بطيء المشية.. أعجوبة الخلق التي لا يمكن تدميرها حتى بالإشعاع
تشتهر بطيئات المشية، المعروفة أيضًا باسم “دببة الماء”، بقدرتها الفائقة على البقاء في ظروف قاسية. هذه الكائنات الصغيرة، التي لا يتجاوز طولها مليمتراً واحداً، استطاعت البقاء رغم انقراضات جماعية خمس حدثت على كوكبنا منذ حوالي نصف مليار سنة. لكن، هل في مقدورها أن تتجاوز تأثير الإشعاع الضار؟
تقدم دراسة جديدة نظرة أعمق على مقاومة هذه الكائنات للإشعاع، حيث تم اكتشاف نوع جديد منها أطلق عليه اسم “بطيء المشية الهيناني” الذي تم التعرف إليه في مقاطعة خنان الصينية. الأشهر، تُظهر هذه الدراسة كيف أن هذه المخلوقات الصغيرة تستطيع البقاء على قيد الحياة مع تعرضها لجرعات كبيرة من الإشعاع.
مقاومة الإشعاع
في دراسة نشرت مؤخرًا في مجلة “ساينس“, قام باحثون من مختلف المؤسسات في الصين بدراسة الجينوم الخاص بهذا النوع الجديد لمدة ست سنوات لفهم آلياته الفريدة في مقاومة الإشعاع.
فحص الباحثون الحمض النووي لهذا النوع من خلال تعريضه لجرعات متنوعة من إشعاع غاما، بدءًا من مستويات منخفضة وصولاً إلى عالية، رصدوا خلالها التأثيرات على التعبير الجيني وإنتاج البروتينات والنظم البيولوجية التي قد تدعمه في تلك الظروف القاسية.
ووفقًا لأبحاث سابقة، فإن دببة الماء تعتبر أكثر الحيوانات مقاومة للإشعاع على وجه الأرض، حيث يمكنها تحمل جرعات من 3,000 إلى 5,000 جراي، وهو ما يعادل ألف مرة من الجرعة المميتة التي يتحملها البشر.
أظهرت الدراسة أيضًا أن هذه الأنواع من دببات الماء ليست فقط قادرة على حماية الحمض النووي من التلف الناتج عن الإشعاع، بل تتمتع أيضًا بقدرة غير عادية على إصلاح الحمض النووي بكفاءة عالية، حيث تنتج بروتينًا يُعرف باسم “مثبط الضرر”، الذي يقدم حماية ضد الأضرار الإشعاعية.
وبالرغم من القدرات الخارقة المكتشفة، يؤكد بول بارتلز، أستاذ علم الأحياء بجامعة وارن ويلسون في ولاية كارولينا الشمالية، أن “هذه الكائنات الدقيقة لا تفضل العيش في ظروف صعبة، ولكنها بارعة في البقاء، مما يجعلها الأكثر مرونة وقدرة على الصمود، حيث تستطيع تحمل كميات ضخمة من الإشعاع تفوق تلك التي تقاومها الكائنات الأخرى”.
كائن لا يمكن تدميره
تعيش دببة الماء، على ما يوحي اسمها، في أي مكان يوجد فيه ماء سائل، بما في ذلك المحيطات، البحيرات، والأنهار، كما تجدها في الماء على النباتات أيضاً. وهي قادرة على الحياة في ظروف قاسية مورست عليها من أعالي الجبال إلى أعماق المحيط.
على الرغم من حجمها الضئيل، تتمتع بطيئات المشية بتعقيد يشبه تلك الحيوانات الأخرى، حيث تحتوي على ثمانية أرجل مزودة بمخالب حادة تستخدمها لصيد فرائسها، وتمتاز بلطف مظهرها الخارجي الذي يعكس فوراً عن قدرات خارقة.
تمتلك بطيئات المشية 1000 خلية فقط، لكنها تحمل تعقيدات تعادل تعقيد الحشرات الكبرى مثل الصراصير أو ذباب الفاكهة. تحتوي على أجزاء فم خاصة لتناول الطعام، فتثقب خلايا الطحالب ومصادر غذائية أخرى.
عند النظر للمخاطر التي تتعرض لها، فإن بارتلز يشير إلى أنها “قادرة على تحمل درجات حرارة شديدة وظروف قاسية إذا ما قورنت ببقية الكائنات الحية”، مما يجعلها مخلوقًا فريدًا في قدرة البقاء والتكيف.
# بقاء دببة الماء القوي في ظروف قاسية
## مقدمة
تُعد دببة الماء، أو ما يُعرف بـ”بطيئات المشية”، من المخلوقات الدقيقة التي أثبتت قدرتها الفائقة على البقاء على قيد الحياة في أشد الظروف قسوة. تُظهر العديد من التجارب أن هذه الكائنات تتمتع بقدرات استثنائية، تجعلها تتجاوز حدود المألوف في الحياة.
## تجارب مذهلة تبين قوة دببة الماء
خاض العلماء تجارب عديدة لكشف ما يُعرف بقدرات دببة الماء؛ حيث عُرضت لظروف قاسية تتضمن:
– درجات حرارة تصل إلى 150 درجة مئوية، حيث استطاعت البقاء بعد 15 دقيقة دون تعرضها لأي ضرر.
