مخيم شعفاط للاجئين، شرق القدس
CNN
—
كانت الأيام الستة التي تلت مقتل رامي الحلحوالي برصاص الشرطة الإسرائيلية بالقرب من منزله في شرق القدس كابوسًا لأحبائه.
كانت السلطات الإسرائيلية تحتجز جثة الطفل البالغ من العمر 12 عامًا في مكان غير معلوم، رافضة الإفراج عنها إلا إذا وافقت العائلة على إقامة جنازة صغيرة خاصة خوفًا من أن يتسبب الحدث في اندلاع أعمال شغب.
قالت سيندي الحلحوالي، شقيقة رامي الكبرى، لـ CNN: “هددونا بأنه إذا حدث أي شيء، أو إذا وقعت أي اشتباكات، فسوف يأخذون جثته منا.”
وأشار والد رامي، علي الحلحوالي، لـ CNN أنه وافق في النهاية، لأنه كان خائفًا جدًا من معرفة ما يمكن أن يحدث إذا رفض.
قُتل رامي في 12 مارس، في الليلة الثانية من شهر رمضان. كان هو وأطفال آخرون من مخيم شعفاط للاجئين في شرق القدس يطلقون الألعاب النارية – وهي عادة رمضانية – في ساحة انتظار بجوار منزل رامي حين أصيب برصاصة في صدره، أُطلقت من مسافة بعيدة.
وهو واحد من بين 169 طفلًا على الأقل – 164 ولدًا و5 بنات – قُتلوا على يد القوات الإسرائيلية والمستوطنين اليهود في الضفة الغربية المحتلة وشرق القدس منذ الهجمات التي شنتها حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر من العام الماضي، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة.
كان هذا فترة قاتلة بشكل استثنائي للأطفال الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة: فقد قُتل المزيد في عام واحد أكثر من السنوات السبع السابقة مجتمعة. وغالبية هؤلاء الأطفال قد أصيبوا برصاص حي، ومعظمهم في الرأس أو الجزء العلوي من الجسم، حسبما أفادت الأمم المتحدة.
زعمت الأمم المتحدة والعديد من منظمات حقوق الإنسان الدولية أن القوات الإسرائيلية تعمل في أجواء من الإفلات من العقاب في الأراضي المحتلة. وتقول هذه المنظمات إن معظم حالات القتل لا يتم التحقيق فيها، مما يؤدي إلى عدم المحاسبة أو تحمل المسؤولية عن الأشخاص المتسببين بها. وغالبًا ما تعلن السلطات الإسرائيلية أن مثل هذه القتلات كانت ردًا على تهديدات غير محددة، دون تقديم أي تفاصيل عن الضحايا.
بعد أكثر من ثمانية أشهر من مقتله، لا تزال عائلة رامي تبحث عن إجابات.
أخبروا CNN أنهم لم يُبلغوا إذا ما تم استهدافه أو لماذا، ولم يُسمح لهم برؤية جثته أو تقرير التشريح؛ كما لم يتم إعلامهم بأي تحقيق في الحادث.
في وقت إطلاق النار في مارس، قال متحدث باسم الشرطة الإسرائيلية إن الشرطة استجابت لـ “اضطراب عنيف” في مخيم اللاجئين وأن أحد الضباط أطلق النار “نحو مشتبه به الذي كان يشكل خطرًا على القوات أثناء إطلاقه للألعاب النارية باتجاههم.”
استمرت CNN في طلب المعلومات من الشرطة الإسرائيلية حول القضية ولكنها لم تتلق أي إجابات.
البحث عن إجابات
### حالة وفاة رامي: عائلة تبحث عن إجابات
#### غرفة رامي: ذكريات محفوظة
غرفة رامي في منزل العائلة لا تزال كما هي، حيث عُلّق على الحائط ملصق لسيارة أودي حمراء، ولا تزال نظاراته للسباحة ومنشفة معلقتين على مرآة كما لو أنهما وضعتا هناك للتو. الملابس التي كان يرتديها يوم وفاته مرتبة على السرير، وتظهر قميصه الأبيض الذي يحمل ثُقبًا داميًا في منتصفه.
