التغريبة السورية في مصر: الفرح بالتحرير والتساؤلات حول العودة

By العربية الآن


التغريبة السورية في مصر.. بين فرحة التحرير وحيرة العودة

سوريون يعملون في مطعم سوري في مدينة السادس من أكتوبر، مصر، 19 مارس 2016. سوق يجذب الزوار من جميع أنحاء البلاد، تدير معظم المحلات فيه سوريون هربوا من الحرب وقد حقق شعبية مؤخرًا في الجيزة. تُعرف المنطقة في مدينة السادس من أكتوبر باسم 'دمشق الصغيرة' نظرًا لكثافتها السكانية السورية، وكذلك المطاعم والمتاجر التي تبيع المأكولات السورية التقليدية. (رويترز)
مطاعم تبيع الأطباق السورية في مدينة السادس من أكتوبر بمصر (رويترز)

بعد أسابيع قليلة من سقوط نظام بشار الأسد، استقبلت المدن السورية احتفالات حاشدة، بدءًا من حلب وحماة وحمص ودمشق، حتى امتدت هذه الاحتفالات إلى مدينة السادس من أكتوبر في مصر.

في هذا الحي الغربي من القاهرة، احتفل السوريون بنجاح ثورتهم بعد غربة دامت 13 عامًا، مرددين الأسئلة حول العودة إلى بلادهم. هل سيغادرون “أم الدنيا” فعلا؟

غسان، صاحب محل “الشامي” للمأكولات السورية (36 عامًا)، يتحدث عن السؤال الذي تردد على لسان زبائنه: “هل حقًا تخططون للعودة؟”، والذي تحول إلى استفسارات عن مدى شعورهم بالحنين.

غسان الذي يعيش في مصر منذ 10 سنوات يقول: “حتى الآن لم أفكر في العودة. رغم الفرحة، أخشى على حياة أولادي لو عدنا إلى سوريا قبل أن تتضح معالم المرحلة المقبلة.”

مصرية عبر الإنترنت تعبر عن التمسك بالسوريين

على منصات التواصل الاجتماعي، شهدت أفراح التحرر تفاعلات مرحة من المصريين عبروا فيها عن رغبتهم في بقاء السوريين في مصر. عبر وسم “محدش هيمشي من هنا”، أظهر المصريون مشاعر الحب والقلق من مغادرة أشقائهم السوريين.

فاطمة محمد (34 عامًا) التي انتقلت إلى مصر مع عائلتها عام 2014 تحدثت عن مشاعر مختلطة حين أخبرت جيرانها المصريين بفكرة العودة إلى سوريا. وفيما تمنى جيرانها لها النجاح في العودة، بدت عليهم مشاعر الحزن لفكرة مغادرتها.

قاومت فاطمة مشاعر الفراق، وقررت عرض أثاث شقتها للبيع مع زوجها، قائلة: “لو كانت طوبا وترابا وسماء فقط.. سنعود.” في الوقت ذاته، انطلقت دعوات من سوريين آخرين في مصر لبيع أثاثهم تمهيدًا للعودة إلى الوطن.

كما تداولت أخبار عن سلسلة مطاعم “جيت بوئتك” السورية الشهيرة التي أعلنت عن نقل إدارتها لفريق مصري استعدادًا لعودة مالكيها إلى وطنهم بعد نبأ التحرير.

رابط المصدر

### السوريون يعودون إلى وطنهم: تجارب مفصلة ووجهات نظر

ردود فعل المصريين على عودة السوريين
جاءت ردود فعل المصريين على مسألة فرار بعض السوريين إلى وطنهم مزيجاً من الدهشة والفكاهة. حيث سخر البعض حيث قالوا “جه التحرير لهم بوئته (بوقته)… واحنا راح وقتنا” تعليقا على اختفاء المطاعم السورية المحبوبة. هذا المشهد يعكس حقيقة أن “الحروب والثورات لا تأتي بسابق إنذار”، حتى في قرارات العودة والبدايات الجديدة.

تجربة أدهم في حي الجمالية
قبل بضعة أشهر، اختار أدهم وإخوته افتتاح ورشتهم لمشغولات النحاس والفضة في قلب حي الجمالية الشعبي. كان أدهم متخوفا في البداية بسبب قلة تجربته في التعامل مع سكان الأحياء الشعبية في مصر. حيث إنه لم يخرج من أحياء “السادس من أكتوبر” ومصر الجديدة ومدينة نصر منذ سنوات. ومع مرور الوقت، أصبح أدهم واحداً من أهالي الجمالية، ومع تزايد الأخبار عن عودة السوريين، فوجئ بتواصل جيرانه الدائم معه وسؤالهم عن إمكانية عودته إلى سوريا.

يقول الحاج أشرف (60 عاماً): “يعني إيه يرجعوا لبلدهم، وهي مصر مش بلدهم برضه؟ هو يروح زيارة ويرجع، لكن خلاص بقى إحنا مش كل شوية نفتح قلبنا لحد، ويسيبنا ويمشي”.
في البداية كان أشرف قلقاً من “الأغراب”، لكنه مع الوقت وجد السوريين خير جيران وأهل، وأضاف: “المصريون دائماً يحتضنون الغريب، فما بالك عندما يكون أخونا ولحمنا دما، الورشة ستبقى لهم حتى لو سافروا، أنا عارف إنهم راجعين تاني”.

اشتراطات جديدة للسوريين في مصر

بينما يستعد العديد من السوريين للعودة إلى وطنهم، أعلنت مفوضية شؤون اللاجئين في مصر عدم اتخاذها أي إجراءات جماعية للعودة حتى الآن، وأكدت أن الوقت لا يزال مبكراً لاتخاذ مثل هذا القرار. وأضافت أنها لا تمنع أي شخص من العودة لوطنه على مسؤوليته الشخصية.

