ترامب والإعلام: توترات قديمة واستراتيجيات جديدة

By العربية الآن


ترامب والإعلام.. توتر قديم وإستراتيجية جديدة

U.S. President Donald Trump speaks to the media before departing the White House en route West Virginia in Washington, U.S., July 24, 2019. REUTERS/Mary F. Calvert TPX IMAGES OF THE DAY
ترامب يتحدث لوسائل الإعلام (رويترز- أرشيف)
بينما يستعد دونالد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض، تسود أجواء من الترقب والحذر في الأوساط الإعلامية الأمريكية، بعد أن أطلق الرئيس المنتخب سلسلة جديدة من الدعاوى القضائية ضد وسائل الإعلام البارزة. ويستند ترامب هذه المرة إلى قوانين مثيرة للجدل مثل مكافحة الاحتيال والممارسات التجارية غير العادلة، وهي خطوة تعدت الدعاوى التقليدية للتشهير.

يعيد هذا التصعيد إلى الأذهان العلاقة المضطربة التي كانت بين ترامب والصحافة خلال ولايته الأولى، ويفتح المجال لمواجهات قانونية وسياسية جديدة حسب المراقبين.

مسارات غير مألوفة

الدعوى القضائية التي قدمها فريق ترامب القانوني في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2024 ضد خبيرة استطلاعات الرأي آن سيلزر وصحيفة “دي موين ريجستر” أثارت جدلاً واسعاً، حيث تعتبر الأولى من نوعها لرئيس أميركي في مقاضاة مستطلعي الرأي.

جاء الاتهام بـ”التدخل الصارخ في الانتخابات” وانتهاك قانون “مكافحة الاحتيال الاستهلاكي” بعد نشر استطلاع رأي أظهر تفوق المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس بـ3 نقاط في ولاية أيوا. يسعى الفريق القانوني لترامب إلى منع الصحيفة من مواصلة ما وصفوه بـ”ممارسات خادعة ومضللة” بشأن الاقتراع.

انقسمت وسائل الإعلام الأمريكية في تغطيتها لهذه القضية حسب ميولها السياسية، حيث ركز الإعلام اليميني على دقة الاستطلاع وتأثيره على الانتخابات، بينما اعتبر الإعلام اليساري أن دعوى ترامب تؤدي إلى تصعيد العداء بينه وبين الصحافيين وتزيد من تعقيد المشهد السياسي والإعلامي.

القضايا القانونية تبدو معقدة، حيث استبعد القانونيون إمكانية فوز ترامب، لأن قوانين الاحتيال لا تنطبق عادة على المحتوى الإخباري، ولأن نشر المعلومات محمي بموجب التعديل الأول للدستور الأميركي.

آن سيلزر خلال ظهورها في برنامج أيوا بريس (مواقع التواصل)

أكدت آن سيلزر في مقال نشرته في صحيفة “دي موين ريجستر” أن شركة الاستطلاعات التي تمتلكها استخدمت نفس الأسلوب الذي أثبت تقدم ترامب في انتخابات عامي 2020 و2016.

وفي ردها على الانتقادات التي تشير إلى “التلاعب” في البيانات لصالح هاريس، أوضحت أن نتائج الاستطلاع الأخير قد تكون حفزت الناخبين الجمهوريين ودعتهم إلى التحرك والتصويت.

وكانت قد سبق دعوى سيلزر، قضية قانونية أخرى ضد شبكة “سي بي إس” حيث رفع ترامب دعوى بتعويض قيمته 10 مليارات دولار، مدعياً أن الشبكة تدخلت في الانتخابات عبر تحرير مقطع فيديو “مضلل” لمقابلة مع هاريس. وفي بيانها، نفت الشبكة التحريف وأكدت حرصها على تقديم أي مقابلة بشكل “واضح ودقيق”.

وقد عبر بعض الصحفيين عن مخاوفهم من عودة أجواء العداء بين البيت الأبيض ووسائل الإعلام، والتي كانت واضحة خلال الولاية الأولى لترامب. حيث تشير استراتيجياته الجديدة بالاعتماد على قوانين مكافحة الاحتيال بدلاً من دعاوى التشهير التقليدية إلى غرض شديد وطريقة جديدة للضغط على الإعلام.

ومع ذلك، يعتقد الخبراء أن هذه الدعوى تواجه تحديات كبيرة، فالحقوق الدستورية توفر الحماية لتغطية الأخبار المتعلقة بالشخصيات العامة.

ترامب رفع دعوى ضد شبكة “سي بي إس” بموجب قانون الاحتيال الاستهلاكي مدعياً أنها تدخلت في الانتخابات (الفرنسية)

منظور تاريخي

### ترامب والعلاقة المضطربة مع وسائل الإعلام

لطالما كانت العلاقة بين الرئيس السابق دونالد ترامب ووسائل الإعلام مشحونة بالتوتر، ما أدى إلى مشهد إعلامي غير مسبوق في تاريخ السياسة الأميركية. ومنذ دخوله الحلبة السياسة وحتى انتهاء ولايته الأولى، أسهم ترامب في تصعيد المخاوف حول حرية الصحافة.

