الرباط.. شعراء عرب يرون في “الهايكو” الياباني توجهًا للتعبير
شهدت سبعينات القرن الماضي أولى تجارب الهايكو العربي، بدعم من تواقيع الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة، وأوراق الشاعر السوري نزار قباني، وتأملات الشاعر وعالم الاجتماع المغربي عبد الكبير الخطيبي، من ثم جرب آخرون كتابة الهايكو أو تأليف أشكال شعرية مقاربة لها بمصدرها أو تأثيرها، على غرار تجربة كل من عدنان بغجاتي وشاكر مطلق وعاشور فني وعز الدين الوافي وعذاب الركابي وغيرهم.
وشارك الشاعر السوري المقيم في اليابان محمد عُضيمة رؤيته حول “هذا الفن الجديد في المنطقة العربية” موضحًا أنه يعبر باليابانية عن (جو سارّ) حيث تعبر كلمة (هاي) عن جو مبهج بينما (كو) تمثل عبارة.
وأدى المغنيون والمشتاقون، خلال ندوة جرت مساء الاثنين الماضي في إطار المعرض تحت عنوان (الهايكو العربي)، أن “هذا الشكل الشعري يتناغم مع روح الحداثة والمشاعر.الجديدة المتطلعة في فن التعبير”.
قال وذهب قائلاً “من الغير منطقي أن يمر الكون بكل هذه الانهيارات ولا تتضاءل البلاغة القديمة، هناك صياغة جديدة للروح تحتاج للتعبير برشاقة، لهذا لا ندع المشهد لأشكال الكتابة العشوائية، الهايكو هو نقد شعري راقي”.
من ناحية أخرى، تسائل الشاعر والأديب والدبلوماسي المغربي عبد القادر الجموسي “هل الهايكو شعر؟” قبل أن يعقب قائلاً “هذا الاستفسار الذي يعبر عن تعجز الجانب الأحادي في الشعر، كما لو أن الشعر هو ما يُكتب ويُعرف في اللغة العربية حصراً”.
وأضاف أن “الهايكو يظهر لنا وجود أنماط متعددة من الكتابة الشعرية، أي أن نخرج عن النمطية” مشيراً إلى أن أول ورشة عمل عُقدت لاستكشاف هذا الموضوع في المغرب كانت في عام 2015.
وأشار إلى أن “شفرة هذه القصيدة لا تسمح لك بالتأويلات ولا بالتهكمات الدرامية، إنها لحظة جميلة يمكن أن يكتبها صبي أو امرأة أو شيخ، بمعنى أن الهايكو هو الشعر الأكثر ديمقراطية، وهو بوابة الشعر لكل من يتلهف”.
أما الشاعرة المغربية دامي عمر -التي قادت الورشة- فقالت إن “أي ثقافة لا تتسع للثقافات الأخرى مُحكومة بالأنهيار والفناء”.
وأضافت “أجمل ما في الهايكو هو توثيق هذا التفتح العربي إلى الثقافة اليابانية التي بدورها تفتح نحو ثقافات أخرى لتجديد الهايكو، فمنذ القرن السابع عشر، تاريخ ظهور الهايكو في اليابان، حتى الآن والفن الشعري يُجدد بصورة كبيرة، وقمنا أيضا بالتجديد، فالشعر روح العالم ولا يخص أحداً”.
وتحدثت الشاعرة الإماراتية نجوم الغانم، الفنانة التشكيلية والسينمائية أيضاً، عن علاقتها بهذا النوع الشعري قائلة إنها “ابتدأت مبكراً”.
وقالت “لم أدرك أن ما أكتبه متصل بما يُدعى الهايكو في تجربتي التي بدأت في الثمانينيات، كنت أكتب قصائد قصيرة جداً ومكثفة”.
وأضافت أن “قصائد الهايكو هي وسيلة للتحرر. تجد بنفسي غريقة في حب هؤلاء الشعراء، وظلت شغفاً بهذه القصيدة وهذا الشعر الذي يقوم على التأمل وتأمل الطبيعة، وأيضاً على التفصيلية”.
وتم انطلاق الدورة الـ29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب في الرباط في 10 مايو/أيار وتستمر حتى 19 من الشهر نفسه.