بعد نجاحه في صناعة السيارات.. هل يمكن للمغرب تحقيق إنجاز جديد في صناعة الطيران؟

By العربية الآن



بعد صناعة السيارات.. هل يكتب المغرب قصة نجاح جديدة في صناعة الطيران؟

المغرب يصنع اليوم أكثر من 40 من الأجزاء المكونة للطائرة بما فيها أجزاء حساسة ومهمة (الجزيرة)
المغرب يصنع اليوم أكثر من 40 من الأجزاء المكونة للطائرة (الجزيرة)
الرباط – على مدى أكثر من عشرين عامًا، بدأ المغرب خطواته الأولى في مجال صناعة الطيران، ليتحول اليوم إلى إحدى الدول الرائدة في هذا المجال. ويهدف المغرب في السنوات المقبلة إلى تجميع أجزاء طائرة كاملة في مصانع داخل المملكة.

يُنتج المغرب حاليًا أكثر من 40 جزءًا من أجزاء الطائرة، بما في ذلك مكونات حساسة تُصنع في خمس دول فقط حول العالم.

بفضل التطورات في البنية التحتية الصناعية وتشجيع الاستثمار وتدريب الطاقات البشرية، أسس المغرب قاعدة متطورة لصناعة الطيران تشمل مجموعة واسعة من المهن الحديثة ذات القيمة المضافة العالية، حيث تشمل التخصصات تصنيع أجزاء المحركات، المواد المركبة، الأسلاك وتركيب أجزاء حيوية من هيكل الطائرة. وبفضل هذه الدينامية، أصبح المغرب ضمن أكبر 20 دولة في صناعة الطائرات على مستوى العالم.

وجهة تنافسية

وفق البيانات المقدمة من وزارة الصناعة والتجارة للجزيرة نت، حققت صادرات القطاع قيمة بلغت 10.7 مليارات درهم (مليار دولار) خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2024، مسجلةً نموًا بنسبة 18% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، ويرجع ذلك بصورة رئيسية إلى زيادة المبيعات في قطاع التجميع.

وفي عام 2023، بلغت صادرات صناعة الطيران 22 مليار درهم (2.2 مليار دولار)، بزيادة قاربـت 38% مقارنة بسنة 2021.

يتجه قطاع صناعة الطيران نحو كتابة قصة نجاح جديدة مشابهة لتلك التي تحققت في قطاع صناعة السيارات، الذي أصبح أكبر قطاع تصديري في المملكة، مما عزز من مكانتها كوجهة صناعية تنافسية وموثوقة.

ووفق وزارة الصناعة والتجارة المغربية، فإن البلاد تجني ثمار الدينامية في قطاع صناعة الطيران التي تحققت في السنوات الأخيرة في توفير العملة الصعبة وتعزيز التنمية الاقتصادية، حيث تتمثل هذه الدينامية في تصدير مكونات الطائرات إلى الأسواق العالمية، مما يسهم في زيادة الإيرادات، بالإضافة إلى التعاون مع الشركات العالمية للشحن الجوي والشراكات مع شركات كبيرة في هذا المجال، مما يسهم في تحقيق جذب للاستثمارات الأجنبية وزيادة العوائد بالعملة الصعبة.

كما أن هذه الشراكات تساعد على نقل التكنولوجيا واكتساب المعرفة وتحسين المهارات المحلية، مما يعزز قدرة المغرب على المنافسة في السوق العالمية.

صادرات صناعة الطيران المغربية حققت 2.2 مليار دولار في 2022 بزيادة تناهز 38% مقارنة بسنة 2021 (الجزيرة)

يد عاملة مؤهلة

يُشغل قطاع الطيران أكثر من 21 ألف عامل من الكوادر المغربية، حيث تعتبر الأيدي الماهرة عاملاً أساسيًا في جذب الاستثمارات إلى المغرب وتعزيز إنتاجية الشركات وتحسين تنافسيتها.

يُجري المغرب العديد من البرامج التدريبية المهنية المتخصصة للفنيين والمهندسين لتطوير المهارات المحلية في هذا المجال، حيث تتولى معاهد مخصصة إدارة عملية التدريب.

إحدى هذه المعاهد هو المعهد المتخصص في مهن الطيران والخدمات اللوجستية بالمطارات الذي يُقام في النواصر قرب الدار البيضاء، والذي أُنشئ بالشراكة مع الفاعلين في القطاع لتوفير تدريب مواكب للتطورات التكنولوجية الحديثة.

هذا المعهد يهدف إلى أن يكون مركز تدريب متقدم يلبي احتياجات القطاع من حيث الجودة والابتكار.

شراكات دولية

تستقطب المملكة المغربية أكثر من 140 شركة عالمية في قطاع صناعة الطيران، من بينها شركات كبيرة مثل إيرباص وبوينغ، مما يعكس موقع المغرب كشريك استراتيجي يتسم بالجودة والتنافسية العالية.

من أبرز المشاريع المنجزة في هذا القطاع هو افتتاح شركة “سابكا المغرب” لمصنع جديد متخصص في تصنيع وتجميع هيكل طائرة “بي سي 12” بالقرب من مطار الدار البيضاء في عام 2022.

كما تم توقيع بروتوكول مع “كولينز إيروسبيس” إحدى أكبر شركات الطيران في العالم، لإنشاء نظام توريد خاص بالشركة في المغرب خلال معرض “فارنبورو” للطيران في بريطانيا.

