يعتبر الزبادي من الأطعمة الصحية التي نثق بها، إذ يُشَاد به بسبب غناه بالبروتين، مما جعله خياراً مفضلاً للأشخاص الذين يتناولون عقاقير السمنة ويبحثون عن وجبة خفيفة مُشبعة لكنها قليلة السعرات الحرارية. علاوة على ذلك، فإن الزبادي معروف بمحتواه من البكتيريا المفيدة التي تحسن عملية الهضم، وهو ما يتماشى مع الاتجاه العالمي المتزايد نحو الاهتمام بصحة الأمعاء. في الولايات المتحدة وحدها، زاد استهلاك الزبادي بنسبة 142% خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، ويتوقع أن تستمر مبيعاته في النمو بعد أن أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية موافقات جديدة تعزز الزبادي كخيار صحي.

لكن الكاتبة والمحررة العلمية في صحيفة “ذا أتلانتيك”، ياسمين تاياغ، تكشف عن حقيقة مدهشة: “الكثير من الزبادي الذي نتناوله ليس صحيا على الإطلاق، فبينما يجد الكثيرون الزبادي في ممر الألبان، هناك خط رفيع يفصل بين الزبادي والآيس كريم، حيث تحولت العديد من عبوات الزبادي إلى حلوى.”

انتشار زبادي “الحلوى” على نطاق واسع

تلاحظ تاياغ أن شركة دانون، التي حققت مبيعات عالمية من منتجات الألبان تقدر بنحو 28 مليار يورو في عام 2023، تقدم زبادي بنكهات وكمية سكر تعادل 5 قطع من بسكويت “أوريو” إلى جانب إضافات مثل قطع حلوى “سنيكرز” و”إم آند إم”. ولعل أحد أكثر أنواع الزبادي مبيعاً على موقع “تارغت” يحتوي على قطع من عجينة البسكويت، مع إصدارات أخرى تحتوي على رقائق الشوكولاتة بالنعناع، والبسكويت والكريمة، جميعها بدايات تشبه الآيس كريم.

تشير تاياغ إلى أن الزبادي، على الرغم من كونه حليباً مخمراً يحتوي على البروتين والكالسيوم، إلا أن مستويات السكر والدهون تبدأ في الزيادة بشكل كبير بناءً على أنواع الزبادي المتوفرة في السوبر ماركت، وهو أمر تحدثت عنه دراسة نشرت عام 2016.

انحسار الخط الفاصل بين الزبادي والآيس كريم

في عام 2018، نشرت دراسة لطالب دكتوراه في جامعة هارفارد، والتي تضمنت بحثاً عن علاقة منتجات الألبان بالأمراض المزمنة، بما في ذلك مرض السكري. وقد توصل البحث إلى استنتاج يخفف الفجوة بين الآيس كريم والزبادي، حيث أظهر أن “تناول نصف كوب من الآيس كريم يومياً يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب”.

ومع ذلك، تقول تاياغ: “يبدو أن الزبادي لا يزال الأفضل مقارنةً بالآيس كريم، لمجرد أنه مصنوع من الحليب المخمر”، على أن هذا الأمر محل نقاش. فالزبادي قليل الدسم والخالي من السكر ليس بالضرورة خيارًا صحيًا كما يبدو، حيث إن الزبادي الذي يُعتقد أنه ليس حلوًا قد يحتوي أيضًا على كميات من السكر.

لا تنخدع بكتابة كلمة زبادي على العبوة

تؤكد إيلينا كوميلي، أستاذة التغذية المساعدة في جامعة تورنتو، أن الفوائد الصحية لا تنطبق على جميع أنواع الزبادي، حيث قد لا تحتوي جميع الأنواع على البروبيوتيك، خاصةً إذا تمت معالجتها بالحرارة. لذلك، من المهم البحث عن أي ملصق يشير إلى “بكتيريا حية ونشطة”. وتضيف أن عدد هذه البكتيريا الحية ينخفض كلما طالت فترة تخزين الزبادي، وأن فوائد البروبيوتيك لن تكون محسوسة إلا إذا تم تناوله بانتظام.

تضيف كاسي بيورك، مختصة التغذية المعتمدة، أن معظم الزبادي في المتاجر يأتي مُنكَهًا، بمعنى أنه مليء بالسكر والمحليات الصناعية، والتي تقضي على فوائد البروبيوتيك.

خطورة تأثير هالة الطعام الصحي على سلوكنا الغذائي

لا يزال لدى صناع الغذاء دور كبير في تشكيل ما نعتبره طعامًا صحيًا، وذلك من خلال التركيز على جوانب معينة من المنتجات لجعلها تبدو أفضل مما هي عليه، باستخدام مصطلحات مثل “طبيعي” أو “عضوي” أو “خالٍ من الغلوتين”.

على سبيل المثال، الزبادي يُعتبر مثالاً على هذا المفهوم المستخدم في التسويق، حيث ربطته بعض الدراسات بفوائد صحية مثل ضبط ضغط الدم وإدارة الوزن، وهو ما ساهم في زيادة مبيعاته بشكل مستمر.

ومع ذلك، يجب أن ندرك أن الزبادي المضاف إليه حليب الحلوى أو السكر لن يجعلنا أكثر صحة، لذا من الأفضل تناوله كنوع من الحلوى إذا قررنا استهلاكه.