إقتراح: ميكروسوفت عرضت أداة إصطناعية لذكاء لدعم أنظمة قيادة القتال بالجيش الأمريكي
جاء هذا الكشف بعد فترة من رفع حظر شركة “أوبن إيه آي” عن استخدام تقنياتها في الأعمال العسكرية، وتم ذلك بصمت دون أي إعلان إعلامي وفقًا للتقرير.
كانت ميكروسوفت قد قامت بالاستثمار بأكثر من 10 مليارات دولار في شركة “أوبن إيه آي”، وأصبح اسمها مرتبطًا بشكل وثيق بالشركة الناشئة خلال الفترة السابقة فيما يتعلق بتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدية.
جلسة تدريبية للبنتاغون
توفرتقدَّم شركة “مايكروسوفت” العروض الإلكترونية المخصصة حول موضوع “الذكاء الصناعي التوليدي بالاعتماد على البيانات العسكرية” التي نُشرت على موقع “ذا إنترسبت”. تحكي هذه العروض عن كيفية استفادة البنتاغون من تقنيات تعلم الآلة المُقدمة من شركة “أوبن إيه آي”، كالروبوت المتحدث الشهير “جي بي تي شات” ومُنتَج الصور “دال-إي”، في مهام متنوعة تشمل تحليل الوثائق ومُساعدة الصيانة الآلية.
تمَّ استخراج هذه الوثائق التي قدمتها “مايكروسوفت” من مجموعة واسعة من المواد التي تمَّ عرضها في ورشة عمل تدريبية لوزارة الدفاع الأمريكية تحت عنوان “فهم وتعريف تقنيات الذكاء الاصطناعي” التي نظَّمتها وحدة القوات الجوية الأمريكية في مدينة لوس أنجلوس في أكتوبر 2023.
شملت الورشة مجموعة متنوعة من العروض التقديمية من شركات مختصة في مجال تعلم الآلة، بما في ذلك “مايكروسوفت” و”أوبن إيه آي”، حول الخدمات التي يمكن أن تُقدمها تلك الشركات للبنتاغون.
تم عرض الملفات العامة للعموم على موقع “أليثيا لابز”، وهي شركة استشارات غير هادفة للربح تُساعد الحكومة الفيدرالية في استخدام التكنولوجيا. اكتُشِفت تلك الملفات الصحفية عبر موقع “ذا إنترسبت” بواسطة جاك بولسون.
عملت “أليثيا لابز” بشكل مكثَّف مع البنتاغون لمساعدته في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي بسرعة في أسلحته، ومنذ السنة الماضية، تعاقدت الشركة مع مكتب الذكاء الاصطناعي المركزي في البنتاغون.
تدريب أنظمة إدارة القتال
إحدى الصفحات في العرض التقديمي من “مايكروسوفت” تتناول استخدامات “أوبن إيه آي” التقليدية لتكنولوجيا التعلم الآلي، بما في ذلك استخدامها في القطاع العسكري.
تم ذكر ضمن نقطة في العرض بعنوان “تدريب الرؤية الحواسوبية المتقدمة”: “نظم إدارة القتال: استخدام نماذج دال-إي لإنشاء صور لتدريب أنظمة إدارة القتال”.
وبناءً على اسمه، تعتبر نظام إدارة القتال مجموعة من البرمجيات للتحكم والإشراف تُوفر رؤية شاملة لقادة العمليات العسكرية في الساحة القتالية، مما يُمكِّنهم من تنسيق جوانب مختلفة تتعلق بالقتال كتحديد أهداف الضربات الجوية وتحركات القوات البرية.
توحي إشارة إلى تدريب الرؤية الحواسوبية بأن الصور التي تنتجها نماذج “دال-إي” يُمكن أن تُساعد أنظمة الحاسوب الخاصة بالبنتاغون على “رؤية” الأوضاع في ساحة القتال بشكلٍ أفضل، مما يُعزِّز قدرتها على تحديد وتدمير الأهداف.
ولم تقدم الملفات تفاصيل أخرى حول كيفية استخدام نموذج “دال-إي” بدقة في أنظمة إدارة القتال، لكن يُمكن أن يتضمن تدريب هذه الأنظمة استخدام “دال-إي” لتقديم بيانات تدريبية صناعية تشبه الواقع، تُستخدم لتحسين قدرة البرمجيات العسكرية على التعرف على أهداف مُحددة في البيئة الفعلية.
على سبيل المثال، يمكن استعراض كميات كبيرة من الصور الجوية المُفبركة التي يُنتجها نموذج “دال-إي” على البرمجيات العسكرية التي تستخدم لاكتشاف أهداف العدو على الأرض، بهدف تحسين قدرتها على التعرف على تلك الأهداف في الواقع.
في لقاء أُجري الشهر الماضي مع مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، شدّد الكابتن م. كزافييه لوغو، من البحرية الأمريكية، على التطبيقات العسكرية للبيانات الاصطناعية مثل تلك التي يُمكن أن يُنتجها “دال-إي”، مقترحًا استخدام تلك الصور المزيفة لتدريب الطائرات بدون طيار على رؤية العالم من الأعلى والتعرف عليه بشكلٍ أفضل.
