بحضور غزة.. انطلاق نشاط معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي
إسطنبول- تم إطلاق فعاليات النسخة التاسعة من معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي في مدينة إسطنبول التركية يوم السبت الماضي، ومن المقرر استمراره حتى الثامن عشر من الشهر الجاري، تحت شعار “الكتاب مستقبل”.
يهدف المعرض الذي يتم تنظيمه بواسطة “اتحاد الناشرين التركيين” بالشراكة مع “الجمعية الدوليةسعى “الناشرين للكتب العربية” و”جمعية ناشري الكتب التركية” إلى تعزيز حضور اللغة العربية في المجتمع التركي وتعزيز الروابط الثقافية بين تركيا والعالم العربي، من خلال التواصل مع ملايين العرب المقيمين في تركيا، فضلاً عن الأتراك المهتمين باللغة العربية أو ذوي الأصول العربية.
يسعى المعرض، الذي يُعَد أكبر حدث للكتب العربية خارج العالم العربي، ويشارك فيه أكثر من 300 دار نشر تُمثل 30 دولة حول العالم بـ150 ألف عنوان، إلى فتح قنوات تواصل ثقافية مبتكرة وتوسيع دائرة المعرفة لدى الجمهور المهتم بالثقافة العربية في تركيا.
حضور مميز
تصاعد إقبال الآلاف من الزوار في ساعات الافتتاح حيث شهد المعرض حضورًا مميزًا لشخصيات بارزة، بينهم والي إسطنبول داود غول، ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ الدكتور علي القره داغي، ورئيس الجمعية الدولية لناشري الكتب العربية مهدي الجميلي، بالإضافة إلى الأكاديمي والمستشار السابق لرئيس حزب العدالة والتنمية التركي، ياسين أقطاي.
أشاد المتحدثون خلال الجلسة الافتتاحية بالدور الهام الذي يلعبه المعرض في تعزيز حضور اللغة العربية في تركيا والبلدان المجاورة وأكدوا أهمية الحدث في بناء جسور التواصل الثقافي بين العرب في تركيا وثقافتهم، مما يسهم في المحافظة على هويتهم اللغوية والثقافية في ظل التحديات التي قد تواجههم في أماكن إقامتهم.
وأوضح المنسق العام لمعرض إسطنبول الدولي للكتب العربية، محمد أغير أقجا، أن اختيار شعار “الكتاب مستقبل” يعكس إيمانهم بأن مستقبل الأمم يعتمد على القراءة والكتابة وتأليف العلم.
وأضاف: “نحن نؤمن بأن الثقافة هي الأساس الذي يجمعنا، وعندما تكون الثقافة هي الركيزة لتعاوننا، فسنسير بخطى ثابتة مع إخوتنا العرب واللاجئين في تركيا”.
وفي نفس السياق، أعرب رئيس مجلس الإدارة لغرفة تجارة إسطنبول، أرهان أركان، عن فخره بالدعم الذي تقدمه الغرفة
إلى معرض، معبرا عن سروره بوصوله إلى دورته التاسعة.
وأكد أركان أن اللسان العربي تحتل موضع خاص في قلوب الأتراك، لأنها لسان الدعوة والقرآن الحكيم، ولسان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
وأضاف أن هذا المؤتمر ليس مقتصرا على التبادل الثقافي فحسب، بل يؤدي إلى تعزيز جسور التعاون الاقتصادي والسياحي بين تركيا والوطن العربي.
الغايبة الحاضرة غزة
تميز المعرض هذا العام بتضمينه فعاليات تسلط الضوء على الأوضاع الراهنة في منطقة غزة، حيث يتعرض الشعب الفلسطيني لإبادة جماعيّة مستمرة منذ أكثر من 10 أشهر.
ومن بين هذه الفعاليات، جلسة خاصة تحت عنوان “طوفان الأقصى: الآفاق والتحديات”، التي تبحث في التحديات المستقبلية للقضية الفلسطينية.
