ذكريات مأساوية بعد اعتداءات 7 أكتوبر
CNN
—
من الصعب جداً استذكار الحياة في إسرائيل قبل أن تشن حركة حماس اعتداءاتها العنيفة في 7 أكتوبر من العام الماضي، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 1200 شخص واختطاف أكثر من 250 آخرين. فالحياة السابقة لم تعد موجودة، وليس فقط بسبب وجود أكثر من 100 رهينة لا يزالون محتجزين.
نفس الأمر ينطبق على ما يتجاوز الحدود الإسرائيلية.
تشهد إسرائيل وأعداؤها وحلفاؤها على إعادة تشكيل معمار العلاقات السياسية والدبلوماسية في المنطقة، وهو ما قد يضاهي الاضطرابات التي حدثت خلال الصراع العربي الإسرائيلي قبل نصف قرن.
التغييرات التي تلت 7 أكتوبر لا مفر منها، وعلى الرغم من فوضاها الحالية على الأقل، فإنها قابلة للتجنب. فالتكلفة المدنية تتزايد في وقت كان بالإمكان فيه للدبلوماسية أن تنقذ الأرواح.
قبل عام، بدا أن معمار السياسة في المنطقة كان على وشك تغييرات كبيرة. إذ بدت السعودية وإسرائيل، مدفوعتين بالحوافز الأمريكية، أقرب من أي وقت مضى إلى تطبيع العلاقات بشكل تاريخي. كانت الدبلوماسية والمهارات الدقيقة اللازمة لتنفيذ صفقة معقدة كهذه في تصاعد.
لكن آفاق السلام والازدهار تلاشت عندما اجتاحت حماس الحدود مع غزة في صباح يوم السبت ذاك، حيث بدأت مجزرة مؤلمة.
بغض النظر عما إذا كان زعيم حماس يحيى سنوار يعتقد أنه يمكنه إحباط مسار التطبيع ودفع القضية الفلسطينية إلى مقدمة الأولويات الإقليمية للسلام والتكامل الاقتصادي، إلا أنه نجح في ذلك على المدى القصير.
أتذكر بوضوح مقيت رائحة اللحم البشري المتعفن عندما دخلنا كفار آزا، التي تبعد حوالي 800 ياردة عن قطاع غزة. كان ذلك في 10 أكتوبر، حيث كان اللواء إيتاي فيروف من الجيش الإسرائيلي يقود أول وصول للصحافة الدولية لرؤية دمار هجمات حماس.
وقف عند البوابات مقتبسًا كلام الجنرال آيزنهاور عندما وصل إلى معسكرات الاعتقال النازية خلال الحرب العالمية الثانية: “أول شيء قاله هو جلب الصحافة إلى هنا لرؤية ما حدث”.
على مدار العام الماضي، عانت إسرائيل في محاولة إبقاء العالم مركزًا على الأحداث التي غيرت مجرى التاريخ خلال ذلك weekend الدموي.
وللمرة الأولى، أدرك العديد من الإسرائيليين أن دولتهم لم تعد الملاذ الآمن لليهود كما كانوا يعتقدون. فقد كانت الفكرة أن أي تحامل قد يكون مفروضًا عليهم…
الهجوم على غزة: حماية مفقودة
في الوقت الذي واجه فيه الفلسطينيون التمييز والاضطهاد حول العالم، كانت إسرائيل الملاذ الآمن، لكنها الآن تعرضت للدمار.
مسعى الانتقام والرد
ما بدأ كجهد محموم لختم الحدود مع غزة وملاحقة خلايا حماس المتبقية داخل إسرائيل، تحول بسرعة إلى سحابة حمراء من الانتقام والانتقام ضد المهاجمين وأي شخص قريب منهم.
مشاعر القلق والتحول السياسي
لم تختف مشاعر القلق لدى الإسرائيليين، بينما تم تصفية الغضب الوطني إلى منطق حديدي من الردع الإقليمي، تمثل ذلك في سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني بنيامين نتنياهو.
تطورات العمليات العسكرية
لقد ربط بقاءه السياسي بشكل كبير بفشل معالجة هجمات حماس، مع تبني أساليب جديدة تتجاوز القواعد القديمة والخطوط الحمراء التي كانت تعيق التصعيد الإقليمي.
تُعرف هذه الاستراتيجية بـ “التصعيد من أجل التهدئة”، ولكن مع اقتراب 7 أكتوبر 2024، فإن التهدئة، وأي نوع من الخطط لما بعد المرحلة، غير موجود.
تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة
علاقات الدولة اليهودية مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الحليف الأكثر أهمية لها، في أدنى مستوياتها خلال جيل كامل. وقد قُتل نحو 42,000 فلسطيني في غزة، وفقاً للسلطات هناك، العديد منهم نتيجة القنابل والرصاص الأمريكي بيد إسرائيل.