– تجميدها عند درجة صفر مطلق، أي 273 درجة مئوية، وعادت بعد ذلك إلى الحياة.
– تعرضها لضغط يصل إلى 600 ميغاباسكال، وهو ضغط أعلى بست مرات من أعمق نقطة على وجه الأرض (خندق ماريانا)، ورغم ذلك خرجت سليمة.
![العلماء يصفونها بـ”أقوى حيوان على وجه الأرض”](https://www.alarabiyanow.com/wp-content/uploads/2025/01/بطيء-المشية-معجزة-خلق-لا-تؤثر-عليها-الإشعاعات-مهما-كانت.jpeg)
أُرسلت 300 دب من هذا النوع إلى محطة الفضاء الدولية عام 2007، حيث قضت 10 أيام بلا أكسجين، وكشفت التجارب أنها عادت سليمة، بل استطاعت التكاثر وإنتاج بيوض جديدة.
## لماذا تستطيع دببة الماء النجاة؟
دببة الماء قوية بما فيه الكفاية لتبقى حية بعد كوارث طبيعية مثل اصطدام الكويكبات أو حتى الانفجارات النجمية الكبرى. يُعتقد أن هذه الكائنات ظهرت لأول مرة قبل حوالي 541 مليون سنة، واكتشفها عالم الحيوان الألماني يوهان أوغست إفرايم جوز عام 1773. أطلق عليها هذا الأخير اسم “دببة الماء”.
تستطيع دببة الماء العيش في ظروف تنقصها المياه أو الأكسجين عبر تقليص حجم أجسامها إلى حالة تُعرف بـ”التون”، إما عن طريق ضغط أكثر من 95% من الماء في أجسامها، أو سحب رأسها وأرجلها لتصبح أشبه بقشرة جافة. يمكن لهذه الحالة أن تستمر لعقود قبل العودة إلى نشاطها الطبيعي عند توفر الظروف الملائمة.
## المعادن والتقنيات الفريدة
تستطيع دببة الماء أن تعيش لفترات تمدد تتخطى ملياري عام في حالة السكون، والسر في ذلك هو أنها تُخفض معدل التمثيل الغذائي بأكثر من 10 آلاف مرة. وعندما تُرطب هذه الكائنات، تعود إلى الحياة مجددًا.
تُظهر الأبحاث أنها قد تبقى على قيد الحياة لفترة طويلة حتى بعد انقراض البشرية، حيث يمكن أن تعيش لعشرة مليارات سنة، وفقًا لدراسات حديثة.
## الآفاق المستقبلية لدببة الماء في البحوث العلمية
يدرس العلماء بعمق الخصائص الفريدة لدببة الماء، حيث تجاوز عدد الأنواع المعروفة حتى الآن 1300 نوع. التركيب الكيميائي لهذه المخلوقات، والبروتينات الخاصة التي تنتجها، تعتبر مصدر إلهام للبحوث الصحية، من حيث تطوير اللقاحات وطرق علاج الأمراض.
## الختام
في ظل تطور الأبحاث، يُتوقع أن تقدم هذه المخلوقات الصغيرة اكتشافات قيمة في مجالات الصحة العامة وعلم الأحياء، بما في ذلك القدرة على إصلاح حمضها النووي مستقليًّا، مما قد يُسهم في تعزيز فعالية اللقاحات ومكافحة السرطان.
في يناير/كانون الثاني 2024، قادت الباحثة سميثرز دراسة تستهدف فهم سبب قدرة بطيئات المشية على البقاء على قيد الحياة في ظروف قاسية. تهدف هذه الدراسة إلى استخدام أسرار بطيئات المشية لتطوير مواد تتعامل مع التحديات البيئية، مثل معدات رجال الإطفاء، بالإضافة إلى تحسين العلاجات الكيميائية لعلاج الأورام السرطانية.
### مساهمة بطيئات المشية في فهم حدود البقاء
برغم حجمها الصغير، تقدم بطيئات المشية نظرة جديدة حول كيفية القدرة على البقاء في بيئات قاسية. يمكن أن تسهم هذه المعرفة في تحسين قدرة البشر على التكيف مع الظروف الصعبة، مثل الحملات الفضائية الطويلة التي تتعرض فيها أجسام رواد الفضاء للجاذبية المنخفضة والإشعاع المتزايد.
### الآثار المحتملة على استكشاف الفضاء
يمكن أن توفر الدراسة أيضًا رؤى إضافية حول كيفية تمتع بطيئات المشية بمقاومة للإشعاع والإجهاد، مما قد يساعد في تطوير تقنيات جديدة تحمي رواد الفضاء أثناء بعثاتهم الاستكشافية. وقد تتضمن التطبيقات المحتملة أيضاً كيفية مساعدة البشر في العيش على كواكب كانت تُعتبر غير صالحة لذلك.
### أمل في المستقبل
تظل الآمال قائمة في أن يكون هناك مخلوق مثل بطيئات المشية، الذي يتعامل مع النار والجليد والموت المؤقت كمهارات بسيطة، وأن يكون هذا الاكتشاف مفتاحًا لفهم أسرار جديدة عن البقاء في ظروف غير مألوفة.
رابط المصدر