قصة 3 قرى “غريبة” ظهرت في جبال المغرب
تحناوت – في المناطق المتضررة من زلزال القرن الذي ضرب المغرب العام الماضي، يتحدث القرويون عن الجهود الكبيرة التي تبذلها مؤسسات المجتمع المدني لمساعدتهم في مجالات متعددة.
فمنذ اللحظات الأولى للزلزال، بدأت العديد من الجمعيات الخيرية في نقل كميات كبيرة من الغذاء والملابس والأدوية للمتضررين، حتى أن المخزون فاق الحاجة، كما قدمت لهم خيامًا وأغطية.
التدخلات المستمرة
لم تنقطع عمليات الدعم المقدمة من تلك الجمعيات على مدار العام الماضي، حيث ساعدت بعض الجمعيات القرويين في حفر الآبار وتوفير المستلزمات الدراسية، إلى جانب بناء منازل باستخدام جدران مسبقة الصنع.
جمعية “فاعل خير”
من بين التجارب الناجحة التي لاقت تقديراً كبيراً، تجربة جمعية “فاعل خير” التي يقودها شباب من منطقة إقليم تارودانت، والتي تمكنت رغم شح الإمكانيات من بناء 3 مشاريع سكنية بسيطة لضحايا الزلزال في بعض الدواوير التابعة إدارياً للإقليم القريب من إقليم الحوز.
على الرغم من أن إقليم الحوز كان بؤرة زلزال العام الماضي الذي بلغت قوته 7.2 درجات على مقياس ريختر، إلا أن القرى والمداشر في هذا الإقليم تعرضت لدمار كبير، خاصة وأنه أكبر الأقاليم في المغرب من حيث عدد الجماعات الإدارية، مما زاد في عدد المتضررين مقارنة مع نظرائهم في إقليم الحوز.
مشروع تاوجا
“تاوجا” تعني “الأسرة” بلغة الأمازيغ، وهو الاسم الذي اختارته جمعية “فاعل خير” لمشاريعها السكنية الثلاثة المخصصة لضحايا الزلزال، وقد أكملت إناجرها هذا العام.
أسامة غويفردا، المشرف العام على مشروع تاوجا، أوضح أن الاسم يرمز لتلاحم الأسر بين أفراد المجتمع عقب الزلزال، حيث تجلت الروابط الأسرية في مواجهة تداعيات الكارثة.
تم تصميم المشاريع السكنية بطريقة تعزز هذه الروابط الاجتماعية بين سكان الدواوير المتضررة.
المشاريع السكنية
غويفردا أشار إلى أن المشروع الأول في دوار توونة بجماعة أركانة، حيث استفادت منه 50 أسرة، والثاني في آيت واعبدي بجماعة تافنغولت مع مؤسسة إحياء الخيرية، حيث نالت 30 أسرة، والثالث في دوار مسونة الذي نفع 20 أسرة، وكلها دواوير في إقليم تارودانت.
المنازل المؤقتة مبنية باستخدام جدران وسقوف مسبقة الصنع، عازلة للحرارة، ومجهزة بمطابخ صغيرة ومراحيض خاصة للمستخدمين، إلى جانب توفير الماء الساخن، وهو غاية في الأهمية في هذه المناطق الجبلية.
تتضمن المشاريع أيضًا قاعات مخصصة للنساء لتعليمهن ودروس محو الأمية، وأنشطة تجارية بسيطة، كالخياطة أو بيع منتجات محلية مثل زيت أركان.
إنارة بالطاقة الشمسية
تشمل المشاريع السكنية أيضًا مطبخًا جماعيًا للمناسبات، ومساجد للصلاة مع أماكن مخصصة للنساء.
تتميز المشاريع بإضاءة جيدة، حيث تعتمد على الطاقة الشمسية، مما يسهم في توفير احتياجات السكان دون تكبد تكلفة عالية.
كما تحتوي المشاريع على فضاءات صغيرة للأطفال للعب والترويح عن النفس، لمساعدتهم على نسيان تجارب الزلزال.
التحديات المستقبلية
يشير غويفردا إلى أن وراء نجاح هذه المشاريع طاقم الشباب الذي يدير الجمعية، بالإضافة إلى تمويل المحسنين المتوافق مع القوانين المحلية. يمثل هذا النجاح بالنسبة للقرويين طوق نجاة من صقيع الشتاء وحرارة الصيف المرتفعة.
مع ذلك، لا تزال هناك تحديات تواجه تنفيذ المشروع الحكومي لإسكان المتضررين من الزلزال، خصوصاً فيما يتعلق بالدعم المالي المخصص لهم.
يؤكد غويفردا أن الدفعة الأولى من الدعم لا تكفي لبناء أساسات المنزل وفق المعايير المطلوبة، مما يزيد من الأعباء المالية على القرويين.
مع الارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء، تضاف تكاليف النقل إلى المناطق الجبلية، وأجور العمال، مما يزيد من الضغوط المالية على السكان.
دعم مستمر
تستمر جمعية “فاعل خير” في تقديم الدعم لأهالي المنازل النموذجيةحتى بعد تسليمهم للمنازل، حيث تواصل صيانة المنازل والمرافق الخدمية.
تنظم الجمعية أيضًا مبادرات لتلبية احتياجات القرويين، مثل توزيع السلال الغذائية في المناسبات الدينية وتوفير مستلزمات التعليم للأطفال.
تمثل مشاريع الإسكان من بين العديد من المبادرات الخيرية التي تقدمها الجمعية، حيث تفتح الجمعية أيضًا أبوابها للمتبرعين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، مما يساهم في إعادة الأمل في حياة القرويين.
رابط المصدر