تطبيق تُستعمل في مجالات الجيولوجيا.. عنصر واعد لإظهار البصمة الذرية للورم

By العربية الآن



تطبيق تُستعمل في مجالات الجيولوجيا.. عنصر واعد لإظهار البصمة الذرية للورم

the investment from gilead in arcus is aimed at expediting the growth of co-development programmes for cancer indications. credit: kateryna kon / shutterstock.com.
الخلايا الورمية لها إثرًا هيدروجينيًا مميزًا يمكن توظيفه للكشف المبكر عن المشكلة (شاترستوك)

<

div class=”wysiwyg wysiwyg–all-content css-1vkfgk0″ aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>نجح شراكة بحثية بين عُلماء من جامعتي “كولورادو بولدر” و”برينستون” بالولايات المتحدة للمرة الأولى، في توظيف تطبيق غالبًا ما يُستعمل في مجالات الجيولوجيا للكشف عن البصمات الذرية للورم.

وعلى مدى عقود من الزمن، تحوّل العُلماء في عدد من الميادين إلى دراسة توزيع الهيدروجين للكشف عن أدلة حول تاريخ كوكبنا، فعلى سبيل المثال يفحص عُلماء المناخ ذراته المُحتجزة في الثلج بالقارة القطبية الجنوبية للاستنتاج مدى حرارة أو برودة الأرض منذ مئات آلاف السنين.

وفي البحث الجديد المنشور بدورية “بروسيدنجز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينس”، والذي كان مدعومًا بتجارب شخصيّتين لباحثتين في مجالات الجيولوجيا، إحداهما لباحثة كانت تُشاهد عمل والدها طبيب الأمراض الجلدية مع الأورام الجلدية، والأخرى فقد والدها بالورم.. تساءلت الباحثتان: هل يمكن لهذه الذرات الصغيرة من الهيدروجينتقديم إحصائيات حول الخلايا الورمية؟

ويأتي الهيدروجين بنكهتين رئيسيتين في الطبيعة، أحدهما يُعرف بـ”الديوتيريوم” الثقيل قليلا، بينما يكون الآخر -المعتاد عليه بشكل عام بإسم “الهيدروجين”- خفيف قليلا في الوزن على كوكب الأرض، إذ تكون عدد ذراته تقريبا 6420 ذرة لكل واحدة من ذرات “الديوتيريوم”.

للكشف عن النظائر الفريدة للخلايا السرطانية، زرع الفريق البحثي خلايا خميرة وخلايا غدة الكبد لفئران في المختبر، ثم قاموا بتحليل ذرات الهيدروجين الخاصة بهم، وتبين للباحثين أن الخلايا التي تنمو بسرعة مثل خلايا الخميرة، تحتوي على توزيع ذرات الهيدروجين بنسب مختلفة بشكل كبير مقارنة بالذرات “الديوتيريوم”، وهو ما جعلهم يفترضون أنهم سيجدون نفس البصمة الذرية في الخلايا الورمية التي تتسارع نموًا أيضًا.

الخميرة المُستخدمة في الدراسة تكبر في ظروف تحت الرقابة في مختبر بجامعة برينستون (الفريق البحثي)

من الافتراض إلى الاختبار

ولإختبار هذا الافتراض، قام الباحثون بتحليل ذرات الهيدروجين الموجودة داخل الخلايا السليمة والورمية، واستخدموا تقنيةً في علوم الأرض تُسمى “مطياف الكتلة” لتحديد وقياس نسبة نظائر الهيدروجين في هذه الخلايا.

وقام الفريق بمقارنة نسب نظائر الهيدروجين بين النوعين من الخلايا، كما فحصوا الاختلاف في النسب بين الخلايا ذات النمو السريع (مثل الخلايا السرطانية) والخلايا الطبيعية.

واستنتج الباحثون بناءً على تحليلاتهم، أن هناك اختلافات كبيرة في نسب نظائر الهيدروجين بين الأنواع المختلفة من الخلايا، حيث أظهرت الخلايا الورمية ذات النمو السريع تفاوتًا واضحًا في التركيب مقارنة بالخلايا السليمة.

وبالفعل، كانت البصمة الهيدروجينية الفريدة للخلايا الورمية هي وجود عدد أقل من ذرات “الديوتيريوم” مقارنة بالخلايا الطبيعية، حيث تحتوي الخلايا الورمية والخلايا الخميرة ذات النمو السريع التي تُحاكي النمو الورمي، على محتوى أقل لذرات “الديوتيريوم” بمتوسط يصل إلى نسبة 50٪ أقل مقارنة بالخلايا السليمة.

وأفاد الباحثون بأن هذا الانخفاض في تواجد ذرات “الديوتيريوم” في الخلايا الورمية، يشكل فارقًا كبيرًا في التركيب الذري لنظائر الهيدروجين مقارنة بالخلايا الطبيعية.