إحصائيات خطاب ترامب

لإلقاء الضوء على زيادة تلك المخاوف مع قرب عودة ترامب، تقدم إحصاءات متنوعة بشأن خطاباته المعادية للإعلام خلال ولايته الأولى. ووفقاً لبيانات مرصد حرية الصحافة الأميركية، كتب ترامب 1800 منشور على منصة “إكس” منذ إعلان ترشحه في يونيو/حزيران 2015 حتى عام 2016، وقد اعتُبرت 1800 منشور رجعياً ضد وسائل الإعلام. بينما نشر ترامب 548 منشوراً سلبياً عن الإعلام خلال الفترة من 20 يناير/كانون الثاني 2017 إلى 19 يناير/كانون الثاني 2020.

ماضي ترامب القانوني

للرئيس ترامب تاريخ طويل من القضايا في المحاكم، حسبما ذكرت صحيفة “يو إس إيه توداي”، إذ تم تحديد 30 دعوى تقريبا قبل ترشحه للرئاسة. وكان هناك أيضاً 4095 دعوى تم تسجيلها في عام 2016، منها 14 قضية تتعلق بوسائل الإعلام، حيث فاز ترامب بقضية واحدة فقط متعلقة بالتشهير.

تسوية غير متوقعة مع “إيه بي سي نيوز”

في تحول غير متوقع، قامت شبكة “إيه بي سي نيوز” وشركتها الأم “ديزني” بإبرام تسوية قضائية مع ترامب بمعدل 15 مليون دولار بعد اتهامه لها بالتشهير، وانتهت القضية بتسوية في 14 ديسمبر/كانون الأول 2024. انتقد العديد من الصحفيين هذه الخطوة، معتبرين أنها تنازل واضح لصالح ترامب، ويشير المراقبون إلى أن “ديزني” تسعى لحماية مصالحها مع اقتراب تولي ترامب لفترة رئاسية جديدة.

تأثيرات التسوية على حريات الصحافة

أشار الصحفي والمدعي الفدرالي السابق، هاري ليتمان، إلى أن هذه التسوية قد تؤدي إلى تقليص حريات الصحافة وزيادة ميل وسائل الإعلام لتجنب الصدام مع الرئيس. ويُعتقد أن ترامب بالفعل غير توازن القوة بين وسائل الإعلام والرئاسة قبل توليه منصبه.

تغييرات في مواقف وسائل الإعلام

تشير التقارير إلى تغيير بعض المواقف في وسائل الإعلام تجاه ترامب، حيث تراجعت بعض الصحف الكبرى مثل “واشنطن بوست” و”لوس أنجلوس تايمز” عن دعم المرشحين المنافسين له. وفيما يتعلق بالتسوية، ذكرت “ديزني” أنها اتخذت هذا القرار نظراً لضعف موقفها القانوني وخوفها على حرية الصحافة.

تهديدات بالمراقبة من ترامب

بعد أيام من التسوية، أرسل بريندان كار، مرشح ترامب لرئاسة لجنة الاتصالات الفدرالية، خطاباً إلى الرئيس التنفيذي لشركة “ديزني”، يتعهد فيه بمراقبة مفاوضات الشبكة مع شركائها. وفي الخطاب، قال كار أن المواطنين لم يعودوا يثقون في وسائل الإعلام.

خلاصة

تشير التطورات الحالية إلى أن مصالح ترامب قد تتفوق على الخلافات السابقة مع وسائل الإعلام، وهو ما يثير مخاوف حول تأثير ذلك على حرية الصحافة في المستقبل.### علاقة جديدة بين بيزوس وترامب

يبدو أن جيف بيزوس، مؤسس أمازون ومالك صحيفة “واشنطن بوست”، يسعى لبناء علاقة جديدة مع الرئيس السابق دونالد ترامب. على الرغم من العداء الملحوظ بين الطرفين خلال ولاية ترامب الأولى، شهدت العلاقة تحسناً ملحوظاً بعد فوز ترامب في الانتخابات.

بدأ بيزوس بالتقرب من ترامب من خلال زيارة منزله في ويست بالم، وتقديم تبرعات بقيمة مليون دولار لصندوق تنصيب الرئيس المنتخب. وفي مؤتمر نيويورك تايمز “ديل بووك”، أشار بيزوس إلى أن ترامب أصبح “أهدأ وأنضج” خلال السنوات الماضية.

قرار مثير للجدل من بيزوس

في ظل هذه العلاقة المتجددة، أصدر بيزوس في أكتوبر 2024 قراراً يمنع الصحفيين في “واشنطن بوست” من دعم أي مرشح رئاسي، مما أدى إلى احتجاجات داخل الصحيفة وإلغاء آلاف القراء لاشتراكاتهم. واعتبر بيزوس أن القرار يسهم في تعزيز ثقة القراء، مؤكداً عدم وجود “أي نوع من المقايضة”. ومع ذلك، اعتبر مراقبون أن هذا الإجراء هو لحماية مصالحه الاقتصادية مع انتقال ترامب إلى الحكم.

