تطوير مكبس بقياسات قياسية.. يرى بوضوح بـ30 مرة أجزاء الجراثيم

By العربية الآن



تطوير مكبس بقياسات قياسية.. يرى بوضوح بـ30 مرة أجزاء الجراثيم

تحقيق تحسينات على المكبس بالأشعة تحت الحمراء يكشف الهياكل الداخلية للجراثيم الحية على مستوى النانومتر. الائتمان: هذا هندسي/ بيكسلس
فريق من باحثي جامعة طوكيو نجح في تعزيز الدقة في الفحص بالمكبس بالأشعة تحت الحمراء المتوسطة لتصل إلى 120 نانومترا (بيكسلز)
غالبًا ما يعتبر الفحص بالمكبس بالأشعة تحت الحمراء المتوسطة أقل دقة، مقارنة بالتقنيات الأخرى مثل المكبس الفلوري التفصيلي. فالمكبس الفلوري يتجاوز حدود الضوء (أقصر مسافة يمكن تحديدها بين نقطتين في الصورة)، مما يتيح له تصوير الهياكل الحيوية بدقة عالية جدًا، ويحقق دقة تصل إلى عشرات النانومترات (1 نانومتر يمثل واحد من مليون المليمترات)، بينما ينحصر الفحص بالمكبس بالأشعة تحت الحمراء المتوسطة عند حوالي 3 ميكرومترات (1 ميكرومتر يمثل واحد من ألف الملمترات)، وتمكن باحثو جامعة طوكيو اليابانية من التغلب على هذه المشكلة وزيادة دقتها لتصل إلى 120 نانومترًا، الأمر الذي سمح لهم برؤية بوضوح أكبر بـ30 مرة للأجزاء الداخلية لجراثيم “الإشركية القولونية”.

تهدف تقنية الفحص بالمكبس الأشعة تحت الحمراء المتوسطة إلى تحليل العينات بناءً على تفاعلها مع الأشعة تحت الحمراء

تم استعمال مجهر مُجهز بمصدر ضوء الأشعة تحت الحمراء وكاشف في تحليل العينات. يتفاعل الأشعة تحت الحمراء مع العينة ليؤدي ذلك إلى اهتزازات جزيئية مميزة للروابط الكيميائية الموجودة فيها. من خلال قياس امتصاص أو انعكاس ضوء الأشعة تحت الحمراء بواسطة العينة بأطوال موجية تصل إلى 3 ميكرومترات، يمكن الحصول على معلومات دقيقة حول تركيبها الكيميائي وبنيتها.

رسم توضيحي لبكتيريا تُضاء بالأشعة تحت الحمراء المتوسطة الجديدة (نيتشر فوتونكس)

ما الفوائد الخمسة لجهود تطويرهم؟

أخذ الباحثون بالاهتمام بتحسين مُثل هذه التقنية رغم أن المجهر الفلوري عالي الدقة يوفر دقة أعلى، وذلك لعدة أسباب ذُكرت في الدراسة النُشرت في “نيتشر فوتونكس”، تتمثل هذه الأسباب في:

  • أولًا: يمكن للفحص بأشعة تحت الحمراء تصوير الهياكل الخلوية بدون وضع علامات على العينات أو تلفيها، لكن الفحص الفلوري عالي الدقة يتطلب ذلك، وقد تكون هذه العلامات مواد سامة في بعض الحالات وتعكّر سلوك العينات.
  • ثانيًا: يُوفّر معلومات هيكلية وكيميائية عن العينات المدروسة، وهذا منقطع النظير في الأبحاث البيولوجية، ويُمكن أن يُوفر فهمًا لتركيب المكونات الخلوية ونظرة عميقة عن وظيفتها وسلوكها.
  • ثالثًا: يسمح بتصوير الخلايا حية بدون الحاجة لظروف صارمة كوضع العينات في الفراغ، وهذه القدرة ضرورية لدراسة العمليات الحيوية الديناميكية في الزمن الحقيقي.
  • رابعًا: يستطيع ضوء تلك الأشعة اختراق العينات الحيوية بقدر أعمق من ضوء الأشعة المرئية المستخدم في الفحص الفلوري، مما يسمح بتصوير عينات سميكة كالأنسجة أو الأغشية الحية.
  • خامسًا: تطبيقات واسعة لهذه التقنية، إذ بينما يتفوق الفحص الفلوري عالي الدقة في بعض التطبيقات كتصوير هياكل محددة بعلامات محددة بدقة، يحتلمكانه في التطبيقات التي تحتاج المعلومات الكيميائية وعدم التدخل الجراحي وتصوير الخلايا حية أهمية قصوى. يُمكن استعماله على سبيل المثال في دراسة التمثيل الغذائي بالخلايا والتفاعلات الدوائية وعلم المرض بطرق لا تقوى المجاهر الفلورية على تحقيقها.

