أهمية القطاع الزراعي في مصر
يعتبر القطاع الزراعي من الأعمدة الأساسية للاقتصاد المصري، حيث يسهم بحوالي 14% من الناتج المحلي الإجمالي. يُعتبر القطن أحد المحاصيل الاستراتيجية الهامة، كونه مصدرًا رئيسيًا للألياف ويستخدم أيضًا في إنتاج الزيت وتغذية الحيوانات. تعزز هذه الصورة الاقتصادية لقيمة القطن من خلال توفير فرص العمل وزيادة الإيرادات من النقد الأجنبي. لكن تواجه زراعة القطن تحديات كبيرة، خاصة من الآفات الحشرية مثل دودة ورق القطن المصرية، التي تسبب أضرارًا جسيمة لهذا المحصول. تعتمد الأنظمة الحالية لمكافحة الآفات بشكل رئيسي على المبيدات التقليدية، التي تترك آثارًا بيئية سلبية وتضر بالكائنات غير المستهدفة، بما في ذلك البشر، وتساهم في تطوير مقاومة الآفات.
تطوير مبيدات نانوية صديقة للبيئة
تتزايد الحاجة إلى تطوير مبيدات آمنة بيئياً وقابلة للتحلل الحيوي. في هذا السياق، تُعتبر المبيدات النانوية بديلاً واعداً، حيث توفر تقنية النانو إمكانيات تعزيز استقرار المبيدات وفاعليتها. هذه التقنية تساعد في إطلاق المركبات النشطة بشكل بطيء، مما يُسهم في مكافحة الآفات بفعالية وتقليل التلوث البيئي.
من بين الخيارات الجديدة المتاحة، يبرز “الكيتوزان النانوي” المستخرج من قشور الكائنات البحرية مثل الجمبري وسرطان البحر، كونه مركبًا غير سام وقابل للتحلل البيولوجي. ويعزز هذا المركب آليات الدفاع النباتي ضد الآفات، مما يمهد الطريق نحو زراعة أكثر استدامة.
نجاح الدراسات المصرية في المجال
نجح باحثون مصريون من المركز القومي للبحوث في تطوير مبيد حشري نانوي يعتمد على “الكيتوزان النانوي”، بهدف تعزيز السيطرة على دودة ورق القطن وتحسين مستوى الأمان وتقليل السمية على الخلايا البشرية. وقد أثبتت الدراسة أن استخدام “الكيتوزان النانوي” مع المبيدات التقليدية يرفع من فعاليتها ويمدد مدة تأثيرها. تمت نشر نتائج البحث في عدد 9 نوفمبر 2024 من دورية “International Journal of Biological Macromolecules”، المعروفة بتأثيرها العلمي الكبير.
أظهرت التجارب أن هذه التركيبة النانوية زادت من فترة فعالية المبيد، حيث انتقل الوقت الذي يتطلبه فقدان نصف فعالية المبيد التقليدي من 17 يومًا إلى أكثر من 40 يومًا. كما تبيّن أن التركيبة تقلل من سمية المبيد، مما يجعلها بديلاً بيئياً آمناً ويعزز من قدرة النباتات على مقاومة الآفات.
فاعلية الكيتوزان النانوي
يؤكد الدكتور أسامة درويش، الباحث الرئيسي للدراسة في قسم الميكروبيولوجيا الزراعية، أن تركيب “الكيتوزان النانوي” أظهر فاعلية ملحوظة ضد دودة القطن مقارنةً بالمبيدات التقليدية، مما قد يساهم في تحسين كفاءة المكافحة باستخدام جرعات أقل. هذه الفاعلية تجعل الزراعة أكثر استدامة، وتقلل الحاجة إلى رش المبيدات بشكل متكرر.
وأشار درويش إلى أن “الكيتوزان النانوي” يشكل بديلاً صديقاً للبيئة مقارنةً بالمواد الكيماوية التقليدية، مما يساهم في تقليل التأثيرات السلبية على البيئة وصحة الإنسان. ومع هذه النتائج، تُعتبر هذه الدراسة خطوة مهمة نحو تعزيز استخدام مبيدات تعتمد على “الكيتوزان النانوي”، بما يسهم في حماية المحاصيل بشكل أكثر فعالية واستدامة.
