تفسير المشاركة الأمازيغية في الفتوحات الفرنسية
كان للأمازيغ تأثير بارز في فتح الأندلس، الذي تم في فترة قصيرة لا تتجاوز الثلاث سنوات (92-95 هـ)، وبكلفة قليلة مقارنةً بفتح المغرب. كان معظم جيش طارق بن زياد من المسلمين الأمازيغ الذين أظهروا حماسة كبيرة للدين الإسلامي، وليس بدافع الطمع أو الرغبة في الجاه.
### الأمازيغ في الفتوحات الفرنسية
لكن، ما هو دور الأمازيغ في الفتوحات التي تمت وراء جبال البُرت، في المناطق المعروفة باسم غالة (فرنسا الحالية)؟
يعبر حسين مؤنس عن أن الأمازيغ، على الرغم من حداثة عهدهم بالإسلام، أظهروا تمسكا أكبر وحماسا أكثر من العرب، حيث كان الإسلام بالنسبة لهم وسيلة للنهضة والحفاظ على حقوقهم بمواجهة العرب.
يتحدث المؤرخ الدكتور حسين مؤنس في كتابه “فجر الأندلس”، عن دور الأمازيغ في تشجيع العرب على التوسع في غالة. ويقول: “إلى هذه الجماعات الأمازيغية يعود الفضل في دفع العرب لمزيد من الفتوحات في غالة”. وقد كان الأمازيغ يتجمعون في الأندلس، ويعبرون عن رغبتهم الكبيرة في الجهاد ومشاركتهم في الغنائم، مما جعلهم جزءاً أساسيًا من حملات الفتح.
### تأثير الأمازيغ على الحملات العسكرية
يستنتج مؤنس أنه لولا وجود هذه المجموعات الأمازيغية المتحمسة، لما نجحت الحملات الواسعة مثل تلك التي قادها السمح بن مالك وعنبسة بن سحيم. كلما زاد نشاط الفتوحات، زاد حماس الأمازيغ لحيازة الغنائم، مما ساهم في فشل بعض الحملات.
ويؤكد أيضًا أن العدد الكبير من الجنود المسلمين في غالة كانوا من الأمازيغ، حيث كانوا يسعون لتحقيق مكاسب من الجهاد. ورغم تأكيده على أن العدد لم يصل لمئات الآلاف كما يشير البعض، إلا أن رغبتهم في الجهاد والغنائم كانت بارزة وتأثرت بها مجريات الحملات.
### تفنيد المفاهيم المغلوطة
مع ذلك، لا يمكن إنكار الدور المهم للأمازيغ في الفتوح بما في ذلك الأندلس، لكن ما ذكره حسين مؤنس يتطلب توضيحاً. بعض العبارات التي استخدمها مثل “يتسكعون في العاصمة” تُعتبر غير مناسبة ومخلة بالمعنى.
كان في هؤلاء الأمازيغ قوة تدفعهم للاستمرار في الفتوح، مثلما دفعت قبائل المتبربرين بعضها نحو أراضي الدولة الرومانية.
- الدكتور حسين مؤنس
هذا الفهم يعكس تفسيرًا غريبًا لدوافع المسلمين للفتح، حيث يتخذ من مشكلة البطالة سببًا لمشاركة الأمازيغ، وكأن الهدف الأساسي كان إيجاد فرص عمل للمسلمين في الأندلس. وهذا الفهم يتعارض مع ما مفاده أن المسلمين كانوا يسعون لمغزى أسمى من الجهاد.
### تشبيه غير مناسب
أيضًا، نجد أن مؤنس يقارن بين الفتوحات الإسلامية وغزوات الجرمان التي كانت تتم في العصور القديمة، وهو مقارنة غير دقيقة.
خرج عنبسة غازيًا للروم بالأندلس، وكان أهلها يومئذ خيارًا فضلاء، وكانوا يسعون للجهاد والثواب.
وختامًا، يؤكد مؤنس أن هذا النشاط الحربي الكبير يعبر عن حرص المسلمين في الفتوحات، لكن من الغريب أن تظل التفاسير تبرز جوانب غير ملائمة عن الأمازيغ. في حين أن المؤرخين مثل ابن عذاري المراكشي أشادوا بنوايا المسلمين في الجهاد والحسبة للمكافأة كعوامل رئيسية لاستمرار الفتوحات في بلاد الغال.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
رابط المصدر