ماذا قام الباحثون بفعله لتطوير التقنية؟

لتحسين تقنية الفحص بالأشعة تحت الحمراء المتوسطة وتحقيق دقة عالية متكاملةً مع الفوائد، أعلن الباحثون عن مجموعة من التدابير التي تخذوها في بحثهم، ما مكّنهم من رؤية واضحة للهياكل الداخلية لبكتيريا “الإشركية القولونية”.
وبناء على الدراسة، تضمنت جهود الباحثين:

  • أولًا: استخدام تقنية تُسمى “الفتحة الاصطناعية”، حيث يندمج الصور من زوايا مضيئة مُختلفة لإنشاء صورة شاملة أوضح، وتعمل هذه الطريقة على رفع دقة وتفاصيل الصور المأخوذة بواسطة المجهر.
  • ثانيًا: معالجة امتصاص الضوء، إذ يتسبب وضع العينة بين عدستين في امتصاص جزء من الأشعة تحت الحمراء المتوسطة دون قصد، مما ينخفض من جودة الصورة. للتغلب على هذه المشكلة، ضع الباحثون العينة -التي هي بكتيريا “الإشريكية القولونية”- على لوح سيليكون يُعكس الضوء المرئي ويُفيد نقل الأشعة تحت الحمراء، مما سمح لهم باستعمال عدسة واحدة، وأدى هذا التدبير إلى تحسين إضاءة العينة واكتساب صور أكثر تفصيلاً.

وأشاد الأستاذ في معهدعلوم وتقنيّة الضوء في جامعة طوكيو “تاكورو إيديغوتشي” والباحث الأساسي في الدراسة، حسب البيان الذي نُشِر على موقع الجامعة: قال إن “الدقة المحسّنة للمجهر تفتح آفاقاً جديدة لمختلف ميادين البحث، وخصوصاً في مجالات العلوم الطبية الحيوية، حيث يمكن أن يُساهم في فهم مقاومة الميكروبات، التي تُعد قضية عالمية ملحّة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تُسهم عمليات التحسين الإضافية على هذه التقنية -مثل استخدام عدسات أفضل وأطوال موجية أقصر للضوء المرئي- في دفع الدقة المكانية تحت حاجز الـ 100 نانومتر، ما يمكّن من رصد الخلايا بشكلٍ أوضح.”

فحص الأجزاء الداخلية للبكتيريا بالتقنية الجديدة يفيد في فهم أسباب مقاومتها للعلاج (أدوب ستوك)

الدراسات الإضافية تُمهّد للتطبيق العملي

ويظل الجانب التطبيقي لهذا التطوير يتطلب المزيد من البحوث، على حدّ قول الدكتور محسن القاضي، أستاذ علوم الضوء بجامعة بني سويف، حيث قال في محادثته مع “الجزيرة نت” بأهمية إجراء دراسات إضافية تهدف لتخفيض تكاليف تلك التقنية، بهدف تسهيل الوصول إليها بشكلٍ أسهل مقارنة بأساليب التصوير الدقيقة الأخرى. كما يحتاج الباحثون إلى دراسات لتوسيع مجالات الاستخدام لتشمل تطبيقات المجهر بالأشعة تحت الحمراء المتوسطة خارج نطاق البحوث الحيوية، وكيف يمكن تكييف هذه التقنية لمواجهة التحديات في مجالات علوم المواد أو المراقبة البيئية ومجالات أخرى.

وأوضح أنّ إحدى الأسئلة الرئيسية التي يتعين معالجتها في الدراسات القادمة؛ هي الآثار الطويلة الأجل لتعريض الخلايا الحية للأشعة تحت الحمراء المتوسطة، وكيفية تحسين إرشادات الاستخدام لتقليل أي أضرار محتملة أو تأثيرات ناتجة أثناء التصوير. بالإضافة إلى أهمية معرفة كيف يمكن ترجمة نتائج الدراسات إلى تطبيقات عملية أو منتجات تجارية تعود بالفائدة على الرعاية الصحية والتكنولوجيا الحيوية وصناعات الأدوية.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version