الدرس المستخلص من سقوط الأسد!
احتفل الدمشقيون بسقوط نظام بشار الأسد، وهو ما أثار فرحة كبيرة لدى الكثيرين في العالم العربي الذين عاشوا تحت وطأة الدكتاتورية لسنوات. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يحمل سقوط الأسد آفاقاً جديدة لسوريا، أم أنه مجرد بداية لمخاطر أكبر تهدد البلاد والمنطقة؟
التاريخ مليء بالدروس، حيث شهدنا انهيار أنظمة صدام حسين وعلي عبدالله صالح ومعمر القذافي، وكان للمواطنين نصيب أكبر من المعاناة بعد سقوط تلك الأنظمة.
هل ستنجح سوريا في بناء نظام مستقر، أم ستنضم إلى قائمة الدول التي تعاني من التفكك، كما حدث في العراق واليمن وليبيا؟ سقوط النظام لا يعني بالضرورة نجاح الثورة.
مخاطر الفراغ السياسي
في عام 2017، أشار الباحث الأميركي مونتي جي مارشال في دراسته “العنف، الانتشار، والتفكك في الشرق الأوسط” إلى أن التدخلات الأجنبية تستغل الفراغ السياسي الناتج عن انهيار الأنظمة. التعقيد يزداد نتيجة هذه التدخلات، ومما يزيد الأمور تعقيدًا أن عدة جهات تدخلت في سوريا منذ عام 2011، وما زالت تعمل على تقاسم النفوذ هناك.
لقد شهدنا صراعاً عنيفاً بين النظام والجماعات المسلحة المدعومة من قوى غربية وإقليمية، وعاد هذا الصراع إلى الواجهة بعد تطورات كبيرة، لكن مستقبل سوريا يبقى غامضاً.
الاعتماد على الغرب
تتساءل كثير من الناس: هل ستتمكن سوريا من بناء نظام مستقر أم ستفقد السيطرة كما فعله العراق واليمن وليبيا؟ في العراق، أدت الفوضى إلى تفكك الدولة وانتشار الطائفية. وفي اليمن، تتحكم القوى الإقليمية والدولية في مصير البلاد، بينما تحولت ليبيا إلى فوضى العصابات.
التحدي الأكبر أمام سوريا هو بناء مؤسسات قوية قادرة على إدارة التنوع وتحقيق الاستقرار. هذا يتطلب وجود نخب واعية وقيادات مؤهلة، إلا أن واقع ضعف المؤسسات ينذر بصعوبات أكبر في المستقبل.
إن سقوط الأسد قد يُعتبر بداية فرحة عابرة، ولكنه لن يحل المشكلة. ما ينتظر سوريا هو اختبار كبير يتطلب وعياً سياسياً وبناءً مؤسسياً حقيقياً، وتجاوز التبعية للقوى الخارجية.
الدرس المستخلص
يتضح أن الدروس المستفادة من التجارب السابقة في البلدان العربية يجب أن تكون عبرة لكل من يتأمل في الوضع السوري. إن الانهيار لا يكفي لإحداث التغيير المنشود، فالمطلوب هو العمل على بناء دولة مؤسسات حقيقية.
تشير الأحداث الجارية في سوريا إلى دروس هامة للأنظمة الدكتاتورية في المنطقة، التي تستمر في قمع شعوبها واستغلال ثرواتها دون مراعاة لمطالب الإصلاح والعدالة. هذه الأنظمة، التي تعتمد على القمع والاستبداد لضمان بقائها، تجهل أنها تزرع بذور سقوطها بيدها، مما يفقدها شرعيتها الداخلية ويتيح الفرصة لقوى داخلية وخارجية لاستغلال تلك الأوضاع لتحقيق أجنداتها الخاصة.
### التأثيرات السلبية للقمع
كما يرى مارشال، فإن تجاهل المطالب الشعبية واستمرار سياسة القمع يفتحان المجال أمام التدخلات الأجنبية، وهو ما يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة ككل.
### متطلبات المرحلة المقبلة
قد يبدو سقوط الأسد بداية لإيجاد طريق للفرح، لكنه ليس النهاية. إن ما ينتظر سوريا والمنطقة هو اختبار صعب يتطلب وعيًا سياسيًّا، وبناء مؤسسات قوية، وتجاوز التبعية للقوى الخارجية، التي تسعى لتحقيق مصالحها على حساب استقرار الشعوب.
### سؤال المستقبل
السؤال الذي يجب طرحه بجرأة هو: هل نحن مستعدون لهذه الرحلة الطويلة؟
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.