المياه: سلاح فتاك تسيطر به الهند على بنغلاديش
أضرار الفيضانات في بنغلاديش
في منتصف الليل من يوم 20 أغسطس/آب 2024، غمرت المياه المتدفقة من الهند مناطق واسعة من بنغلاديش، مما أدى إلى تعذر أكثر من خمسة ملايين نسمة في مواجهة هذه الفيضانات العارمة، وقد أشارت التقارير إلى وفاة أكثر من 18 شخصًا وفقدان العديد من الآخرين.
المسؤولية الهندية عن الفيضانات
ورغم عدم وجود معلومات دقيقة حول عدد المتوفين والمفقودين، إلا أن الأضرار كانت هائلة في المنازل والمزارع والمصانع والمدارس والمساجد في ثماني محافظات. ويقول المحللون في بنغلاديش إن الهند هي المسؤولة عن هذه الكارثة، حيث فتحت سدها الكهربائي “دُمْبُرْ” دون أي إنذار مسبق، بينما تعزو الهند ذلك إلى هطول الأمطار الغزيرة.
تاريخ العلاقات الهندية البنغالية مليء بالتوتر، إذ يؤكد المسؤولون البنغاليون أن الهند لا تهتم بمصالح بلادهم، حيث لم تبادر إلى إبلاغ بنغلاديش بأي تغييرات في حالة الطقس في الهند، رغم مزاعمها بأنها “جارة صديقة”.
التأثيرات المائية والبيئية
قلّ تدفق المياه في نهر بادما بمعدل 60% بعد تشييد سد فاراكا، مما أدى إلى تصحر 30% من الأراضي الزراعية في بنغلاديش.
تتمتع الهند بموقع جغرافي أعلى من بنغلاديش مما يمنحها فائدة التحكم في العديد من الأنهار، حيث يتشارك البلدان في 54 نهرًا. وفقًا للقوانين الدولية، ينبغي تقسيم حصص المياه بشكل عادل، لكن الهند تخزن المياه وتستفيد من السدود التي أنشأتها على تلك الأنهار، مما يسلب بنغلاديش حقوقها المائية.
تسبب سد فاراكا، الذي شيدته الهند عام 1975، في تدهور بيئي شديد حيث أثر سلبًا على مجرى نهر بادما، مما أدى إلى شح المياه في 18 محافظة غرب جنوب بنغلاديش.
نقص شديد في الثروة السمكية أثر على صحة السكان، حيث يواجهون صعوبة في الحصول على ما يكفي من الأسماك.
تحكم الهند المستمر في المياه
نفس المشكلات ظهرت بعد بناء سد “غوجلدوبا” على نهر تيستا عام 1998، الذي زاد من معاناة المناطق الشمالية في بنغلاديش، حيث تحرم الهند البلاد من المياه في موسم الجفاف، مما يتسبب في تصحر الأراضي الزراعية.
كما أكد الناشط محمد فريد الإسلام أنه منذ بناء السد، أدى إلى تآكل التربة وتسبب في فقر طويل الأمد للسكان، مما أجبر العديد من العائلات على الهجرة بحثًا عن فرص أفضل.
الأمل في التغيير
لم نفقد الأمل، فنحن نشهد نشاط الأحزاب السياسية التي تندد بالعدوان المائي وتسعى للحد من السيطرة الهندية على الأنهار المشتركة.
الهند مستمرة في محاولاتها للسيطرة على المياه، حيث بدأت في تنفيذ مشاريع جديدة لزيادة تحويل مياه نهر تيستا وبناء “سد تيباي موكه” على نهر “باراك”، مما سيشكل تهديدًا لأرواح الملايين الذين يعتمدون على الزراعية وصيد الأسماك.
السؤال الذي يبقى: لماذا تتعامل الهند مع بنغلاديش بطريقة سيئة في تقاسم المياه بينما تسير الأمور بشكل جيد مع دول أخرى مثل الصين ونيبال؟ الإجابة واضحة، إذ تعاني بنغلاديش من ضعف في سياستها الخارجية، مما جعل الحكومات السابقة غير صارمة في الدفاع عن حقوق البلاد.
لكن رغم كل التحديات، لا يزال الأمل قائمًا، حيث تعمل الأحزاب السياسية على مواجهة هذه التحديات، وقد يحدث تغيير قريب.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة العربية الآن.
رابط المصدر