الغرب المضلّ بين حقوق الأقليات وحقوق البشر!

By العربية الآن



الغرب المضلّ بين حقوق الأقليات وحقوق البشر!

المقبرة الجماعية في خانيونس جنوب قطاع غزة
مقبرة جماعية في خانيونس جنوب قطاع غزة (الجزيرة)

ليس من عادتي كتابة حول هذه المواضيع، أقصد “التوجه الجنسي”، ولا يشدني، عقلي يبحر في عوالم أُخرى، لكن نظرًا لأن المنظمات الدولية ومن بينها الغربية لم تتأخر في دعم “السفسطة” الجنسية المعلنة، في حين تتجلّى الظلم المفروض على الإنسان في أشد صوره في غزة، كان ينبغي وجود هذه المدونة.

إن كان الغرب يسعى لسد الفجوة وتقليم الهوة بينه وبين الشعوب المسلمة فلا يكون من مصلحته التدخل في القضايا الداخلية الحساسة بهذه الطريقة.

في الـ27 من أبريل الماضي، قام مجلس النواب العراقي بإقرار قانون جديد يجرم ممارسة البغاء والمثلية الجنسية، كتعديل على القانون الذي جُرِم في عام 1988، وقد عُرِفت الأسباب واستدعوا له بأنه “منسجم مع الطبيعة الإنسانية وكيف خلق الله الإنسان كذكر وأنثى، وتحافظ على تكوين المجتمع العراقي وتصدي لظاهرة الانحلال الأخلاقي والدعاوى المنحرفة التي انتشرت عالميًا كوسيلة رادعة للفاعلين والمروجين لتلك الأفعال”.

تلقت الردود والتعليقات ردًا فعلًا سريعًا، وشملت استنكارًا وقلقًا تجاه حرية التعبير، وتهديدات بسحب الاستثمارات الاقتصادية من البلاد، بالإضافة إلى تلميحات بتراجع الشركات عن دخول بلد يحد من حريات التعبير والتصرف. في السابق، كان الاحتلال الفكري يسُبَق بتغطية زائفة لجذب الرجال والنساء المستهدفين وإغرائهم، لكن الوضع الحالي يفرض ضغطًا بشكل مباشر للتراجع عن تلك الأفعال.

بينما يُتهم المسلمون في العواقب بتهديد قيم العلمانية، بالرغم من عدم فرضهم وعجزهم عن فرض نمط حياتهم الإسلامي على شعوب الغرب، ويُحاورون الحجاب لأنه يتعارض مع قيم المجتمع الغربي ويشكل تهديدًا أمنيًا، على الرغم من فرضهم نمط قيمي واجتماعي غير غربي، فلا يوجد اتفاق في الغرب بشأن ذلك، فكيف يمكن تحقيق العدالة؟، وإذا كان الغرب يسعى لسد الفجوة مع الشعوب المسلمة، فإنه ليس من الصحيح التصرف بهذه الطريقة تجاه القضايا الحساسة الداخلية.

اتخاذ تلك المواقف تجاه تلك المسائل يُثير البغض ويزيده، لأن التصعيد من خلال التهديدات والتحذير من العواقب الاقتصادية ليس سلوكًا مدنيًا، بل يعكس رغبة في التحكم والاستبداد وفرض ما لا يُؤمن به على الآخر.

لدينا تحفظاتنا على التركيز الحصري على الجانب القانوني وربما على نوع العقوبات، لأن القانون دائمًا ما يأتي بعد الحدوث، ولكن الأهم هو منع الحدوث من الأساس من خلال التثقيف والتوعية، وذلك لتجنب التصادم بين داعمي تلك الأعمال والسلطة القضائية. من أجل التقدم في مجال التثقيف العلمي من البداية.

عقوبة ممارسة النشاط الجنسي غير القانوني كجزء من الشريعة والطبيعة الإنسانية والنظام العالمي للمجتمعات، والقيم الأخلاقية العامة المرتبطة بالتصرفات الاجتماعية. مع الأمراض غير المحددة الناتجة عن البغاء، فإنه لا شك في دور “الإيدز” كمختلف في الجوانب النفسية والاقتصادية؟

ليس المسلمون وحدهم في مواجهة الشذوذ الجنسي، فكثير من أتباع الديانات الأخرى، وحتى غير المتدينين، مثل الدول الأفريقية التي تحكم على المثليين بالسجن، لأن الطبيعة حتى في المستوى الحيواني لا تميل نحو الشبه، بل نحو التباين والاختلاف.

