“الطوب الحراري”.. تقنية تعود لأكثر من 3000 سنة تعالج أزمة المناخ
يعتقد الباحثون أن هذه التقنية يمكن أن تسهم في تحقيق أهداف الأمم المتحدة بشأن الوصول إلى انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، من خلال استخدام “الطوب الحراري” لتخزين الحرارة.
يصنع الطوب الحراري من مواد بسيطة ومستدامة، مشابهة لتلك التي كانت تستخدم في الأفران القديمة وأفران الحديد منذ آلاف السنوات. وفي تصريح لموقع العربية الآن، قال مارك جاكوبسون، أستاذ الهندسة المدنية والبيئية في جامعة ستانفورد والباحث الرئيسي في الدراسة، إن “المواد الكيميائية الموجودة في الطوب الحراري هي ذاتها الموجودة في الطين والرمل، مما يجعله خيارًا مستدامًا وآمنًا بيئيًا للإنتاج على نطاق واسع”.
وأضاف جاكوبسون أن “الفرق بين تخزين الطوب الحراري وتخزين البطاريات هو أن الطوب يخزن الحرارة بدلاً من الكهرباء، كما أنه أقل تكلفة بعشر مرات من البطاريات”. وينتظر جاكوبسون أن يمكن النظام الحراري من الاستغناء عن الأفران التقليدية، حيث يمكن تسخين الطوب مباشرة باستخدام الكهرباء، مما يساهم في تقليص التكاليف بشكل كبير، وهذا ما يجعله خيارًا جاذبًا للشركات الصناعية.
كيف يعمل الطوب الحراري؟
تعتمد هذه التكنولوجيا على جمع الطوب الحراري داخل حاوية معزولة، حيث يتم تخزين الحرارة الناتجة عن استخدام مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ويمكن الاستفادة من هذه الطاقة الحرارية لاحقاً في العمليات الصناعية عند الحاجة، حتى في الأوقات التي تغيب فيها الشمس أو تتوقف فيها الرياح، حيث يتم نقل الطاقة الحرارية عبر تمرير الهواء خلال قنوات داخل الطوب، مما يتيح لمنشآت إنتاج مثل مصانع الأسمنت والصلب والزجاج الاستمرار في العمل باستخدام الطاقة المتجددة باستمرار.
شملت دراسة جاكوبسون وفريقه نماذج حاسوبية لتخطيط مستقبل الطاقة المتجددة في 149 دولة، ووجدت أن استخدام الطوب الحراري قد يقلل تكاليف رأس المال بنحو 1.27 تريليون دولار، مقارنةً بالحلول التي تعتمد بالكامل على البطاريات. كما من الممكن أن يقلل هذا النظام من الطلب على الطاقة من الشبكة ويقلل الحاجة لتخزين الكهرباء، مما يساعد على تسريع الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.
أوضح جاكوبسون أن “الطوب الحراري يوفر حوالي 90% من الحرارة المطلوبة للعمليات الصناعية، خاصةً الحرارة العالية التي تتراوح بين 150 إلى 2000 درجة مئوية، مما يجعله الخيار المثالي للعديد من التطبيقات الصناعية”. وأضاف “الحرارة الشمسية، على الرغم من أنها متوافرة فقط خلال النهار، إلا أنها يمكن أن تدعم بعض التطبيقات”.
دعم التحول إلى الطاقة المتجددة
على الرغم من الفوائد العديدة، يشير جاكوبسون في تصريحه لـ”العربية الآن” إلى التحديات التي تواجه اعتماد هذه التكنولوجيا، موضحاً أن “المصانع القائمة التي استثمرت في بنيتها التحتية قد لا تكون متحمسة للتحول بسهولة”. ومع ذلك، أكد أن المجمعات الصناعية الجديدة أو التي تحتاج إلى تحديث معداتها ستكون أكثر استعدادًا لتبني الطوب الحراري، ودعا إلى ضرورة سن السياسات والمحاور الحكوميه لتسريع الانتقال نحو هذه التكنولوجيا.
تستطيع هذه التقنية أن تشكل جزءًا من خطط أوسع للتحول الكامل نحو الطاقة المتجددة، ويقول جاكوبسون: “لقد طورنا خططًا للدول والمدن للانتقال إلى طاقة نظيفة بنسبة 100%، ونستمر في تحديث هذه الخطط كلما ظهرت تقنيات جديدة”، مشيراً إلى أهمية الطوب الحراري في التغلب على مشكلات تذبذب الإمدادات من الطاقة المتجددة. ويؤكد: “يمكن تسخين الطوب الحراري عند توفر الكهرباء من المصادر المتجددة، مما يسمح بتخزين الحرارة واستخدامها وقت الحاجة، مما يعالج مشكلة تقلب الإنتاج المتجدد”.
تعتبر تقنية الطوب الحراري مثالاً على كيفية استغلال حلول قديمة بطرق مبتكرة لتحسين الأهداف البيئية والاقتصادية. وفي ظل الحاجة الملحة للتحول إلى مصادر طاقة نظيفة ومستدامة، ومواجهة العواقب المناخية الحادة، توفر هذه التقنية فرصة قيمة لخفض التكاليف وتقديم حلول تخزين حراري للقطاعات الصناعية الكبرى. ومع الدعم الحكومي المناسب، يمكن أن تصبح هذه التقنية عنصراً أساسياً في الاستراتيجيات العالمية لتحقيق مستقبل خالٍ من الانبعاثات.
رابط المصدر