بيروت وتأثير إسرائيل في نزاع الموانئ!

By العربية الآن



بيروت والدور الإسرائيلي في حرب الموانئ!

انفجار مرفأ بيروت
انفجار مرفأ بيروت حسب بعض المحللين نتج عن صاروخ من مسيّرة إسرائيلية أدّت إلى حدوثه (الفرنسية)
في يوم الثلاثاء 4 أغسطس/آب 2020، شهد مرفأ بيروت انفجارًا مروعًا أُطلق عليه لقب “بَيْروتشيما”، في إشارة إلى الكارثة التي حلت بمدينة هيروشيما اليابانية جراء الانفجار النووي في عام 1945. انتشرت الروايات حول من يتحمل مسؤولية هذا الحادث، وتوقف القضاء عن العمل بعد تدخلات سياسية أدت إلى تجميد نشاط القاضي طارق البيطار حتى اللحظة.

وألقى بعض الأطراف اللوم على الحكومة اللبنانية، مُشيرة إلى الإهمال المتعمد لوجود كميات كبيرة من نترات الأمونيوم المخزنة لسنوات في العنبر رقم 12 بالمرفأ، والتي لم يتم إعادة تصديرها. وهناك فرضية أخرى طفت على السطح، تفيد بأن الانفجار ناتج عن صاروخ من طائرة مسيّرة إسرائيلية، وهو ما أسفر عن مأساة أسفرت عن أكثر من 250 شهيدًا وآلاف الجرحى، بالإضافة إلى دمار شبه كامل لمرفأ بيروت والمناطق المحيطة.

لم تكتفِ إسرائيل بمشاهدة مرفأ بيروت وهو يتعرض للتدمير، بل بدأت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول شن حرب شاملة على قطاع غزة، ارتكب فيها جيشها جرائم بحق المدنيين، حيث لم يتوقف عدد القتلى عن الارتفاع، حتى تجاوز 40 ألف شهيد فلسطيني.

بعد عدة أيام من الانفجار، ظهرت تحليلات لبنانية تربط بين تدمير مرفأ بيروت ونجاح مرفأ حيفا في فلسطين المحتلة، الميناء الذي تديره إسرائيل. ولم يتوقف الأمر عند التحليل فقط، بل بدأت الدلائل تشير بقوة إلى تورط إسرائيلي في ما حدث، حيث تم الربط بين دمار مرفأ بيروت وما جرى بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول وحجم الدمار الذي تعرض له قطاع غزة بعد عمليات حماس ضد مستوطنات غلاف غزة، مما يعكس تشابه الأيدى الإجرامية.

يعتبر ميناء حيفا، بموقعه الجغرافي وأهميته التجارية، واحدًا من ثلاثة موانئ بحرية في إسرائيل تشمل حيفا وأسدود وإيلات. ويتميز بمرفأ طبيعي عميق يستوعب السفن التجارية، ويُعدّ أكبر موانئ الشرق الأوسط من حيث حجم الشحن، حيث تسعى إسرائيل لجعله الميناء الرئيسي لربط آسيا بأوروبا، فكيف يتحقق ذلك إذا لم يُقدِم الجيش الإسرائيلي على تمهيد الطريق؟

في النزاعات العالمية الحالية، التي تشهد انقسامًا واضحًا بين الشرق، ممثلاً في الصين وروسيا وإيران وحلفائها، والغرب الذي تقوده الولايات المتحدة، تبرز حرب الموانئ كساحة جديدة. وقد بدأ ظهور معالم هذه الحرب بشكل متزايد بعد إطلاق مشروع “الطريق والحزام” الذي أعلنه الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013، والذي من شأنه أن يجعل من مدينة شنغهاي مركزًا ماليًا عالميًا مثل نيويورك، وما كانت عليه لندن قبل الحرب العالمية الثانية.

