العلم بعيدًا عن أروقة الجامعات

By العربية الآن



العِلم خارج أروقة الأكاديميا

العلم بعيدًا عن أروقة الجامعات العلم بعيدًا عن أروقة الجامعات العلم بعيدًا عن أروقة الجامعات
البروفيسور الفيزيائي فريمان دايسون (مواقع التواصل)

يبدو أن حب العلم هو شغف يتجاوز حدود السيطرة، شغف يشبه وحشًا يخرج من قمقمه ليس لتلبية الرغبات بل ليتغلغل في القلب والنفس.

### الشغف بالعلم

“منهوم”.. هكذا يصفه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه، وهو يعبر عن الجوع القلبي العميق والعطش لمعرفة الحياة؛ فالشغف يجعله يضحي بكل غالٍ للوصول إلى المعرفة، زاهدًا في أعين الناس. ومع كل جهد يبذله، يشعر بتغير نظرة العالم من حوله، حتى يبلغ حالة من اليقين.

### التآلف بين الحب والطموح الأكاديمي

هناك فرق شاسع بين من ينشد العلم بدافع الشغف والحب، فيجد في الشهادات الأكاديمية تتويجًا لذلك، ومن يسعى للحصول على الشهادات من أجل العظمة الاجتماعية أو الطموح الزائف. هؤلاء يرون الشهادات وسيلة لإشباع فراغ داخلي، طامحين لمكانة اعتبروها ستعوض عن نقصانهم.

### أمثلة ملهمة

البروفيسور الفيزيائي فريمان دايسون (Freeman Dyson) كان مثالاً للتفوق العلمي، حيث قاد مشروعات بحثية بارزة في مجالات متعددة.

في رسالةٍ أرسلها الدكتور زكي مبارك إلى صديق، ذكر أن الغنى لأهل العلم يجب أن يكون محدودًا ليتحرروا من قيود السعي وراء المال، مما يعكس أهمية الشغف العلمي على المكاسب المادية.

تحدث إيفان إيليتش أيضًا عن كيف كانت الجامعات أماكن للنقاش العلمي الحقيقي وليس لمجرد الأداء الاستهلاكي. وقد تجسد هذا في شخصيتين: الأولى فريمان دايسون الذي فضل الشغف على الألقاب، والثانية مانفريد شتاينر الذي قضى سنوات لتحقيق حلمه الأكاديمي حتى وهو مسن.

### قصة مانفريد شتاينر

عندما أنهى مانفريد شتاينر دراسته الثانوية، كان يحلم بدراسة الفيزياء، لكن العائلة شجعته على الطب. ومع ذلك، بعد الانتقال إلى الولايات المتحدة والحصول على شهادة في الكيمياء الحيوية، عاد أخيرًا لتحقيق حلمه في الفيزياء، ليحصل على درجة الدكتوراه في عمر 89 عامًا.

شتاينر كان يرى في الفيزياء فرصة لفهم العالم بدقة أعلى، واختار التوجه للفيزياء النظرية لأنها تسمح له باستخدام عقله فقط. تماماً كما كان فضول العلماء الأوائل، كان يسعى دومًا لفهم أعمق.

### فضول العلم مدى الحياة

يجب علينا أن نحتفي بشغف هؤلاء العلماء وفضولهم، حيث يظهر تاريخهم عمق الفكر الإنساني وقدرته على الابتكار بغض النظر عن العمر. وأذكر قول الإمام أحمد بن حنبل الذي أصّر على طلب العلم دون اعتبار لمكانته.

لقد مررت بتجربة شخصية أثناء دراستي للماجستير عندما زرت مختبرًا حديثًا، وجاءتني أسئلة حول استمرارية فضول العلم، وما إذا كان ينتهي مع السنوات. بعد كل هذه التجارب، شعوري بالفضول العلمي لم يتوقف، بل ازداد شغفًا.

### الفصول الأخير من الحلم الأكاديمي

لا أستطيع أن أنكر أنني شعرت بالقلق حيال مستقبل الجامعات والشهادات الأكاديمية، حيث أصبحت تتوالى بشكل روتيني، وهذا جزء من واقع التعليم الجزائري الحافل بالتحديات. لكن آمالي في التحصيل العلمي تبقى حية في قلوب أولئك الذين يحرصون على صون الفهم الحقيقي ويدركون قيمة العلم.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version