المشردون في الوطن يستذكرون مشاهد الكارثة بالصدام على غزة

By العربية الآن



المشردون في الوطن يستذكرون مشاهد الكارثة بالصدام على غزة

لافتة نصبت على مدخل بلدة أم الزينات المهجرة في سفوح الكرمل التي حول ما تبقى من أراضيها لمحمية طبيعية.
سليمان فحماوي يقف عند لافتة نصبت على مدخل بلدته المهجّرة “أم الزينات” في سفوح الكرمل (الجزيرة)

في القدس المحتلة- بمناسبة الذكرى 76 للكارثة، يجول الهندسة سليمان فحماوي في أراضي قريته “أم الزينات” الموجودة في سفوح جبال الكرمل بقضاء حيفا، التي تم تهجيرها من قبل عصابات صهيونية، ويتذكر ذكريات عائلته والبقايا التي صمدت ضد الزوال على الرغم من تقدم الوقت وعته الاحتلال.

عاش فحماوي، الذي هو عضو في “لجنة الحماية لحقوق المشردين بالداخل الفلسطيني” والناطق باسمها، مثل مئات الآلاف من المشردين الفلسطينيين فصول الكارثة كي يجدفون طريقهم داخل أرضهم، في بلدات الكرمل والساحل، حتى استقر معه دور اللجوء في بلدة أم الفحم المتاخمةحتى الرابع من شهر يونيو/حزيران عام 1967، تواجه العديد من الفلسطينيين من سكان فلسطين عام 1948 إشعارات بالهدم لمنازلهم بحجة البناء غير المرخص به.

تم تسمية الفلسطينيين اللاجئين القريبين من قراهم المهدمة ب”النازحين في وطنهم”، حيث يتكونون من حوالي 350,000 فرد من بين مليوني فلسطيني تمكنوا من البقاء في المناطق الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1948.

لدعم قضيتهم، يواجه فحماوي صراعًا مستمرًا من أجل البقاء والعيش من خلال معركتهم لاستعادة الأرض والمنازل، التي تعتبر وجهًا آخر لحالة التهجير والنزوح، حيث يتم منعهم وغيرهم من المهجرين داخل البلاد من العودة إلى قراهم وقراهم المدمرة التي طُردوا منها.

يرجع الحوار مع فحماوي في جزيرة نت إلى ذكريات النكبة، حيث يروي من خلال تجواله في بلدته أم الزينات تفاصيل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي تجسد معاناة التهجير والنزوح والدمار الذي عانى منه الأجداد خلال نكبة فلسطين الكبرى.

سليمان فحماوي يجلس على أنقاض مدرسة “أم الزينات” المدمرة (الجزيرة)
  • ما هي اللقطات التي تخطر ببالك عندما تتجول في قريتك المهجرة “أم الزينات”؟

المشاهد القديمة من النكبة قبل 76 عاما تشبه الأحداث التي تحدث الآن في حرب غزة، إذ أنا من أصول قرية أم الزينات في سفوح جبال الكرمل، حيث كان عدد السكان يبلغ حوالي ألف شخص قبل النكبة، وكانت من بين أولى القرى التي تعرضت للدمار والهجرة.

بمراقبة الحروب في غزة والتقدم البري في شمال القطاع في أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، يأتي ذلك وكأنني لاجئ داخلي، حيث يعيد لي ذلك ذكريات تهجيرنا ونزوحنا من قريتنا وبلداتنا في المنطقة.

تم نقل العديد من سكان 50 قرية فلسطينية في منطقة الكرمل والرّوحة إلى الضفة الغربية والأردن ولبنان، والبعض التوجه لمحطات اللجوء في العراق، لكن العديد من العائلات استمرت في البقاء وأصبحت لاجئة داخل بلادها في مناطق حيفا والساحل والمثلث، حيث يعيشون بالقرب من قرى وبلداتهم التي دُمرت.

مع مرور 76 عامًا على التهجير، ما زلنا نحو 350,000 لاجئ داخل الوطن، حيث يُظل الحلم بالعودة حيًا، إذ قوّم صمود سكان غزة ومعاناتهم جديدة القضية الفلسطينية وأعادها إلى الواجهة مرة أخرى، وحفّز اللاجئين في الشتات على التمني بالعودة إلى فلسطين.

  • ماذا تتذكر عن نكبة قريتك “أم الزينات” والتهجير في عام 1948؟

عانت القرية -كغيرها من القرى الفلسطينية على الساحل- من سلسلة هجمات المستوطنين في مستوطنتي “مشمار هعيمق” و”إلياكيم”، حيث قامت العصابات الصهيونية المسلحة بشن هجمات على القرى وارتكاب المجازر وإرهاب السكان لإجبارهم على التهجير القسري، بينما شكّل الثوار والمقاومة فرقًا للدفاع عن السكان والتصدي لهجمات المستوطنين.