#### صور تذكارية وأجواء مؤلمة
تزين جدران الشقة المتواضعة، التي لا يمكن الوصول إليها إلا عبر شوارع ضيقة، صور رامي. كما تم تحويل خزانة إلى مزار صغير يحتوي على شموع ونقش لأحب صورة له، حيث يظهر رامي أنيقًا وهو يرتدي ربطة عنق.
#### بحث الأب عن إجابات
قال علي الحلحولي إنه توجه إلى مركز الشرطة المحلي عدة مرات مطالبًا بالإجابات حول ما حدث لأبنه الأصغر، لكنه كان دائمًا يتلقى توجيهات غير واضحة. وقد تذكر أن الشرطة أخبرته في البداية أنه لا يوجد ملف لرأس، ثم ذكرت أنه يحتاج إلى تصريح خاص لرؤية أي مستندات.
#### قلق الأسرة واستفهامات عن الوفاة
أضاف الحلحولي: “لا نريد سوى معرفة كيفية وفاته، لكنهم قاموا بالتحقيق مع أبنائي وابن إخوتي بدلاً من ذلك وسألوهم أسئلة.”
#### تفاصيل الحادث ومكان إطلاق النار
يوضح فيديو صوره طفل آخر في مَوقف السيارات أن الرصاصة التي أودت بحياة رامي أُطلقت من اتجاه برج للشرطة عند نقطة تفتيش محصنة تتحكم في الوصول إلى المخيم. الهيكل المصنوع من الخرسانة المسلحة يرتفع حوالي 60 مترًا (66 ياردة) عن مكان لعب رامي وأصدقائه، حيث تفصل بينهما عدة حواجز.
#### الحظات المرعبة والأصوات المفاجئة
قالت سندي لـ CNN: “سمعنا جميعًا انفجارًا كبيرًا، وقفز الجميع لأن الأطفال كانوا يصرخون في الأسفل. في البداية ظننا بأن أحد الألعاب النارية انفجرت في يده.”
#### تساؤلات حول استخدام الذخيرة الحية
تابعت تقول: “لا نفهم لماذا أطلقوا النار الحي، يبدو أنهم رأوا مجموعة من الأطفال واستهدفوهم.”
#### لحظة الانفجار
عُرض في الفيديو لحظة إشعال رامي لفّ اللعبة النارية قبل سماع دوي الانفجار. وعندما سقط على الأرض، انفجرت اللعبة النارية في يده، مضيئة السماء فوقه، إذ بدت وكأنه كان يستهدف البرج بشكل عام وليس مباشرة.
#### التصريحات القانونية ومطالبات العائلة
قالت ليه تسيميل، ممثلة الأسرة القانونية: “إذا كان إطلاق النار نتيجة للعبة التي كانوا يلعبونها مع اللعبة النارية، فلم يكن هناك أي خطر على الإطلاق، وبالتالي لا يوجد سبب لإطلاق النار القاتل.”
تسيميل، وهي محامية إسرائيلية، تكرس حياتها للدفاع عن الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك من أدينوا بالعنف ضد الإسرائيليين.وقد حثت السلطات الإسرائيلية على مشاركة أي مستندات بحوزتها مع العائلة، وأكدت أنها مصممة على اللجوء إلى المحكمة إذا لزم الأمر.### استمرار المطالبة بالتحقيق في وفاة رامي
طالبت عائلية رامي بإجراء تحقيق شامل حول وفاته، مشيرة إلى ضرورة استجواب الضابط المعني في الحادث. وطالبت أيضًا بالحصول على جميع الوثائق المتعلقة بهذه المسألة، معربة عن قلقها من عدم رد الشرطة حتى الآن.
