5 أرقام مدهشة تكشف أسرار الكون الواسع
مقدمة
ما سبب التباين الكبير بين التنبؤات النظرية والقياسات الفعلية لطاقة الفراغ؟ هل يمكن للتجارب مساعدتنا في العثور على إجابات لهذا اللغز؟ يبدو أن بوزون هيغز أخف بمقدار 1000 تريليون مرة من توقعات العلماء. كم هو عدد الجسيمات في الكون؟ وما احتمالية أن يكون لك نسخ مطابقة في هذا الكون؟ وماذا يجري داخل الثقوب السوداء؟ هل يعني ذلك أن مفهوم اللانهاية يتواجد هناك؟ من خلال هذه المادة، يستخدم الأستاذ البريطاني في الفيزياء أنطونيو باديلا خمسة أرقام لنستكشف عجائب الفيزياء وعالم الكونيات، والأسئلة التي حيرت العلماء حتى الآن.
الأرقام المثيرة
يستخدم البعض الأرقام لتحديد أشياء بسيطة كموعد العمل أو قيمة الفائدة على الرهن العقاري، لكن يمكن أن تحمل الأرقام أيضاً دلالات مذهلة وممتعة تتجاوز ذلك. هذه الأرقام قادرة على إزاحة الستار عن كيف يعمل الكون وتقدم ألغازاً عميقة لم تُحل بعد.
¹²⁰⎻10 (طاقة الفراغ)
لنفهم مدى صغر هذا الرقم، تخيل أننا قمنا بتقليص حجم شخص ليصبح بحجم بروتون، ثم نكرر ذلك ثماني مرات. في النهاية، سيكون حجم هذا الشخص أصغر بمقدار ¹²⁰⎻10 مقارنة بحجمه الأصلي. هذا الرقم صغير للغاية لدرجة أنه أقل بكثير من “طول بلانك”، وهي وحدة أساسية في الفيزياء، حيث يبدأ مفهوم المسافة كما نعرفه في فقدان معناه.
### أرقام مذهلة تكشف أسرار الكون
**فجوة طاقة الفراغ: لغز الفيزياء الحديث**
تشير النظرية الكلاسيكية إلى أن الطول يصبح غير قابل للتحديد عند القياسات الدقيقة. في الطبيعة، نادراً ما نجد نسباً أسية كبيرة أو صغيرة جداً، وعندما تظهر مثل هذه النسب، يسعى العلماء لتفسيرها. أحد هذه الأرقام هو ¹²⁰⎻10، وهو ليس مرتبطًا بحجم البشر، ولكن بمقارنة الملاحظات الكونية مع أفضل نظرياتنا، كنظرية المجال الكمي. يظهر هذا الرقم عند التفكير في طاقة الفراغ، وهي الطاقة الموجودة في الفضاء الفارغ، وهي القوة وراء توسع الكون. وبالتالي، فهم هذه النسبة الضئيلة يمثل أحد أكبر الألغاز في الفيزياء.
![توسع الكون](https://www.alarabiyanow.com/wp-content/uploads/2024/11/1732507164_33_اكتشف-5-أرقام-مذهلة-تكشف-أسرار-الكون-الفسيح.jpg)
*إن كوننا يتوسع، والمسافة بين المجرات البعيدة تزداد (شترستوك)*
مع توسع الكون، تتزايد المسافات بين المجرات. تُعزى هذه الظاهرة إلى الطاقة الكامنة في الفضاء الفارغ المعروفة بطاقة الفراغ، الناتجة من جسيمات افتراضية يصعب رصدها. نحن ندرك وجود هذه المجالات من خلال آثارها في التجارب العلمية. ومع ذلك، عندما نحاول حساب مقدار طاقة الفراغ، نجد أن كثافتها النظرية تكون هائلة، حيث يمكن لكوب صغير من الفضاء الفارغ أن يحتوي على طاقة تكفي لتدمير جميع الكواكب في الكون المرئي أكثر من تريليون تريليون تريليون مرة. لحسن الحظ، الواقع ليس بهذه الصورة.
