تحقيق شامل: إسرائيل تعيد تشكيل خريطة الضفة الغربية للبقاء بعيدة عن فكرة الدولة الفلسطينية
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الخطوات تمثل “الأهم” منذ عقود في السياق الفلسطيني ودورها في فصل أجزاء من الضفة الغربية.
اقرأ أيضا
مسؤولة إسرائيلية: حرب واسعة ضد إيران أصبحت حتمية
صحف عالمية: 40 ألف شهيد رقم لا يعكس حجم الخسائر في غزة
وأكدت الصحيفة أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الائتلافية قامت خلال 19 شهراً الماضية بتوسيع وجود إسرائيل بشكل ملحوظ في الضفة الغربية، وتسريع الجهود من قبل المستوطنين لوقف أي محاولة لإقامة الدولة الفلسطينية.
وقد أقرّت الحكومة بمصادرة أراض استراتيجية، حيث استولت على 6 آلاف فدان هذا العام (حوالي 2500 هكتار)، وبنت مستوطنات جديدة، وبدأت حملة هدم للممتلكات الفلسطينية مع زيادة الدعم للبؤر الاستيطانية غير القانونية.
دولة مستحيلة
ورغم أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تؤكد على ضرورة أن يتضمن أي حل دبلوماسي للصراع في غزة مساراً نحو إقامة دولة فلسطينية، فإن المستوطنين واليمين المتطرف الذين وصلوا إلى السلطة يعملون على إعادة تشكيل الخريطة بما يجعل حل الدولتين “غير ممكن فعليًا”.
أظهر مراسلو “واشنطن بوست” في تحقيقهم في ست قرى فلسطينية كيف أن القيود التي تفرضها قوات الاحتلال قد أثرت سلبًا على حياة الفلسطينيين وكأنها تعيق حركتهم وتقلل من قدرتهم على الوصول لأراضيهم الزراعية.
كما أكدت الصحيفة أن بعض القرى قد أزيلت بالكامل من الخارطة بسبب اعتداءات المستوطنين.
وأشار التقرير إلى عودة نتنياهو لمنصبه كأطول رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل في ديسمبر 2022 بناءً على اتفاق ائتلافي يركز على توسيع الاستيطان في الأراضي المحتلة.
حكومة استيطان
ويشرف على هذه العمليات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، المعروف بنشاطه الاستيطاني، والذي عينه نتنياهو في منصب وزاري يمنحه سلطة واسعة في إدارة السياسة الإسرائيلية في الضفة الغربية.
بحسب التحقيق الصحفي، يبدي سموتريتش طموحًا في توسيع الاستيطان وفرض السيطرة على الأرض العبر القول بأنه يسعى “لمنع تقسيمها وتحقيق هدف الرب، وعدم السماح بإقامة دولة فلسطينية”.
وضمن تحقيق “واشنطن بوست”، يعيش في الضفة الغربية حوالي 3 ملايين فلسطيني بجانب أكثر من 500 ألف مستوطن، وقد زادت أعداد المستوطنين بنسبة تتجاوز 15% في السنوات الخمس الأخيرة.
حققت جهود سموتريتش ومن معه نتائج ملحوظة، حيث وافق مجلس التخطيط الإسرائيلي على إنشاء حوالي 12 ألف وحدة سكنية جديدة في المستوطنات خلال الـ19 شهرًا الماضية، مقارنة بأكثر من 8 آلاف وحدة في العامين السابقين، وفقًا لمنظمة “السلام الآن”.
اعتداءات المستوطنين
وجدت صحيفة “واشنطن بوست” أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لم تتمكن من وقف تزايد اعتداءات المستوطنين المتطرفين على الفلسطينيين، والتي أدت إلى إخلاء العديد من المجتمعات الفلسطينية القريبة من المستوطنات.
في الشهر الماضي، أصدرت محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة حكمًا بإلزام إسرائيل إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية وإزالة المستوطنات القائمة، لكن نتنياهو سارع لانتقاد هذا الحكم.
تحت بنود اتفاقيات أوسلو، تتحكم إسرائيل بشكل كامل في المنطقة (ج) التي تمثل 60% من الضفة الغربية، مما يسهل عليها التعامل مع هذه المناطق كما لو كانت أراضي تابعة لها.
منذ توقيع اتفاقيات أوسلو، حولت إسرائيل مناطق “ج” إلى أراض تابعة لها، حيث سيطرت على الموارد الطبيعية مثل المياه والمعالم الأثرية.
التطويق والتوسع
وصف سكان الضفة الغربية للمراسلين كيف تتطور الاستيطانات بسرعة وتؤدي إلى تزايد العنف في المنطقة.
أوضحوا أن مستوطنة تأسست في نهاية السبعينيات على أراضٍ صودرت من قريتي قريوت وترمسعيا.
وذكر يوسف صادق، نائب رئيس المجلس المحلي لقريوت، “كان بإمكاننا في السابق رعاية أغنامنا بين القريتين، أما الآن فقد بات وجودنا مهددًا”.
في عام 2011، وافقت وزارة الدفاع الإسرائيلية على خطة لزيادة بناء الوحدات السكنية في المستوطنات بنسبة 60%. وبحلول نهاية عام 2023، كانت قريوت محاطة تقريبًا بالاستيطانات، مما دعا بعض السكان إلى إحاطة منازلهم بأسوار حديدية.
في 7 أكتوبر، زادت اعتداءات المستوطنين بعد الهجوم الذي نفذته حماس ضد إسرائيل.
وفقًا لبشار معمر، ناشط من قريوت، “الجيش يحمي المستوطنين، وتقدم الدولة لهم المرافق الأساسية”.
تقلص البلدات الفلسطينية
في قريوت، يواجه السكان خطر تآكل حدودهم بسبب عمليات الهدم ونقص تصاريح البناء.
أدى هدم آلاف المباني في الضفة الغربية تحت إدارة نتنياهو إلى تهجير أكثر من 4 آلاف شخص ونزوح 2200 آخرين خلال السنتين الماضيتين.
في قرية أم الخير، لا يعرف سكانها كم سيستمرون في المقاومة.
قدم ياسر، أحد سكان القرية، صورة مؤلمة عن معاناتهم، إذ يقول: “أصبحنا بلا منازل، ونتوسد الأرض”. وقد دُمّرت في اعتداءات المستوطنين أكثر من 11 بناية، تشمل منشآت مهمة مثل عيادات صحية.
رابط المصدر