أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباحثات هاتفية مع الرئيس السنغالي بشيرو ديوماي فاي، حيث ناقشا الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، والذي يشهد زيادة في تهديدات الجماعات الإرهابية، كما أعلن الكرملين. وأفاد الكرملين في بيان له بأن هذه المباحثات، التي جرت الجمعة الماضية، جاءت بمبادرة من الرئيس السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على تعزيز الشراكة بين البلدين بهدف الاستقرار في المنطقة.
تحديات الأمن والإرهاب
تعاني دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو المجاورة للسنغال من تزايد خطر الجماعات الإرهابية على مدار أكثر من عشر سنوات، مما تسبب في عدم استقرار سياسي وانقلابات عسكرية متكررة. وفي هذا الصدد، اتجهت الأنظمة العسكرية في هذه الدول إلى التحالف مع روسيا، التي أصبحت الشريك المفضل لها في مواجهة الإرهاب، متفوقة على الحلفاء التقليديين مثل فرنسا والاتحاد الأوروبي.
نتيجة لذلك، نشرت روسيا المئات من مقاتلي مجموعة فاغنر في دول الساحل لمساعدتها في مواجهة تنظيمَي “القاعدة” و”داعش”، وأبرمت صفقات عسكرية كبيرة معها، مما أدى لتسلم هذه الدول طائرات حربية ومعدات عسكرية متطورة.
رغم ذلك، لا تزال الجماعات الإرهابية تمتلك القدرة على تنفيذ هجمات دموية في المنطقة، حيث تكبدت مجموعة فاغنر هزائم فادحة في بعض العمليات في شمال مالي.
في هذا الوضع المحفوف بالتوتر، جاءت المكالمة بين الرئيسين لبحث الأوضاع في الصحراء والساحل وغرب أفريقيا الناجمة عن أعمال الجماعات الإرهابية، وسط مخاوف سنغالية من انتشار تلك الأعمال إلى أراضيها، خاصة في ظل وجود مقاتلي فاغنر بالقرب من الحدود مع مالي.
تحسين العلاقات الثنائية
وعبر الرئيس السنغالي في تغريدة على منصة “إكس” عن أن المحادثات كانت “ثريّة وودية”، مشيراً إلى أهمية العمل معاً لتعزيز الشراكة الثنائية وتحقيق السلام والاستقرار في منطقة الساحل، بما في ذلك الحفاظ على مجموعة الإيكواس، التي تواجه أزمات بسبب تزايد النفوذ الروسي.
يُذكر أن الدول التي تحالفَت مع روسيا (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) قد جمدت عضويتها في مجموعة الإيكواس، متهمة إياها بأنها تحت سيطرة الفرنسيين، وبدأت تلك الدول بتشكيل منظمة جديدة تعرف باسم “تحالف دول الساحل”، بهدف مواجهة الإيكواس.
السياسة الروسية في غرب أفريقيا
بينما يعزز النفوذ الروسي من التوتر في غرب أفريقيا، تسعى موسكو لكسب حلفاء جدد، خاصة بين الدول التي كانت تحت النفوذ الفرنسي، والسنغال تعد واحدة من تلك الدول. وفي ظل ظروف سياسية متغيرة، وصل حزب “باستيف” المعارض إلى الحكم، والذي يعبر عن مواقف غير ودية تجاه فرنسا.
وذكر الكرملين أن بوتين وديوماي فاي اتفقا خلال المحادثات على أهمية تعزيز العلاقات القائمة بين روسيا والسنغال، مشيدين بالتعاون في مجالات التجارة والاقتصاد والاستثمار. وتم الاتفاق على تنفيذ مشاريع مشتركة في مجالات الطاقة والنقل والزراعة، وزيادة المشاركة الروسية مع الشركاء السنغاليين.
وفي ختام المباحثات، وجه بوتين دعوة لديوماي فاي لزيارة موسكو، وتم الاتفاق على أن تتم الزيارة بداية العام المقبل، وفقاً لمصادر سنغالية محلية.
كانت وزيرة الخارجية السنغالية ياسين فال قد قامت بزيارة لموسكو قبل عدة أشهر، حيث أجرت مباحثات مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف حول عدة قضايا تشمل الطاقة والتكنولوجيا والزراعة.
موقف سنغالي محايد
رغم العلاقة القوية التي تربط السنغال بالغرب، خاصة فرنسا، إلا أنها أعلنت موقفًا محايدًا من حرب روسيا وأوكرانيا، بل طالبت سفير أوكرانيا بمغادرة أراضيها بعد تصريحاته حول دعم متمردين في شمال مالي. ورغم ذلك، تظل فرنسا الشريك الاقتصادي الأول للسنغال، رغم تنامي الرفض الشعبي لوجودها في البلاد.
ومع ذلك، لا تزال الروابط التجارية بين روسيا والسنغال ضعيفة، حيث بلغ إجمالي صادرات روسيا للسنغال 1.2 مليار دولار في العام الماضي، وهو ما يشكل 8 في المائة من صادراتها إلى أفريقيا، ما يجعلها في المرتبة الثالثة بعد مصر والجزائر. يسعى المسؤولون الروس لتعزيز التبادل التجاري مع السنغال بوصفها بوابة مهمة للأسواق في غرب أفريقيا.
“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}