وتجري خطوات أيضًا لتطوير جزء من سلسلة التوريد الوطنية وهو الأجزاء الداخلية لمقصورات الطائرات، حيث تم توقيع مذكرة تفاهم مع “غال إيروسبيس” الكندية لإنشاء مشروع مشترك بالمغرب.

إضافة إلى ذلك، أُبرم اتفاق شراكة مع مجموعة “أسيتوري” الإسبانية، ويُتوقع أن يسهم المشروع في تعزيز صناعة الطيران الوطنية من خلال تطوير مجموعة من الأجزاء بالمغرب.

وتُقدَّر الاستثمارات ببضعة ملايين دراهم في الموقع الجديد والذي يُتوقع أن يُضاف إلى الاستثمارات في عام 2024.

تتوقع وزارة الصناعة أن تُحقق هذه الشراكات نتيجة إيجابية تساهم في تعزيز القدرة التنافسية للمنصة الوطنية للطيران هادفةً إلى رفع نسبة الإدماج المحلي في قطاع صناعة الطائرات في المغرب.

المنطقة الصناعية الأطلسية بالقنيطرة (الجزيرة)

خطط وتوقعات

ينتظر قطاع صناعة الطيران مستقبلاً واعداً بفضل التقدم التكنولوجي والتوسع في الأسواق الدولية وتعزيز الاستدامة البيئية.

أفادت وزارة الصناعة أنها وضعت خطة لتحقيق طموحها الكبير بالتجميع الكامل لطائرة بحلول عام 2030، وذلك من خلال:

  • تنويع قدرات القطاع وظهور مهن جديدة ذات إمكانيات عالية.
  • توسيع الشراكات مع الموردين والعملاء، خاصةً في أفريقيا.
  • مراقبة تطورات سوق العمل العالمية لمواءمة التدريب مع المهارات الجديدة.
  • العمل على تقليل الانبعاثات الضارة من خلال تشجيع الطاقة النظيفة.
  • تحفيز السوق العسكرية لتطوير الأنشطة في القطاع.

التحدي الكبير

يعتقد الخبير الاقتصادي المهدي فقير أن النجاح المغربي في هذه الصناعة لم يكن تقليدياً، بل بدأ بزيادة الكم ثم انتقل لتركيز أكثر على الجودة.

أوضح -في حديث للجزيرة نت- أن المرحلة الأولى كانت مركزة على جذب الاستثمارات، بينما انتقلت المرحلة الثانية للتركيز على الصناعات بمستويات قياسية.

وأكد أن المطلوب الآن هو الاستمرار في دعم هذه الأنشطة الصناعية وتحويل المغرب إلى وجهة استثمارية مفضلة.

وشدد على أن الطلبات في مجال الطيران المدني شهدت طفرة ملحوظة بعد أزمة كوفيد-19، وهو ما يشير إلى أن هناك فرصة كبيرة يمكن للمغرب الاستفادة منها.

وأشار إلى أن التحدي الرئيسي يكمن في تنويع العروض الاستثمارية للحفاظ على هذه المزايا، وفتح المجال لصناعات الفضاء والصناعات العسكرية كذلك.

ساري: صادرات الأنشطة الصناعية حققت 37.5 مليار دولار وشكلت صادرات صناعة الطيران 2.2 مليار دولار (الجزيرة)

سوق واعدة

رئيس المركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة، رشيد ساري، أكد أن صادرات صناعة الطائرات شهدت نموًا متسارعًا بين عامي 2021 ويونيو 2024.

نمت هذه الصادرات بنسبة 15% بين 2021 و2022، ارتفعت بنسبة 33% بين 2022 و2023، و16% في النصف الأول من 2024.

أوضح أن هذه النسب تشير إلى دينامية ملحوظة في القطاع، إلا أنها تبقى صغيرة مقارنةً بصناعة السيارات التي حققت 141 مليار درهم في عام 2023.

أضاف أن صادرات الأنشطة الصناعية الإجمالية بلغت 375 مليار درهم لكن لم تُشكل صادرات صناعة الطيران سوى 22 مليار درهم.

ورغم ذلك، يعتبر المغرب سوقاً واعدة بفضل إمكانياته الصناعية المتطورة وكفاءات العمال المؤهلين، مما يسهم في جذب المزيد من الاستثمارات العالمية.

قال ساري: “لدينا قصة نجاح في صناعة السيارات، وأنا واثق أننا لم نتوقع قبل 25 سنة مدخلنا في صناعة الطيران وما حققناه اليوم”.

واصل: “لا أعتقد أننا كنا جريئين في السنوات الماضية لوضع هدف تصنيع طائرة بالكامل في المغرب بحلول عام 2030”.

وذكر أن المغرب تصدّر بشكل مستمر في القارة الأفريقية وعالمياً، مما يوفر آفاقًا واعدة لتعزيز مكانته كمركز عالمي لصناعة أجزاء الطائرات وتجميعها.

ويعتمد هذا التوجه على مؤشرات إيجابية تدعم بيئة العمل، مثل البنية التحتية القوية، ووجود كفاءات عالية، وتحفيزات ضريبية، مما يحث على تسويقها الشركاء بهدف تحقيق مزيد من العوائد وجذب الاستثمارات.

المصدر: الجزيرة



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version