خلايا الخميرة تحت المجهر (المصدر: ويكيميديا)

تجربة فردية أدت إلى الاكتشاف

والمثير هو أن اكتشاف البصمة الهيدروجينية للخلايا الورمية يعود إلى تجربة فردية لأستاذة علوم الأرض في جامعة كولورادو بولدر، والباحثة الرئيسية في الدراسة “أشلي مالوني” التي يعمل والدها كطبيب لأمراض الجلد.

وقالت مالوني في بيان صحفي نشره موقع جامعة كولورادو بولدر: “كان والدي يقوم بإزالة خلايا سرطان الجلد من المرضى باستمرار، فكنت أتساءل: كيف يمكن أن يكون التمثيل الغذائي لهذه الخلايا مختلفًا عن الخلايا المحاذية لها في النمو”.

وللإجابة عن هذا السؤال، كان من الضروري معرفة كيفية توزيع الهيدروجين داخل الخلايا على نحو أولوي.

وأوضحت مالوني: “في بعض الحالات، تأتي ذرات الهيدروجين من إنزيم يُصعب تلفظه، ولكنه ضروري بشكل أساسي حيث يُدعى فوسفات نيكوتيناميد الأدينين ثنائي النوكليوتيد، ويُعد من بين أدواره العديدة في الخلايا هو تجميع ذرات الهيدروجين ثم تحويلها إلى جزيئات أخرى في عملية تصنيع الأحماض الدهنية، وهي أساسًا حجر الزاوية في الحياة”.

وأضافت: “ولكن، هذا الإنزيم لا يستحصل دائمًا من نفس مجموعة الهيدروجين، وأشارت الأبحاث السابقة التي ركزت على البكتيريا إلى أنه”بناء على نشاط الإنزيمات الأخرى في الخلية، قد يستفيد الإنزيم بعض الأحيان من نظائر هيدروجين مختلفة بدرجات متفاوتة.

تساءلت عن إمكانية تغيير السرطان لعملية التمثيل الغذائي للخلية، وهل يمكن تغيير كيفية حصول الإنزيم على الهيدروجين، مما يؤدي في النهاية إلى تعديل تكوين الذرة في الخلية؟

توجهت مالوني إلى إجراء تجربة مع مستعمرات الخميرة في مختبرات بجامعة برينستون وجامعة كولورادو في بولدر، حيث قام علماء الأحياء في برينستون بتجربة على مستعمرات خلايا كبد الفئران السليمة والسرطانية. بعد سحب الأحماض الدهنية من الخلايا، استخدم الباحثون مطياف الكتلة لتحديد توزيع ذرات الهيدروجين فيها.

أظهرت النتائج وجود تفاوت في تواجد ذرات الديوتيريوم داخل خلايا الخميرة المتخمرة، التي تشبه السرطان، وخلايا الخميرة الطبيعية. وأشارت الباحثة إلى الاختلاف بنسبة 50٪ على الأقل، وكذلك وجدت الخلايا السرطانية تفاوتًا مشابهًا، ولكن بنسبة أقل من الديوتيريوم.

الأطباء على موعد مع عمل بحثي دؤوب لتحويل اكتشاف البصمة الذرية للسرطان إلى تطبيقات سريرية للكشف المبكر والعلاج (شترستوك)

اختراق نحو الكشف المبكر

أعربت الدكتورة “شينينغ تشانغ”، من قسم علوم الأرض بجامعة برينستون، عن أملها في أن يساهم هذا الاكتشاف في الكشف المبكر وعلاج السرطان. وقد فقدت تشانغ والدها بسبب هذا المرض، متطلعة إلى فائدة النتائج للعائلات الأخرى في موقفها.

ذكرت تشانغ في بيان صحفي من الجامعة، أن السرطان والأمراض الأخرى تشكل مصدر قلق كبير للكثيرين، وأن الأدوات المستخدمة لرصد صحة الكوكب يمكن توجيهها أيضًا لرصد صحة وأمراض الكائنات الحية. وعبرت عن أملها في تحقيق ذلك في المستقبل.

أشاد الدكتور “محمود قنديل”، استشاري الأورام بوزارة الصحة المصرية، بنتائج البحث، مؤكدًا في محادثة هاتفية مع “الجزيرة نت” أن فهم الاختلافات على مستوى الذرة بين الخلايا السرطانية والطبيعية يفتح أفاقًا جديدة في الكشف وعلاج السرطان.

وأضاف أن تحديد البصمة الذرية للخلايا السرطانية قد يؤدي لتطوير أدوات تشخيص قادرة على اكتشاف السرطان في مراحله المبكرة وتوفير خيارات علاجية فعالة تزيد من معدلات البقاء للمرضى.

ليحقق هذه الفوائد، رأى قنديل أن المهمة التالية تقع في تحديد كيفية إجراء الاختبارات لاكتشاف البصمة الهيدروجينية للخلايا السرطانية، مع التركيز على الدراسات السريرية لتحديد فعالية وسلامة هذه العلاجات.

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version