تفضل.. أقدام من خشب وأنابيب لمصابي الصراع في غزة
وقد أطلق الأخوة سلمي مبادرة لمُعاونة مصابي الأطراف من ضحايا الحرب الإسرائيلية العنيفة،التحرك المتواصل في منطقة غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام السابق، من خلال تصميم وتصنيع أطراف صناعية بديلة بأسلوب بسيط، باستخدام وإعادة تدوير مواسير الصرف الصحي وقطع أخرى من الخشب والمواد القليلة.
إنجاز عظيم
سعد (25 عامًا) خسر إحدى ساقيه ونصف القدم في الساق الأخرى، بسبب استهداف إسرائيلي لمدرسة في مدينة غزة أوى إليها مع أسرته بعد إجبارهم على مغادرة منزلهم في حي الشجاعية شرق المدينة. يروي لشبكة الجزيرة قصته حيث فقد العديد من أفراد عائلته في هذا الهجوم وبقي ينزف لعدة أيام قبل نقله إلى المستشفى الإندونيسي في شمال القطاع، ثم إلى مستشفى غزة الأوروبي في مدينة خان يونس بالجنوب.
الأطباء اضطروا لبتر ساق سعد، ومنذ ذلك الحين أصبح لديه إعاقة، حيث يحلم بـ”المشي مرة أخرى على الأقدام”. لجأ إلى الشقيقين سلمي للحصول على طرف صناعي حتى وإن كان بسيطًا، يعتبره “إنجازًا عظيمًا ومدهشًا” خلال هذه الحرب الشرسة على غزة والحصار القائم.
بالنسبة لسعد، هذا الطرف الصناعي يسمح له بالاعتماد على نفسه إلى حد كبير، حتى نهاية الحرب وتركيب طرف صناعي أفضل جودة وقوة لتنفيذ المهام الحياتية اليومية.
لا توجد مراكز مخصصة لصناعة الأطراف الصناعية في الجنوب من القطاع، حيث يعيش حوالي 90٪ من السكان والنازحين (حوالي مليوني نسمة)، مع انعدام مستشفى الشيخ حمد للتأهيل والأطراف الصناعية ومراكز أخرى في مدينة غزة وشمال القطاع بسبب الهجمات المباشرة أو العزلة الحادة وفصل القطاع إلى شماله وجنوبه.
تجربة ملهمة
في مجال العلاج الوظيفي، ابتكر السيد صلاح سلمي مبادرة مستلهمة من تجربته أثناء الاعتقال، حيث أخبر الجزيرة نت “تم اعتقالي من قبل قوات الاحتلال أثناء نزوحي من غزة نحو القطاع الجنوبي، عبر حاجز نتساريم الذي يُدعى أنه آمن، وقضيت 47 يومًا في الاعتقال مكبل الأطراف”.
تجربته كانت محفزة لصلاح، حيث صرح قائلاً “أدركت ظروف ومشاعر ذوي الإعاقة، فكيف كنت مكبل الأطراف شعرت بالعجز تمامًا كما يشعر المبتورون”.
بعد إطلاق سراحه، فكر صلاح بالتعاون مع شقيقه عبد الله، الخبير بالأطراف الصناعية، في مساعدة مبتوري الحرب عن طريق تصميم وتصنيع أطراف صناعية باستخدام مواد محلية بسيطة، وأوضح قائلاً “نفذنا الفكرة بصناعة أطراف بسيطة باستخدام الموارد المحلية المتاحة، وعلى الرغم من بساطة التصميم، إلا أنها تعتبر إنجازًا كبيرًا لذوي الإعاقة وتسهم في تسهيل حياتهم”.
ويتميز الطرف الصناعي المبتكر بأنه يتكون من الخشب والأنابيب البلاستيكية المستخدمة في الصرف الصحي، حيث يتعاون صلاح وعبد الله في إعادة تدويرها وتجهيزها لتصبح أطرافًا مريحة تساعد مبتوري الحروب في مهامهم اليومية.
تمكن الأخوان سلمي من صناعة العديد من الأطراف الصناعية لمبتوري الأطراف، سواء كانت ثابتة تحت الركبة أو متحركة مع مفصل، وعلى الرغم من بساطة المواد المستخدمة، إلا أن عبد الله أكد للجزيرة نت أن الحصول عليها ليس سهلاً بسبب ندرتها في الأسواق واعتمادهم على تمويل ذاتي لشرائها وتوفيرها.
تشير الإحصاءات الرسمية المحلية والدولية إلى وجود أكثر من 11 ألف حالة بتر للأطراف بسبب الحروب، منها 4 آلاف حالة بين الأطفال، الذين لا يمتلكون أطرافًا صناعية والعلاج الضروري في القطاع الذي يعاني من الحصار.