اتحاد الأوروبي يسمح بنقل بيانات مواطنيه إلى إسرائيل وسط جدل واسع
حسب تقرير لصحيفة “الإندبندنت” الإيطالية، يعزى التأخير في نقل البيانات إلى تأثيره السلبي على الأعمال التجارية، حيث تسعى معظم الشركات نحو التوجه إلى الثورة الصناعية 4.0.
**عملية نقل البيانات للبقاء في المنافسة**
مع ازدياد أهمية الرقمنة، تتجه السياسات الحكومية نحو اعتماد نماذج مؤسسية تدعم توسع هذا التقدم، حتى وإن كان المستفيد هو إسرائيل.
في 15 يناير من هذا العام، وبينما كانت هناك ضجة قليلة حول هذا الموضوع، جدد الاتحاد الأوروبي حالة الملاءمة لتسليم البيانات الرقمية إلى الدول خارج الاتحاد، وخاصة إسرائيل.
تجدر الإشارة إلى أن القرار الأصلي بنقل البيانات بحريّة من وإلى إسرائيل يعود إلى 31 يناير 2011، وأكدت “الإندبندنت” أن تجديد هذا القرار جاء في وقت يشهد توترات جيوسياسية، حيث تتهم إسرائيل بارتكاب انتهاكات جسيمة خلال حملاتها ضد حماس.
تجسس جماعي عبر تل أبيب.. القلق بشأن حماية البيانات
تتمتع إسرائيل بقدرات استخباراتية كبيرة، حيث تشتهر بشركات مثل “إن إس أو” (NSO) التي طورت برنامج “بيغاسوس”، أحد أخطر برامج التجسس التي تستهدف الأجهزة الذكية وخاصة أجهزة “آي أو إس”.
تأسس الموساد عام 1937 لتنظيم هجرة اليهود إلى فلسطين، ونجح في تنفيذ عدة عمليات بارزة، مثل اختطاف “أدولف آيخمان” واغتيال “غسان كنفاني”.
لكن قرار الاتحاد الأوروبي بالموافقة على نقل البيانات في ظل الأوضاع الحالية في إسرائيل يعتبر أمراً مثيراً للجدل، خاصًة في ضوء ارتكابها انتهاكات ضد الفلسطينيين.
**إسرائيل والبيانات الحساسة**
تتساءل العديد من الجهات عن كيفية إمكانية الاعتماد على حكومة لا تحترم حقوق الإنسان في حماية المعلومات الواردة من الحلفاء، في الوقت الذي تعمل فيه الشركات الإسرائيلية في مجال المراقبة والتجسس.
أقرت إسرائيل بأنها تستطيع تأمين البيانات بنفس المعايير الأوروبية، ولكن هذا يتعارض مع القوانين الخاصة بحماية البيانات ومعالجتها، التي لا تتماشى مع مبادئ الاتحاد الأوروبي.
تتطلب حماية البيانات الشخصية وسائل ضامنة لحماية الخصوصية، بما في ذلك الشفافية حول كيفية نقل البيانات وحقوق الأفراد في الوصول إليها وتصحيحها أو حذفها.
وفي نوفمبر 2023، وافق الكنيست على قانون يسمح لقوات الأمن الإسرائيلية بالوصول إلى قاعدة البيانات البيومترية الوطنية دون قيود، مما يثير المخاوف بشأن كيفية استخدام هذه البيانات.
حيث لعبت عمليات نقل البيانات من الأراضي الفلسطينية المحتلة دوراً مهماً في زيادة المراقبة وبناء قواعد بيانات بيومترية تم استخدامها لأغراض متعددة، بما في ذلك قتل المستهدفين.
**التقارير الدولية والتحذيرات**
لسوء الحظ، ذكرت منظمة العفو الدولية في تقرير سابق كيف تستخدم الحكومة الإسرائيلية تقنية التعرف على الوجه لتأمين هيمنتها على الفلسطينيين، مما يدل على استمرارية الممارسات التمييزية التي تستهدف حقوق الإنسان الأساسية.
قرار المفوضية الأوروبية يثير قلق خبراء الخصوصية
في قرار مثير للجدل، سمحت المفوضية الأوروبية بتدفق البيانات إلى إسرائيل دون قيود، مما أثار مخاوف واسعة. وقد نُسق هذا الرد من قِبل منظمة الحقوق الرقمية “إدري” و”أكسس ناو”، مع دعم من 11 منظمة غير حكومية من بينها منظمة العفو الدولية ومنظمة “ستيت ووتش”. تم توجيه رسالة مفتوحة للمفوض الأوروبي للعدالة تطلب المزيد من التوضيح والأدلة حول تجديد وضع إسرائيل في مراجعة الكفاية.
توضح الرسالة الصادرة في 22 أبريل/نيسان أن وجود أي دولة في مراجعة الملاءمة يعطي الضوء الأخضر لنقل البيانات بشكل غير مقيد بين الاتحاد الأوروبي وتلك الدولة. لذا، يُشدد على ضرورة إدراك المفوضية الأوروبية لقواعد حماية البيانات في إسرائيل ومدى توافقها مع اللائحة العامة لحماية البيانات وميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي.