### مدى طاقة الفراغ وأثرها على الكون
إذا كانت كثافة طاقة الفراغ كما تتنبأ بها النماذج النظرية، فسيؤدي ذلك إلى انحناء الكون بطريقة تدمره. لكن القياسات الفعلية توسع الكون تدل على أن طاقة الفراغ أقل بمئات المرات من المتوقع. بمعنى آخر، تبلغ طاقة الفراغ الفعلية ¹²⁰⎻10 فقط من القيمة التي تقدمها نظرية المجال الكمي.
يتبادر إلى الذهن سؤال مهم: ما سبب الفجوة بين التنبؤات النظرية والقياسات الفعلية لطاقة الفراغ؟ هناك احتمالان: الأول هو وجود خطأ في نظرية المجال الكمي، ولكن يبدو أن هذا الاحتمال غير مرجح نظراً لدقة هذه النظرية. الثاني هو وجود شيء مفقود في نظرية الجاذبية لأينشتاين، التي تظل متماسكة للغاية بحيث يمكن أن تؤدي أي تغييرات كبيرة إلى عدم استقرار كوني.
### الأكوان المتعددة كإجابة محتملة
يشير بعض العلماء إلى تفسير مثير للجدل يتعلق بالقيمة الصغيرة لطاقة الفراغ، حيث يعتقدون بوجود أكوان متعددة. هذه النظرية تقترح مجموعة من الأكوان التي تختلف في قوانينها وخصائصها. داخل هذا الإطار، يجب أن توجد أكوان بكثافات مختلفة من طاقة الفراغ، ولكن يجب أن يكون هناك على الأقل كون واحد مطابق لكوننا. ومع ذلك، تظل هذه الفكرة نظرية غير مكتملة.
### الأبحاث الحالية ووسائل الاستكشاف
هل يمكن للتجارب أن تكشف الأسرار حول طاقة الفراغ؟ حتى الآن، كانت الأدلة الوحيدة تأتي من توسع الكون المتسارع الذي يُراقب. حالياً، أعمل مع زملائي في المملكة المتحدة وإيطاليا على دراسة خصائص الجاذبية لطاقة الفراغ من خلال النجوم النيوترونية، والتي يُعتقد أنها تتمتع بكثافة عالية تؤثر على طاقة الفراغ.
![بيتر هيغز](https://www.alarabiyanow.com/wp-content/uploads/2024/11/اكتشف-5-أرقام-مذهلة-تكشف-أسرار-الكون-الفسيح.jpeg)
*الفيزيائي البريطاني بيتر هيغز الذي تنبأ بوجود بوزون هيغز (الأوروبية)*
### خفة بوزون هيغز: لغز الكتلة
يعتبر الرقم 0.0000000000000001 كبيراً بالنسبة للرقم السابق، ولكنه لا يزال صغيرًا جداً بالنسبة لنا. بوزون هيغز هو جزء من “أحجية الجسيمات” التي تفسر لماذا تمتلك الجسيمات الأساسية كتلة. وعلى الرغم من كشف scientists عن بوزون هيغز في عام 2012، إلا أن قياسات الكتلة كانت أخف بمقدار 1000 تريليون مرة مما تنبأت به النظريات.
تتأثر كتلة بوزون هيغز بالمجالات الكمية المحيطة التي تحيط به، وتؤدي هذه المجالات إلى زيادة في الكتلة. غموض عملية قياس الكتلة لهذه الجسيمات يظل لغزاً في الفيزياء.### التناقض في كتلة جسيم هيغز
تُعتبر الكتلة الفعلية لجسيم هيغز ضئيلة جداً، حيث تساوي تقريباً 0.00000000000000001 مرة من الكتلة التي تنبأت بها الحسابات النظرية. هذا التفاوت يثير تساؤلات لدى علماء فيزياء الجسيمات، مما دفعهم إلى اقتراح تفسيرات محتملة لهذه الظاهرة.
