الحياة الريفية في أفغانستان: تعاون وصمود أمام التحديات

By العربية الآن


الحياة الريفية في أفغانستان.. صمود وتكافل في وجه الأزمات

Kabul Afghanistan, May 2004: Collecting bread in Kabul; Shutterstock ID 1142603966; purchase_order: aj; job: ; client: ; other:
العائلات الأفغانية تعلمت الصمود بالاعتماد على الذات، بعيدا عن دعم الحكومات (شترستوك)

كابل- تستيقظ السيدة الستينية بيبي فاطمة كل صباح كعادتها، فتبدأ يومها بتوضؤ ثم تتوجه إلى مطبخها الخارجي في منزلها الريفي. تقوم بخلط الطحين مع الماء وتتركه ليختمر قبل أن تؤدي صلاة الفجر. رغم وجود بناتها وزوجات أبنائها في هذا المنزل الكبير، تصر بيبي فاطمة على تحضير الخبز بنفسها. تقول: “أحب العمل وأكره الكسل. أعجن وأخبز وأحلب الأبقار وأبست الحليب، وأقوم بكل شؤون الحقل. هذه هي الحياة التي أحببتها ولا أستطيع العيش بدونها”.

تعيش بيبي فاطمة في قرية جبلية تابعة لولاية بدخشان شمال شرق أفغانستان، في منزل كبير مع أسرتها الممتدة التي تضم زوجها وأبناءها الأربعة وزوجاتهم وأحفادها، بالإضافة إلى ابنتين غير متزوجتين. يتوسط منزلهم حديقة مليئة بالأشجار المثمرة، وخلفه حقل للخضراوات والقمح. تُعد الأسرة من العائلات المتوسطة الحال التي تعتمد على مواردها الذاتية.

على مدار الأربعين عامًا الماضية، عانت أفغانستان من سلسلة من الحروب المتتالية (شترستوك)

تتذكر بيبي فاطمة الأيام العصيبة في شبابها، وتقول: “مررنا بأزمات كثيرة، خاصة عند الاجتياح الروسي عندما أغلقت الطرق إلى كابل وقطعت المواد التموينية. منذ ذلك الوقت تعلمنا الاعتماد على أنفسنا لتلبية احتياجاتنا”.

على مدار أربعة عقود، شهدت أفغانستان حروب متعددة، بدءًا من الاجتياح الروسي مروراً بالحرب الأهلية وصولًا إلى الاحتلال الأميركي. ومع هذه الأزمات، استطاعت الأسر الأفغانية الصمود والاعتماد على الذات بعيدًا عن دعم الحكومات.

إدارة المنزل: عمل جماعي

توضح بيبي فاطمة تفاصيل حياتها قائلة: “نزرع القمح، وأثناء فترة الحصاد نقوم بطحنه وحفظه لعمل الخبز طوال العام. لدينا خمس أبقار توفر لنا الحليب، وما يزيد عن احتياجاتنا نقوم بتجفيفه لاستخدامه لاحقًا. نزرع الفواكه والخضراوات لنكفي أيامنا، ونربي الدجاج الذي يمدنا بالبيض”.

وعن وسائل التدفئة والطهي، تضيف: “نستخدم روث البقر كوقود، إضافة إلى الحطب من الحقل”.

يعمل الجميع في هذا المنزل كخلية نحل، حيث لكل فرد دوره المحدد. الأطفال يتسابقون لجمع الجوز واللوز، والشابات يتنافسن في حياكة الأثواب، والرجال يقومون بحفر قنوات المياه وتنظيفها. تفتخر بيبي فاطمة بالإشراف على كل هذه الأنشطة، قائلة: “أنا سعيدة بأنني تمكنت من توفير حياة مريحة لعائلتي رغم كل التحديات”.

حاجي عين الدين: في قرى أفغانستان، لن تجد فندقا واحدا، لكنك ستجد مكانا في أي بيت تطرقه (بيكسابي)

حفظ المحاصيل

رابط المصدر

# طرق حفظ المحاصيل في أفغانستان

**استراتيجيات الحفظ الفعالة**
تقول بيبي فاطمة إن لكل نوع من المحاصيل طريقة حفظ خاصة. “نقوم بتجفيف الفواكه مثل المشمش والتوت والعناب والخوخ، بالإضافة إلى المكسرات مثل الجوز واللوز. كما نصنع المربى من بعض أنواع الفاكهة، وتحفظ البطاطس تحت التراب. نقوم أيضًا بتجفيف الطماطم والفلفل والخضراوات الورقية كالنعناع، ونخزن البقوليات مثل اللوبياء والحمص. في الخريف، نقوم بذبح العجول وتجفيف لحومها بتعليقها في الهواء. ومع حلول فصل الشتاء، يكون لدينا مخزون كامل من اللحوم والفواكه والحبوب، مما يقلل حاجتنا إلى شراء أي شيء من السوق”.

# قيم التكافل الاجتماعي

**حاجي عين الدين ونموذج الضيافة الأفغانية**
في قرية شاهجوي بولاية زابل جنوب أفغانستان، يعيش حاجي عين الدين مع عائلته في منزل كبير مفتوح للزوار. بيته يعد وجهة لكل محتاج، سواء الأطفال الذين يملؤون الماء من بئره أو من يسأل عن الحليب والخضراوات. يقول حاجي عين الدين: “الحمد لله، بيتي مفتوح للجميع. لقد عشت سنوات طويلة في فقر وأعرف صعوبته. الآن بعد أن منّ الله عليّ بالرزق، لن أبخل على أي محتاج”.

![القيم الأفغانية تعتمد على “البشتونوالي”، وهو قانون عرفي يشمل قيم الكرم (شترستوك)](https://www.alarabiyanow.com/wp-content/uploads/2024/12/1734704730_247_الحياة-الريفية-في-أفغانستان-تعاون-وصمود-أمام-التحديات.jpg)

القيم الأفغانية تعتمد على “البشتونوالي”، وهو قانون عرفي يشمل قيم الكرم (شترستوك)
يضيف حاجي عين الدين: “في قرى أفغانستان، لا توجد فنادق، ولكن يمكنك أن تجد مكانًا في أي بيت تطرقه. نحن نستضيف حوالي 10 ضيوف يوميًا من العابرين، ونوفر لهم المأوى والطعام. هذا واجبنا كأفغان”.

# العرف الأفغاني: البشتونوالي

**أسس المجتمع الأفغاني**
يوضح شمس الدين أحمدي، المختص في علم الاجتماع، أن القيم الأفغانية معتمدة على “البشتونوالي”، وهو نظام عرفي يتضمن قيم الكرم، الجوار، العدالة، والشجاعة. يقول أحمدي: “العزلة الثقافية للأفغان ساعدت في حماية هذه القيم، خاصة في القرى. المجتمع الأفغاني متدين ومحافظ، مما عزز تمسكه بهذه المبادئ”.

المصدر: الجزيرة

رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version