أتذكر تلك الأحداث التي حدثت في بلدتي أم الزينات من قصص والدي ووالدتي، حيث بدأت معاناة التهجير فعليًا حين دخل قائد العصابات الصهيونية المدعو كرميلي، بدعم من الانتداب البريطاني، قريتنا وأقنع مختار القرية أسعد المصطفى بتركها لتفادي الهجمات، وعند رفض المختار ذلك، أطلق كرميلي النار عليه وقتله في منزله.

<صورة loading="lazy" class="size-arc-image-770 wp-image-6535389" src="https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2024/05/10-1715587324.jpg?w=770&resize=770%2C511" alt="بلدة يوكنعام التي إنشئت على قطع من أراضي بلدة أم الزينات المهجرة." data-recalc-dims="1"><تسمية_توضيحية id="caption-attachment-6535389" class="wp-caption-text">بلدة “يوكنعام” الإسرائيلية التي إنشئت على قطع من أراضي أم الزينات المهجّرة (الجزيرة)تسمية_توضيحية>صورة>
<قائمة>
<بند class="p4" dir="rtl">
<عنوان_فرعي>تم إجلاؤهم ثلاث مرات داخل الوطن منذ النكبة، كيف حدث ذلك؟عنوان_فرعي>
بند>
قائمة>
<فقرة class="p5" dir="rtl">عائلتي بقيت معظمها كالكثير من الأسر نازحة في جبال تطل على قراها وبلداتها، وكنّا نراقب التمرد والقتال، ومن ثم هاجرنا إلى خربة “قمبازة” قرب بلدة إجزم الساحلية. هناك أقمتُ مع عائلتي لمدة 6 أشهر، ثم انتقلنا إلى بلدة دالية الكرمل المجاورة لأراضي “أم الزينات”. كان هناك حيث ولدت في عام 1952. بعد ذلك انتقلنا للإقامة في بلدة الفريديس، وعشنا في بيت من القصدير، على الرغم من أن أسرتي كانت تمتلك منازل و3500 دونم من الأراضي في أم الزينات.فقرة>
<فقرة class="p5" dir="rtl">في الفريديس بقينا كعائلة حتى عام 1973، حيث عشنا على قطعة أرض لا تتجاوز مساحتها 300 متر مربع. استلهمنا من والدي روح المقاومة والصمود والاستمرار في النضال من أجل التعليم الجامعي. شهدنا التوسعات في المستوطنات والمدن اليهودية على أراضي القرى المهجرة، بما في ذلك بلدة “إلياكيم” التي أنشئت عام 1949 على أراضي أم الزينات. ما تبقى من هذه الأراضي تحوّلت إلى محمية طبيعية لتوجيهها إلى مشاريع الحكومة الإسرائيلية.فقرة>
<فقرة class="p5" dir="rtl">لم تتوقف مراحل اللجوء داخل الوطن، ونقلت عائلتي إلى مدينة أم الفحم عام 1973، حيث تجد نفسها كعديد من العائلات الفلسطينية المضطهدة تواجه الملاحقات والمخالفات والعقوبات المالية وإخطارات الهدم بحجة التشييد غير المرخص. تلك بعد مصادرة معظم أراضيها بموجب قانون “أملاك الغائبين” الإسرائيلي. استمرت في النضال من أجل الأرض والسكن بعد تهجيرهم وإبعادهم وسلب مقومات الحياة الأساسية.فقرة>
<صورة id="attachment_6535436" aria-describedby="caption-attachment-6535436" style="width:770px" class="wp-caption aligncenter"><صورة loading="lazy" class="size-arc-image-770 wp-image-6535436" src="https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2024/05/6-1715587581.jpg?w=770&resize=770%2C511" alt="قرية أم الزينات معروفة بالزراعة ويمتلك سكانها 16 ألف شجرة زيتون." data-recalc-dims="1"><تسمية_توضيحية id="caption-attachment-6535436" class="wp-caption-text">قرية أم الزينات معروفة بالزراعة ويمتلك سكانها 16 ألف شجرة زيتون (الجزيرة)تسمية_توضيحية>صورة>
<قائمة>
<بند class="p4" dir="rtl">
<عنوان_فرعي>ما هي الشبهات بين النكبة في عام 1948 والحرب على قطاع غزة؟عنوان_فرعي>
بند>
قائمة>
<فقرة class="p5" dir="rtl">تمثل قتل مختار أم الزينات في بيته الأولى في سلسلة من الأحداث التي أدت إلى تهجير وإبعاد السكان وترويعهم. تعرف هذه الأحداث بـ “الخطة 4” التي استهدفت نقل الفلسطينيين إلى الدول المجاورة. قُسمت البلاد في إطار هذه الخطة إلى 4 مناطق، حيث حاصَرت القرى والبلدات في كل منطقة بالدبابات والمجموعات المسلحة من ثلاث جهات، مع إبقاء ممر واحد لإجبار الناس على الفرار والهجرة تحت تهديد القتل والمجازر. تم تنفيذ هذه الخطة في 531 قرية وبلدة تم تدميرها بعد تهجير سكانها.فقرة>
<فقرة class="p5" dir="rtl">كانت طريقة الهروب الجبري -حسب التقسيم الجغرافي للخطة- توجه إلى لبنان والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة. على هذا الأساس نمت مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة. بينما هاجر كثيرون إلى الجبال حيث عاشوا لعدة أشهر عند حدود قراهم بانتظار الفرصة للعودة إلى أرضهم الأصلية. لكن الفصائل الصهيونية دمّرت القرى وهدمتها بعد نهب المنازل لتحول دون عودة العائلات المتبقية. هذه هي الأساليب التي ينتهجها الجيش الإسرائيلي في حربه على غزة الآن.فقرة>
<فقرة class="p5" dir="rtl">أنشأت المستوطنات اليهودية على أنقاض القرى الفلسطينية المدمرة وامتدت على أراضيها، وعلى هذه الأراضي تأسست إسرائيل. ما يحدث في غزة يعيد الصراع إلى نقطة الصفر، فصمود سكان غزة وتمسكهم بأرضهم فوق ركام منازلهم المدمرة، ورفضهم الهروب من الموت والمجازر والإبادة، أحبط المخطط الإسرائيلي لتهجير الباقين من العرب في كل فلسطين التاريخية.فقرة>
<قائمة>
<بند class="p5" dir="rtl">
<عنوان_فرعي>إذن، هل لا تزال إسرائيل تتبع نفس أساليب التهجير والإبعاد بعد مرور 76 عامًا على النكبة؟عنوان_فرعي>
بند>
قائمة>
<فقرة class="p5" dir="rtl">بالتأكيد، تستمر نفس الأساليب. قبل النكبة، أنشأت العصابات الصهيونية المسلحة مستوطنةاستكملت البلدة الفلسطينية هذا المسار، لفهم العادات والتقاليد العربية والتدرب على المعارك والصراعات المسلحة، وهو النهج الذي تبناه الجيش الإسرائيلي بإقامة معسكر في النقب قبل التوغل في قطاع غزة، من أجل تنفيذ تدريبات عسكرية وشنّ معارك لتشجيع سكان القطاع على الهجرة القسرية.

