الرباط.. معرض الكتب الدولي يرحب بزواره ويتناول “الرواية وعلم النفس”
رئيس الحكومة عزيز أخنوش كان من بين الحضور الذين شاركوا في افتتاح المعرض بشكل رسمي قبل يومين بحضور وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد ومدير مكتب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) للمغرب العربي إريك فالت، الذي تكرمت منظمته بزيارة شرفية لهذه الدورة.
تشارك في المعرض -الذي يُقام في ساحة السويسي بالرباط حتى 19 مايو/أيار الحالي- 743 عارضًا من 48 دولة، مع برنامج ثقافي متنوع يتضمن 241 فعالية تشمل لقاءات وندوات وأمسيات وجلسات توقيع لأحدث الإصدارات.
صرح عارض مغربي لوكالة رويترز تحت اسم “عثمان” بأن “اليوم الأول للمعرض لا يمكن الحكم عليه من حيث الحضور، ولكن التنظيم قد تحسن بشكل واضح مقارنة بالدورات السابقة، ويبدو أن المعرض يحقق مكانته في الرباط”.
كان المعرض يُعقد في مدينة الدار البيضاء حتى عام 2021، قبل اتخاذ القرار بنقله
في اتجاه العاصمة الرباط، تزامن ذلك مع بعض الاعتراضات، ولكن وزارة الشباب والثقافة والتواصل قامت بتعويض غيابه بتنظيم معرض للكتب للأطفال والشباب.
صرح أيمن البقالي (32 سنة) – الذي يشغل وظيفة أستاذ في التعليم الثانوي- بأن “المعرض للكتب يظل نقطة مضيئة تثري المشهد الثقافي المغربي”.
وأضاف “الإيجابي هو أن معارض الكتب المحلية تُنظم على مدار العام في مختلف مدن المغرب”، مُشيراً إلى أن الأجيال الجديدة بحاجة ماسة لتعزيز ثقافة الكتاب والقراءة لمواجهة التسلل الإلكتروني.
وأيدته في رأيه الطالبة الجامعية سعاد بودن (23 سنة) التي قالت “لا تقدم أية أمة بلا كتب، ونحن في منطقتنا العربية والأفريقية في وضع ضعف أمام الغرب بسبب نقص التعليم والقراءة والنقص في الأنشطة الفكرية والثقافية، وقمة ذلك الترجمة التي تلعب دورًا كبيرًا في تقدم الشعوب”.
وأضافت “يجب أن تكون هذه المعارض للكتب أكثر من مجرد مناسبات تجارية لشراء وبيع الكتب، كما يجب عدم إبقاء أفكار ومناقشات الندوات الفكرية والثقافية مقيدة في الصالونات، بل ينبغي أن تقترب الثقافة من المواطنين وتُيسر اقتناء الكتب لمكافحة بعض القضايا التافهة لوسائل التواصل الاجتماعي”.
الرواية وعلم النفس
ناقشت الدورة الجديدة للمعرض في الرباط مجموعة من المواضيع والأفكار للنقاش خلال اليوم الأول بمشاركة ضيوف من داخل المغرب وخارجه، من ضمنها العلاقة بين الرواية وعلم النفس، والتي جذبت 4 متحدثين من العراق ومصر والمغرب.
ناقشت الندوة التي أُقيمت مساء أمس الجمعة في قاعة الحوار ضمن سلسلة لقاءات “الأدب أفقًا للتفكير” العلاقة التبادلية بين الرواية وعلم النفس، وكيف كان فرويد في بداية تأسيس علم النفس الحديث يستفيد من الأدب والشخصيات الروائية تمامًا كما استفادت الروايات من منهجيات علم النفس في رسم صفات الشخصيات وانفعالاتها وسلوكياتها.
وقالت أسماء علاء الدين – معالجة نفسية مصرية وروائية- إن “الكتابة تترك تأثيراً على الإنسان والفرد بشكل معين، إذ أن لعلم النفس والأدب علاقة وثيقة؛ نظرًا لأن موضوعهما واحد، وهو الإنسان نفسه والمحيط به”.
وأضافت خلال مداخلتها في الندوة أن “الأدب يعكس الإنسان والأحداث المحيطة به، كما أن علم النفس يبحث في الإنسان، على الرغم من أن علم النفس يبحث في الإنسان بشكل فردي”.
وأشارت إلى أن “الأدب يضيف الكثير إلى علم مهم من العلوم الإنسانية وهو علم النفس، وهذا الأخير يشمل تخصصًا في دراسة الأدب، وهو علم النفس الأدبي”.
من ناحيته، قال الكاتب والروائي العراقي شاكر الأنباري إن “العلاقة بين علم النفس والأدب عامةً تعتبر علاقةً وثيقة جداً، حيث أن الإنسان هو العامل المشترك، وأساس الرواية هي الشخصيات الروائية، ومتابعة تلك الشخصيات تتطلب من كل كاتب أن يكون ملماً بفهم انفعالات هذه الشخصيات وتحليل الذات”.
وأشار إلى أنه “عندما قدم رواد التحليل النفسي مثل فرويد ويونغ، كانوا قد أحدثوا ثورة كبيرة، ليس فقط في عالم الروايات، بل في المجال الفني بشكل عام”، مشيراً إلى أن الاتجاهات العديدة في أوروبا بعد الحرب العالمية الأولى استلهمت من نظريات فرويد وأطلقت تيار الوعي الجديد، مدرسة النفسية الذاتية والحركة النفسية.
ومع ذلك، عاد ليقول إنه “في الساحة العربية يوجد نقص في استغلال علم النفس، حيث دخل هذا العلم إلى المشهد الثقافي والفني بتأخر بعد الحرب العالمية الثانية، ولم يكن له تأثير كبير”.
أما الكاتب والناقد والأكاديمي المغربي حسن المودن فاعتبر أن “الانطلاق من الأدب بشكل عام والرواية بشكل خاص كان ضرورة لبناء تحليل نفسي”.
وقد استعرض المودن نصوصًا للعالم النمساوي سيغموند فرويد، وخلص منها إلى أن “الرواية كانت حاضرة بقوة في دراسات فرويد وفي معجم مصطلحاته، لدرجة أنه كان يحلم بأن يكون روائيًا في زمنه الذي شهد ازدهارًا للرواية”.
وأضاف “يظهر بوضوح أن فرويد كان يستمد مفاهيمه النفسية من الأعمال الأدبية ومن الروايات”.
وألمح المودن إلى نوع من الشبع والتراخي بعد فرويد، معتبرًا أن “المحلل النفسي والناقد النفسي لم يعد يعود ليقرأ الأدب بحثًا عن تصورات ومفاهيم نفسية جديدة، بل صار يكتفي بتطبيق مفاهيم نفسية معمقة على جميع الأعمال الأدبية”.
وختم مداخلته في الندوة بسؤال حول “كيفية الخروج من هذه الحلقة المُغلقة”، مُعتبرًا أن تطبيق التحليل النفسي على الأدب قد وصل إلى طريق مسدود.