يمثل طريق الحرير الصيني محورًا استراتيجيًا عبر قناة السويس، حيث يعتبر نقطة التقاء للسلع القادمة من الصين والمصدّرة إلى عمق أوروبا. لذا تواجه الصين تحديات في حركة الملاحة لسفنها التجارية، خاصة بعد الهجمات التي تشنها حركة أنصار الله (الحوثيين) في البحر الأحمر، الأمر الذي دفع بالصين إلى الطلب من الحوثيين بوقف الاعتداءات المستهدفة لسفن الشحن.

من الواضح أن هذه الهجمات لن تتوقف ما دامت الإسرائيل مستمرة في حربها على غزة، ويبدو أنها ستستمر لفترة طويلة في ظل التوترات العسكرية عند الجبهة الشمالية لفلسطين، حيث أدت الهجمات إلى مقتل عدد كبير من الأطفال. هذا الأمر دفع إسرائيل لتوجيه الاتهام إلى حزب الله، ونتيجة لذلك ضربت الضاحية الجنوبية لبيروت، واغتالت بعض المسؤولين من الحزب، مما أوقع عددًا من المدنيين بين القتلى.

هل سيتحقق فعلاً تحقيق تلك الأحلام، أم سيتعثر الأمر، خصوصًا إذا ما قررت الصين التدخل في المنطقة لحماية مصالحها استنادًا إلى ذلك؟

استمرت إسرائيل في تدمير مرفأ بيروت، وبالتزامن مع ذلك شنت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول حربًا تعرض فيها الفلسطينيون لجرائم وحشية، تعد جريمة العصر، مع مقتل أكثر من 40 ألف شخص من الجانب الفلسطيني، بالإضافة إلى آلاف الجرحى والمفقودين.

لا يختلف اثنان حول جنون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولكنه يسعى في الوقت ذاته لتحقيق أحلامه، التي تتمثل في جعل ميناء حيفا نقطة وصل بين الشرق والغرب. وقد دفعه التفكير في حفر قناة بديلة عن قناة السويس، فيما يعتبر البعض أن نتنياهو تلقى الضوء الأخضر للتحرك نحو التنفيذ بعد مؤتمر نيودلهي الذي عُقد في سبتمبر/أيلول الماضي، حيث وقعت الدول المجتمعة على مشروع “الممر الاقتصادي الهندي” الذي سيمر عبر هذه القناة ليربط مرفأ حيفا بالمرافئ الدولية.

انضمام إيطاليا للمشروع يعكس كيف أن أفعال نتنياهو ضد سكان غزة تحدث وسط غض الطرف من الغرب والهند، بهدف تسريع إنجاز المشروع وشق القناة، انطلاقًا من تدمير القطاع وإعادة بنائه دون منح أي نفوذ لحركة حماس.

وعما سيحدث بعد انتهاء الحرب المتوقع، يأمل نتنياهو أن يتمكن جيشه من تدمير قدرات حماس العسكرية، وإنشاء منطقة عازلة داخل القطاع، وهي حتمًا القسم الشمالي منه، ولهذا السبب يعتبر ممر نتساريم في غزة نقطة استراتيجية ترفض إسرائيل التخلي عنها، حيث كلها ترتبط بمفاوضات تهدف إلى استحصال اعتراف فلسطيني بمنح الجيش الإسرائيلي الحق في السيطرة على هذه المنطقة، وهي البوابة الرئيسية لقناة بن غوريون.

تمتلئ الأجندة الإسرائيلية بالأحلام والطموحات في الحرب المستمرة على قطاع غزة، وتتضمن السعي لتحقيق انتصار ملموس يقارن بحجم المعارك التي تخوضها، مما يجعله يتطلع لكسب تأييد الرأي العام الإسرائيلي لضمان استمراره في الحياة السياسية بدلاً من مواجهة المحاكمات بسبب قضايا فساد وإساءة استخدام الأموال العامة، والآن بالإضافة إلى قضايا مرتبطة بتهم جرائم الحرب من محكمة العدل الدولية.

هل ستتحقق هذه الأحلام فعلاً، أم أنها ستواجه عقبات، لا سيما مع إمكانية تدخل الصين في المنطقة لحماية مصالحها؟

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة العربية الآن.



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version