### الأبعاد الإضافية والتفسيرات البديلة
أحد التفسيرات المقترحة هو وجود أبعاد إضافية في الكون، مما يؤثر على خصائص الجسيمات وبالتالي يُفسِّر هذه الكتلة الصغيرة. هناك تفسير آخر يشير إلى مضاعفة عدد الجسيمات في بعض النظريات، مما قد يُحدث تغييرات في طبيعة “السائل الكمي المحيط” مع زيادة الطاقة. كما يُحتمل أن يتفكك بوزون هيغز إلى أجزاء أصغر، مما يُغيِّر تفاعله مع الحقول الكمية المحيطة بطرق غير متوقعة.
### تجارب جديدة في مصادم الهدرونات
لم تُظهر التجارب السابقة في مركز الأبحاث الفيزيائية “سيرن” أي دليل يدعم هذه التفسيرات. ومع ذلك، فقد عاد مصادم الهدرونات الكبير LHC للعمل في دورته الثالثة بعد توقف استمر ثلاث سنوات. خلال هذه الدورة، سيقوم العلماء بدراسة تصادمات الجسيمات بطاقة أعلى، مما يُحتمل أن يوفر أدلة تدعم إحدى فرضيات التفسيرات المقترحة.
### العدد الغامض للجسيمات في الكون
يُعتبر الرقم 10⁸⁰ ضخماً، حيث يُمثل عدد الجسيمات العادية الموجودة في الكون المرئي. ويُطرح السؤال عن سبب وجود الجسيمات في الكون من الأساس، حيث كان من المفترض أن تؤدي المادة ونقيضها إلى فناء كل شيء بعد الانفجار العظيم. ومع ذلك، لا يزال هناك وجود للمادة، مما يُثير تساؤلات حول الأسباب المحتملة لذلك.
### المادة المضادة وتحدياتها
ينطوي كوننا على حوالي 5% من المادة العادية، بالإضافة إلى وجود مادة مضادة نادرة، تُعتبر أغلى مادة في الكون. يُعتقد أن المادة المضادة هي نسخة معكوسة من المادة العادية، وتمتلك خصائص مختلفة عنها. وفي حالة التقاء المادة مع المادة المضادة، يتم الفناء، مما يطرح تساؤلات حول كيفية بقاء المادة في الكون.
### البحث عن المادة المضادة المفقودة
يرجح أن المادة المضادة المفقودة قد تكون موجودة في أماكن بعيدة في الكون. ومع ذلك، لا تُظهر المشاهدات أي دلائل على وجودها، مما يُشير إلى ضرورة وجود آلية تفسر هذا التفاوت. لذلك، فإن العلماء بحاجة إلى توسيع النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات لفهم الوضع الحالي.
### آفاق جديدة من خلال الأبحاث الحديثة
تشير التجارب الحديثة في مصادم الهدرونات الكبير إلى إمكانية حل لغز هيمنة المادة. يُجرى حالياً اختبار فكرة تفكيك بوزون هيغز إلى أجزاء أصغر، الأمر الذي قد يُساعد في خلق جسيمات جديدة تكسر التماثل بين المادة والمادة المضادة.
### استكشاف الموجات الجاذبية
يُعتقد أن هذه التغيرات قد تركت بصمة على خلفية موجات الجاذبية القديمة. يأمل العلماء في اكتشاف هذه الخلفية باستخدام أدوات مستقبلية، مثل مشروع هوائي مقياس التداخل الليزري الفضائي (ليزا)، والذي يُتوقع إطلاقه في الثلاثينات. إذا تم رصد هذه الموجات، فقد تُقدم أدلة قيمة حول نشوء المادة العادية وكيف تجنبت الفناء.
