أشكال الفساد المالي خلال فترة حكم دولة المماليك

By العربية الآن



أسباب الفساد المالي في دولة المماليك

التاريخ الإسلامي - إصلاح دولة المماليك
الضرائب في دولة المماليك كانت عبئًا ماليًا على المواطنين وتسببت في أزمات اجتماعية واقتصادية عدة (الجزيرة)

تعددت أسباب الفساد المالي في دولة المماليك، وفي هذا المقال نستعرض اثنين من أبرزها:

إعادة إحياء ديوانَي الخاص والمفرد

أعاد الناصر محمد بن قلاوون إحياء ديوان الخاص عام 727هـ، وكان مسؤولًا عن الأموال السلطانية والموارد الماليات. خصص الناصر لديوان الخاص موارد من بلاد متعددة، بالإضافة إلى جزء من الخراج الزراعي الذي كان يصب في خزينة الدولة.

تولى مسؤولية ديوان الخاص شخص يُدعى ناظر الخاص، الذي أصبح المتحكم الفعلي في مالية الدولة بعد أن أسندت إليه إدارة الخزانة. سمح له الناصر بالتصرف بتلك الأموال دون قيود، كما ذكر المؤرخ ابن إياس، مما أدى إلى خلط الأموال بين خزينة الدولة ومالية السلطان، مما جعل الخزانة تتآكل على مر الزمن. وعلّق القلقشندي على ذلك بقول:”فلما استحدثت وظيفة الخاص صغر أمر الخزانة”.

ظهر الضعف الفاضح في إدارة الأموال بسبب هذا الديوان تكريسًا للفساد المالي، حيث تم تخصيص العوائد من عدة أراضٍ لهذا الديوان، بينما كانت تُصرف الأموال سابقًا لخزينة الدولة، وتحول المسؤول عن الديوان إلى شخص أمّي لا يجيد القراءة والكتابة.

أنشأ السلطان برقوق ديوان الأملاك وأفرد له بلادًا تُعرف بالأملاك، مع تعيين “أستاذدار” ومباشرين، وكان هذا الديوان مخصصًا للسلطان فقط.

استمر الفساد أيضًا في العهد الثاني، حيث قام السلطان برقوق بإعادة إحياء ديوان مماثل سُمي “ديوان المفرد”، مع تخصيص أراضٍ عديدة له، حيث بلغت عدد البلاد المخصصة لديوان المفرد أكثر من 160 بلدًا، ووصل إيراداته في إحدى السنوات إلى 400 ألف دينار و300 ألف إردب من القمح والشعير. كما تم تخصيص بعض موارد الدولة المالية لديوان المفرد.

تولى “الأستاذدار” إدارة هذا الديوان، وعززت سلطاته لدرجة أنه أصبح يتحكم بديوان الوزارة وديوان الخاص، مما أدى إلى استنزاف موارد الدولة لصالحه. كما يقول المقريزي: “ثم تلاشى المال وبيت المال، وذهب اسمه ومسمّاه”.

عند ذكر المقريزي لأقسام أرض مصر، أشار إلى أن إيرادات القسم الأول كانت تجري في ديوان السلطان، والذي يتألف من ثلاثة أجنحة: ديوان الوزارة، ديوان الخاص، وديوان المفرد.

واجه العز بن عبد السلام محاولة السلطان قطز لفرض الضرائب على المواطنين أثناء استعداده لملاقاة التتار في معركة عين جالوت، ونصحه ببيع الحلي التي بحوزتهم وجمع أموال الدولة، وإذا لم تفِ تلك الأموال بحاجات الحرب؛ يجوز لهم فرض ضريبة على الشعب.

زيادة الضرائب

كانت الضرائب خلال فترة المماليك مصدرًا ماليًا ضخمًا أثقل كاهل المواطنين، مما أدى إلى أزمات اجتماعية واقتصادية متكررة، وشجعت بعضهم على التمرد على السلطة وهجرة أراضيهم، حيث كان يفرض على المواطنين ضرائب تشمل جميع جوانب حياتهم، باستثناء الهواء الذي لم يُفرض عليه أي ضريبة.

إذا رغب السلطان في كسب ولاء المواطنين، كان يخفف بعض الضرائب لفترة، وكان هناك فهم فقهي بجواز فرض الضرائب عند الحاجة.

أسباب فرض تلك الضرائب توزعت بين أمرين رئيسيين:

  • الأول: الظروف السياسية داخليًا وخارجيًا.
  • الثاني: نمط الحياة الباذخة التي كان يعيشها بعض السلاطين، مما دفعهم لفرض ضرائب لتأمين نفقاتهم.

على الرغم من أن السبب الأول كان يبدو شرعيًا، إلا أن العلماء لم يسلموا للسلطنة دون شروط، فقد اعترض العز بن عبد السلام على محاولة قطز لفرض ضرائب في ظروف الحرب. واقترح عليه بيع الحلي لجمع الأموال اللازمه، فاشترط عدم فرض ضريبة على الشعب.

لكن بعد العز وقطز، اتجه الأمر إلى فرض الضرائب دون شروط. أصبح الاستعداد للحرب أداة لاستنزاف أموال المواطنين، حيث كانت الضرائب تفرض بشكل مجحف من قبل السلاطين مثل بيبرس والناصر بن قلاوون.

حاول الناصر بن قلاوون استغلال الفتوى لتبرير فرض الضرائب ولكن قوبل ذلك برفض من ابن دقيق العيد، الذي أشار إلى شروط الفتوى.

وعندما اعترض الإمام النووي على فرض الضرائب للحرب، وعُدّ ذلك مبررًا واهٍا، أخلقت زيادة الضرائب بسبب الحرب تعهدات لم تُنفذ بعد انتهاء الحرب.

من أسوأ الضرائب التي استمرت حتى نهاية الدولة المملوكية كانت ضريبة “ضامنة المغاني” وضريبة الخمر، التي أصبحت مورداً مالياً كبيرًا للحكومة.

عند توجه السلطان فرج بن برقوق لمحاربة تيمورلنك، أمر فرض ضرائب على المواطنين، وأخذ منهم نصف أموالهم، ما أدى إلى شكاوى عديدة وتحملوا ضغوطًا كبيرة، حيث أفاد السالمي أن بعض المكوس في مصر تقدر كل يوم بـ 70 ألف درهم، بدون أن تصرف في مصلحة الدولة.

كانت الضرائب تُفرض لمواجهة الأخطار الخارجية كما الداخلية، سواء للإطاحة بحكم السلطان أو التصدي للمنازعين.

أدى تحول التجارة العالمية إلى مصر عبر البحر الأحمر إلى استغلال السلاطين هذه الفرصة، ما دفعهم لفرض العديد من الضرائب على التجار، حيث لم يستثنِ قطز أحدًا من التجار وميسوري الحال من الضرائب، فاستقطع من أحد التجار مبلغًا يقدر بـ 250 ألف دينار، واستمرت تلك tendance حتى مراحل قصيرة من عمر الدولة، مما أثر سلبًا على أسعار السلع وحياة الناس.

أما من أسوأ الضرائب التي استمرت حتى نهاية دولة المماليك، فكانت ضريبة “ضامنة المغاني” وضريبة الخمر، التي فُرضت بشكل كبير في فترة السلطان برقوق، الذي كان يُعتبر رمزًا لتلك السياسة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version