بيوت المال الإسلامية: حقيقة شرعية أم وهْم دعائي؟
في حقل المال والتجارة اليوم، تظهر بيوت المال الإسلامية كبديل يدّعي الالتزام بالشريعة الإسلامية. فهل هي بالفعل كذلك؟ أم أنها مجرد تغيير في التسمية للنظام المصرفي التقليدي؟ في هذا المقال، سوف نكشف حقيقة بيوت المال الإسلامية ونُطرح استفسارات جريئة حول مدى التزامها بمبادئ الاقتصاد الإسلامي الصحيح.
لقد لاحظت أن العديد من الممارسات في بيوت المال الإسلامية لا تختلف جوهريًا عن البنوك التقليدية. فالتصنيع والرباح والمضاربة والتأجير مع الوعد بالتملك، كلها آليات تسعى لتجنب الفوائد الجزية، ولكنها في
تنتج النهاية نتائج مشابهة للقروض الفائرة
رحلة البحث والاكتشاف
بعد تخرّجي من الجامعة، تركز اهتمامي على دراسة مواضيع رئيسية: البنوك والتمويل الإسلامي، والشركات الناشئة والتكنولوجيا. انطلقت في دراسة الماجستير في إدارة الأعمال، مع التركيز على البنوك الإسلامية والتمويل. نشأت في العراق خلال الثمانينات، شاهدت حرب الخليج، وشهدت انهيار القطاع المصرفي في بلادي.
مع تعمّقي في الدراسة، بدأت الشكوك تدبّ في نفسي حول مفهوم البنوك الإسلامية. أصبحت أكثر اقتناعًا بأن ما يُعرف بالبنوك الإسلامية قد يكون مجرد وهْم تم تسويقه بعد فشل الدول الإسلامية في إنشاء نظام اقتصادي ومصرفي إسلامي حقيقي.
الواقع المحنك للبنوك الإسلامية
لوحظ أن العديد من الأساليب في البنوك الإسلامية لا تختلف جوهريًا عن البنوك التقليدية. الاستصناع والربا والتجارة والإيجار باحتكار، كلها آليات تهدف لتفادي الربا المباشر، لكن في النهاية تؤدي إلى نتائج مشابهة للقروض الربوية.
عند فشل المشاريع، يجد المقترضون أنفسهم في موقف مشابه لعملاء البنوك التقليدية: مطالبون بالسداد، مهددين بالإفلاس، ومواجهين لعقوبات التأخير. الأمر الأكثر سوءًا، هو أن بعض البنوك الإسلامية تضع أرباحًا أعلى من نظيراتها التقليدية.
نحن قادرون على حماية المواطنين من الإفلاس، وبناء اقتصاد إسلامي حقيقي يعزز نمو وازدهار مجتمعاتنا. الصعوبات كثيرة، ولكن الفرصة أكبر لتحقيق تغيير إيجابي يعود بالنفع على الجميع
بحث البديل الحقيقي
بعد فترة من البحث، عثرت على إجابتي في موقع غير متوقع: وادي السيليكون. هناك، كشفت عن نموذج استثماري يتماشى بشكل أفضل مع مبادئ الاقتصاد الإسلامي. في عالم الشركات الناشئة، يشارك المستثمرون في المخاطر والأرباح بشكل حقيقي. إذا حققت الشركة النجاح، يربح الجميع، وإذا فشلت، يتحمل الجميع الخسارة دون إثقال روّاد الأعمال بالديون.
هذا النموذج أقرب إلى جوهر الاقتصاد الإسلامي المبني على المشاركة في الربح والخسارة. وقد أثبت نجاحه من خلال إنتاج شركات عملاقة مثل آبل وغوغل وفيسبوك وتسلا وأمازون، التي غيّرت وجه العالم.
الدعوة إلى التغيير
حان وقت إعادة النظر في فكرة البنوك الإسلامية. يجب علينا الاعتماد على نموذج يحقق المبادئ الإسلامية الحقيقية في التمويل والاستثمار. أدعو الخبراء والمسؤولين في العالم الإسلامي للعمل على تطوير نظام مصرفي وتمويلي يعكس روح الشريعة الإسلامية، مستوحين من نجاحات نماذج الاستثمار في الشركات الناشئة.
بهذه الطريقة، يمكننا حماية المواطنين من الإفلاس، وبناء اقتصاد إسلامي حقيقي يعزز نمو وازدهار مجتمعاتنا. التحدي كبير، ولكن الفرصة أكبر لتحقيق تغيير إيجابي يعود بالنفع على الجميع.
فلنبدأ حوارًا بنّاء حول هذا الموضوع الهام، بعيدًا عن الجدل العقيم، ولنعمل معًا على إيجاد حلول مبتكرة تجمع بين الأصالة الإسلامية والكفاءة الاقتصادية.
الآراء المطروحة في المقال لا تعكس بالضرورة موقف شبكة الجزيرة التحريري.