لكن الضغوط على إسرائيل لتقليص غريزة البقاء لديها، في وقت تعاني فيه من انقسامات سياسية ودينية عميقة، لا تبدو أنها تحقق تقدماً واضحاً.
التوترات الإقليمية والتهديد الإيراني
حزب الله، الذي يعتبر أحد أذكى الخصوم القريبين من إسرائيل ووكيل إيران الكبير، بدأ في تصعيد هجماته الصاروخية عبر الحدود في اليوم الذي تلى 7 أكتوبر. تعرض العديد من قادته، بما في ذلك حسن نصر الله، لاغتيالات في غارات جوية إسرائيلية، مما أضعف قواتهم قبل أن تبدأ إسرائيل عدوانها البري الثالث في لبنان في نصف القرن الماضي.
تجذر حماس وامتيازات إيران
هجمات حماس في 7 أكتوبر، التي قد لا تكون محصورة بالتنسيق المفصل مع إيران، إلا أنها بالطبع كانت معززة بمباركتها. لطالما كانت إيران أكبر داعم لحركة حماس، حيث قامت بتحويل الأموال والمواد العسكرية والتكنولوجيا.
تستخدم إيران الدعاية المؤيدة لفلسطين لإشعال الحماس في الشارع العربي، حيث ينظر إليها معظم القادة كـ “ثيوقراطية شيعية” غير موثوقة بل كخصم. وبهذا، تستطيع إيران إبعاد خصومها الإقليميين.
تصاعد الأعمال العسكرية في الشرق الأوسط
على مدار العام الماضي، تجلى مدى خطط إيران في استغلال المجتمعات الشيعية لبناء ميليشيات موالية لها. لم يعد الحوثيون في اليمن فقط أدوات ضد السعودية، بل حولوا صواريخهم الباليستية وطائراتهم المسيرة، التي زودتهم بها إيران، نحو تل أبيب.
الحصار على البحر الأحمر
بدأت إيران، المدعومة من الحوثيين، في إغلاق طرق الشحن التجارية في البحر الأحمر – وهو ما يزيد عن ألف ميل من إسرائيل – تحت ذريعة تقديم الدعم لقطاع غزة.
تصاعد الهجمات من العراق
تجددت الاستجابة من وكلاء إيران الشيعة في العراق، حيث بدأوا في تصعيد الهجمات بالطائرات المسيرة نحو إسرائيل.
حرب متعددة الجبهات
تتحول الأوضاع إلى حرب متعددة الجبهات، تتسارع وتيرتها بشكل لم يكن متوقعاً قبل عام.
تغيرات في الحياة اليومية
قبل ذلك، لم تكن صفارات الإنذار بسبب الصواريخ جزءًا من الحياة اليومية في وسط إسرائيل. اليوم، يقوم الآباء في تل أبيب بمراقبة هواتفهم المحمولة للحصول على رسائل من أطفالهم الذين يخدمون على الجبهات.
تكاليف الحرب المستمرة
تدرب كل جيل هنا على القتال دفاعاً عن الوطن، بينما تتباين الآراء حول مدة استمرار هذا القتال قبل الانتقال إلى الدبلوماسية. الواقع هو أنه كلما طالت فترة التصعيد، قلّ التحكم الذي ستمتلكه الدولة ورئيس وزرائها على النتائج.
الضغوط الدبلوماسية
تطلب شركاء إقليميون مثل المملكة العربية السعودية الآن مسارات دبلوماسية صارمة لنتنياهو.
تداعيات التطبيع مع السعودية
التطبيع بين إسرائيل وأقوى دولة خليجية الذي كان قريباً قبل 7 أكتوبر، يبدو حالياً بعيد المنال، حيث لا يرغب نتنياهو في أن يكون شريكاً في هذه الصفقة.
التحديات أمام السلام
كان ذلك الاتفاق سيوفر لبيدن إرثاً يفخر به، ولولي العهد السعودي محمد بن سلمان الشرعية والأمن الذي يسعى له، بينما يوفر أيضاً لنتنياهو حماية من مشاعر الكراهية التاريخية.
شروط السعودية للتسوية
تطالب السعودية الآن بمسار “لا رجعة فيه” نحو دولة فلسطينية، وهو ما يتعارض مع رؤية نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة.
ملاحظات عن التوترات الإقليمية
قبل أيام من الذكرى، ألمح أنور قرقاش، الدبلوماسي المخضرم من الإمارات، إلى الاتجاه الذي يسلكه الخليج، قائلاً إن “عصر الميليشيات ذات الأبعاد الطائفية والإقليمية كلف العرب الكثير”.
البحث عن طريق نحو السلام
ينصب التركيز الآن على كيفية إنهاء نفوذ إيران والوصول إلى دولة فلسطينية، خاصة في حين هيمنة القوة العسكرية على الدبلوماسية.
الفوضى والشكوك
حتى الآن، وفي غياب محادثات السلام الناجحة، أصبحت الشكوك هي اليقين الجديد.