محملة أم الزينات كانت أحد أولى البلدات التي نفذت فيها الجماعات الصهيونية خططها، حيث شهدت معارك مع المقاتلين واستشهد العديد منهم وارتكبت المجازر بحق المدنيين، وتم استخدام الحافلات لنقل السكان المتبقين إلى المناطق الحدودية.

في حين انتقلت عدة عائلات نازحة إلى الجبال بالقرب من البلدة في انتظار العودة، ولكن الجماعات الصهيونية حالت دون ذلك، لينتقل هؤلاء للعيش في القرى المجاورة وبقوا هناك كمحطة لجوء داخل البلاد.

مساحات واسعة من أراضي أم الزينات تستعمل لرعاية الأبقار العائدة للمستوطنات الإسرائيلية (الجزيرة)
  • ما الذي استلهمه اللاجئون الفلسطينيون بشكل عام من سكان غزة؟

بالنسبة للجالسين داخل الوطن أو في المنفى، غزة أعادت إلى الحياة وزادت الأمل في عودتهم إلى الأرض. فأم الزينات التي تأسست عام 1850 كانت مزدهرة بالحياة والثقافة والتجارة والزراعة، حيث امتلك سكانها 16 ألف شجرة زيتون و6 معاصر للزيت ومطاحن للحبوب، وإذا كانت البلدة اليوم خرابة وأطلالًا وشواهد، إلا أن أشجار الزيتون لا تزال قائمة وعلى انتظار عودتنا، على غرار ما يفعله سكان غزة.

وفي سياق النكبة عام 1948، مكث جدي مع مجموعة من المقاتلين في الجبال حول أم الزينات يناضل ويقاتل ضد الجماعات المسلحة لعدة أشهر، لكنه كغيره اضطر إلى الانسحاب بعد نفاد الذخيرة والسلاح واستشهاد معظم المقاتلين وإصابة الباقين.

بفضل تضحياتهم، بقينا داخل البلاد، ورغم النزوح من قرانا، إلا أننا عشنا على أمل وحلم العودة الذي ورثناه ونقلناه للأجيال الجديدة، لينقلوا رسالتهم للأجيال القادمة التي تأخذ الصمود والعزم على العودة إلى القرى المهجرة.

ومن خلال تجربة غزة، نتعلم الصمود، واليوم نشهد عودة إلى أم الزينات وكافة القرى المهجرة داخل فلسطين بشكل أوسع من أي وقت مضى.

ربما يمكن سلب الأراضي، إلا أنه لا يمكن سلب الإنسان. وواقع الحرب في غزة يعد أصعب بكثير من نكبة عام 1948، فالمأساة الممنهجة التي تحدث في غزة اليوم تفوق بشدة حروب النكبة والنكسة عام 1967، لكن صمود السكان هناك تجاوز نكبة 2024.

المصدر : الجزيرة



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version