حظيت رفوف دور النشر المشاركة بمجموعة متميزة من الكتب التي تركز على القضية الفلسطينية، كـ “القضية الفلسطينية والمجتمع الأميركي” للفكران إدوارد سعيد.
كذلك “موسوعة اليهودية والصهيونية وإسرائيل” و”مقدمة لدراسة الصراع العربي الإسرائيلي” لعبد الوهاب المسيري، بالإضافة إلى “الشوك والقرنفل” لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار وغيرهم.
وخلال خطابه، أكد رئيس مجلس إدارة الاتحاد العالمي لناشري الكتب العربية، مهدي الجميلي، أن المعرض يخدم الحضارة العربية، ومصلحة الأمة العربية والإسلامية.
وجّه تحية خاصة لشعب غزة الذي يدافع عن كرامة الأمة، مشيرا إلى أن تضحياته تفوق ما عاشته الأمة من قبل.
وأضاف الجميلي “نقول لهم إن تأثرنا أن هذا الجهد الصغير الذي نبذله هنا يكمّل جهدهم العظيم، ويساهم في نقل صوتهم وبناء أجيال تسلك على دربهم”.
من جانبه، بدأ رئيس هيئة علماء المسلمين، الدكتور علي القره داغي، كلمته، بالدعاء لأهل غزة، مشددا على أهمية دعمهم في معركتهم للدفاع عن شرف الأمة الإسلامية وفي جهادهم من أجل إعلاء كلمة الحق.
وعبر القره داغي عن شكره لتركيا.
تستضيف العروض أكبر وأقدم ثقافات العالم.
وأشار إلى أن تركيا دائمًا تُعَدّ مأوى للمظلومين، معتبرًا: “ونطلق على الدوحة اسم كعبة المضيوم، ونرى في إسطنبول بلد المظلومين”.
ختم كلمته بتأكيد على أهمية التعليم والقراءة، مستشهدًا بأن أول كلمة نزلت في القرآن الكريم كانت “اقرأ”، مما يعكس حاجة الإنسان المستمرة للاطلاع والمعرفة بشمولية لتعود بالنفع على الشخص ومجتمعه.
فعاليات مستمرة
يشهد المعرض سلسلة من الفعاليات الثقافية المتنوعة، تضم محاضرات وندوات فكرية، وحفلات توقيع الكتب، وأمسيات شعرية، بالإضافة إلى أنشطة فنية وزوايا مخصصة للأطفال.
في تصريح لـ”الجزيرة نت”، عبّر محمد عبد الهادي، مدير دار الفكر المشاركة في المعرض، عن تقديره للتحسّن المستمر في جودة تنظيم المعرض.
وأشار إلى أن التعامل السريع مع المشاكل التي واجهت الدورات السابقة بات بشكل واضح في هذه النسخة، مما أثر إيجابًا على أداء دور النشر وزوار المعرض على حد سواء.
وأضاف عبد الهادي أن الاختيار لإقامة المعرض في إسطنبول كان الاختيار الأمثل، نظرًا لوجود نحو 5 ملايين عربي مقيم في تركيا، مما يعزز فرص البيع والتعارف والاستفادة من هذه التجمّعات.كما أثنى عبد الهادي على تسهيلات الدولة التركية والمشرفين على المعرض في عمليات التسجيل والتنقل والإجراءات الضرورية لحضور دور النشر.
من جانبه، قال أحمد الراضي، أحد زوار المعرض، لـ”الجزيرة نت” إن المعرض يمثل فرصة نادرة لاقتناء العديد من الكتب التي صعب العثور عليها في الأيام العادية.
وأكد الراضي، الذي يهتم بحضور معظم نسخ المعرض، أن الخبرة لا تقتصر على شراء الكتب فقط، بل أصبح حضور الجلسات المتنوعة، التي تناولت قضايا مهمة، إظهارًا مهمًا لتجربة زوار المعرض.