مسائل رئيسية تتطلب توضيحاً من المفوضية
وطرحت الرسالة ست نقاط رئيسية تحتاج إلى توضيح حول قرار المفوضية بتجديد حالة الملاءمة لإسرائيل، منها:
1. **قوة سيادة القانون**: تأتي أهمية هذه المسألة في ضوء الظروف الحالية في إسرائيل ومدى ضمانها لحماية البيانات. وقد أُوقفت المفوضية عملية المراجعة في السنة الماضية بسبب قلقها من سيادة القانون. حيث إن هناك تغييرات مثيرة للجدل في النظام القضائي تعكس تهديدات لسيادة القانون.
2. **إطار حماية البيانات في إسرائيل**: أشارت الرسالة إلى أن إطار حماية البيانات الإسرائيلي لا يتماشى مع اللائحة العامة لحماية البيانات، معترفاً بأن القوانين الحالية غير كافية لضمان الإطار المطلوب وفقاً للمعايير الأوروبية.
3. **أحكام الأمن القومي**: دعا الخبراء إلى مراعاة تشريعات الأمن القومي الإسرائيلي التي قد تتعارض مع المعايير الأوروبية، حيث إن هذا الإطار غير قادر على ضمان الحقوق الأساسية المعمول بها.
4. **التحويلات الدولية**: أثار تجديد حالة الملاءمة مخاوف حول إمكانية الالتفاف على القوانين الأوروبية بشأن النقل إلى الأراضي غير المعترف بها دولياً، ما يشدد على ضرورة الانتباه للحدود المعترف بها.
5. **نقص المشاركة الفعالة**: أكد الموقعون على الرسالة أن هناك ضعف في مشاركة المعنيين في عملية اتخاذ القرارات، مشددين على أهمية استشارة الخبراء والشركاء المعنيين.
6. **الشفافية**: يتطلب أي قرار يتم اتخاذه في المستقبل مزيدًا من الشفافية والوضوح حول عملية التقييم والمعايير المستخدمة لتجديد حالات الملاءمة.
ساهمت هذه الرسالة في تسليط الضوء على المخاوف الجادة بشأن تأثير القرار الأوروبي على حقوق الخصوصية وحماية البيانات، داعية إلى مراجعة شاملة تأخذ بعين الاعتبار التطورات الحالية التي تعكس الوضع في إسرائيل.### ملاءمة حماية البيانات في ظل الوضع الراهن
تنص اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) على ضرورة أن تأخذ المفوضية الأوروبية في الاعتبار مجموعة من المعايير، منها مدى احترام الدولة الثالثة لسيادة القانون، وحق الأفراد في الوصول إلى العدالة، بالإضافة إلى التزامها بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
### تأثير الوضع في فلسطين
تظهر الأوضاع الحالية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة تدهورًا في احترام سيادة القانون، خصوصًا فيما يتعلق بالبيانات الشخصية المستخدمة لأغراض الأمن القومي. وقد أكدت محكمة العدل الدولية في جلسة استماع علنية أن الادعاءات المقدمة من جنوب أفريقيا حول ارتكاب إسرائيل لإبادة جماعية في قطاع غزة تتسم بالمصداقية. وشددت المحكمة على “الضرورة والخطر الوشيك” من احتمال حدوث أضرار غير قابلة للإصلاح للفلسطينيين.
### التوجيهات القانونية للاتحاد الأوروبي
أصدرت المحكمة تدابير مؤقتة ملزمَة قانونياً تلزم الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بتنفيذها، مما يعتبر عنصرًا حاسمًا في تقييم مدى ملاءمة نقل البيانات. وفي هذا السياق، دعت المنظمات الحقوقية المفوضية الأوروبية إلى ضرورة التعامل مع مخاوفها بشفافية ومساءلة لتحديد ما إذا كان يجب مراجعة قرار الملاءمة.
### دعوة إلى إعادة النظر في القرارات
أشارت المنظمات في رسالتها إلى أن جميع قرارات الملاءمة يجب أن تكون مقبولة عند التدقيق من قبل محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، وفقاً لجميع النقاط الموضحة في رسالتهم.
### قلق عالمي من الوضع في غزة
تشير الصور القادمة من غزة إلى تغير في وعي الرأي العام الغربي، مما يعزز الحاجة إلى التفكير النقدي حول كيفية موافقة القوانين التي تمكن كيانًا محتلًا من الحصول على بيانات شخصية لحوالي 708 ملايين شخص في أوروبا دون أي ضمانات أو حواجز قانونية. وتعكس المخاوف من أن تسهم العلاقات التكنولوجية، الإعلامية، العسكرية، والاقتصادية مع هذا الكيان في تهديد حقوق الإنسان، ليس فقط على المستوى الفلسطيني، بل على المستوى العالمي أيضًا.