تمت إدراج اسم لوغو، الذي يُشرف على فريق عمل الذكاء الاصطناعي في البنتاغون ويُعمل في مكتب الذكاء والاصطناعي في وزارة الدفاع، كجهة اتصال في نهاية ملف العرض التقديمي من قبل “مايكروسوفت”.
تعمل القوات الجوية الأمريكية حاليًّا على إقامة نظام إدارة القتال الذي يعتمد على التكنولوجيا الحديثة، وهو جزء من مشروع البنتاغون الضخم المعروف بـ “نظام القيادة والتحكم المشترك لكافة المجالات” (JADC2)، الهادف إلى تكامل القوى العسكرية الأمريكية ببعضها.بالتعاون للتوسيع نطاق التواصل بين فروع القوات المسلحة الأمريكية وتحليل البيانات المعززة بالذكاء الصناعي، وتعزيز الكفاءة في مجال المعركة في النهاية.
يُتخيل البنتاغون من خلال هذا المبادرة مستقبلًا واعدًا حيث يُتم تداول بيانات حول العدو بسهولة بين كاميرات الطائرات بدون طيار التابعة لسلاح الجو، وأجهزة الرادار لسفن الحرب التي تخدم البحرية، ودبابات الجيش، وقوات المارينز على الأرض لضمان تدميره بطريقة أكثر فعالية.
وفي الرابع من أبريل/نيسان الماضي، كشفت القيادة المركزية الأمريكية أنها بدأت بالفعل في تنفيذ عناصر من هذا المبادرة في الشرق الأوسط.
حتى في حال تجاهلنا المسائل الأخلاقية، فإن كفاءة هذه النهج يمكن مناقشتها، إذ تقول هايدي خلاف، مهندسة السلامة العاملة سابقًا مع أوبن آي: “من الواضح أن دقة وقدرة الطراز على معالجة البيانات بإتقان تنخفض مع كل جولة من التدرب على محتوى من إنتاج الذكاء الصناعي”.
وتضيف: “الصور المولّدة من دال-آي تبتعد عن الدقة ولا تصدر صورًا تعبر عن واقعنا الفعلي حتى بعد معاينتها لإدخالات نظام القتال على ساحة المعركة. لا يمكن لنماذج إنتاج الصور أن تخلق عددًا دقيقًا من الأطراف أو الأصابع البشرية، فكيف نعتمد عليها لتكون دقيقة في تفاصيل الوجود الميداني الحقيقي”.
تحول جذري
أكدت مايكروسوفت في بيان لموقع “ذا إنترسبت”، عبر البريد الإلكتروني، بأنها لم تبدأ في تنفيذ طلب توظيف “دال-آي” لتدريب برامجها في ساحة المعركة على الرغم من عرضها على وزارة الدفاع.
وأشارت: “هذا حالة تمثل لأحد الحالات المستقبلية المحتملة التي تم مناقشتها مع العملاء حول مساهمة الذكاء الاصطناعي التوليدي”.
لم توضح مايكروسوفت، التي رفضت تسمية الشخص المحدد داخل الشركة الذي أدلى بهذا البيان، سبب تصنيف حالة الاستخدام “المحتمل” كجزء من الاستخدامات “المعتادة” في عرضها لوزارة الدفاع الأمريكية.
وأوضحت ليز بورجوس، المتحدثة باسم أوبن إيه آي، بأن شركتها لم تكن لها أية صلة بعرض مايكروسوفت، وكذلك لم تتعاقد على بيع أدوات أو تقنيات لصالح وزارة الدفاع.
وأضافت: “تمنع سياسات أوبن إيه آي استخدام أدواتنا في تطوير أو استخدام الأسلحة، أو تسبب الأذى للآخرين أو تدمير الممتلكات”.
وأوضحت “لم نشترك في العرض ولم نعقد محادثات مع وكالات الدفاع الأمريكية بخصوص حالات الاستخدام الافتراضية التي وردت في العرض”.
في وقت عرض هذا العرض، يظهر أن سياسات شركة أوبن إيه آي كانت ستمنع استخدام نموذج “دال-آي” لأغراض عسكرية.
قد ذكرت مايكروسوفت لموقع “ذا إنترسبت” بأنه في حال استخدم البنتاغون أداة “دال-آي”، أو أي أداة أخرى من أدوات أوبن إيه آي، بناءً على عقد مع مايكروسوفت، ستخضع هذه الاستخدامات لسياسات الاستخدام الخاصة بشركة أوبن إيه آي.
ومع ذلك، فإن أي مساهمة من شركة أوبن إيه آي في تطوير أنظمة إدارة القتال ستجعل أنشطتها العسكرية تتقدم نحو الحرب بشكل أوسع، حيث على الرغم من صحة ادعاء أوبن إيه آي في تجنب الأذى المباشر من وجهة نظر تقنية، في حال عدم تشغيل برمجياتها نظام الأسلحة مباشرة، فإن استخدامها في نظم أخرى مثل تخطيط العمليات العسكرية أو تقييم الحالات على ساحة القتال سيؤثر في النهاية على مواقع تشغيل تلك الأسلحة أو تنفيذ المهام العسكرية.