إن النجاح في عالم الفن لا يتطلب فقط ملامح جميلة أو جذب للأنظار، بل يحتاج إلى موهبة حقيقية تجعل الفنان قادراً على أسر القلوب دون مجهود زائف. هذا ما تحقق بشكل واضح للفنانة المصرية إنعام سالوسة، التي تميزت على مدار 60 عاماً من حياتها الفنية. استطاعت أن تترك بصمة واضحة عبر أدوارها في المسرح والسينما والتلفزيون والإذاعة.
تحتفل إنعام سالوسة اليوم بعيد ميلادها الـ85، رغم أن بعض المصادر تشير إلى أن تاريخ ميلادها في سبتمبر. الممثلة النادرة، التي نادراً ما تدلي بتصريحات إعلامية أو ظهرت في المهرجانات، أكدت أن تاريخ ميلادها هو الـ15 من ديسمبر، بعد تلقيها اتصالات تهنئة في موعد يسبق الميلاد بشهور.
نجمة في الظل
إنعام سالوسة ليست فنانة دخلت عالم الفن بالصدفة، بل سلكت طريقاً صعباً. بدأت مشوارها بالمشاركة في العروض المسرحية ضمن المسرح الجامعي في كلية الآداب بجامعة عين شمس، ثم تابعت دراستها في المعهد العالي للفنون المسرحية.
كانت نقطة انطلاقتها في السينما من خلال فيلم “الست الناظرة” عام 1968، حيث ظهرت إلى جانب النجمة سعاد حسني. لم تعلن أية انقطاعات في صداقتها مع سعاد حتى وفاة الأخيرة عام 2001. بعد سنوات من وفاتها، انتشرت شائعات حول مساعدة إنعام لسعاد في مشوارها الفني، لكنها نفت ذلك، مشيرة إلى أن العلاقة كانت قائمة على الصداقة والاحترام المتبادل.
وصيفة لا تنسى
قد لا تكون إنعام سالوسة الخيار الأول لدور وصيفة في مسلسل “ليالي الحلمية”، لكنها كانت الأكثر تأهيلاً لتجسيد شخصية أثبتت قوتها وصمودها في مواجهة التحديات. كانت وصيفة نموذجاً للمرأة القوية والعفوية التي تواجه زوجها بنقد بناء.
عانت وصيفة من مغامرات زوجها “العمدة”، الذي تزوج من نازك هانم السلحدار (صفية العمري) انتقاماً من غريمه. رغم الغيرة، احتضنت وصيفة ابنة “ضرتها” وأعطتها حنانها ورعايتها.
برغم ملامح إنعام سالوسة العادية، إلا أنها كانت الخيار المفضل للمخرجين، حيث مثلت دور الزميلة وصديقة البطلة منذ بدايتها. وقد أسهمت في تقديم أدوار مختلفة مثل “حسنة هريدي” في مسلسل “غوايش”.
تمتلك إنعام أيضاً ملامح تعبيرية وصوتاً حزيناً، مما جعلها تجسد الأدوار بمصداقية كبيرة. ورغم ذلك، استطاعت أن تبرز في أدوار إذاعية متعددة، مثل “هيجننوني” و”صباح الخير يا جاري”.
هذه الأدوار الجادة لم تمنعها من المشاركات في مسلسلات الأطفال الشهيرة في الثمانينيات، مثل “بوجي وطمطم”.
نصيب من الكوميديا
تتفجر الكوميديا أحياناً من الوجوه الجادة، وهو ما أثبتته إنعام سالوسة بمهارة. كان لها بصمة في أعمال كوميدية معروفة، مثل “الإرهاب والكباب” و”النوم في العسل”. كما ظهرت مؤخراً في مسلسل “أشغال شاقة”، حيث جسدت شخصية تمزج بين الكوميديا والدراما، محققة نجاحاً ملحوظاً رغم وجود عدد من الشباب المحترفين.
تفاجأ صناع العمل بقبول إنعام لسياق الدور الذي يتطلب وضعها في تابوت، لكنها قبلت ذلك حباً في التمثيل وتشجيعاً للجيل الجديد من الفنانين.
عودة غولدا
قدمت الممثلة الإنجليزية هيلين ميرين دور غولدا مائير، رئيسة الوزراء الإسرائيلية خلال حرب أكتوبر 1973، في الفيلم الذي يحمل اسم “غولدا” العام الماضي. هذا الدور أعاد إلى الأذهان أداء إنعام سالوسة في مسلسل “السقوط في بئر سبع”. وقد أجرت بعض المقارنات بين الممثلتين، حيث أظهر الكثير من الجمهور العربي تفضيله لبراعة إنعام سالوسة. ورغم أن شخصيات مشابهة قد تم تجسيدها من قبل عدة ممثلات، فإن أداء الفنانة المصرية ومظهرها الفريد جعل منها رمزاً مميزاً لهذا الدور.
شاركت إنعام سالوسة في نحو 400 عمل درامي وسينمائي، ورغم أنها لم تحقق البطولة المطلقة في معظم تلك الأعمال، إلا أنها تمكنت من اختراق قلوب المشاهدين بأسلوبها البسيط والعذب.