الفن في مواجهة الضجيج.. “أوبرا العتبة” مسرحية في قلب السوق
مثل “مسرح الجيب” نقطة انطلاق للتجريب في فن المسرح تحت إدارة الفنان سعد أردش ومن بعده كرم مطاوع. حيث قدم مسرح الطليعة رؤية مصرية مبتكرة للمسرح العالمي، متجنبًا العروض التقليدية للكتاب العرب، وهو ما جعل تجربة تقديم مسرحية عربية لكاتب جزائري تتعلق بمقاومة الاستعمار تطفو على السطح بعد نكسة 1967.
اقرأ أيضا
list of 2 items
محمد رمضان يعلن إلغاء حفل في بيروت بسبب الأوضاع الأمنية
شيرين تعلن إنهاء خلافاتها مع “روتانا”.. هل حان موعد استئناف مشوارها الفني؟
end of list
غناء أوبرالي بسوق العتبة
لا يزال التجريب عنصرًا أساسيًا في معظم الأعمال المقدمة على خشبة مسرح الطليعة، وتعتبر مسرحية “أوبرا العتبة” للمخرج هاني عفيفي من أبرز هذه الأعمال التي تنبض بروح التجريب التي أسسها أردش، حيث تقدم تمثيلًا لفن المسرح الذي انطلق عابرًا من الشوارع الأوروبية نحو العالم، لتعرض لأول مرة فن الغناء الأوبرالي لجمهور من الباعة الجائلين والمواطنين البسطاء في سوق العتبة.
افتتح عفيفي عرضه بمغنيين يقدمون فقرات من الغناء الأوبرالي في قلب السوق الشعبي، حيث تتحول الأصوات تدريجيًا من حالة الضجيج المتواصل إلى سكون يهيمن عليه صوت الفن.
تتطور أحداث المسرحية بعد مشهدها الأول إلى خشبة المسرح، حيث تنتقل حالة النشاط والضوضاء من الباعة إلى داخل المسرح، وتظهر التباين بين المثقف الذي ينزوي بين كتبه والفنون، وبين الباعة الذين قطعوا تلك العزلة ليكتشفوا ما يجري في هذا المكان، ومن ثم تبدأ أحداث المسرحية.
متى تحولت الفنون التقليدية إلى “نخبوية”؟
يقول مخرج عرض “أوبرا العتبة” هاني عفيفي: “المسرح هو أم الفنون ويجب أن يبقى كذلك، ومع الأسف ، فإن هناك فصلاً بين الشارع والمسرح، والذي يُنظر إليه على أنه فن للنخبة، بالرغم من أنه لم يكن أبداً كذلك”. أضاف أن مسرحيته الأخيرة، والتي تعد العمل الثالث عشر في مسيرته الإبداعية، تعتبر من أهم ما قدمه في تاريخه، حيث أن الفكرة الرئيسية ترتبط بعلاقة المثقف بعالمه، حيث لا يدرك المارة أو الباعة في السوق أن هناك مسرحاً في هذه الزاوية.
وصف عفيفي عرضه بأنه ليس مسرحية تقليدية بالمعنى المعتاد، بل يتكون من مجموعة من الإسكتشات التي تتلاقى حول فكرة عزلة الفنون النخبوية وتراجعها عن المجتمع. كما يتناول العرض الضعف الفني الذي يشهده المحتوى المقدم في وسائل التواصل الاجتماعي مقارنة بما كان يجد الجمهور في الماضي من فنون راقية في دور العرض السينمائي والمسرحيات الثقافية. ويتضمن عرض “أوبرا العتبة” مقاطع غنائية وحركية ورقصًا، إلى جانب التمثيل المسرحي الكلاسيكي.
الواقعية أساس التجريب والنص العالمي ليس ضرورة
وفيما يتعلق باستجابة الممثلين والجمهور للفكرة، يوضح عفيفي أن البداية كانت بجهود المخرج عادل حسان، مدير مسرح الطليعة، الذي كان يرغب في أن يُقدم عرضًا يستلهم روح بدايات المسرح المصري للتجريب، وكان يتوقع أن أقدم نصًا عالميًا أو تراثيًا، إلا أنني فاجأته بالفكرة التي استلهمتها من تجربة سكان المكان وعلاقتهم بالمسرح، مما جعل حسان معجبًا بها وبدأنا بالعمل عليها.
لم يتوقع عفيفي النجاح الذي حققته المسرحية، خاصة من الجمهور العادي الذي لا يهتم بالمسرح بشكل كبير، فضلاً عن غياب النخب عن المسارح الحكومية، لكن هذا الحشد غير صلب ولا يعكس جذور المسرح في المجتمع.
كما أشار عفيفي إلى الدهشة التي تبدو على وجوه المارة الذين يشاهدون العرض الأوبرالي في الشارع، وما يترافق ذلك من سخرية أحيانًا، والانبهار في غالب الأحيان. حيث لا يزال البعض يتذكر عصر المسرح المصري العظيم، والأوبرا المصرية، حيث كانت هذه الفنون تصل للجماهير لتهيّأ ذوقهم وتجعلهم يرفعون من مشاعرهم العامة.
انحسار المسرح
لا يعتبر عفيفي أن تكلفة تذكرة المسرح هي العامل الرئيسي وراء انحسار المسرح، موضحًا أن كثيرين يدفعون مئات الجنيهات لأجل وجبة في مطعم أو لحضور عرض سينمائي، إلا أن العائق الرئيسي هو عدم إدراك الممثلين الجدد لقيمة فن المسرح وعجزهم عن رؤية أنه هو الفن الذي يستمر ويترك أثرًا بعد رحيلهم. ويُعتبر وجود المسرحيات التي لا تزال تعرض في المناسبات رغم مرور سنوات عديدة على إنتاجها دليلاً على ذلك.
سيتواصل عرض “أوبرا العتبة” على خشبة مسرح الطليعة بعد إنتهاء مهرجان المسرح المصري للتجريب، وسيحدد مواعيده بالمستقبل بحسب تصريحات المخرج، الذي يؤكد أن “العرض كُتب وصُمم خصيصًا لمسرح الطليعة، ولا توجد خطط حالياً لعرضه في مسارح أخرى”.
رابط المصدر