### استخدام الحادث كوسيلة للتهديد
صرحت تسيمل أن السلطات الإسرائيلية بدلا من التحقيق في وفاة رامي، تبدو كأنها تستخدم الحادث كوسيلة للتهديد للسكان. وأشارت إلى توزيع منشورات في المخيم تحذر الأهالي بضرورة “العناية بأطفالهم”، مشيرة إلى أنه يتم التحذير من أن “حوادث سلبية” قد تحدث لمن يتجاهل توجيهات الشرطة.
### معاناة سكان مخيم شعفاط
يُعتبر مخيم شعفاط للاجئين واحدًا من المناطق المنسية، حيث يعاني سكانه من الاكتظاظ ونقص الخدمات الأساسية. على الرغم من أن المخيم يقع داخل حدود القدس ويخضع للسلطات الإسرائيلية، إلا أن العديد من السكان ومنظمات حقوقية دولية يعبرون عن قلقهم من محدودية الخدمات المقدمة من قبل البلدية.
### بنية تحتية ضعيفة واحتياجات متزايدة
تم إنشاء المخيم في عام 1965، وقد أثر سوء البنية التحتية بشكل ملحوظ على الحياة اليومية للسكان. الشوارع تعاني من النفايات والحفر، بينما تشكل المجاري المكشوفة والتراكمات من القمامة خطرًا صحيًا.
### تنقل مقيد وقيود أمنية صارمة
تُواجه حركة سكان مخيم شعفاط عقبات كبيرة، إذ يجب عليهم المرور عبر نقاط تفتيش تشبه تلك الموجودة في المطارات. وقد جرى الإبلاغ عن إغلاق بعض هذه النقاط دون إشعار مسبق، مما يزيد من صعوبة التنقل.
### غياب إدارة فلسطينية
بينما ليس هناك قيود على حركة الأفراد إلى الأراضي المحتلة، فإنه لا يُسمح للسلطة الفلسطينية بإدارة المخيم. وهكذا، يتحمل الأونروا مسؤولية تقديم معظم الخدمات الحيوية للسكان.
### تحديات الأونروا
يواجه الأونروا تهديدًا وجوديًا بعد تصويت الكنيست الإسرائيلي مؤخرًا لحظر أنشطتها داخل إسرائيل، مما يزيد من تعقيد أوضاع الأفراد المحتاجين في المخيم.### ارتفاع القلق في مخيمات اللاجئين بسبب مشاكل اقتصادية متزايدة
قال مدير الاتصالات في الأونروا، جوناثان فاولر، لمراسل CNN “هناك قدر كبير من القلق في المخيم بسبب أهمية خدماتنا، حيث تزداد الطلبات على خدماتنا بسبب المشاكل الاقتصادية”.
### الوضع في مخيم شعفاط
يواجه مخيم شعفاط أزمة اكتظاظ ملحوظة، حيث يفتقر إلى الحدائق والمساحات الخضراء، مما يفسر لماذا كان رامي وأصدقاؤه يلعبون في ساحة انتظار السيارات المهملة عندما أُطلق عليه النار. وغالبًا ما يتجمع الأطفال هناك لتدوين أرقام لوحات السيارات التي ترد وتغادر، حيث إن العمليات السرية التي تقوم بها قوات الأمن الإسرائيلية شائعة في المخيم، مما يثير القلق بين السكان عند رؤية أي مركبة غير مألوفة.
### الأمان في المخيم ووجود العصابات
أخبر يوسف المخيمر، أحد القادة المحليين، CNN أن الوضع الفريد للمخيم يعني أن السكان بلا حماية من الجريمة، حيث تتواجد العصابات والمخدرات بشكل متكرر في الحي. كما أشار إلى أن الشرطة الإسرائيلية لا تهتم بما يحدث هناك ولا تسعى لحماية الجمهور، إذ تجرى فقط عمليات أمنية تتعلق بها، بينما لا يُسمح للأمن الفلسطيني بالدخول. وأضاف أنه من النادر أن يلجأ السكان إلى الشرطة الإسرائيلية لأنهم يعتبرونها قوة معادية مسؤولة عن العنف والقمع.