ووفقًا للمعلومات، فإن عدد اللاجئين السوريين المسجلين في المفوضية يبلغ 148 ألفاً، بينما تشير التقارير إلى أن العدد الإجمالي يصل إلى 1.5 مليون شخص.

شروط الدخول الجديدة
في سياق متصل، أعلنت السلطات المصرية عن شروط جديدة لدخول السوريين إلى أراضيها بعد تحرير سوريا، تتضمن منع دخول حاملي التأشيرات الأميركية والأوروبية والخليجية دون تصريح مسبق، بالإضافة إلى ضرورة الحصول على تصريح أمني مع التأشيرة. هذا الأمر أثار قلق البعض ويعتبرونه مؤشراً على تغير سياسة الدولة نحو السوريين بعد الأحداث الأخيرة في سوريا.

ماذا ينتوي السوريون في مصر؟

على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بالسوريين في مصر، يتزايد البحث عن سبل العودة، مع طرح العديد من الأسئلة حول الوضع في بلدهم، الأمن، والأسواق، وإيجارات المنازل. تدور المناقشات حول وجود بعض الآراء المشجعة إلا أن الغالبية تعكس تأنيباً. يقول معتز الخولي، أحد السوريين المقيمين في مصر: “الأحوال ليست مستقرة، لا تستعجلوا بالقدوم، لكن إذا ما نرجع نعمرها.. مين راح يفعل”. ويضيف معتز، “مصر الغالية احتضنتنا سنين، لكن وطننا أولى بمجهودنا ووجودنا في هذا الوقت”.

الرغبة في شحن الأثاث
عبّرت لبنى (37 عاماً) عن رغبتها في شحن أثاث منزلها إلى سوريا، حيث قالت: “أسست منزلي في مدينة العبور، وتكلفته تتجاوز مئات الآلاف، سأخسر كثيراً إذا بعته الآن”. وقد أوضحت أن تكلفة الشحن إلى سوريا تبلغ 1500 دولار للكونتينر، وقررت مشاركة التكلفة مع أصدقائها الذين يخططون أيضاً للعودة، لكن العقبة الكبرى تتمثل في انتظار أوضاع الشحن حتى تيسير الأمور في سوريا.

الأثر الاقتصادي لرحيل السوريين عن مصر

إن مغادرة العديد من السوريين لمصر قد تترك آثارًا اقتصادية على البلاد. تعتمد سوريا على جالية سورية كبيرة في مصر، تحظى بمكانة اقتصادية جيدة، وما بين تجاربهم الناجحة في الأعمال والتجارة، يبدو أن مغادرتهم ستؤثر بشكل ملحوظ على بعض القطاعات الاقتصادية.


رابط المصدر
## الاستثمارات السورية في مصر: الواقع والتحديات

أصدر الباحث السياسي السوري جوزيف ضاهر تقريرًا أشار فيه إلى أن الاستثمارات السورية في مصر وصلت إلى حوالي 800 مليون دولار حتى عام 2018، وذلك بعد أن شهدت ارتفاعًا ملحوظًا عقب جائحة كورونا. حيث أصبحت مصر ملاذًا آمنًا للسوريين خلال أزمتهم، مما ساهم في بناء شبكة اقتصادية متنامية لهم. 

وجهات نظر رجال الأعمال السوريين

في سياق متصل، أوضح مازن العارف، رجل أعمال سوري مقيم في مصر منذ عام 2012، أن العودة إلى سوريا لن تكون سريعة، ولن تؤدي إلى إنهاء الأعمال في مصر. وقال: “مصر فتحت ذراعيها لنا، ولن نرد الجميل بإضافة أزمات جديدة للوضع الاقتصادي.”

التأثير الاقتصادي على مصر

من جانبه، علق الخبير الاقتصادي المصري دياب محمد على الأنباء بشأن عودة السوريين إلى وطنهم بعد نجاح الثورة السورية وإسقاط نظام الأسد، حيث اعتبر أن فكرة العودة الكاملة تمثل تحديًا كبيرًا للدولتين. وأوضح أن الاقتصاد المصري سيتأثر بشكل كبير إذا تلاشت نشاطات الجالية السورية في مصر، إذ لعب السوريون دوراً بارزاً في دعم وتعزيز الاقتصاد المصري خلال السنوات الماضية.

وأشار محمد إلى أن مساهمات السوريين كانت واضحة في عدة قطاعات، منها تصدير الفواكه والخضروات، والذي شهد زيادة تفوق 12 ضعفًا مقارنة بما كان عليه قبل دخولهم إلى هذا المجال. كما ساهموا في ازدهار صناعات الملابس والمنسوجات بفضل مهاراتهم التجارية.

وأكد الخبير الاقتصادي أن الموازنة العامة المصرية، التي تعتمد بشكل كبير على الضرائب كمصدر أساسي يمثل أكثر من 80% من إيراداتها، ستنخفض بالتأكيد في حال رحيل شريحة كبيرة من المساهمين في النظام الضريبي، بما في ذلك السوريون.

التحديات المستقبلية

وأوضح الدكتور دياب أن السوريين ساهموا أيضًا في تحسين مهارات العمل وخلق فرص جديدة وفتح أسواق استهلاكية بشكل إيجابي. ورغم احتفال السوريين بانتصاراتهم، فإن العودة إلى وطنهم لن تكون قرارًا سهلًا، بل سيتطلب الأمر تقييم الوضع في سوريا واستقرار الأوضاع هناك، بالإضافة إلى استعداد النظام الجديد لتوفير بيئة مناسبة للاستثمار.

المصدر: الجزيرة

رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version