الشعوب العربية بين الإكراه والرفض
تُعقد الوضعية في الشرق الأوسط، مما يقربنا أحيانًا من العالم الخارجي ويفصلنا في أحيان أخرى عن حقوق الإنسان.
لقد تفشت ظاهرة تمجيد الأشخاص وتأثير الولاءات، ما تداخل مع مبادئ الوطن، وحوّل المواطن إلى ضحية للصراعات السياسية. وأصبحت ثقافة الاستبداد تضعف فرص التحول الديمقراطي، مما أضعف قدرة المجتمع على البناء الوطني.
على مدار عقود، غمرت السرديات التمجيدية هذه المجتمعات حتى وصلت إلى حد التقديس للحكام، حيث أصبح بعضهم يعتقد بأنه فوق القوانين. ولكن هذه الولاءات بدأت تتحول تدريجيًا من الإكراه إلى الرفض، مما يعكس تغييرات في عقلية الشباب العربي.
ومع اقتراب نهاية عام، يجب أن نفكر في استشراف مستقبل أفضل لوطننا العربي، الذي يعاني من تشرذم الاستقرار والإصلاحات. تتعقد التحديات مع الوقت، لذلك يصبح فهم المشهد السياسي والاقتصادي أمرًا بالغ التعقيد.
الدول الكبرى تعمل على تقسيم المنطقة وتجهيز خرائط جديدة، مما يزيد من مأساة العراق وسوريا وليبيا واليمن.
بسبب تأزم الوضع، تشتت الهوية العربية، ونتساءل عن مقدار ارتباطنا بالتاريخ والحضارة، في ظل عوامل الاحتلال والتدخلات الخارجية. في سوريا، تعذر الاستقرار مع تدافع المصالح الدولية.
لكن هناك بارقة أمل تتعلق بعزيمة الشعب السوري الذي يقاوم الاستبداد. هذه الإرادة تحتاج إلى إسناد سياسي واقتصادي لتحويل سوريا إلى رئة للأمة العربية.
على الصعيد الدولي، تعود السياسة الأمريكية إلى الواجهة مع بداية حكومة ترامب، مما يعيد تشكيل التوازنات في المنطقة. من المتوقع مزيد من التعقيدات في العلاقة بين الدول العربية، حيث يتزايد الانقسام بسبب الضغوط المالية.
تظهر الحقائق أن القوي تعمل على تعزيز سيطرتها وتجزيء المجزأ في بلدان كالعراق وسوريا، مما يزيد من وجود الفتن الطائفية.
إن طريق الإصلاح يتطلب إرادة حقيقة واعترافًا بالأزمات المستفحلة، بعيدًا عن الاعتماد على الحقائق الجزئية.
واقع منطقة الخليج
تحديات الاستقرار
تواجه منطقة الخليج تحديات متزايدة نتيجة تفاقم الأزمات الإقليمية والدولية. في ظل هذه الظروف، يطرح سؤالٌ مهم حول إمكانية تجاوز هذه التأثيرات على الاستقرار النسبي في المنطقة. هل يمكن أن تكون هذه الحدود النسبية في الاستقرار نموذجًا يُساعد في حلحلة الأزمات الحالية؟
دور الشباب في التغيير
تعتبر المجتمعات الخليجية من الفئات الشابة حيث ترتفع نسبة الشباب بين السكان، مما يستدعي النظر في إشكاليات وفرص العمل، وتوسيع الحريات. يتطلب التحول في هذه المجتمعات اتخاذ خطوات إصلاحية تستجيب لطموحات الجيل الجديد، خصوصًا في مساعي تحويل الاقتصاد عن الاعتماد الكلي على النفط. التوجه نحو الطاقة المتجددة والأمن الغذائي المسؤول يُعتبران من الجوانب الهامة لترسيخ استقرار المنطقة.
سياسة خارجية متوازنة
نجحت بعض الدول الخليجية، وخاصة سلطنة عمان وقطر، في تطوير سياسة خارجية متوازنة على الرغم من الأزمات الدولية. وقد مكّن هذا من تحسين موقعها على الساحة الدولية وجذب الاستثمارات وبناء تحالفات إقليمية جديدة تهدف إلى تبادل المصالح.
التأثيرات النووية الإيرانية
تظل التوترات الإقليمية، لا سيما ملف إيران النووي، تهديدًا للأمن والاستقرار في الخليج. ولذا، يُعد تعزيز التحالفات واستثمارها ضروريًا، فضلًا عن أهمية إسهام دول الخليج في المفاوضات المستقبلية الخاصة بالبرنامج النووي. كما ينبغي التركيز على تطوير القدرات الأمنية السيبرانية لمواجهة التهديدات الرقمية المحتملة.
الحاجة إلى إرادة إصلاح حقيقية
الطريق نحو الإصلاح في الوطن العربي يتطلب إرادة حقيقية، واعترافًا بالأزمات التي تهدد التوازن. يتوجب تبني مقاربة شاملة تستند إلى وعي بكافة الأبعاد وتبتعد عن الإنكار. ينبغي مراجعة السياسات الفاشلة التي ساهمت في تفاقم الأزمات، مع ضرورة الابتعاد عن الحلول الترقيعية وتعزيز أدوات الرقابة للحد من الفساد.