### تزايد العنف والانتهاكات
ذكر المخيمر أيضًا أن عمليات الاقتحام من قبل القوات الأمنية الإسرائيلية أصبحت أكثر شيوعًا وتزايدت حدتها في العام الماضي. وأفادت الأونروا بأن شعفاط شهدت ثاني أعلى عدد من المواجهات بين السكان والقوات الإسرائيلية في عام 2023 من بين 19 مخيمًا تديرها في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
### مآسٍ جديدة في الاصطدامات
خلال أحد الاقتحامات في سبتمبر، أطلقت القوات الإسرائيلية النار على طفل آخر، وهو هاني القرّي، البالغ من العمر 16 عامًا. قالت عائلته لـ CNN إنه كان مجرد متفرج بريء، فتى هادئ يحب الخبز ويعيش مع جدته بعد أن أصبح يتيمًا في طفولته.
### ردود فعل الشرطة وتصريحات متناقضة
أفادت الشرطة الإسرائيلية بأنه كان “إرهابيًا أطلق الألعاب النارية عليهم” وتم “تحييده”. وعندما سُئل المتحدث باسم الشرطة عن أي دليل يدعم هذا الادعاء، لم يقدم أي شيء. تم دفن القرّي على الفور بعد وفاته، حيث أعربت جدته عن قلقها من الانتظار لإجراء أي تحقيق، خشية أن يأخذ الإسرائيليون جسده بعيدًا عن العائلة كما حدث في حالة رامي.
### مشكلات مستمرة في المخيم
يشير المخيمر إلى أن مخيم شعفاط يواجه معاملات قاسية من حيث الجرائم ونقص الخدمات البلدية، مما يزيد من معاناة السكان في ظل الظروف الحالية.
### استخدام الجثث كورقة ضغط
لطالما استخدمت السلطات الإسرائيلية وبعض الجماعات الفلسطينية المسلحة، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي، الجثث كورقة ضغط. وتشترط القوانين الإسلامية واليهودية دفن الجثث في أقرب وقت ممكن بعد الوفاة، لذا فإن أي تأخير يمكن أن يكون له تأثير مروع على ذوي المتوفى.
### حكم المحكمة العليا
في عام 2017، حكمت المحكمة العليا الإسرائيلية بأن الدولة الإسرائيلية ليس لها السلطة للقيام بذلك، استجابةً لطلب قانوني قدمته مجموعة حقوق الإنسان عَدل.
### قوانين جديدة
ومع ذلك، بعد بضعة أشهر من حكم المحكمة، أقرّ الكنيست قانونًا جديدًا يسمح للشرطة بحبس جثث الفلسطينيين الذين يُشتبه في تنفيذهم أو محاولتهم تنفيذ عمل إرهابي، حتى يوافق ذوي المتوفى على أي قيود مفروضة على الدفن ومراسم الجنازة.
### عودة جثمان رامي
تجمعت عائلة رامي مع جثته أخيرًا في الساعة الواحدة صباحًا من يوم 18 مارس. حيث أحضرت سيارة إسعاف إسرائيلية جثمانه إلى نقطة تفتيش بعيدة عن منزل العائلة.
### دفن الجثمان في مكان بعيد
لم يُسمح لهم بإعادة رامي إلى المنزل أو دفنه في مقبرة عائلة عند باب Lions Gate خارج أسوار المدينة القديمة في القدس. بدلاً من ذلك، دُفن في حي يبعد عدة أميال عن منزله، حيث لم يعرف أفراد الأسرة أحدًا هناك. كانت الجنازة، كما طُلب، مراسيم متواضعة.
### مراقبة السلطات الإسرائيلية
وبالرغم من ذلك، لم يكن ذلك كافيًا بالنسبة للسلطات الإسرائيلية، التي استمرت في الاتصال علي الحلحولي لعدة أيام بعد الجنازة، طالبةً منه التعرف على الأشخاص في الفيديوهات المأخوذة أثناء الجنازة.
### تجربة المراقبة خلال الجنازة
قال: “لقد كانوا (السلطات الإسرائيلية) هناك، حتى بيننا، وحتى داخل المسجد، لمشاهدة ما يحدث.”