دينيًا، تكون هذه الممارسات محظورة، وليس للدين الالهي دافع لتحريم شيء عبثًا، بل لمصلحة عامة سواء تم تجسيدها الآن أو تأجيلها بسبب انعدام التفكير، سواء تضحت للجميع أو لبعضهم. الدين يأخذ في عين الاعتبار الضعف الذي يتسم به الإنسان، لذا يقضي بعقوبة تحصيلية مع التمييز بين من انخدع في لحظة ضعف أمام الإغراء ومن يستخدم الإغراء بنفسه.

إذا كان الشخص يُعرِّض بشكل مستمر للإغراء الجنسي، فيظل العقاب كوسيلة رادعة يفرضها القاضي “وَاللذان يَأتيانها مِنكُما فَاذوُهما”. هذا هو نص قانوني جاري المفعول. ومن الطبيعي، ليس المسلمون وحدهم في مكافحة الشذوذ الجنسي، بل كثير من أتباع الديانات الأخرى، وحتى الغير متدينين، مثل العديد من الدول الأفريقية التي تعاقب المثليين بالسجن، لأن الطبيعة حتى في المستوى الحيواني تميل نحو التنوع والاختلاف، ولا نسمع عن حيوان يميل جنسيا نحو فرد من نفس الجنس.

تُنشأ مجتمعاتنا على أساس نظامها العام المبني على المظهر الشامل الذي يتفق عليه أفرادها، وهذا من أجل ضبط تصرفاتهم حين يخرجون إلى الشارع العام، فالأمور التي يمكن الاقتراب منها ومنعها لكي لا ينسحب المجتمع إلى الفوضى. والنظام العام هو ما يميز بين مجتمعاتنا، فما يجوز هنا لا يجوز هناك، وما يقبل هنا مرفوض هناك.

مستنكر.

إقامة المجتمع وبنيته، تكوّن الأسرة فيه العنصر الرئيسي، والأسرة لن تتكون وفقًا لتعاليم الدين والطبيعة والفطرة إلا من خلال اتحاد بين زوجين مُختلفين، والهدف الرئيسي من الأسرة ليس اللذة، بل التكاثر والإنجاب والحفاظ على النوع، واللذة الجنسية هي وسيلة للحفاظ على النوع، ولإكمال عملية تكوين الأسرة والإثارة لها.

لذلك فإن الميول الجنسية تعد مخالفة للقيم الطبيعية، ومحظورة وغير متناسقة معها تمامًا.

في هذا البلد يستهدفون من يكافح الفجور، وفي هذا البلد يهاجمون من يحارب الظلم، هنا يُنفق الأموال على المنحرفين جنسيًا وهناك يُنفق الكثير من الأموال على القتلة، يُفسدون الأسرة هنا والفرد والأسرة هناك.

وعلى الرغم من كونها قضية اجتماعية ودينية وثقافية داخلية، إلا أن الغرب كان مستعجلاً في رفض القانون العراقي المنظم لممارسة الدعارة بمقابل أو بدون مقابل، أي البغاء وغيره. وفي الوقت نفسه، لا يرون تدمير حياة الفلسطيني ضررًا، ولا تتوفر لديهم الشجاعة الأخلاقية الكافية لإتهام إسرائيل بانتهاك حقوق الإنسان، على الرغم من أن الأمر ليس مجرد انتهاك بل قتل لتلك الحقوق، وتدميرها.

يطالبون بتخفيف العدد فقط، لديهم حجة اعلامية لتبرير الكم الكبير من الجثث المذللة، فذهبوا إلى تزويد القاتل بوسائل القتل، وتعزيز آلته الحربية وسد النقص فيها في تصور لنفاد الذخائر التي تحرم الحياة بأكملها وليس مجرد انتهاك لأحد حقوقها. يريدون آلة حرب إسرائيلية تستمر في قتل وتبخير الجثث بفعل القنابل التي تلقيها طائراتها على المباني المأهولة، وحرمان الباقين من جزء من أسباب الحياة وحقوق الإنسان العامة.

قد تكون هذه الحقيقة الصارخة، فهم متفقون مع أنفسهم، حيث يرضون بالفجور الجنسي هنا والفساد الأخلاقي هناك، يدافعون عن انتهاك قوانين الطبيعة هنا ويدافعون عن خرق قوانين الحياة هناك.

هنا في هذا البلد يستهدفون من يحارب الفجور، وهناك يستهدفون من يحارب الظلم، ينفقون الأموال على المنحرفين جنسيًا هنا وعلى القتلة هناك، يُدمرون الأسرة هنا والفرد والأسرة هناك، كل يكون مع الطرف المنحرف، مع الجهة المستبدة، مع الجهة التي تنتهك قوانين الطبيعة.

آراء الكاتب تعبر عن وجهة نظره الشخصية ولا تعكس بالضرورة سياسة قناة الجزيرة الرسمية.



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version