أمين الزاوي.. كاتب الجزائر الذي يتنقل بين العوالم الأدبية
يُعتبر الروائي الجزائري أمين الزاوي واحدًا من أبرز الأصوات الأدبية في المشهد الثقافي المغاربي اليوم. يكتب باللغتين العربية والفرنسية وساهم في إثراء الأدب من خلال أعماله التي حازت على عدد من الجوائز الدولية، منها جائزة “الحوار الثقافي” عام 2007 التي تكرمها الجمهورية الإيطالية. تُرجمت أعمال الزاوي إلى 13 لغة، وحققت بعض رواياته، مثل “الأصنام” (2024)، مكانة متميزة في القوائم الطويلة لجائزة البوكر العربية. بالإضافة إلى ذلك، يعمل أمين الزاوي أستاذاً للأدب المقارن في جامعة الجزائر المركزية، وقد شغل منصب المدير العام للمكتبة الوطنية حتى عام 2008. حديثنا اليوم يتناول روايته الأحدث “منام القيلولة” وتجربته الأدبية الثرية.
ملامح رواية “منام القيلولة”
تدور أحداث رواية “منام القيلولة” حول قصة أم جزائرية، حيث تتفرع من الواقع مسارات غريبة. يقول الزاوي: “كتبت هذه الرواية بحسي الخاص، وأحداثها مرافقتي منذ سنوات. كل شخصية في الرواية لها معادلها الاجتماعي، لكنها تتشكل بأسلوب أدبي يتضمن عناصر التخييل والتحوير”. تُقسم الرواية إلى قسمين مترابطين، الأول يتناول زمن الثورة وعلاقة الخيانة بها، بينما الثاني يعكس التجربة الشخصية في مرحلة ما بعد الاستقلال.
مدينة “الأصنام” بين الرمزية والواقع
العنوان “الأصنام” يحمل دلالات عميقة، كما يشير الزاوي إلى أنه يمثل رمزين رئيسيين: الأول يتعلق بالأصنام السياسية والدينية السائدة اليوم، والثاني إلى مدينة “الأصنام” في الغرب الجزائري. يرتبط تغيير اسم المدينة بالتفسيرات الشعبية التي استطاعت تبرير الزلزال المدمر الذي ضربها في الثمانينات، والذي فُسر على أنه عقاب نظراً للاسم الذي تحمله المدينة.
إعادة السرد التاريخي
في روايته “الأصنام”، يتناول الزاوي قصة قابيل وهابيل، مُقدماً سردية مضادة تتعلق بفلسفة الأخوة، حيث أعاد سرد الأحداث وعلاقات الأخوة بطريقة تعكس عمق الفكرة الأدبية. مسبقًا، نشر الزاوي رواية “حر بن يقظان”، التي اتخذ فيها موقفًا فلسفيًا مخالفًا للقصة الأصلية.
السخرية كأداة نقدية
تظهر السخرية كوسيلة فعالة في أعمال الزاوي، حيث يُشير إلى أن أسماء الشخصيات يمكن أن تتحول إلى أداة لممارسة الرقابة. في رواية “الأصنام”، يتحول اسم ابن البطل، الذي وُلد في وقت الانقلاب العسكري، إلى سبب لسجن والده، ما يُعكس طبيعة المجتمع وضغوطه.
العائلة ككيان مركزي
يسلط الزاوي الضوء على دور العائلة في تشكيل الوعي الجمعي، حيث يعكس سرد الروايات علاقة الأجيال بتقاليدهم. يعتبر أن الحرية تُفهم داخل الأسرة، وأن العلاقات بين أفرادها تكشف الكثير من المحرمات والمواضيع غير المعلنة.
التراث وتأثيره على الكتابة
يُعبر الزاوي عن فخره بعلاقته بالتراث العربي، مستندًا إلى إعجابه بأعمال عدة مثل “الحمار الذهبي”. ويشدد على أهمية دراسة التراث العربي في إطار التراث الإنساني الأوسع، مما يساعد على فهم القيم الثقافية المعقدة.
الأديب والحياد الفكري
في ختام حديثه، يرى الزاوي أن الكاتب يحمل قناعات فلسفية وسياسية معقدة، لذا فإن الكتابة الأدبية لا تُجسد هذه القناعات بشكل آلي. بل يجب النظر إلى النص الأدبي كنتاج لتفاعل أفكار متعددة، حيث يبقى الصوت الخاص للكاتب حاضراً في كل حرف.### قناعة الجمال في الكتابة الروائية
تستند الرواية إلى حاجة عميقة للتعبير عن الآيديولوجيا من خلال جماليات اللغة. فهذا التحدي الذي يواجه الكتاب هو مغامرة تتطلب شجاعة في طرح الأفكار والمفاهيم.
الكتابة باللغتين: علاقة شخصية
يستمر كاتب الرواية في استخدام اللغتين العربية والفرنسية بإنسجام منذ ثلاثين عاماً. فقد نشر 15 رواية باللغة الفرنسية، العديد منها يُدرس في الجامعات الأوروبية، بالإضافة إلى 15 رواية باللغة العربية. ويشير الكاتب إلى علاقته العميقة باللغة التي يعتبرها شخصية أكثر من كونها موضوعية، حيث يؤكد أن الاهتمامات الموضوعية في كلا اللغتين تبقى متشابهة.
الكتابة وسيكولوجية القارئ
عند بدء الكتابة، يغمر الكاتب في حالة نفسية خاصة بلغة معينة، مما يجعله ينتقل بين اللغتين بشكل مرن. التباين الأساسي في الكتابة باللغتين يعود إلى اختلاف القارئ: فالقارئ الفرنسي ينفتح على جميع المواضيع دون تعقيدات، بينما القارئ العربي لا يزال مرتبكاً بعوائق أخلاقية ودينية متوارثة، مما يشير إلى الحاجة الماسة لإعادة نظر في المناهج التعليمية المعمول بها.
الحاجة إلى مراجعة المفاهيم
تتطلب عملية الفهم الأدبي تقييماً دقيقاً للمفاهيم السائدة، فالأخطاء التي ظهرت في الفهم الأدبي تعود جزئياً إلى الطرق التعليمية المتبعة في المدارس والجامعات، مما يؤكد على ضرورة إجراء تغييرات جوهرية في هذه المناهج.