## رواية «سفرطاس»: استكشاف الهوية في زمن التحولات
صدرت مؤخراً رواية «سفرطاس» للكاتب القطري د. خالد الجابر عن دار «النخبة» للنشر والطباعة والتوزيع في مصر. الرواية تضم 212 صفحة وتتناول تساؤلات وجودية تتعلق بالهوية والصراع الداخلي والتكيف مع التغيرات المجتمعية.
### مفهوم «السفرطاس» ورمزيته
يستمد الجابر مصطلح «السفرطاس» من التراث الخليجي، وهو يشير إلى وعاء الطعام متعدد الطبقات الذي كان يحمله العمال لتلبية احتياجاتهم اليومية. في مقدمة الرواية، يصف الجابر السفرطاس بأنه يحمل شيفرة الزمن المعقدة التي تعيش داخل ذاكرة الإنسان بكل ذكرياته ومخاوفه ورغباته. خلال تنقله الدائم عبر الماضي والحاضر والمستقبل، يتشكل الصراع بين الداخل والخارج، مما يساهم في تشكيل الهوية المتغيرة للفرد.
### تاريخ الصراعات والتحولات
تمتد أحداث الرواية عبر زمن طويل، حيث تتناول التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي شهدتها منطقة الخليج والعالم العربي على مدار القرن الماضي. يأخذ المؤلف القارئ في رحلة لاستكشاف العلاقة المعقدة بين الهوية الفردية والتراث والحداثة. تعتبر الرواية دراسة عميقة لجدلية الهوية وصراعات النفس والعالم المحيط بالفرد.
### من التحولات إلى الحروب
تستعرض الرواية مراحل تاريخية هامة بدءاً من فترة ما قبل اكتشاف النفط، مروراً بفترة ما بعد الاستعمار، وحتى الأحداث الراهنة. شخصية جابر تمثل جيلاً عاش هذه التغيرات وعانى من تداعياتها. من خلال استرجاع ذكرياته، توضح الرواية أثر التحولات الاقتصادية والسياسية على التركيبة الاجتماعية والثقافية.
تتناول الرواية أحداثاً محورية مثل نكسة 1967 وحروب المنطقة المختلفة، مما ساهم في تشكيل الوضع الراهن. هذه الخلفية السياسية لا تُشكل فقط سياق الرواية بل تؤثر أيضاً على تطور شخصية جابر وصراعه بين الماضي والواقع.
### جدلية الذات والآخر
تتطرق الرواية إلى جدلية الذات والآخر من خلال شخصية جابر، الذي يعيش في دار رعاية ويعاني من الوحدة. تعكس شخصيته مجموعة من التناقضات وتعكس كيفية تأثير تجاربه الشخصية على علاقاته بالآخرين. يتمحور الحوار بين الشخصيات حول الهوية والانتماء والذاكرة، وكيف يؤثر الماضي على الحاضر.
### الاستعمار والتبعية الاقتصادية
تناقش الحوارات بين جابر وأصدقائه قضية الاستعمار ونتائجه، حيث يدركون أن الاستعمار، رغم انتهائه رسمياً، ما زال موجودًا بشكل غير مباشر عبر الهيمنة الاقتصادية والثقافية. يجسد جابر جيلًا عاش في ظل تبعية مستمرة رغم الاستقلال السياسي.
### التحول من الفقر إلى الأمل
تبدأ حياة جابر في قرية بسيطة تعيش على موارد محدودة. بعد وفاة والده، تتغير حياته إلى الأبد، لتصبح معاناته مضاعفة. لكن سرعان ما يتغير مسار حياته عندما يعمل في شركة نفط أجنبية، ما يمنحه أملاً بالهروب من الفقر. يتعامل الجابر مع واقع مرير، حيث يكشف العمل في الشركة عن استغلال صارخ للثروات، مقابل حياة مرفهة للأجانب.
تعتبر «سفرطاس» تكملة لرواية سابقة للجابر بعنوان «راهب بيت قطرايا»، حيث يتناول فيها الجدلية بين الدين والسياسة في القرن السابع الميلادي.