### سؤال الوجود
الرقم 10¹⁰⁶⁸ يُعتبر ضخماً للغاية، مما يثير تساؤلات حول إمكانية وجود نسخ أخرى للأشخاص في الكون.## الأرقام التي تكشف أسرار الكون
### العدد الهائل وتجسيد الشبيه التوأم
يصل الرقم الذي نناقشه إلى 10¹⁰⁶⁸، وهو 1 يتبعه مجموعة زهيدة من الأصفار، قد تصل إلى نحو 100 مليون تريليون تريليون تريليون تريليون تريليون صفر. وقد أطلقت على هذا الرقم اسم “النسخة المماثلة” أو “الشبيه التوأم”. هذا الرقم يعبر عن إمكانية وجود شخص آخر يشبهك تمامًا في مكان آخر من الكون.
### الشبيه المقابل في نفس الكون
موضوع البحث هنا ليس عن كائنات مشابهة لك في أكوان متوازية كما تشير نظريات ميكانيكا الكم، بل عن وجود نسخة لك بنفس الملامح والأفكار في نفس الكون الذي نعيش فيه. يعود هذا المفهوم إلى الفيزيائي ماكس تيغمارك من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
رغم أن الفكرة قد تبدو غير معقولة، إلا أنها تستند إلى أسس احتمالية. من الممكن نظريًا وجود منطقة في الكون تساوي بنفس حجم المنطقة التي تشغلها الآن، وفي نفس الحالة الكمومية. تشير الحالة الكمومية إلى الترتيب الدقيق للجسيمات التي تشكل جسمك وما يحيط بك.
### الجاذبية وكفاءة تخزين المعلومات
هناك عدد محدود من الحالات الكمومية الممكنة التي يمكن أن تصف الفضاء الذي تحتله. لإجراء الحسابات، نحتاج إلى الاستعانة بمفهوم مذهل تعلمناه عن الجاذبية، وهو تصرف الجاذبية كالهولوغرام، مما يعني أن المعلومات الكمومية لا تُخزَّن داخل الفضاء، بل على سطحه ثنائي الأبعاد.
لحساب الحالات الكمومية، يجب تخيل السطح المحيط بك، وقسمته إلى أصغر الكتل المكونة الممكنة بحجم طول بلانك، وحساب الأنماط المتاحة للتشكل من هذه الكتل. عند جمع هذه الأنماط ستكون النتيجة 10¹⁰⁶⁸، ما يعبر عن احتمال وجود نسخة مثل لك في مكان آخر بالكون.
### الاحتمالات وإمكانية وجود الشبيه الآخر
بينما يبدو أن احتمالات وجودك في مكان آخر ضئيلة في أي متر مكعب من الفضاء، إلا أن الكون الواسع يتيح فرصًا أكبر للعثور على شبيه لك. الكون يمتد حاليًا لحدود تقدر بحوالي 47 مليار سنة ضوئية، لكن القياسات تشير إلى أن الكون الفعلي أكبر بنحو 250 مرة.
### التشوه الجاذبي وعوالم جديدة
تشير القياسات إلى أن منطقتنا من الكون شهدت تسارعًا في التوسع في فترات مبكرة، مما أتاح لها النمو بسرعة كبيرة. هذه العملية قد تتكرر في أي مكان في الكون، مما يجعل المساحات الصغيرة تتحول إلى مناطق ضخمة.
### النظرية المطلوبة لفهم المتفردات
لفهم هذه المتفردات، نحن بحاجة إلى نظرية تفسر أقوى مجالات الجاذبية. في هذا الصدد، تعتبر نظرية الأوتار مرشحًا قويًا لتفسير الظواهر الفيزيائية، إذ تقدم تفسيرًا يتعامل مع جميع الجسيمات كمكونات من كيانات دقيقة تهتز.
هذه النظرية يمكن أن تساعد العلماء في تخليص المعادلات من اللانهايات التي تظهر في بعض النظريات الأخرى، مما قد يتيح لنا في المستقبل فهم كيفية نشوء الكون.
### ما زال الحديث مستمرًا
على الرغم من أننا لا نزال في بداية فهم هذه الظواهر، إلا أن تقدمنا في تطبيق مفاهيم مثل نظرية الأوتار قد يقودنا يومًا ما إلى فهم أفضل للكون وما فيه من أسرار.