية.. سيف مُسلط على رقاب الغزيين في أوقات الحرب

By العربية الآن



نقص السيولة المالية.. معاناة جديدة لأهالي غزة في زمن الحرب

المتاجر العاملة في دفع الأموال تضع لافتات "لا يوجد سيولة" نظرا لكثرة المترددين عليها
الأهالي يواجهون صعوبات في الوصول إلى السيولة المالية (الجزيرة)
يجد عبد الله إسماعيل نفسه يقضي ساعات طويلة تحت الشمس، أسبوعياً، في طابور يمتد أمام جهاز صراف آلي لأحد البنوك المحلية في غزة. يسعى عبد الله لسحب جزء من مدخراته لمساعدة أسرته في ظل الظروف القاسية التي تسيطر على قطاع غزة بسبب الحرب.

ويقول إسماعيل إنه يضطر لتكرار المحاولة كل أسبوع، مع تجنب حمل نقود أكثر من اللازم حتى لا يفقدها أثناء الغارات أو النزوح، حيث يعيش حالياً في خيمة في دير البلح.

يضيف: “عادةً، أعود دون شيء، إما لأن الأموال نفدت من الجهاز أو أنه يتعطل، أو أكون متعباً من الانتظار”، مشيراً إلى أن عودته بلا نقود تشعر أطفاله بالإحباط.

إسماعيل ليس وحده في هذه المعاناة، إذ يعاني سكان غزة من صعوبة كبيرة في سحب أموالهم من البنوك حيث أُغلقت جميع الفروع منذ بداية الحرب الإسرائيلية في السابع من أكتوبر 2023.

منذ اندلاع النزاع، تعرضت الكثير من المصارف لأضرار نتيجة القصف، كما أُغلقت الفروع ما زاد من تعقيد حياة المواطنين.

تواصل إسرائيل منع دخول الأموال إلى القطاع، مما أدى إلى أزمة حادة في السيولة النقدية، في وقت يواجه فيه الغزيون ظروفاً معيشية صعبة.

المصارف خارج الخدمة

وأكدت سلطة النقد الفلسطينية في بيان سابق أن العديد من فروع البنوك تعرضت للتدمير، مما جعل من المستحيل فتح الفروع المتبقية للقيام بعمليات السحب والإيداع في كافة مناطق القطاع بسبب الظروف الأمنية وانقطاع الكهرباء.

مدنيون يهربون من القصف الإسرائيلي على خان يونس (رويترز)

وأدى هذا الوضع، وفقاً لبيان سلطة النقد، إلى أزمة غير مسبوقة في توفر السعة النقدية بين أيدي الغزيين وفي الأسواق. تفاقمت هذه الأزمة مع خروج معظم أجهزة الصراف الآلي عن الخدمة.

وفي محاولة للتغلب على هذه الأزمة، أطلقت السلطة خدمة الدفع الفوري إلكترونياً في مايو باستخدام التطبيقات البنكية والمحافظ الإلكترونية. لكن الورقة النقدية لا زالت ضرورية في العديد من المعاملات.

استغلال الأزمات

تحدث محمد حماد، وهو موظف في جمعية إغاثية، عن صعوبة تحويل راتبه إلى نقود. يضطر عند استلام راتبه لدفع عمولة كبيرة لسماسرة الكاش، حيث تصل العمولة إلى 14-20%. يقول محمد “الأسعار مرتفعة، وأحتاج لكل قرش، لا يوجد حل آخر”.

تدمير ممنهج

اعتبر الدكتور معاذ العامودي، متخصص في الاقتصاد السياسي، أن أزمة السيولة أداة تستخدمها إسرائيل لخنق الفلسطينيين، كما تكشف عن ضعف المؤسسات النقدية الفلسطينية. وأضاف أنه منذ بداية الحرب، تفرض إسرائيل حصاراً مالياً صارماً على النظام المصرفي في غزة. كما تتعرض البنية التحتية المالية للتدمير، ولم يتبق سوى عدد قليل من الفروع وسط القطاع.

ولم يستغرب العامودي من مدى سرعة تعطل النظام المصرفي، حيث يرتبط كل شيء بالاحتلال واحتياجاته الأمنية. هذه الأزمة تعكس أيضا هشاشة النظام المالي الفلسطيني الذي تخضع فيه المؤسسات للبنك المركزي الإسرائيلي، مما يجعل الحديث عن استقلالية مالية أمراً غير واقعي.

وفقاً لجمعية البنوك الفلسطينية، هناك 56 فرعاً و92 جهاز صرف آلي تعمل في القطاع، لكن لا توجد إحصائيات دقيقة عن وضعها بعد الحرب.

منذ السابع من أكتوبر 2023، أعلنت إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، حملة عسكرية ضد غزة، مما أسفر عن سقوط أكثر من 40 ألف شهيد وجرح 90 ألفاً آخرين، مع دمار واسع النطاق يتسبب في مجاعة. ورغم الاحتجاجات الدولية، تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية، متجاهلة قرارات مجلس الأمن والقوانين الدولية.

تعيش غزة حالة من الدمار العميق مع معاناة كبيرة للسكان، بينما تظل الأوضاع على الأرض دون تحسين، ودون بوادر لحل قريب.

المصدر: الجزيرة



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version