ذاكرة الإبادة في رواندا.. ناجون يحرسون ضحايا وقبور مفتوحة تنتظر المزيد
كيغالي- خصصت الحكومة الرواندية موقعًا مهيبًا شمال العاصمة كيغالي ليكون متحفًا للنصب التذكاري للإبادة الجماعية، حيث يهدف إلى الحفاظ على ذكريات تلك الفترة المؤلمة في تاريخ البلاد، وتبقى هذه الذكرى بين الأجيال لتكون دافعًا للنجاح المستقبلي.
30 عامًا من الإبادة
بعد مرور 30 عامًا على الإبادة، يسعى الشعب الرواندي بكل جهد لتجاوز آثار تلك المآسي وما خلفته من آثار عميقة في الذاكرة الجماعية، مع الرغبة في إحياء الذكرى لتحفيز الأجيال القادمة على النجاح.
يضم المتحف مقابر تحتوي على رفات أكثر من 250 ألف ضحية، حيث بدأت الإبادة في 7 أبريل 1994 واستمرت حتى منتصف يوليو من نفس العام، حيث استهدفت مليشيات الهوتو أقلية التوتسي.
في غضون مائة يوم، قُتِل ما يقرب من مليون رواندي، بما يمثل حوالي 75% من توتسيين، بينما تعرضت مئات الآلاف من النساء للاعتداء.
قبور مفتوحة
رغم مرور ثلاثة عقود على الإبادة، تبقى بعض القبور في ساحة المتحف مفتوحة، في انتظار التعرف على رفات المزيد من الضحايا، ليجد أحباؤهم السلوى في العثور عليها.
يعمل في المتحف ناجون كفريدي موتانغوها، نائب رئيس الرابطة الوطنية للناجين من الإبادة، الذي فقد أفراد عائلته. حيث يضم المتحف رفات والديه وأخواته الأربع.
تشير ذكريات فريدي إلى طلب والدته منه الاختباء عند أحد أصدقائه، الذي كان ينتمي إلى الهوتو، ظنًا أن الشباب هم المستهدفون فقط، لكنها لم تكن تعرف عن المآسي التي ستتعرض لها عائلتها.
قصة نجاة من الموت
تمكن فريدي من النجاة بفضل صديقه وعائلته، الذين لم يمانعوا من اختبائه، ولا يزال يتذكرهم بتقدير. يؤمن فريدي ضرورة تقديم صورة إيجابية عن رواندا، التي انطلقت نحو النجاح رغم ماضيها الأليم.
يذكر فريدي السياسات التي اتخذتها الحكومة لإصلاح الأخطاء السابقة، حيث تتم المناقشة حول مشاريع مكافحة الفقر والجهل، مع تناول تاريخ البلاد بموضوعية للعمل على بناء مستقبل أفضل.
أوضح أن حكومة الرئيس بول كاغامي حددت هدفين منذ تولي السلطة في عام 2000: الأول هو تحقيق الوحدة والمصالحة، والثاني هو النهوض بالبلاد وتحسين الاقتصاد.
صناعة المستقبل
لا ينبغي افتراض أن رواندا أصبحت نموذجًا للرفاه، بل هي دولة تسعى بنشاط لتقديم حياة كريمة لمواطنيها، وتعتبر عن نفسها منبعًا للأمل في المنطقة.
يقول غاتيتي نيرنغابو، محامي حقوق الإنسان، إن “الأمة تجددت بعد الموت، ولا تدعي أنها غنية، ولكن كل ما أنجزته يعد معجزة مقارنة بجيرانها.”
أما توم نداهيرو، الذي فقد 12 فردًا من أسرته، يرى أنه يجب الاعتماد على الماضي لتشكيل مستقبل أفضل، مشيرًا إلى أن الكراهية ليست وليدة التسعينيات، بل كانت نتيجة لسياسات الاستعمار التي قسمت البلاد.
اختتم نداهيرو حديثه بالتأكيد على أن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق أبناء رواندا ليتحملوا عبء إعادة بناء الدولة.
رابط المصدر