انتقادات لصحيفة “لوس أنجلوس تايمز”

أما صحيفة “لوس أنجلوس تايمز”، فقد واجهت انتقادات شديدة بعد تقليص مالكها باتريك سون شيونغ للمقالات التي تنتقد ترامب. وقد صرح خلال الحملة الانتخابية أن الصحيفة لن تؤيد أي مرشح سياسي كوسيلة للتقليل من الانقسامات السياسية.

وكشف الصحفي أوليفر دارسي عن مذكرة احتجاج من صحفيين للحياد والالتزام بقيم الصحافة. كما أعلن كاتب العمود هاري ليتمان استقالته من الصحيفة بعد 15 عاماً من العمل فيها، احتجاجاً على دعم مالكها لترامب.

تحول ملحوظ في علاقات زوكربيرغ وترامب

شهدت العلاقة بين ترامب والرئيس التنفيذي لشركة “ميتا”، مارك زوكربيرغ، تحولاً جذرياً. على الرغم من الانتقادات السابقة التي وجهها زوكربيرغ لترامب، وخاصة بعد تعليق حساباته على منصات فيسبوك وإنستغرام، أعلنت “ميتا” عن تبرعها بمليون دولار لصندوق تنصيب ترامب، وهو ما اعتُبر تغييراً في الإستراتيجية.

مواجهة قادمة مع الإدارة الجديدة

بينما تقوم بعض المؤسسات الإعلامية بتطبيع علاقتها مع الإدارة الجديدة، تستعد أخرى لمواجهة محتملة مع ترامب، الذي توعد مراراً بملاحقة الصحفيين الذين لا يلتزمون بمسؤولياتهم. وقد حذر موقع “أكسيوس” موظفيه من أن الإدارة الجديدة قد تلزم الصحفيين بالكشف عن مصادرهم.

وفي تصريحات سابقة، أكد ستيفن تشيونغ، المتحدث باسم ترامب، أن الأخير سيواصل محاسبة الذين ارتكبوا “مخالفات” في التقارير الإعلامية.

كما تشمل تهديدات ترامب سحب تراخيص البث من الشبكات التي ينشر خلالها أخباراً يعتبرها “مضللة”. وقد كتب ترامب على منصة إكس أن برنامج “60 دقيقة” ارتكب “أكبر عملية احتيال في تاريخ البث”.

وأعربت رئيسة لجنة الاتصالات الفيدرالية جيسيكا روزنوورسيل عن قلقها من تهديدات ترامب لحرية التعبير، مؤكدة أن “هذه التهديدات خطيرة ويجب عدم تجاهلها”.

التحديات المستقبلية

يواجه ترامب تحديات قانونية مع اقتراب إدارته من الحكم، مما يعزز من حذر وسائل الإعلام في التعامل مع الوضع. في الوقت الحالي، يتوقع البعض أن تتخذ الإدارة الجديدة خطوات ملموسة ضد المؤسسات الإعلامية، الأمر الذي قد يؤدي إلى صراعات مستقبلية.### ترامب والإعلام: مواجهة تتجاوز التقليدية

في ظل التوتر المتزايد بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والمؤسسات الإعلامية، يبدو أن هذه العلاقة قد تأخذ منحى جديدًا، حيث تعتبر الفدرالية أداة محتملة لتحقيق أجندته الشخصية.


بريندان كار يختلف عن جيسيكا روزنوورسيل في طريقة التعامل مع القضايا وأولويات اللجنة (الفرنسية)

دور اللجنة الفدرالية في مواجهة الإعلام

يمتاز بريندان كار، الذي تم ترشيحه مؤخرًا، عن رئيسة اللجنة الحالية جيسيكا روزنوورسيل في أسلوب التعامل مع القضايا وأولويات اللجنة. ومن خلال تأكيده أنه سيأخذ شكاوى ترامب بشأن الإعلام “على محمل الجد”، يُبين كار أنه يسعى لتعزيز العلاقات القانونية بين السلطة والإعلام، مع الأخذ في الاعتبار أن اللجنة لا تخضع لتوجيهات أي رئيس وتأتي تحت إشراف الكونغرس.

استراتيجية ترامب الجديدة والعواقب المحتملة

تتجه المواجهة بين ترامب والصحافة لتكون جزءًا من استراتيجية معقدة تنفذ عبر سن قوانين جديدة، مما يفتح فصلاً جديدًا من النزاع بين السلطة والإعلام. وبغض النظر عن نجاح ترامب في تنفيذ استراتيجيته، فقد أفرزت هذه العلاقة توترات قد تؤثر على حرية التعبير في الولايات المتحدة.

التحديات المستقبلية للصحافة الأمريكية

تواجه الصحافة الأمريكية مرحلة جديدة من التحديات، حيث تتزايد التساؤلات حول قدرتها على الصمود أمام هذه التحديات، وما إذا كانت المصالح الاقتصادية ستفوق القناعات المهنية.

المصدر: الجزيرة

رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version