“استكشاف بندول بنعبدالعالي: فهم عميق لجوانب فريدة ومدهشة”

By العربية الآن


بنعبدالعالي وفك الفلسفة

من المعروف أن عبد السلام بنعبدالعالي يساهم في تحليل المفاهيم الفلسفية بعمق، لكنه لا يدّعي أنَّه فيلسوف، حيث يرى أنه يفتقر إلى الثقافة الكلاسيكية. وفي أحد المقابلات، صرّح الناقد المغربي عبد الفتاح كيليطو بأنه لم يشعر بأنه مؤهل للكتابة في الأدب الفرنسي، وعندما أعدّ رسالة الماجستير حول روايات فرنسوا مورياك، أتيحت له فرصة للنشر، إلا أنه رفضها لاعتقاده بأنها ضعيفة مقارنة بأعمال النقد التي اطلع عليها آنذاك، مثل رولان بارت وشارل مورون. بعد فترة من التردد، قرر تسجيل "المقامات" كموضوع لرسالة الدكتوراه.

الإلهام من التراث الأدبي

تعتبر "المقامات" للهمذاني والحريري نموذجًا للنثر الفني، والذي عمل عليه زكي مبارك في أطروحته الشهيرة "النثر الفني في القرن الرابع الهجري" في جامعة السوربون. وقد شهدت العلاقات الأكاديمية فتورًا بين تلميذ مبارك وأستاذه ميرسيه، حيث اختلفا حول نشأة النثر العربي. رغم هذا، أصرّ المبارك على ترجمته لأطروحته إلى العربية، مما جعله يتطرق إلى أسئلة فلسفية في مؤلفاته الأخرى حول الأخلاق عند الغزالي والتصوف الإسلامي.

التعددية اللغوية وتأثيرها

كيليطو يبدو شغوفًا بتعلم اللغتين العربية والفرنسية، كما يذكر صديقه بنعبدالعالي في كتابه الأخير "الأدب والميتافيزيقيا". بنعبدالعالي يعمل على إعادة قراءة النصوص التراثية بأسلوب نقدي، مستلهمًا من رولان بارت في موضوع "موت المؤلف". يركز بنعبدالعالي على شخصيات مثل الجاحظ الذي قدم أدبًا موسوعيًّا، مما جعله رائدًا في التعابير الأدبية والتذاكر الثقافية.

الجيل الجديد من المفكرين

يستمر بنعبدالعالي في تأصيل الفلسفة ودورها في الثقافة المغربية، ويأمل في استمرارية التواصل بين الفلسفات القديمة والحديثة. زملاؤه، مثل محمد عابد الجابري، استمروا في طرح أسئلة فلسفية عميقة حول الفلسفة في العالم العربي. تأتي أعمال بنعبدالعالي كجزء من محاولة لفهم الفلسفة في سياقاتها الثقافية المختلفة، بعيدًا عن المركزية الأوروبية.

الترجمة كجسر ثقافي

يُبرز بنعبدالعالي أن الترجمة ليست مجرد نقل للغتين، بل هي وسيلة لتحويل الفلسفة والأدب إلى طاقة دافعة تجعل من الثقافة المحلية تتعايش مع النصوص الأجنبية. كما يشير كيليطو إلى أن تاريخ الفلسفة مليء بالأعمال السماوية التي تتطلب الاعتراف بها، حيث لا يمكن فحص الأفكار بشكل منفصل عن طرق التعبير المختلفة.

في السياق الثقافي، بَارَزَ الشعراء العرب المعاصرون أهمية التأثير الأجنبي في تجديد الشعر العربي، حيث استخدموا تجارب فنية الغير لإثراء أدبهم.

أسئلة حرجة حول الهوية الثقافية

تعكس تجارب الكتاب والمترجمين العرب، مثل اللقاء التاريخي بين طه حسين وزكي مبارك، توترات الهوية الثقافية الناتجة عن التأثر باللغات الأجنبية. يستمر هذا الجدل حول كيفية كتابة الأدب العربي في ظل تأثيرات الفلسفات الغربية، ويدعو ذلك للتفكير في كيفية بناء هوية ثقافية حقيقية لا تتناقض مع التعدد والتأثيرات الخارجية.

يختمّ بنعبدالعالي بأن الترجمة عمل ينقل هذين العالمين عبر جسر يعمق الفهم ويحقق المصالحة مع الذات والآخر، مما يساهم في خلق فضاء ثقافي متنوع وغني.

[featured_image]


رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version